عربي وعالمي

دراسة: هموم الشباب المصري من بعد ثورتين – الدكتور عادل عامر

 

 

الشباب يمكن أن يمثل قوة هائلة من أجل التنمية إذا ما توافرت الظروف المناسبة التي يشعر الشباب من خلالها بقيمتهم ويوفر لهم فرصا جيدة للتعليم ولإيجاد فرص العمل اللائقة والانخراط بشكل فعال في المجتمع.. أن النشاطات السياسية عديمة الجدوى، وعاجزة عن إحداث فرق في حياتهم، أو التصدي لهمومهم الحقيقية. كما أن شواغل الشباب تتعلق أكثر بالتوجس والخوف من المشاركة السياسية وليس بالتطلعات السياسية.

35 مليونا من الشباب المصري  يشكلون حوالي نصف سكان مصر تقريبا  مقارنة بأقل من 10 ملايين عام 1986 و20 مليون عام 2010 ، أن نسبة الأميين من الشباب انخفضت عام 1986 من 60% إلي أقل من 30% عام 2006.وارتفعت إلي أربعون في المائة نهاية عام 2013 إن نسبة القيد الإجمالي للإناث في التعليم الأساسي بلغت اكبر قيمة لها في تقرير عام 1997 حيث بلغت نحو 91%، إلا أنها تراجعت إلي 87.1% في تقرير 2008 وفي تقرير 2010 بلغت 93% وهو ما يشير إلي أن هناك 7 إناث من بين 100 أنثي تسربن من التعليم الأساسي.

وبلغت نسبة البطالة بين الإناث 25% في تقرير عام 2008مقابل 18.6% في تقرير 2010 وارتفعت 20% في نهاية عام 2013

أن 72% منهم ينحصر اهتمامهم في كرة القدم والتليفون المحمول والفضول الجنسي.. أما المشاركة السياسية فيرون أنها عديمة الجدوى وغير قادرة علي إحداث فرق بالنسبة لمشاكلهم العاجلة أو التصدي لهمومهم  في نهاية عام 2010 ولكن تغيرت من بعد ثورتين 52 يناير و30 يونيه فبلعت نسبة المشاركة السياسية من الشباب أربعون في المائة من بعد مشاركتهم وكانوا سببا في نجاح هذان الثورتان

أن الشباب يتوجس من المشاركة السياسية أكثر مما يتطلع إليها. قد تكون المشاكل الأخرى ليست جديدة علينا لكن تظل أرقامها مروعة فخريجو الجامعة يمثلون نحو 90%من المتعطلين. جانب كبير منهم من الشباب إلي جانب تدني جودة التعليم الذي لم يزود الخريجين بالمهارات المطلوبة لسوق العمل

.. بل إن 27% من الشباب لم يستكملوا تعليمهم الأساسي فضلا عن مشكلة الفقر التي تلاحق الشباب فالشباب الفقير ينشأ ويستمر فقيرا خاصة في المناطق الريفية ويظل غير مؤهل لاقتناص الفرص مما ينعكس علي مقدرته علي الزواج وإقامة حياة مستقلة فجانب كبير من “الشعوب” الذين يتزوجون يعيشون مع أسرهم. التغلب على فشل نظام التعليم، والعمل على كسر دائرة الفقر، وخلق وظائف جديدة تضمن فرص عمل مجزية وآمنة وتلقى الاحترام في سوق العمل. ويوصي التقرير كذلك بإيلاء قدر أكبر من الاهتمام بنشر الثقافة بين الشباب، لا سيما في ظل الشواهد الكثيرة المؤكدة على تراجع الميل إلى التسامح واحترام الآخرين، سواء لأسباب دينية أو بسبب النوع. لكن المشكلة القصوى تبقى في تنفيذها، لعل المنظمة الأممية تخصص تقريرها المقبل للبحث في معوقات هذا التطبيق وإمكانات إزالتها.

بالأرقام

27 في المائة من الشباب المصريين بين الفئة العمرية 18 إلى 29 سنة لم يستكملوا تعليمهم الأساسي.نهاية عام 2010 و30 في المائة في نهاية 2013  وفي شكل عام لم يحدث أي تحسن كبير في كل مراحل التعليم من حيث الجودة. 30 في المائة من المصريين فقراء، وأولئك يواجهون قدراً أكبر من الصعوبات في الالتحاق بالمدارس. 80 في المائة من الفتيات لم يلتحقن بالمدارس. 90 في المائة من العاطلين من العمل تقل أعمارهم عن 30 سنةً.

الفقر

الشباب الفقراء لا يستطيعون تحمل البقاء طويلاً من دون عمل، لذلك يتخلون عن فكرة الحصول على وظيفة رسمية أو عمل جيد أسرع من الفئات الأخرى لذا يلتحقون بأي عمل يجدونه وقد يبقون فيه طوال حياتهم. لذا فإن مجرد الحصول على عمل ليس ضماناً للخروج من دائرة الفقر، بل الحصول على وظيفة مجزية والحفاظ عليها هو الوسيلة الفعالة لكسر دائرة الفقر.

بناء الأسرة

70 في المائة من الإناث بين 15 و21 سنة تزوجن في سن ال18. كما أن 93 في المائة من الذكور المتزوجين هم من الفئة العمرية نفسها، وهؤلاء غالباً من مناطق الريف حيث الزواج المبكر ظاهرة منتشرة. وإلى جانب الفقر أكثر من ثلث المتزوجين حديثاً يستمرون في الإقامة مع آبائهم عند الزواج ما يوسع العائلة من دون أن يترافق ذلك مع دخل إضافي.

اعتبر مشكلة الشباب في العالم العربي من إحدى القضايا الهامة والأساسية باعتبار الشباب يشكلون الطاقة البشرية والحيوية القادرة على القيام بالعمليات النهضوية والتنموية بالانطلاق من التعليم والتربية والثقافة والإعلام والقيم الدينية والاجتماعية بمشكلات الشباب :

تقدر نسبة الشباب في العالم العربي بحدود 20% من مجمل سكان العالم العربي (أي قرابة 50 مليون شاب وشابة) ، إن هذا العدد الكبير يتطلب منا دراسة أوضاعه والوقوف عند همومه وطموحاته باعتبار الشباب هم الرصيد الاستراتيجي وهم الثروة الحقيقية لذلك فالحديث عنهم حديث عن المستقبل والتحديات المقبلة ، إن مشكلة الشباب تنبع بالأساس من خلل في سياسات التنمية والإعلام والتشغيل والتربية والتعليم والتنشئة الاجتماعية والسياسية ، الأمر الذي يفرض ضرورة مشاركة عدد كبير من العلماء والباحثين والكتاب والمفكرين وعلماء النفس والاجتماع على التربية والتعليم في وضع إستراتيجية مستقبلية تتبنى جيل الشباب وتساعده على تجاوز الصعوبات والمعوقات التي تعترض سبيله وتساهم في ذلك الحكومات العربية ، ومختلف مؤسساتها الشعبية والرسمية والنقابية والأسر .

هموم الشباب:

إن واقع الشباب في العالم العربي يعاني من جملة أزمات ، فقد أدت المتغيرات الاجتماعية في العصر الحديث إلى خلل في الأسرة العربية والإسلامية ، بعد أن غزت الثقافات الوافدة من خارج الإسلام إلى أبناء الإسلام فأدت إلى بعض التصدعات داخل الأسرة ، الأمر الذي غير من شكل العلاقات الأسرية والاجتماعية حيث اهتزت بعض القيم والمبادئ لدى الشباب وظهرت هموم ومشكلات نبرز من أهمها مايلي :

1- الفراغ التربوي :

أصبحت العلاقات بين الأسرة الواحدة مثل العلاقات بين ساكن فندق وعليه يتحدد المستوى الاجتماعي رقياً وضعفاً ، مشيراً إلى أن العلاقة بين الأسر وأعضائها أصبحت علاقة جوار وقتي عند النوم ، وأحياناً عند الطعام ، فمثلاً توجد علاقة تربط الأبناء بالآباء والأزواج بالزوجات كما رسمها الدين الإسلامي ، فقد نقلنا عن الغرب كل مايهدد الأسرة المسلمة ، والشباب هم أكثر فئات المجتمع العربي تأثيراً بالفراغ التربوي مما انعكس على بناهم النفسية والعقلية وتوجيهاتهم الثقافية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية والقومية ، ولعل من مظاهر الفراغ التربوي لدى الشباب .

2- أزمة التعليم مظاهرة الأمية الحضارية :

ويقدر عدد الطلاب في العالم العربي لكافة المراحل بأكثر من 60 مليون طالب عام 1990م ، وقد يتجاوز العدد 75 مليون ، إن هذا العدد الضخم سلاح ذو حدين فإن استطعنا أن نحقق تعليماً فعالاً ينسجم مع حاجات المجتمع ويلبي طموحات خطط التنمية ، ويواكب التغيرات والتطورات العالمية ، فإن كل ذلك سيحدث ثورة اجتماعية واقتصادية في غضون سنوات محددة ، بشرط أن لا يبقى حال التعليم في العالم العربي على وضعه الراهن ، فالعالم العربي يعيش تراجعاً مستمراً في دخله القومي ، ويتوقع له مزيداً من التراجع بسبب عوامل عديدة داخلية وخارجية ، اذ أن خريجي التعليم على مختلف مستوياتهم سيشكلون مزيداً من العبء على المجتمع بكامله ، وبدلاً من أن يقودوه إلى الأمام فإنهم سيكونون قوة كابحة لتقدمه وتطوره وبخاصة فإن عدد خريجي الجامعات يزداد بصورة كبيرة ويبلغ عدد الجامعات 93 جامعة عدد طلابها أكثر من ربع مليون طالب ، والسؤال أي المشاريع العربية القادرة على استيعاب هؤلاء وغيرهم من خريجي الثانويات والمدارس والمعاهد المتوسطة ، إن أهم مايعيق التعليم هو ضعف الإنفاق عليه في العالم العربي ، حيث لا يتجاوز 30 مليار دولار سنوياً ، لذلك لابد من إعادة ترتيب الأولويات في الإنفاق ووضع العملية التعليمية في المراتب الأولى حتى يصبح للتعليم دلالته القيمية إذا أصبح هو هدف الشباب في ظل الفراغ التربوي ، هو الحصول على الشهادة ، وبالتالي وبذلك أصبح الأسلوب السائد هو أسلوب الحفظ والتلقين ، وتغيب النقاش والحوار ، ومن هنا ظهرت أمية الحضارة إن لم يكن التخلف الحضاري .

البطالة: يرتبط مفهوم البطالة بوصف حالة المتعطلين عن العمل وهم قادرون عليه ويبحثون عنه ، إلا أنهم لا يجدونه ، ويعتبر مفهوم البطالة من المفاهيم التي أخذت أهمية كبرى في المجتمعات المعاصرة من البحث والتحليل ، لذا استحوذ موضوع البطالة بشكل رئيسي على عناية أصحاب القرارات السياسية ، وكذلك على اهتمام الباحثين الاجتماعيين أو الاقتصاديين ، بوصفه موضوعاً يفرض نفسيه بشكل دائم وملح على الساحة الدولية ، لهذا لا تكاد تصدر دورة علمية متخصصة ذات علاقة بعلم الاقتصاد والاجتماع والجريمة إلا وتتعرض لموضوع البطالة .

حجم البطالة ونسبتها :

يتحدد حجم البطالة من خلال احتساب الفارق بين حجم مجموع قوة العمل السعودية مثلاً وحجم مجموع المشتغلين السعوديين ، أما نسبة البطالة فتحسب بقسمة حجم البطالة على إجمالي قوة العمل من السعوديين مضروباً في مئة ، وذلك وفقاً للمعادلة التالية :

نسبة البطالة =(حجم البطالة /إجمالي قوة العمل) × 100

إن نسبة القوى العاملة في العالم العربي هي من النسب المتواضعة مقارنة مع الدول المتقدمة التي تتراوح فيها نسبة القوى العاملة 50% من مجمل السكان ، بينما في العالم العربي لا تتجاوز 26.5% من مجمل السكان .

أثر البطالة على الشباب والمجتمع:

1- الجانب النفسي:

تؤدي حالة البطالة عند الشباب إلى التعرض لكثير من مظاهر عدم التوافق النفسي والاجتماعي ، إضافة إلى أن كثيراً من العاطلين عن العمل يتصفون بحالات من الاضطرابات النفسية والشخصية ، فمثلاً يتسم كثير من العاطلين بعدم السعادة وعدم الرضا والشعور بالعجز وعدم الكفاءة ، مما يؤدي إلى اعتلال في الصحة النفسية لديهم ، كما أنهم يتعرضون للضغوط النفسية أكثر من غيرهم بسبب معاناتهم من الضائقة المالية التي تنتج عن البطالة .

2- الجانب الأمني:

تشير الدراسات أن هناك علاقة بين البطالة والجريمة ، فكلما زادت نسبة البطالة ارتفعت نسبة الجريمة ، ومن أهم ما ورد في تلك الدراسات :

أ‌- تعد جريمة السرقة من أبرز الجرائم المرتبطة بالبطالة ، حيث تبلغ نسبة العاطلين المحكوم عليهم بسبب السرقة 27% من باقي السجناء المحكوم عليهم لنفس السبب في المملكة العربية السعودية .

ب‌- كلما ازدادت نسبة البطالة ، ازدادت جرائم [القتل – الاغتصاب – السطو – الإيذاء] حيث أكدت دراسة أمريكية أن ارتفاع البطالة بنسبة 1% يؤدي إلى ارتفاع نسبة جرائم القتل بـ 6.7% ، وجرائم العنف بنسبة 3.4% .

3- الجانب الاقتصادي:

الإنسان هو المورد الاقتصادي الأول ، وبالتالي فإن أي تقدم اقتصادي يعتمد أو ما يعتمد على الإنسان بإعداده علمياً حتى يتحقق دوره في الإسهام في نهضة المجتمع ، وتضعف البطالة من قيمة الفرد كمورد اقتصادي وتعمل على إهداء الطاقات البشرية .

البطالة المقنعة:

إن أبشع أنواع البطالة وأكثرها حدة في الدولة المتخلفة ، وتعرف بأنها مقدار قوة العمل التي لا تعمل بشكل فعلي في النشاط المنتج ، ويمكن أن نرى ضمن إطار البطالة المقنعة ثلاث نماذج مختلفة وهي :

1- شباب دخلوا مجالات عملهم غير راغبين بها ، بل مجبرين وذلك بسبب ضيق مساحة الاختيار أمامهم ، خصوصاً في ظل سياسة معدلات القبول الجامعي من جهة ، والنظرة الاجتماعية المغالطة لبعض الاختصاصات من جهة ثانية ، ومثال على ذلك المعلمون .

2- شباب أجبروا على القيام بأعمال ليست من اختصاصهم لعدم وجود حاجة لاختصاصاتهم ، مثل خريجي التربية وهم يمارسون أعمال مالية أو حسابية .

3- شباب دخلوا ميدان أعمال تتوافق مع اختصاصاتهم ، لكنهم لا يقومون بأعمالهم على أكمل وجه والسبب هو الفراغ التربوي الذي يعيش في ظله الشباب ، وهو أخطر الأنواع وأكثرها انتشاراً في القطاعات الإنتاجية العامة في العالم العربي .

فإذا كانت البطالة المقنعة هي السبب الرئيسي في تدني الإنتاجية ، فهي أيضاً تستنزف قسماً كبيراً من الموارد المالية دون أن تنتج حيث تحول العمل ليس كمقابل للأجر المقبوض لكنها وسيلة سهلة له ، مما يساعد بشكل خطير على تراكم الموظفين العاملين والمقنعين لدى الدوائر العامة والحكومية .

الإدمان ADDICTOR

قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{90} إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ{91}] (المائدة : 90-91).

الإدمان مشكلة نفسية ، وعملية توافقية غير موفقة لشخص مضطرب ، والإدمان آفة اجتماعية ومشكلة قانونية خطيرة ولها آثار سيئة متعددة على الفرد والأسرة والمجتمع لأن المدمن قد يلجأ إلى أي وسيلة للحصول على مادة التعاطي ، من الكذب إلى السرقة إلى التزوير ، وغير ذلك مما يؤثر تأثيراً سيئاً واضحاً على عمله وعلى حياته الزوجية والاجتماعية ، ومن المؤسف أن أكثر الفئات العمرية تعاطي للمخدرات هم الشباب ، وهم الطاقة البشيرة ، وهم الثروة الحقيقية داخل أي مجتمع ، ويحدث الإدمان نظراً لأفكار ومعتقدات خاطئة .

أفكار ومعتقدات شائعة حول الإدمان :

تلعب الأفكار والمعتقدات دوراً مهماً في سلوك المدمن وفيما يلي عدد من الأفكار والمعتقدات لدى الشباب العربي حول الدور الذي تلعبه مواد التعاطي ، وما يرتبط بها من أوهام السعادة أو الشعور باللذة والنشوة ، كما يشاع وسط المتعاطين والمدمنين أنها :

1- تنسي الإنسان هموم الدنيا . 2- تنقل الإنسان من الكآبة إلى السعادة . 3- تنقل تفكير الشباب من المشكلات إلى اللاشيء . 4- تنشط الفرد جنسياً . 5- تخفف من المتاعب الجنسية . 6- تجعل الفرد يعيش في عالم الأحلام . 7- تجعل الفرد يعمل فترة طويلة بدون تعب . كل هذه المعتقدات ماهي إلا مشاعر زائفة وأوهام ، فهل تعمل المخدرات على حل مشكلات الشباب ؟؟

أضرار الإدمان ومخاطره على الشباب :

1- قد أثبتت الدراسات بأنه توجد علاقة موجبة بين التعاطي وارتكاب الجريمة ، وخاصة جرائم العنف والسرقة والبغاء

2- أشارت دراسات أمريكية حديثة إلى الارتباط بين وقوع حوادث الطرق والإدمان وخاصة الكحول والحشيش .

3- يصاب المدمن باختلاط عقلي لا يستطيع معه تحديد الكمية المطلوبة من العقار ، فيتناول كمية كبيرة تودي بحياته .

4- أثبتت الدراسات أن الإدمان يعمل على ضعف أو اختفاء الرغبة الجنسية في حالة غياب العقار .

5- اعتلال صحة المدمنين جسمياً ونفسياً .

6- هذا بالإضافة إلى الأضرار التي تقع على المجتمع وإهدار طاقته المادية والبشرية والانفلات الأمني .

والوقاية من الإدمان من أهم مسئوليات الأسرة والمدرسة والإعلام ومجال العمل ، ففي الأسرة يجب تنشأة الأطفال على القيم الدينية الصحيحة وفي المدرسة يجب التوعية بأخطار التعاطي والإدمان مع الاستعانة بالأخصائيين النفسيين والاجتماعيين .

المشكلات الزواجية

مشكلات قبل الزواج ، تتعد المشكلات التي يحتمل حدوثها قبل الزواج ، وأهمها مايلي :

– مشكلة اختيار الزوج :

قد تحدث مشكلة اختيار الزوج عن طريق الصدفة التي قد تخطئ وقد تحدث نتيجة للحب من أول نظرة ، وقد تحدث كاستجابة لأول قادم نتيجة بأخر الزواج ، وكثيراً ممن فشل في زواجه يعزي أهم أسباب الفشل بعد إرادة الله إلى عملية الاختيار في الأساس والتي لم تكن تلقى أهمية أو أولوية بمسألة الدين والخلق ، بل كثير من الخاطبين يشترط الجمال أو النسب أو المال أو الوظيفة كما يحصل في الوقت الحالي ، ربما على حساب الدين والخلق ، وما أن يتحقق له المطلوب حتى يدرك خطأه الفادح ، وربما دخل في دوامة من المشكلات النفسية والاجتماعية والصراع النفسي .

– تأخر الزواج :

قد يحدث تأخر الزواج بالنسبة للإناث وتأخره بالنسبة للذكور ، فالنسبة للإناث يكون خارج عن يد الفتاة التي قد يطول انتظارها لمن يتقدم لخطبتها ، وقد يفوتها قطار الزواج ، وتظل تعاني من خلق وخوف البوار وعدم الاستقرار في المستقبل .

أما بالنسبة للذكور فتكون الأسباب مختلفة ، مثل وجود بعض الظروف الأسرية أو الاقتصادية وقد تسبب مشكلة العنوسة مشكلات فرعية ، مثل: الغيرة وفقدان الثقة في النفس نتيجة زواج الأخت الصغرى قبل الكبرى .

– الإحجام والإضراب عن الزواج:

الإحجام أو الامتناع عن الزواج في رأي الدين ، سلوك غير مرغوب فيه ، ويعبر سيئة ، لأنه يضر الفرد والمجتمع ، ويعتبر بعداً عن الفطرة السليمة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “شرار أمتي عزابها” .

أسباب الإضراب عن الزواج:

1- أسباب نفسية : مثل خبرة مؤلمة ، فقد الثقة في الجنس الآخر .

2- أسباب صحية : ضعف في الصحة العامة ، ضعف من الناحية الجنسية .

3- أسباب مهنية : الانشغال بالعمل والنجاح ، المضيفات في مجال الطيران .

4- ارتفاع المهور وتكاليف الزواج ، وصعوبة الحصول على سكن مناسب .

5- وجود نماذج لزيجات فاشلة في محيط الأسرة وخاصة الوالدين والأخوة .

الصراع بين الأجيال :

الحقيقة أن القاعدة العريضة من الشباب تشعر بوجود فاصل زمني ومساحة في التفكير المختلف بينها وبين الجيل أو الأجيال التي تسبقها حين القمة في الأجيال السباقة تسطح النظر إلى أفكار الشباب تمنحهم قطرات من الخبرة مع كثير من المنّ ، ولا يترك هؤلاء مقاعدهم لمنح الفرص للشباب لإثبات وجودهم وتحقيق مستجدات نظرياتهم وأفكارهم التي هي في الغالب أكثر مواءمة وملائمة لمتغيرات العصر .

وهذه مشكلة لها جذور حادة في الواقع العربي إذ تزداد فجوة التفاهم والتجانس والتآلف بين الشباب والكبار وأضحى الكبار ينظرون بعقلية الوصاية وإصدار الأوامر الأخطر من ذلك أن غالبية الآباء أضحى جل همهم توفير متطلبات العيش والتعليم والصحة لأبنائهم ، متعللين بذلك بأن ضغوط الحياة قاسية تدفعهم للعمل مرتين وثلاث في اليوم ، دفعهم ذلك الواقع إلى تصور أن هذا هو كل مايريده الشباب .

الثقافة الغربية والإعلام:

يعطي الواقع الإعلامي والثقافي العربي صورة يمكن التعبير عنها بـ[غياب الخطط الثقافية] ، واستناد الإعلام العربي في معظم أحواله إلى البرامج الغربية خاصة قطاع التلفزيون ، وأن هذا قد أثر بصورة سلبية وخطية على ثقافة الشباب في الوقت الذي لا توجد فيه أي خطوط دفاع أو أرضيات صلبة لمواجهة الغزو الثقافي ، إن الأفكار والثقافات الغربية تتسرب ببطء إلى نفوس الشباب وعقولها فتتركها فريسة للأوهام والاغتراب ، وفي حال عدم قدرة أي أمة على تحصين شبابها سيكون مصيرها التبعية وبخاصة هذا الغزو الهائل من المعلومات المضللة وانتشار وتطور الاتصالات ولا سيما الفضائية التي دخلت معظم البيوت العربية دون استئذان لتعيث فيها فساداً وعلى سبيل المثال ، تصدر وكالة [رويتر] يومياً أكثر من 40مليون كلمة توزع على أكثر من 80دولة ، في حين لا توجد وسائل إعلامية فعالة في العالم العربي تستطيع بموجبها المجابهة أو حماية الشباب .

والخوف كل الخوف أن تصبح اللغة العربية هي اللغة الثانية أو الثالثة مع مرور الزمن ، كما نلاحظ أ، نسبة القراء في العالم العربي منخفضة عن الدول الأخرى ، ولقد أصدر مركز الدراسات الوحدةالعربية ومقره [لبنان] ملفاً إحصائياً على مدى عشرين عاما بين 1965-1985م ، جاء فيه أن العالم العربي كان يصدر (4000) عنوان كتاب جديد عام 1965م ، ووصل العدد إلى (7000) عنوان جديد في 1985م ، ثم تراجع إلى أن وصل إلى 2800عنوان ، هذا بالمقارنة مع [اليابان] تصدر سنويات 35.000كتاب ، وشتان بين أنواع الكتب العربية والكتب اليابانية .

ونجد أيضاً أن الشباب العربي يمضي أكثر من 4ساعات يومياً في مشاهدة التلفزيون وقابلة للزيادة مع غزو المحطات الفضائية ، وإن 40-60% من برامج التلفزيون العربية مستوردة وكثير منها لا يتناسب طبيعة هذه البلاد المسلمة ، ويمكن القول عن هذه الحالة [بالغزو الثقافي المستورد] أي أن الإعلام العربي يستورد الغزو الثقافي عبر الأفلام والمسلسلات والبرامج والإعلانات والمستودعات إلى جانب المعلومات بمختلف صورها ، كما أن البرامج التلفزيونية المحلية دون المستوى المطلوب ولا تساهم في تثقيف المواطن أو الشاب وزيادة وعيه وإدراكه.

طموح الشباب بين الواقع والخيال

ينقسم الشباب إلى ثلاث أنواع داخل الوطن العربي وعلى الأخص داخل المملكة العربية السعودية .

أولاً: الشباب يعيش في عالم الخيال:

شباب يحلم بمستقبل مزدهر وعالم كله ورود وحياة مملوءة بالسعادة ومكانة اجتماعية مرموقعة وحالة اقتصادية لا يدنو منها غيره ، لكنه يعيش في واقع أليم فهو لا يحمل شهادات علمية ولا يحمل أي صفات اجتماعية أو اقتصادية تؤهله لهذا الحلم الرومانسي ، ومن هنا يحدث تصادم بين الواقع والخيال ومع ذلك يصدق الخيال ويكذب الواقع ، ويصف المجتمع بالظلم وبأن حقه مهضوم ، وربما إذا سألته عن أحواله لقال لك [أنني مثل الشمعة تضيء لغيرها وتحرق نفسها] ، وربما إذا سألته عن ماذا قدم للمجتمع أو لنفسه لا يدرك هذا المعنى ولكن ما هي إلا عبارات اعتاد عليها اللسان [نحن مظلومين – نحن غرباء في بلادنا – نحن الفئة المسكينة – نحن .. نحن .. وغيرها من العبارات] .

ماذا تفعل هذه الفئة :

– تحمل مجموعة من الأوراق تحتوي على مايلي:

1- شهادة المتوسطة أو أدنى من ذلك .

2- شهادات عديدة من مراكز مختلفة تحمل اسم دورات .

3- لا يفهم ولا يدرك معنى أي دورة قد حصل عليها لكنها شهادة .

– يسعى للحصول على وظيفة بالشروط الآتية :

1- حكومية .

2- مرتب مغري ومجزي لأنه خبير !! 3- نصف دوام ، أي[ ساعة أو ساعتين أو تكون نصف ساعة أفضل] .

4- إجازة الأربعاء والخميس والجمعة ويوم في نصف الأسبوع .

ثانياً: الشباب الاعتمادي على الآخرين :

هم فئة من الشباب تحتاج إلى تلقي الرعاية دائماً من الوالدين والتعلق بهما والالتصاق بالآخرين والخوف الشديد من الانفصال وصعبة في اتخاذ القرارات ، وإلقاء مسئولية أعماله والأشياء التي تخصه على الآخرين والافتقار إلى الثقة بالنفس والانشغال غير الواقعي بالخوف من غياب مساندة الآخرين وأن تترك له مسئولية الاعتناء بنفسه أو تحمل المسئولية .

ثالثاً: الشباب الحقيقيون والذين يشرفون المجتمع :

هم الفئة التي يشرّف بها المجتمع وكل من يتعامل معهم ، شباب يعرف دوره ومسئولياته ، دائماً يبحث عن ذاته محاولاً تفجير طاقاته العلمية ليضع بصمة في طريق مستقبل منير ، يواجهه الصعوبات ليكتشف فيها اليسر ، يبحث عن المعلوم يرى منه المجهول ، ينادي في محرابه بأن ليس هناك شيء مستحيل أمام العمل والطموح ، مؤمن بالله وواثق في قدراته التي وهبه الله إياها ، نغوص في أبحار هذه الفئة لنتعلم منها كيف نطمح وكيف نتعلم وكيف نبني مستقبلنا .

ماذا تفعل هذه الفئة :

شباب يحدد طموحاته وأهدافه : وهو طالب يرسم طريقه للوصول إلى مبتغاه ، فيختار مساره التعليمي المستقبلي ولا يترك الصدفة تختار مستقبله ، يريد كلية الطب فيعمل لها ، يريد كلية الهندسة فيعمل لها.

2- شباب يعرف قدراته ، من أهم العوامل في التفوق هي أن يدرك الفرد مدى قدراته فلا يعطي نفسه أكثر من قدراتها ولا أقل من إمكانياتها .

وهم دائماً يرددون كلمة أنا أعرف نفسي وأعرف قدراتي ، لا أشترك أو أغامر في شيء دون دراسة ومعرفة مدى إمكانياتي واستعداداتي في هذا الموضوع .

هموم الشباب المصري من بعد ثورتين

أولا- الأمية:

بلغت نسبة الأمية في مصر عام 2013م 48.6% من عدد السكان.

*** على الرغم من تبني مصر لسياسة مكافحة الأمية منذ عام 1976، فإن أحدث تقرير ناقشته لجنة التعليم في البرلمان يؤكد أن عدد من تم محو أميتهم منذ ذلك التاريخ بلغ 4.5 مليون مصري فقط، وهو رقم أصاب اللجنة بالإحباط , وكشف الدكتور رأفت رضوان رئيس الهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار في مصر أنه وفقاً للإحصائيات الرسمية فإن عدد المصريين الذين كانوا يجهلون القراءة والكتابة كان 14 مليون مواطن في عام 1976 ووصل إلى 17 مليون أمي أخيرا. وقال إن الهيئة، ومنذ إنشائها قبل سنوات، نجحت في محو أمية نصف مليون مواطن، لافتاً إلى أن محو أمية الفرد الواحد لا تتكلف سوى158جنيهاً فقط.

* أن الفئة المستهدفة محو أميتها هي الفئة التي تقع في المرحلة العمرية من 15 إلى 45 عاماً، مؤكداً أن محو أمية الفرد تستغرق فترة زمنية تتراوح ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر و يذكر أن الأمية كانت أحد الأسباب الرئيسية في تأخر ترتيب مصر في تقرير التنمية البشرية لعام 2005 الصادر عن الأمم المتحدة حيث احتلت مصر المرتبة رقم 119 نتيجة وضع مصر ضمن أكبر تسع دول في عدد الأميين في العالم، وهو ما يؤكد رؤية بعض مثقفي مصر الذين أعلنوا أن نسبة الأميين في مصر تقترب من نسبة الخمسين في المائة وليس كما أشارت التقارير الرسمية . وأكد رئيس الهيئة القومية أن نسبة الأمية طبقاً لآخر الإحصائيات التي أشرف عليها مكتب اليونسكو هي 28.6% وغالبيتها بين الفئة العمرية 15 و45 عاماً.

أسباب فشل خطط مكافحة الأمية لتحقيق أهدافها تمثلت بشكل عام في :

1- عدم وجود الدافعية لدي الأميين للالتحاق بفصول محو الأمية حيث بلغت نسبة المنتظم الفعلي بالفصول حوالي 30% علي الرغم من افتتاح أعداد كبيرة من الفصول.

2- عدم تحديد ادوار للجهات و ترك تحديد الأدوار لمراحل لاحقة مما أدي إلي عدم تنفيذ هذه الجهات لأدوارها المحددة.

3- نقص الأعتمادات المالية و ارتفاع تكلفة التنفيذ و ضعف المشاركة الشعبية.

مقترحات للقضاء علي الأمية:

1- ضرورة تبني أفكار جديدة للقضاء على تلك المشكلة في مقدمتها الاستفادة من الأعداد الكبيرة لطلاب الجامعات، وضرورة استبدال مادة التربية العسكرية في المدارس الثانوية بإلزام الطلاب بتعليم عدد من الأميين.

2- الاستفادة من الأعداد الكبيرة للموظفين في بعض الهيئات التي تعاني من التكدس بمنحهم إجازة بمرتب كامل مقابل تعليم عدد من الأميين.

3- تطبيق نفس النظام علي الملتحقين بالخدمة العامة مقابل 150 جنيها شهريا مستغلين قدراتهم علي الاتصال بالمواطنين في التسويق لهذا العمل.

ثانيا- البطالة:

تعتبر البطالة كارثة تستوجب الوقوف .. ولفت الانتباه .. فالواقع يؤكد أن معدلات البطالة في تزايد مستمر ، الجميع يحاول البحث عن طريق للخروج من الأزمة ولكن الواضح أنه يزداد ابتعادا!!

و البطالة هي ظاهرة اقتصادية بدأ ظهورها بشكل ملموس مع ازدهار الصناعة إذ لم يكن للبطالة معنى في المجتمعات الريفية التقليدية. طبقا لمنظمة العمل الدولية فإن العاطل هو كل قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دون جدوى.

من خلال هذا التعريف يتضح أنه ليس كل من لا يعمل عاطل فالتلاميذ والمعاقين والمسنين والمتقاعدين ومن فقد الأمل في العثور على عمل وأصحاب العمل المؤقت ومن هم في غنى عن العمل لا يتم أعتباهم عاطلين عن العمل و قد نتجت عن البطالة الكثير من الأمراض الاجتماعية مثل زيادة الهجرة غير الشرعية إلي الدول الأوروبية و إقبال عدد من الشباب المصري علي الانتحار للشعور باليأس بسبب البطالة و عدم قدرتهم علي إعالة أسرهم.

معدل البطالة:

معدل البطالة = عدد العاطلين مقسوما على عدد القوة العاملة مضروباً في مائة.

معدل مشاركة القوة العاملة = قوة العمالة مقسوما على النسبة الفاعلة مضروباً في مائة. وتعتبر نسب البطالة في صفوف الشباب العربي هي الأعلى عالمياً، وهي مرشحة للتصاعد في الكثير من الحالات. فالمعدل بالنسبة للدول العربية هو 25% طبقاً لبيانات الأمم المتحدة، أما في بعض البلدان فهي تصل أحيانا إلى 40% وبذلك تتضح حقيقة حجم مشكلة البطالة حيث يتوقع أن حجم البطالة الحقيقي لا يقل بأي حال من الأحوال عن 17 % : 20 % من حجم قوة العمل.. .

أنواع البطالة:

يمكن أن نشير إلى ثلاث أنواع رئيسية للبطالة وهي:

1- البطالة الدورية: و الناتجة عن دورية النظام الرأسمالي المنتقلة دوما بين الانتعاش و التوسع الاقتصادي و الانكماش و الأزمة الاقتصادية التي ينتج عنها وقف التوظيف و التنفيس عن الأزمة بتسريح العمال.

2- البطالة الاحتكاكية: و هي ناتجة عن تنقل العمال ما بين الوظائف و القطاعات و المناطق أو نقص المعلومات فيما يخص فرص العمل المتوفرة.

3- البطالة المقنعة: و هي تتمثل بحالة من يؤدي عملا ثانويا لا يوفر له كفايته من سبل العيش أو أن بضعة أفراد يعملون سويا في عمل يمكن أن يؤديه فرد واحد أو اثنان .

البطالة في مصر هي بطالة متعلمة فالغالبية العظمى من العاطلين من خريجي الجامعات ومدارس ثانوية كما أن اتجاه معدلات البطالة للارتفاع في الحضر بعد أن كانت في فترات سابقة ترتفع بنسبة أكبر في الريف

حلول للبطالة:

لا يرى الاقتصاديون من الطبقة البورجوازية حلاً لمشكلة البطالة إلا في اتجاهين أساسيين:

الاتجاه الأول: يرى للخروج من البطالة ضرورة رفع وتيرة النمو الاقتصادي بشكل يمكن من خلق مناصب الشغل .

الاتجاه الثاني: يرى للخروج من أزمة البطالة ضرورة تدخل الدولة لضبط الفوضى و تحقيق التوازن الاجتماعي و هذا الاتجاه اخذ يتواري بفضل ضغط العولمة.

** أما الحل الجذري لقضية البطالة فيتطلب إعادة هيكلة الاقتصاد علي قاعدة نطاق الربح الرأسمالي, أي بناء لوسائل الإنتاج و تلبية الحاجات الأساسية لكل البشر خارج العيش المترف علي حساب عجز الأغلبية في الوصول إلي الحد الأدنى من العيش الكريم.

مقترحات للقضاء علي البطالة:

1- تأهيل الباحثين عن العمل في مختلف المجالات مثل النجارة والحدادة وصيد الأسماك وغيرها من المشاريع الوطنية الهامة للمجتمع حتى يتم قبولهم في المؤسسات الخاصة أو العامة أما بالنسبة للفتيات فيتم تدريبهن في جمعيات خاصة بالمرأة حتى يتم تكوين الأسرة المنتجة .

2 – على الدولة أن تبحث عن سوق محلي وعالمي لدعم وتسويق المشاريع التي ينتجها الشباب والأسر المنتجة .

ثالثا- الفقر:

أفاد تقرير الأمم المتحدة عن التنمية البشرية لعام 2007 أن مصر تحتل المركز الـ 111 بين دول العالم الأكثر فقرا و أن 14 مليون من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم .

و من أكثر المحافظات فقرا محافظة المنوفية تليها محافظة الدقهلية ثم الشرقية و القليوبية و القاهرة و الإسماعيلية و الإسكندرية و البحيرة و الغربية.

أسباب الفقر :

يرجع سبب زيادة نسبة الفقر في مصر إلي السياسات الاقتصادية المتبعة التي لا تعمل علي مبدأ العدالة و ارتفاع معدلات التضخم في توزيع الثروات مما أدي إلي زيادة تفشي ظاهرة الفقر الأمر الذي يؤكد أن انتشار الفقر هو انعكاس لرفع يد الدولة عن المرافق والخدمات الأساسية المنصوص عليها في المواثيق و يساهم انتشار الفقر في تفجر العنف و ارتفاع معدلات الجريمة بكافة أشكالها.

مؤشرات الفقر:

الفقر المطلق: يعرف بأنه الحالة التي لا يستطيع فيها الإنسان عبر التصرف بدخله الوصول إلي إشباع الحاجات الأساسية المتمثلة بالغذاء و المسكن و الملبس و التعليم و الصحة.

الفقر المدقع: يعرف بأنه الحالة التي لا يستطيع فيها الإنسان عبر التصرف بدخله الوصول إلي إشباع الحاجة الغذائية المتمثلة بعدد معين من السعرات الحرارية التي تمكنه من مواصلة حياته عند حدود معينة.

خطة لمكافحة الفقر:

لابد من دراسة وضعية الفقر في مصر و معالجة أسبابه عبر جمع المعلومات علي إن تكون نقطة البداية تحليل الفقر و الفقراء و تصنيفها و تبويبها و تحليلها إضافة إلي تحديد مفهوم الفقر و جوانبه و قياس مستوياته و يتمثل الهدف الرئيسي لهذه الإستراتيجية في تأهيل الفقراء ليصبحوا أناسا يساهمون في تنمية المجتمع بدلا من أن يكونوا مجرد مستهلكين و بالتالي فان مكافحة الفقر تصب في التنمية البشرية بمفهومها الشامل و تأخذ هذه الإستراتيجية في اعتبارها الدروس المستفادة من تجارب الدول الاخري التي حققت نتائج سريعة في مجال تقليص الفقر .

رابعا- أطفال الشوارع:

تعتبر ظاهرة أطفال الشوارع في مصر بمثابة القنبلة الموقوتة التي ينتظر انفجارها بين حين وآخر، حيث يشير تقرير الهيئة العامة لحماية الطفل أن أعدادهم وصل في عام 1999 إلى 2 مليون طفل وفي تزايد مستمر مما يجعلهم عرضة لتبني السلوك الإجرامي في المجتمع المصري.

أسباب ظاهرة أطفال الشوارع في مصر:

تظهر البحوث التي تجرى على أطفال الشوارع في مصر تعدد للعوامل التي تؤدي إلى ظهور وتنامي المشكلة، ويتفق اغلبها على أن الأسباب الرئيسية للمشكلة هي الفقر، البطالة، التفكك الأسري، إيذاء الطفل، الإهمال، التسرب من المدارس، عمل الأطفال، تأثير النظراء، وعوامل أخرى اجتماعية نفسية لها صلة بالمحيط الاجتماعي أو شخصية الطفل مثل البحث عن الإثارة.

سلبيات ظاهرة أطفال الشوارع:

تشير إحصائيات الإدارة العامة للدفاع الاجتماعي إلى زيادة حجم الجنح المتصلة بتعرض أطفال الشوارع لانتهاك القانون، حيث كانت أكثر الجنح هي السرقة بنسبة 56%، والتعرض للتشرد بنسبة 16.5%، والتسول بنسبة 13.9%، والعنف بنسبة 5.2%، والجنوح بنسبة 2.9%. . وتقول دراسة قام بها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط “أن أطفال الشوارع في مصر يواجهون مشاكل وأخطار كثيرة من بينها العنف الذي يمثل الجانب الأكبر من حياتهم اليومية سواء العنف بين مجموعات الأطفال صغيري السن، أو العنف من المجتمع المحيط بهم، أو العنف أثناء العمل.

ويتعرض الأطفال أيضا لرفض المجتمع لكونهم أطفال غير مرغوب فيهم في مناطق مجتمعات معينة بسبب مظهرهم العام وسلوكهم، كما يخشى الكثير منهم القبض عليهم من رجال الشرطة وبالتالي إعادتهم إلى ذويهم أو أجهزة الرعاية. بالإضافة إلى تعرضهم لمشاكل صحية مختلفة، ومشاكل نفسية بسبب فشلهم في التكيف مع حياة الشارع , وأضافت دراسة أن أطفال الشوارع في مصر لديهم احتياجات مباشرة وغير مباشرة منها تعليم مهنة، الحصول على عمل يرتزقون منه لإعاشتهم وإعاشة عائلاتهم في حالة الرجوع إليهم.

الجهود المبذولة للحد من ظاهرة أطفال الشوارع:

و من الجدير بالذكر أن السيدة سوزان مبارك تبذل الكثير من الجهد لمواجهة ظاهرة أطفال الشوارع و ذلك من خلال المجلس القومي للطفولة والأمومة و المبادرات التي ينفذها المجلس بالتعاون مع الوزارات والجمعيات الأهلية، ومن بينها المبادرة القومية لتأهيل ودمج أطفال الشوارع في المجتمع و متابعة دور الوزارات في دعم مراكز استقبال الأطفال وإمكانية إنشاء مراكز إضافية وذلك لتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية للأطفال بلا مأوى لجذبهم بعيدا عن الشارع توطئة لإعادتهم لأسرهم، وتدريب الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين على التعامل معهم من منظور حقوق الطفل , كما تؤكد السيدة سوزان مبارك علي أن المدرسة يجب أن تكون جاذبة للطفل ملبية لاحتياجاته واحتياجات أسرته وان توفر الترفيه داخل المدرسة والرياضة.

خامسا- عمالة الأطفال:

تحتل قضية عمالة الأطفال في مصر والعالم أهمية كبيرة خاصة بالنسبة للمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الدولية وقد أدي هذا الاهتمام إلي صدور عدد من الاتفاقيات الدولية التي تهدف لحماية حقوق الأطفال ورعايتهم كما أدي إلي قيام الحكومات الوطنية بإصدار عدد من التشريعات والقوانين التي تهدف إلي حماية ورعاية حقوق الأطفال .وعلى الرغم من هذا الاهتمام على المستوي المحلى والدولي إلا أن الأطفال العاملين والمعرضين للخطر يزداد عددهم سواء على مستوي العالم أو في مصر.

تقدر منظمة العمل الدولية عدد الأطفال العاملين في العالم بنحو 205 مليون طفل في الفئة العمرية من 5 :14 سنة 120 مليون منهم يعملون كل الوقت و أكثر من ثلثيهم يعملون حوالي 70.4% من الوقت كما أن عمالة الأطفال في بعض الدول النامية تصل نحو ثلث قوة العمل الزراعية.
أسباب ظاهرة عمالة الأطفال:

وتشير بعض التقارير والدراسات الدولية والمحلية أن الفقر وتدهور العملية التعليمية يعدان من الأسباب الرئيسية لزيادة عمالة الأطفال خاصة في قطاع الزراعة كما تشير معظم هذه التقارير بأن سياسات تحرير الأسواق ساهمت بشكل كبير في تنامي الظاهرة وانتهاك حقوق الأطفال في الرعاية والحماية , كما تشير بعض التقارير إلي وجود قصور تشريعي في بعض القوانين المصرية والتي بموجبها لا يكفل للطفل العامل الاشتراك في نقابة مهنية تدافع عنه أو عدم شموله بالرعاية الصحية والاجتماعية أو حقه في الحماية القانونية والتي ينظمها قانون العمل المصري. و كذلك تفعيل دور الجمعيات الأهلية المعنية بحقوق الإنسان عامة و حقوق الطفل خاصة.

سادسا- عمالة الأطفال في مصر:

تتواجد ظاهرة عمالة الأطفال بوضوح في مصر شانها شان معظم البلدان التي لها نفس الظروف الاقتصادية والاجتماعية، فقد تبين من مسح أجرى في 1999 في القاهرة أن العمال الأطفال من الجنسين كانوا يعملون أكثر من 9 ساعات يوما في المتوسط وأكثر من ستة أيام أسبوعيا وهو ما يتجاوز أوقات العمل التي يقضيها الكبار داخل العينة ذاتها وقد تبين أن جميع الأطفال العاملين ، تقريبا يعملون بصورة غير رسمية وبدون بطاقات عمل أو شهادات صحية مما يعنى أنهم لا يتمتعون بأي حماية قانونية كما أوضحت الدراسة أن نسبة من هؤلاء الأطفال ” حوالي الثلث ” يعانون من المعاملة السيئة والعديد من أشكال العنف التي يلقونه من أرباب العمل والمشرفين عليهم.

وفي مصر بالرغم من صدور قانون الطفل رقم ( 12 )الذي يحظر عمل الأطفال وتحتوي بنوده على الكثير من النصوص التي تكفل حماية حقوق الأطفال إلا أن التطبيق العملي يؤدي إلي انتهاك حقوق الأطفال حيث يصل عدد الأطفال العاملين إلي أكثر من ثلاثة مليون طفل عامل معظمهم يعمل في ظروف عمل خطرة خاصة العاملين في منهم في مجال الزراعة .وتشير بعض التقارير إلى تدهور ظروف تشغيل الأطفال من حيث تدني الأجر وعدم وجود أجازات بالإضافة إلي إهمال مؤسسات الدولة لكفالة حقوق هؤلاء الأطفال في التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية وغيرها من صور الرعاية و تشير هذه التقارير أن على الرغم من عمل المنظمات غير الحكومية لحــماية حقــوق الأطفال في مصر إلا أن هذه الجهود لا تصل إلي حلول لمشكلات الأطفال وأسرهم المتراكمة مما يؤدى لاستمرار عمل الأطفال سواء في المدن أو الريف على حد سواء وتزايدها بسبب التخلف الاقتصادي والاجتماعي وعدم التوزيع العادل للثروة بين الريف والحضر أو العاملين باجر وأصحاب الأعمال والمزارع الكبيرة.

كيفية التصدي لظاهرة عمالة الأطفال:

لابد من تطوير قانون الطفل المصري بما يتوافق مع الانتهاكات التي يتعرض لها الطفل المصري و أن يتضمن الحماية اللازمة من كافة الانتهاكات التي يتعرض لها الطفل المصري عن طريق تجميع و تطوير كافة المواد القانونية المنتشرة في القوانين و التشريعات المصرية في قانون جامع لحماية الطفل المصري في كافة الظروف.

سابعا- التسرب من التعليم:

أن التسرب من التعليم من أخطر المشكلات التي تواجه مصر ، كما أنها أحد الأسباب الجذرية للمشكلة السكانية حيث تؤدى إلى تدنى الخصائص السكانية وتكريس الفقر من جيل إلى آخر. و مشكلة التسرب من التعليم لا تخص وزارة التربية والتعليم فقط ، ولكنها مشكلة تتطلب تنسيق وزارات أخرى مثل وزارة الأسرة والسكان ووزارة التضامن الاجتماعي لتغطية الأبعاد الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للمشكلة ، مؤكدة على ضرورة رصد الموارد الكافية لتفعيل إدارة مكافحة التسرب وإعادة النظر في القوانين الحاكمة لإعادة الأطفال المتسربين من التعليم . كما أن نسبة التسرب من التعليم في المرحلة الابتدائية تبلغ 1.23%، فيما تبلغ في المرحلة الإعدادية 2.06%.

أسباب ظاهرة التسرب من التعليم:

إن معظم الفئات المتسربة من التعليم هم الأطفال الذين يتجهون لسوق العمل لأسباب مختلفة سواء لعدم توافقهم مع العملية التعليمية أو لظروفهم الأسرية.

الجهود المبذولة للتصدي لظاهرة التسرب من التعليم:

و يعتبر رصد التسرب من التعليم هو التحدي الأكبر الذي يجب مواجهته لحل المشكلة و لابد من مراجعة آليات رصد التسرب الموجود حاليا ومحاولة الوصول إلى صياغة جديدة تسمح بمتابعة الأفواج التعليمية عبر سنوات مراحل التعليم المختلفة ودراسة حالة كل طفل لمحاولة إعادته إلى النسق التعليمي المناسب. و تقوم وزارة الأسرة والسكان من خلال المجلس القومي للطفولة والأمومة بمد يدها للعديد من الفئات الأكثر احتياجا في المناطق المحرومة والقرى والنجوع ، حيث تم بناء ألف و115 مدرسة في 9 محافظات وجارى إنشاء 37 مدرسة حاليا ، بالإضافة إلى تضمين مبادرة تعليم البنات مكونين لمعالجة القضية السكانية تحمل أهم الرسائل المرتبطة بهدف تعبئة المجتمع وتغيير توجهات المواطنين وتطلعاتهم بحيث يستطيع الفرد اتخاذ القرار الأمثل.

و لابد أن يركز الخطاب الديني على أن الحرمان من التعليم هو تكريس للفقر ويحث الأهالي على تعليم أولادهم ، موضحة أن أفقر الفئات لا ترى جدوى أو قيمة مادية ومعنوية من التعليم ، وبعض الأهالي يختارون حرمان أولادهم من التعليم ويزج بهم في سوق العمل مما يعنى المساهمة في زيادة البطالة بالنسبة للبالغين.

كيفية التصدي لظاهرة التسرب من التعليم:

أن التسرب من التعليم مرتبط بجودة التعليم و بالتالي يجب أن تشمل قواعد البيانات تحديد الموقع الجغرافي والحالة الاقتصادية للأسر حتى نضمن وضع أيدينا على الفئات الأكثر احتياجا لهذه القاعدة و محاولة إيجاد طرق جديدة للتعليم تكون أكثر ايجابية و فاعلية كأسلوب التعلم النشط و تطبيق التقويم الشامل و ضرورة زيادة التركيز علي التوعية المجتمعية بمتابعة الأطفال أثناء الدراسة و بحث المشاكل و تجميع بيانات الأطفال المحرومين من التعليم للظروف المتعلقة بالتعليم و الانتظام بالدراسة عن طريق وزارتي الأسرة السكان و التضامن الاجتماعي للعمل علي إعادة 300 ألف تلميذ متسرب من مرحلتي التعليم الأساسي إلي التعليم العام.

ثامنا-  الزيادة السكانية

التعريف بالمشكلة السكانية:

هيعدم التوازن بين عدد السكان والموارد والخدمات وهي زيادة عدد السكان دون تزايد فرص التعليم والمرافق الصحية وفرص العمل وارتفاع المستوى الاقتصادي فتظهر المشكلة بشكل واضح وتتمثل بمعدلات زيادة سكانية مرتفعة ومعدلات تنمية لا تتماشى مع معدلات الزيادة السكانية وانخفاض مستوى المعيشة، أي أنه لا ينظر إلى الزيادة السكانية كمشكلة فى حد ذاتها وانما ينظر إليها فى ضوء التوازن بين السكان والموارد فهناك كثير من الدول ترتفع فيها الكثافة السكانية ولكنها لا تعانى من مشكلة سكانية لانها حققت توازنًا بين السكان والموارد. والمشكلة السكانية لا تتمثل فقط بالزيادة السكانية إنما تتمثل أيضاً بالنقصان السكاني، وبالتالي فإن الأزمات والمشكلات المرتبطة بالمشكلة السكانية تعرب عن نفسها من خلال نقص الأيدي العاملة وتدني مستوى الانتاجية ومشاكل مرتبطة بالأسرة.. الخ، بهذا المعنى نجد أن المشكلة السكانية لا يوجد لها قانون عام ولا تأخذ نفس المعنى والنتائج نفسها في كل المجتمعات وعلى اختلاف المراحل، بل لكل مجتمع ولكل مرحلة معطياتها الاقتصادية.. الخ هي التي تحدد طبيعة هذه المشكلة السكانية.. تعد المشكلة السكانية في مصر من أكبر المشكلات البيئية ونشأت كنتيجة طبيعية للتزايد السكاني الكبير تبعاً لارتفاع معدل مواليد وقلة معدل الوفيات , وهذا التزايد السكاني السريع يفوق كل معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية, وهو بهذا يهدد خطط التنمية المستقبلية وبالتالي يؤثر على وجود ورفاهية واستقرار الآتيان المصري في النهاية .

والذي أدي إلي ظهور مثل هذه المشكلات هو اختلال العلاقة بين الإنسان وبيئته التي يعيش فيها بالإضافة إلى أسباب أخرى خارجة عن إرادته. مما لا شك فيه أنها مشكلة تمس حياة المواطن المصري اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً وثقافياً وأمنياً ونؤثر فيها تأثيراً مباشراً وخصوصاً أن زيادة السكان عن الحجم الأمثل من شأنه أن يؤثر في النهاية على مقدرات المجتمع وموارده وعدم القدرة على رفع مستوى المعيشة وتوفير الحياة المستقرة المزدهرة للمواطنين. 92مليون نسمة تعداد مصر بعد 15 عاما ومعدلات البطالة 9% فالإنفجار السكانى فى مصر المحروسة يأكل الأخضر واليابس ويعد أحد الأبعاد الأساسية للأزمة الإقتصادية التى واجهها المجتمع خلال السنوات العشرة الأخيرة حيث حدث إرتفاع ملحوظ فى عدد السكان منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى الأن فبينما كان التعداد عام 1897 قد بلغ 9.6 مليون نسمة ثم تضاعف خلال 50 عاما إلى 19 مليون نسمة وفى عام 1976 قفز إلى 37 مليون نسمة وطبقا لتقديرات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بلغ عدد السكان 66 مليون نسمة عام 2002 ومن المتوقع أن يصل عدد السكان فى عام 2006 الى 72 مليون نسمة وفى عام 2020 الى 92 مليون نسمة .

وتأخذ المشكلة السكانية فى مصر ثلاثة أبعاد كما يؤكد تقرير المجلس القومى للخدمات والتنمية الإجتماعية:

فالبعد الأول هو: النمو السكانى السريع والناتج عن تزايد الخصوبة وانخفاض معدلات الوفيات وارتفاع معدلات الهجرة للخارج وتعويق المفاهيم الثقافية استخدام وسائل تنظيم الأسرة لتعارضها مع المعتقدات الدينية الإسلامية والخوف من الأعراض الجانبية وقصور مستوى الخدمات الصحية ونقص التمويل اللازم لمعالجة هذا القصور وأسهم فى الزيادة السكانية أيضا انخفاض معدلات الوفيات من 29 فى الألف عام 1945 الى 17 فى الألف فى بداية الستينيات حتى بلغ 6.5 فى الألف عام 1998 وتزايدت الفجوة بين معدلات المواليد والوفيات وانخفضت معدلات وفيات الأطفال الرضع من 165 لكل 1000 مولود فى الفترة مابين 1933 حتى 1939 الى 44 فى الألف فى نهاية التسعينيات .

أما البعد الثانى للمشكلة هو:

التوزيع الجغرافى غير المتوازن للسكان ورغم أن المساحة الكلية لمصر حوالى مليون كيلومتر مربع إإلا أن السكان يتركزون فى شريط ضيق على وادى النيل مساحته 4.9% وبلغت الكثافة السكانية على أساس المساحة المأهولة 1.8 ألف نسمة فى الكيلومتر المربع وفى القاهرة وحدها 38.5 ألف نسمة فى الكيلومتر المربع مما أدى الى تزايد العبء والضغط على الخدمات فى المدن وظهرت مشكلات جديدة تشمل قصور المرافق وتلوث البيئة وزحف المبانى على الأراضى الزراعية المحددة وإنتشار العشوائيات .

أما البعد الثالث: فلقد فجرت الأزمة السكانية مشكلات اجتماعية واقتصادية خطيرة أهمها ارتفاع مستوى البطالة الذى وصل الى 10.7% من اجمالى قوة العمل للسكان بدءا من 15 عام فأكثر طبقا لبيانات تعداد 1986 ثم انخفض الى 9% عام 2000 وانخفضت نسبة مساهمة المرأة فى قوة العمل وبلغت عام 1984 نسبة 18% فى الفئة العمرية من 12 حتى 64 عاما وارتفعت الى 22% عام 1977 .

وتنبع المشكلة السكانية في مصر أساساً من عدم التوازن بين عدد السكان الذي بلغ حتى مايو 2008 حوالى ٧٨.٧ مليون نسمة، وفقاً لآخر تعداد سكاني، وبين الموارد والخدمات، وهو ما يفسّر عدم إحساس المصريين بثمار التنمية. وقد وصل عدد السكان إلى نحو 7ر76 مليون نسمة في تعداد عام 2006 مقابل نحو 5ر61 مليون نسمة في تعداد عام 1996 بارتفاع بلغت نسبته 7ر24 في المئة في عشرة أعوام. وتوقع مسح ديموغرافي أخير أن يصل عدد سكان مصر إلى نحو 6ر94 مليون نسمة بحلول عام 2017 ونحو 6ر118 مليون نسمة بحلول عام 2030 في حال ثبوت معدل الإنجاب الكلي الحالي. أضف إلى هذا ارتفاع الكثافة السكانية التي نتفوق بها علي الصين حيث تبلغ هناك حوالي ٩00 في الكيلو متر المربع بينما هي ٢000 بنفس الوحدة في بلدنا التي تبلغ إجمالي مساحتها مليون كيلو متر مربع بينما يعيش 84% من السكان على مساحة 6% من المساحة الكلية لمصر. كما لا تقتصر المشكلة السكانية في مصر على زيادة عدد السكان فقط، بل أيضاً على التوزيع العمري لهؤلاء السكان، حيث إن نسبة كبيرة من سكان مصر تحت سنّ الـ١٥ عاماً، بالإضافة إلى النمو الحضري العشوائي الذي أدى إلى تفاقم المشكلة، بسبب سوء توزيع السكان على رقعة الدولة، حيث يمثل سكان الحضر حوالى ٥٦.٩١٪ من إجمالي سكان مصر، وهو ما يعني انخفاض العاملين في الزراعة، وقلّة المنتجات الزراعية وارتفاع أسعارها، وهو ما يؤدّي إلى الفجوة الغذائية. أضف إلى ذلك تدنى الخصائص البشرية (الصحية – التعليميه – الاجتماعيه –  الاقتصادية)، خصوصا الخصائص التالية:

1- ارتفاع معدلات الأمية خاصة بين النساء، والزواج المبكر للإناث في مصر، وبالتالي الإنجاب المبكر. فلابد من رفع سن زواج الفتاة فى مصر إلى سن العشرين لكى تحصل الفتاة على حقها الطبيعى فى التعليم وتستطيع أن تساهم فى إختيار شريك عمرها وحتى يصبح الإنجاب فى سن مناسبة.

2- عمالة الأطفال :

أشارت نتائج تعداد عام 1986 إلى أن هناك 1.4 مليون طفل عامل فى سن أقل من 15 سنة وهم يمثلون 11.6% من إجمالى قوة العمل، وقد أكدت نتائج بحث القوى العاملة بالعينة عام 1998 نفس الحجم تقريبا لعمالة الأطفال حيث بلغ 1.38 مليون طفل عامل فى سن أقل من 15 سنة وهم يمثلون 7.4 % من إجمالى قوة العمل. ترجع أسباب ظاهرة عمالة الأطفال إلى سببين هما:

فقر الأسر التي يعمل أطفالها، واعتبار التعليم غير مجد لهذه الأسر حيث أن تعلم الطفل حرفة أفضل إقتصاديا للأسرة.

3-  ارتفاع معدلات وفيات الأطفال الرضع : بلغ معدل وفيات الأطفال الرضع حوالى 116 فى الألف عام 1970، إلا أن هناك تقدما ملحوظا حيث إنخفاض إلى 29 فى الألف عام 1998، إلا أن هذا المعدل لا يزال مرتفعا مقارنة بالدول المتقدمة.

4- متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي : يعتبر ارتفاع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي ذو صلة وثيقة بنجاح تنظيم الأسرة، حيث أظهرت البحوث الميدانية الخاصة بدراسة الخصوبة وتنظيم الأسرة أن الأسر الغنية هى الأسر الأكثر إقبالا على تنظيم الأسرة والأقل إنجابا للأطفال حيث أنها تريد الحفاظ على نفس المستوى الإقتصادى والإجتماعى، فى حين أن الأسر الفقيرة تعتمد على أطفالها فى زيادة دخلها نتيجة دفعهم إلى سوق العمل فى سن مبكرة.  ويؤكد التقرير على أن المخرج من المشكلة هو تفعيل دور الأجهزة المحلية بالمحافظات وزيادة مشاركتها فى وضع وتنفيذ ومتابعة وتقيم البرامج السكانية والتنسيق بين هذه السياسات والأوضاع الداخلية لكل محافظة وأن يكون المحافظ مسؤلا بشكل مباشر عن تحقيق الأهداف السكانية للمحافظة كما يتعين توفير الدعم المالى والفنى للاجهزة المحلية لمواجهة المشكلة لتحقيق مبدأ اللامركزية ومشاركة مؤسسات القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية مع المؤسسات الحكومية فى وضع الحلول للمشكلة السكانية وتوفير الدعم اللازم لها وإعادة النظر فى السياسة القومية للسكان بما يتفق مع الأهداف الحالية فلم يعد من المقبول التسليم بالحق المطلق للزوجين فى تحديد عدد الأطفال بإعتباره أمرا خاصا ولابد من التدخل المشروع للدولة بكل الأساليب لحل هذه المشكلة .

أسباب المشكلة السكانية في مصر:

1- انخفاض نسبة الوفيات بين الأطفال:

تحسن الأوضاع الصحية أدى إلى انخفاض نسبة الوفيات بين الأطفال بالإضافة إلى ارتفاع نسبة المواليد ترتب عليه زيادة عدد السكان.

2- زيادة متوسط عمر الفرد:

تحسن الأوضاع الصحية أدى إلى زيادة متوسط عمر الفرد مما ترتب عليه زيادة كبار السن وزيادة نسبة الإعالة.

3- القيم الاجتماعية المرتبطة بالإنجاب:

تنتشر في المجتمع المصرى بعض القيم المرتبطة بزيادة النسل والإنجاب مثل:

زيادة عدد الأولاد يؤدى إلى ربط الزوج، والرغبة في إنجاب الذكور، كثرة الإنجاب والرغبة في تكوين عزوة، زيادة الإنجاب للمساعدة في العمل في المجتمعات الزراعية. وشيوع معتقدات دينية خاطئة عند بعض الفئات من المجتمع، وضعف الاقتناع بمبدأ طفلين لكل أسرة مع عدم وضوح الفرق بين انجاب طفلين أو ثلاثة أطفال لدي كثير من الأسر بالاضافة الي رغبة الأسرة في إنجاب طفل من كل نوع حتي ولو اضطرهم ذلك الي انجاب طفل ثالث للحصول علي النوع المطلوب وخاصة الطفل الذكر وهو مايعتبر من الموروثات الاجتماعية الخاطئة‏.‏

4- عدم استخدام وسائل تنظيم الأسرة بالرغم من الرغبة في منع أو تأجيل الحمل خوفاً من الآثار الجانبية للوسائل‏, وقصور دور الإعلام الجماهيري، وعدم كفاية الرائدات الريفيات .

ولقد أدى التزايد السكاني إلى :-

1- عجز في الموارد الغذائية ( لاحظ طوابير العيش والصراع في الحصول على رغيف الخبز)

2- عجز في فرص التعليم المتاحة لاحظ الفترات في المدرسة الواحدة وأعداد تلاميذ كل فصل

3- عجز في الخدمات الصحية

” وهذا ما نلاحظه بوضوح في المستشفيات المكتظة بالمرضى وضرورة الاتفاق المسبق لحجز سرير قبل الشروع في إجراء عملية جراحية .

4- عجز في فرص العمل ( لاحظ نسبة البطالة والعاطلين ).

5- عجز في الدخل السنوي.

6- عجز في الخدمات العامة ( نلاحظ ذلك بوضوح في وسائل المواصلات بكل أنواعها وانفجار مواسير الصرف الصحي في كثير من الأحياء.

أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية:

الزيادة السكانية لها تبعاتها السيئة فلابد أن تتبعها استثمارات إضافية ضخمة لتلبية متطلبات السكان من خدمات ومرافق، كما إنها إذا استمرت بالمعدل الحالى، فسوف تؤثر على نصيب الفرد من الاراضى الزراعية لتنخفض من فدان لكل 9 مواطنين الى فدان لكل 15 مواطن كما سينخفض نصيب المواطن من المياه الى النصف تقريباً، حيث أن مصر لها حصة ثابتة منذ آلاف السنين ولا تزيد بالإضافة الي انخفاض نصيب الفرد من القمح وهذا كله سيؤدى إلى تهديد لنوعية الحياة والنمو الاقتصادي.

1- أثر النمو السكاني على سوق العمل:

يزيد النمو السكاني من عرض قوة العمل، لكن هذا العرض الاضافي لا يساهم في زيادة الانتاج إذا لم يتناسب مع الموارد المتاحة، وإنما سيؤدي إلى زيادة معدلات البطالة ويخفض من مستوى الأجور وبالتالي يتدنى المستوى التأهيلي لقوة العمل المستقبلية بسبب تأثير انخفاض الأجور على التركيب التعليمي للسكان.

2- أثر النمو السكاني على الادخار والاستثمار: تؤد

ي زيادة عدد السكان إلى انخفاض الادخار والاستثمار وبالتالي انخفاض معدل النمو الاقتصادي والدخل الفردي، وتستند هذه الآراء إلى معدلات الخصوبة والمواليد، حيث أن التزايد السكاني يؤثر سلباً على عملية خلق التراكمات اللازمة لعملية التنمية، فارتفاع عدد السكان يؤدي إلى ارتفاع عدد المواليد في المجتمع، وهذا يؤدي بدوره إلى انخفاض نصيب الفرد الواحد مما يضعف مقدرة الأسر والافراد على الادخار وانخفاض مستوى دخل الأسرة بالمقارنة مع عدد أفرادها يجعلها تكاد لا تفي باحتياجات هؤلاء الافراد من المادة الاستهلاكية الأساسية ويمنعهم من أي مدخرات ذات معنى وعندما يكون حجم الادخار في المجتمع ضعيفاً فسيكون بالتالي حجم الاستثمار ضعيفاً أيضاً والنتيجة ستضعف قدرة المجتمع على المشاريع الاستثمارية والتي ستعرقل عملية التنمية الاقتصادية.

3- أثر النمو السكاني على الاستهلاك:

يؤدي إلى زيادة الطلب الإجمالي على السلع بنوعيها الضروري والكمالي مقابل محدودية الدخل وزيادة الحاجات مما يشكل ضغوطاً على المسيرة التنموية للمجتمع .

للتغلب على المشكلة بآثارها الاقتصادية والاجتماعية :

للتغلب على المشكلة بآثارها الاقتصادية والاجتماعية لابد من السير في اتجاهين هما: تنظيم الأسرة، والتنمية الاقتصادية, وأن تركز السياسة الشاملة على مواجهة الأبعاد الثلاثة المتعلقة بالمشكلة وهى النمو والتوزيع والخصائص.

ومن أساليب مواجهة المشكلة السكانية:

1- زيادة الإنتاج والبحث عن موارد جديدة. والاهتمام بتوفير فرص العمل للقضاء علي الفقر وإنشاء مشروعات صغيرة خاصة في المناطق العشوائية وذات الزيادة السكانية ويفضل الاستفادة من فكرة بنك القروض المتناهية في الصغر.

2- الحد من زيادة السكان بإصدار التشريعات، مثل:

رفع سن الزواج، وربط علاوات العمل والإعفاءات الضريبية بعدد الأبناء، بمعنى إعفاء الأسر محدودة الدخل من أنواع معينة من الرسوم والضرائب أو منحها تأمينا صحيا شاملا أو الحصول علي دعم غذائي مجاني أو منح الأم التي تبلغ الخمسين مكافأة مالية إذا التزمت بطفلين وترفع عنها هذه المميزات إذا تجاوزت هذا الشرط‏. وتقديم حوافز للقري والمدن التي تحقق انضباطا في وقع الزيادة السكانية عبر خدمات ومشروعات تقام فيها‏.‏ ‏والاستفادة من تطبيق القوانين التى صدرت مؤخراً، وخاصة قانون الطفل الذى يجرم عمالة الأطفال كأحد المداخل المهمة وغير المباشرة لمواجهة المشكلة السكانية.

3- يجب وضع إستراتيجية إعلامية متكاملة تستهدف إقناع الأسر المصرية بثقافة الطفلين فقط، والربط بين القضية السكانية والقضايا الأخرى المتصلة بها مثل الأمية والمساهمة الاقتصادية للمرأة وعمالة الأطفال والتسرب من التعليم، وتنمية الثقافة السكانية. والتوعية بمشكلاتها.

4- عودة القطاع الخاص للمساهمة في حل المشكلة السكانية أصبح ضرورة ملحة ممثلا في قطاع رجال الأعمال والشركات الكبري وصولا إلي المساجد والكنائس والمدارس الريفية وذات الفصل الواحد.

5- الاهتمام بالخصائص السكانية وتبني برامج فعالة للتنمية البشرية في محو الأمية والتعليم والصحة لمردودها المباشر علي السكان.

6- أهمية التركيز علي فئة الشباب في المرحلة المقبلة لترسيخ مفاهيم الأسرة الصغيرة والتخطيط الانجابي والمساواة بين الجنسين حيث انهم يمثلون آباء وأمهات المستقبل وهم الطريق الي تحقيقا لهدف القومي المتمثل في طفلين لكل أسرة‏, وإعطاء دور أكبر للشباب في المساهمة في حل هذه المشكلة من خلال نشر التوعية والتحذير من خطورة الزيادة السكانية وأثرها على التنمية، والتحلي بقيم الإخلاص والعطاء والولاء للوطن، والعمل على الاستفادة بكل طاقاته في اكتساب المعارف والقدرات التي تؤهله للتعامل مع العصر بمقتضى معطياته.

7- تفعيل فكرة التوزيع السكاني من خلال خطط جذب السكان للمناطق الجديدة، وغزو الصحراء وإعادة النظر في خريطة توزيع السكان؛ فمصر من الناحية العددية تستوعب ضعف عددها الحالي ذلك أن المصريين يعيشون على 6% من مساحة مصر، بينما تحتاج 94% من مساحة مصر أن تكون مأهولةً بالسكان، وأن المصريين مكدَّسون في 3 محافظات، وباقي المحافظات بها خلخل سكاني رهيب.

8- زيادة الاهتمام بصعيد مصر؛ حيث إن 25% من سكان مصر يسكنون فى ريف الصعيد، وهم مسئولون عن 41% من الزيادة السكانية، كما أن للرجل فى صعيد مصر دورا مهما وكبيرا فى مواجهة المشكلة السكانية، حيث إن الرجل هو صاحب القرار فى الصعيد. ومن بين الأساليب غيرالتقليدية إحياء مشروع “الدوار”، وذلك لمناقشة الرجال فى كل ما يتعلق بتنطيم الأسرة، وسيكون لهم فاعلية فى إنجاح برامج تنظيم الأسرة وخاصه فى الريف، كما يجب دخال رجال الدين والعمده، وجميع الفئات الفاعلة والعاملة فى هذا المجال خاصة المجالس الشعبية والتنفيذية .

تاسعا- ظاهرة التسول:

ظاهرة تفشت في المجتمع المصري ولا نبالغ عندما نقول أنها أصبحت مهنة مربحة للغاية يلجأ إليها الكثير لتحسين المستوى الاجتماعي لا لأنه في حالة احتياج مادي حقيقي، وإنما لأنه يبحث عن مستوى أعلى من تغطية احتياجه. إنه “التسول” الوباء الاجتماعي الذي ساد في المجتمع المصري في الآونة الأخيرة وأصبح عملاً لقطاعات عريضة من أبناء هذا المجتمع أصبح للتسول مفهوم حديث يتناسب مع روح العصر والمجتمع أيضاً الذي تظهر فيه الظاهرة ، وعلى الرغم من أن معظم القائمين به من الفئة التي لم تنل من العلم ما يؤهلها لدراسة المجتمع إلا أنهم يعلمون جيداً كيفية الوصول للفئة التي يتسولون منها و من الملاحظ أيضا أن نسبة التسول في النساء والأطفال واضحة بشكل ظاهر مع تراجعها عند الرجال بشكل ملحوظ .

أسباب ظاهرة التسول:

أن المتسول ليس مريضاً نفسياً وأنه لا علاقة بين المرض والتسول ، أما الظاهرة ترجع لأسباب عديدة من بينها الفقر والبطالة وتفاقم ظاهرة أولاد الشوارع التي تعد قنبلة موقوتة أقترب انفجارها كما أن الحقد الاجتماعي يلعب دوراً فيها، فالمتسول يعتقد خطأ أنه يأخذ حقه من المواطنين الذين سلبوه حقه في الحياة الكريمة وان ما يقوم به أفضل الطرق بدلاً من اللجوء للسرقة أو النصب.

و يعتبر التسول مشروع اقتصادي مربح لبعض فئات المجتمع من التي تستغل من هم أقل منهم و تعلم طرق التحايل على القانون هذه الفئة تعلم جيدا سبل الاستغلال الجيد لفئة أخرى يغفل عنها المجتمع وهم أطفال الشوارع المستغلين في كل الوظائف التي تسبب ضررا للمجتمع مثل (التسول، ترويج المخدرات، السرقة، الاعتداء الجنسي) وكلها أمراض تسبب الآلام للمجتمع المصري الذي يحاول التبرير للظاهرة عادةً ولا يضع يده على نقاط القوة والضعف فيها .

موقف الإسلام من التسول:

دعا الإسلام إلى التعفف وأكد على مكانة الفقراء الذين يرفضون التسول حفاظاً على أنفسهم وتعففاً حتى لو اضطروا لأي شيء المهم أنهم يرفضون النظرة الدنيا من الآخرين، وأكد علماء الدين ورجال الفقه أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية اقتضت التنفير الشديد من التسول، أما إذا كان الإنسان في حالة احتياج حقيقي ولا يجد حلاً أخر فلا لوم عليه، وإنما اللوم على من رفض مساعدته ، أما من يؤثر التسول وهو بإمكانه أن يستغنى فحكمه هو الكراهية الشديدة حيث أكدت الآيات على التنفير والتحذير من ذلك فالتلاعب والكذب والتضليل واستعمال الأطفال وما يشبه ذلك أعمال محرمة ولاشك في تحريمها.

كيفية التصدي لظاهرة التسول:

علاج هذه الظاهرة يحتاج إلى تكاتف المجتمع بأكمله لمناهضة التسول بدايةً من توسيع المشاركة العلمية في حل قضية أطفال الشوارع، والاهتمام بالتعليم ، وزيادة الوعي بأهمية قبول الآخر، خاصة ممن نشأ في ظروف اجتماعية واقتصادية سيئة كما أن الأمر يحتاج لمزيد من الإصرار ووضع خطط جيدة للقضاء عليها بشكل نهائي و التسول ظاهرة متشابكة ومعقدة تستوجب الاهتمام بها ومحاصرة القائمين عليها بكل الطرق حتى نتمكن من تقليل النسبة على الأقل والقضاء عليها بشكل تدريجي تعتبر الزكاة الحل الأساسي لمثل هذه الظاهرة لأنها ركن من أركان الإسلام ولو طبق هذا الركن سيكون حلاً جذرياً كما أن التطبيق الفعلي للقانون يلعب دورا مهما في القضاء علي هذه الظاهرة فقد نص القانون علي توقيع عقوبة الحبس، التي تقع بين شهر على الأقل وسنة على الأكثر، لمن يمارسه دون وجه حق .

عاشرا- الإدمان(التدخين و المخدرات)

التدخين: أظهرت احد البحوث البريطانية أن دخان السجائر يؤدي إلي تلوث الهواء بنسبة اكبر(10 مرات) من عادم السيارة التي تعمل بوقود الديزل و أكدت دراسة أخري أن دخان السجائر لا يقتصر ضرره علي المدخنين فحسب و إنما يمتد الضرر ليشمل غير المدخنين أيضا كما أشارت الدراسة لإمكانية حدوث حرائق و كوارث من جراء إلقاء أعقاب السجائر مشتعلة وخاصة قرب الأشياء سريعة الاشتعال مما يؤدي إلي تلوث الهواء بالدخان مما يتسبب في الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب.

أخطار التدخين علي الفرد و المجتمع:

إن أخطار التدخين و عواقبه الوخيمة من تعرض للأمراض أو الوفاة و المرتبطة بالتدخين سواء كان اختياريا أو بالإكراه أي استنشاق دخان التبغ المنبعث من سجائر الآخرين عندما يكون المرء معهم في مكان مغلق كما انه يقلل العمر المتوقع للمدخن و يزيد من العجز و الضعف و يزيد نسبة التغيب عن العمل كما انه يسبب سرطان الرئة و هو من اشد الأمراض السرطانية خطورة و أكثر سببا للموت فقد أدي هذا المرض إلي وفاة الألوف بسببه و تقول التقارير أن التدخين مسئول عن الإصابة بأمراض السرطان بنسبة 75%لدي المدخنين و الجدير بالذكر أن مخاطر التدخين تطال غير المدخنين أيضا و الواقع أن المدخنين ليسوا فقط الذين يشربون الدخان بل يعتبر الذين يستنشقون الدخان من المدخنين أيضا.

المخدرات:

مصر دولة مستهلكة للمخدرات من بعض الدول الأوروبية و الأسيوية و العربية و الأمريكية كما أن موقعها الجغرافي جعل منها دولة عبور تمر المخدرات عبرها من الدول المنتجة إلي الدول المستهلكة.

مخاطر المخدرات علي الفرد و المجتمع:

أن المتعاطي يفقد السيطرة على سلوكه ومن ثم يصبح أسير ما يتعاطاه يعتمد عليه للحصول على نشوة زائفة هي في حقيقة الأمر مدمرة لكيانه ولوعيه بنفسه ولعلاقاته بمن يحيط بهم ويتحول إلى كائن ولا حول له ولا قوة . فالإدمان يمثل خطرا داهما على الفرد والمجتمع فمن مخاطره انه يكون وراء المشكلات الزوجية ومشاكل العمل والمخالفات القانونية وحوادث الطرق والديون والسلوك العدواني وله أيضا مخاطر صحية كالتهاب المعدة وقرحة الإحدى عشرية والتهاب الأعصاب وتليف الكبد والالتهاب الرئوي والايدز وأيضا إلى إمراض نفسية وعقلية كالقلق والاكتئاب ومحاولة الانتحار والجنون ويؤدى إلى ظهور كثير من المشكلات الاجتماعية كالانحراف والتفكك الاجتماعي واللامبالاة والمشكلات الأسرية ويؤثر على الإنتاج حيث يفقد المدمن القدرة على العمل ويؤدى كذلك إلى ضياع جانب كبير من ميزانية الدولة في العلاج ويرتبط الإدمان بالجريمة كالقتل والسرقة.

كيفية التصدي لظاهرة الإدمان:

أن الإقلاع عن الإدمان سواء كان إدمان للتدخين أو المخدرات لابد أن يكون نابعا من داخل الفرد المدمن حتى يؤتي ثماره كما انه لابد من زيادة حملات التوعية ضد مخاطر الوقوع في دائرة الإدمان و تطبيق القوانين أيضا يمكن أن يلعب دورا مهما في الحد من هذه الظاهرة الخطيرة كذلك لابد من تنمية الوعي الديني و الأخلاقي و القيمي لدي الشباب لحمايتهم من الوقوع في خطر الإدمان كما تمثل الرعاية الأسرية عاملا هاما في التصدي لتلك الظاهرة و التخفيف من أثارها السلبية في حالة حدوثها و أخيرا أننا ننصح كل المدمنين بالإقلاع فورا عن هذه الآفة الخطيرة التي ثبت ضررها في مختلف الميادين الصحية و الاجتماعية و الاقتصادية .

ففي دراسة ميدانية اجريت على عينة مؤلفة من 3200 شاب للتعرف على اهتماماتهم، تبين أن النشاطات الطلابية تأتي في مقدمة اهتمامات الشباب بنسبة 84%، يليها الاهتمام بالسياسة بنسبة 82%، بينما حاز الكمبيوتر وشبكة الانترنيت على اهتمام 90% من الشباب، وقد جاء الاهتمام بالأدب في آخر قائمة الأفضليات عند الشباب المصري. وختمت الدراسة بنتيجة مثيرة تقول “الرياضة في مقدمة اهتمامات الشباب المصري والقراءة في آخرها”.وخلصت الدراسة إلى أن مشكلات الشباب الأردني تتصل بالعديد من المجالات والمستويات أهمها:

1-    الأسرة : تدخل الأسرة في شؤون الشباب،وصعوبة التفاهم بين الأجيال، والتمييز بين البنين والبنات، وعدم مشاركة الشباب في اتخاذ القرارات داخل الأسرة، وأخيراً ضعف دور الأسرة في تنشئة الشباب.

2-    المشاركة في المجال العام:ويأتي في هذا الإطار عدم توفر المراكز الشبابية والطالبية، وقلة وعي الشباب بأهمية المشاركة في الحياة العامة، واهتمام الشباب بمشكلاتهم الحياتية الذي يقلل من مشاركتهم في المجال العام، والقوانين التي تعيق مشاركة الشباب، وقلة الحرية المتاحة أمام الشباب للمشاركة، إلى جانب ضعف المنظمات غير الحكومية وعدم الاهتمام برأي الشباب فيما يتصل بالقضايا العامة.

3-    العمل: شيوع الصورة السلبية عن بعض المهن والأعمال، وتدني الأجور ، والبطالة، واعتماد الوساطة بدلاً من الكفاءة في التوظيف، والظروف الصعبة لموظفي القطاع الخاص، وصعوبة الهجرة للعمل، وندرة التدريب والتأهيل، وقلة الصناديق التي تدعم مشاريع الشباب، وعدم تشجيع واعتماد الكفاءات الشابة.

4-    الثقافة والهوية الثقافية: وقد جرى التأكيد على عدم المساواة، وعدم وضوح سقف الحريات، واحترام الرأي والرأي الآخر، والتعصب والعشائرية وضعف التوعية والتنشئة الديمقراطية. إضافة إلى انتشار التقليد الأعمى للغرب، وسلبية بعض العادات والتقاليد، والابتعاد عن المبادئ الأخلاقية والدينية وأخيراً التأثير السلبي لعدم المساواة الاجتماعية على الوحدة الوطنية.

وقد صنفت دراسة أخرى مشكلات الشباب العربي عموماً والسوري بصفة خاصة إلى أربعة أنواع:

1-مشكلات نفسية: كالشعور بالضياع والغربة والإحباط بسبب التفاعلات السياسية المتباينة وضغط الأسرة.

2-    مشكلات اقتصادية: وهي المتعلقة بالعمل والسكن وضمان المستقبل، أو بالبطالة والعوز والحرمان من آمال الغد.

3-    مشكلات أخلاقية – اجتماعية: ناجمة عن التناقض القيمي بين جيل الشباب وجيل الآباء، كذلك ناجمة عن التطرف الديني وعن عدم استغلال أوقات الفراغ، وقلة أشكال الترويح وصولاً إلى مشكلات الانحراف والجنوح وتعاطي الكحول والمخدرات .

4-    مشكلات سياسية: وتتعلق ببعض النظم القائمة والحريات المهدورة ثم بالتجزئة الإقليمية.

فما هي القواسم المشتركة بين الدراسات السابقة، وإلى أي حد يمكننا التعرف من خلالها على أهم مشكلات الشباب واهتماماتهم؟.

تشير المعطيات المتوفرة إلى توافق معظم البحوث الاجتماعية والدراسات التنموية حول أهم المشكلات التي تواجه الشباب وهي: البطالة والفقر، التهميش والتمييز وقلة فرص المشاركة، ثم التطرف ومشكلات الهوية الثقافية، وأخيراً صراع الأجيال.

1-   مشكلة البطالة والفقر:

تترابط قضيتي البطالة والفقر بشكل وثيق. فمع انخفاض معدلات النمو وانعدامها استمرت معدلات البطالة بالتزايد في غالبية البلدان العربية. وسرعان ما أدت البطالة الناجمة عن الركود الاقتصادي إلى الفقر بمعناه الواسع. حيث أن الفقر من منظور تنموي لا يقتصر على انخفاض الدخل وعدم التمكن من تلبية الحاجات الأساسية، بل   يعني نقصاً في القدرات البشرية اللازمة لتحسين نوعية الحياة “Quality of life” والتنعم بالرفاه الإنساني.

وقد بلغت نسبة البطالة بين الشباب 73.2% في سوريا عام 1998، و 42.4% في فلسطين عام 1999 وقد ارتفعت هذه النسبة بشكل كبير جداً وتضاعفت بعد الانتفاضة الفلسطينية و إعادة احتلال مناطق الضفة منذ 2002، بينما بلغت البطالة 61.5% في مصر سنة 1998، 75% عام 1995 و 64.1% عام 1997 في البحرين على التوالي، انظر الجدول المرفق رقم (1). وتشير الإحصاءات إلى معدلات بطالة تقارب 14% من مجموع السكان في معظم الدول العربية عدا الدول الخليجية وليبيا. ويشكل الشباب غالبية أولئك العاطلين عن العمل(10). وقد بينت نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه تقرير التنمية الإنسانية العربية أن أكثر القضايا أهمية بنظر الشباب العربي هي قضية توافر فرص العمل 54% يليها التعليم 23% وتأتي الرعاية الصحية والفقر في آخر قائمة الاهتمامات وتبلغ 4% لكل منهما. (انظر الجدول رقم 2).

ومن الملح بالنسبة لمجتمعاتنا أن تنشط في مواجهة هذه المشكلة المركّبة أي البطالة والفقر من خلال سياسات تنموية تركز على تمكين الفقراء “Impowerment”عموماً والشباب منهم على الأخص من خلال توفير فرص عمل جديدة وتشجيع المشروعات الصغيرة وإنشاء صناديق دعم حكومي توفر قروضاً للشباب الأكثر حرماناً.خصوصاً أن حجم البطالة السافرة المرتفع حالياً والبالغ حوالي 14 مليون عاطل عن العمل معظمهم من الشباب يتطلب خلق فرص عمل كبيرة. وحسب آخر الاستطلاعات سيتوجب خلق فرص عمل لحوالي 50 مليون ملتحق جديد بقوة العمل بحلول العام 2010

2-   غياب الحوار: تهميش الشباب والتمييز ضد النساء:

يمكن التعرف على موقع الشباب داخل مجتمع ما، أو درجة تهميشهم من خلال مقاييس مشاركتهم في مستوى الأسرة والمؤسسات التعليمية (المدرسة-الجامعة) والمؤسسات الحكومية وفي المنظمات الأهلية والمجتمع المدني.

فقد شهدت الأسرة العربية تغيرات ملموسة في العلاقة بين أعضائها وخاصة دورها في التنشئة الاجتماعية. وذلك بفعل عوامل اقتصادية وتطلّعات استهلاكية، وسرعان ما أدت هذه التغيرات – من منظور قيم الشباب ومشاركتهم- إلى نشوء تناقض بين قيم الأهل وسعيهم إلى تربية أبنائهم بالطريقة التي يعتقدون أنها الأمثل وبين ما يتلقاه الشباب من محيطهم وزملائهم ووسائل الإعلام المحلية والعالمية. مع ما رافق ذلك من انحسار زمن التفاعل بين الشباب وأعضاء الأسرة الآخرين. هذا إلى جانب الطابع البطريركي للأسرة العربية والتي تتميز – مع بعض الاستثناءات – بغلبة الأوامر والنواهي المترافقة مع قائمة طويلة من الممنوعات والمحرمات التي لا يجوز مناقشتها، وما ينجم عنها من ازدواجية وأقنعة تجعل من شخصية الشاب أشبه ما يكون بسفينة وصفها يوسف إدريس بقوله: يحيا العربي “كالسفينة جزء منه فوق الماء ظاهر للعيان، وجزء تحت الماء لا يراه أحد”.

وإذا أضفنا لما سبق ما تفرضه الجماعة على الفرد وما تطلبه منه من قيم الطاعة والامتثال، فهمنا أسباب اتساع الفجوة بين العام والخاص في حياة الشباب بين الظاهر والخفي. وبقدر ما تجري محاولات لسحق شخصية الفرد وإلغاء خصوصيته، تنشأ بالمقابل حاجة نفسية ملحة لتأكيد الذات ويتم التمحور حول الأنا بشكل مفرط وهو ما ندعوه الأنانية.

إن شكوى الشباب المتكرر من صعوبة التفاهم مع الأهل وتغييبهم من دائرة اتخاذ القرارات التي تتعلق بحياتهم، تشكل ظاهرة يمكن تعميمها على العلاقات السائدة في المدرسة والعمل والحياة العامة. وتشكل أحوال الشابات معاناة من نوع خاص حيث يزداد ضغط العادات والتقاليد ويتعرضن إلى التمييز في التعامل وأمام القانون في العديد من القضايا المتصلة بالأحوال الشخصية والحقوق والواجبات. وهذا ما يفسّر -جزئياً- قلة مشاركتهن في الحياة العامة سواء في مجالات السياسة والاقتصاد أو من حيث تمثيلهن النسبي في مواقع المسؤولية والقرار. ومن هنا تكتسب توجهات إدماج النساء في الأنشطة التنموية وتمكينهن من الحصول على فرصهن في التعليم والعمل بعيداً عن التمييز على أساس الجنس أهمية إضافية واستحقاقاً لابّد من مواجهته، مع ملاحظة أن دور المرأة ومكانتها في بعض الدول العربية أفضل من مثيلاتها في دول عربية أخرى وعلى الصعيدين الاجتماعي والقانوني معاً. لقد آن الأوان لإعطاء شبابنا فرصة التعبير عن أنفسهم والإفصاح عن اهتماماتهم ورغباتهم دونما قسر أو إرغام ، وإذا كانت مطالب الشباب تتمحور حول حقوقهم الأساسية في التعليم والعمل والمشاركة واحترام خياراتهم وآرائهم ، فإن من واجب المجتمع الإصغاء لأصواتهم من خلال تشجيع ثقافة الحوار وتعزيز قيم المشاركة والانفتاح للوصول إلى قواسم مشتركة تحقق مصالح وأهداف الجانبين.

3-   التعصب والتطرف: مشكلات الهوية والانتماء

يعتبر التعصب والتطرف من أكبر المخاطر التي تواجه الشباب العربي. فالظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة وانتشار الفقر والجهل في المناطق الريفية وفي أحزمة البؤس حول المدن الكبرى؛ شكّلت مجتمعة بيئة مناسبة لانتشار السخط والاحتجاج بين الفئات الشابة المنبوذة والمهمشة والتي تعاني من الإقصاء وقلة الاستفادة من الثمار المادية للسياسات التنموية. وإذا ما أضفنا إلى ما سبق الخطابات التبشيرية التي تقدمها بعض التيارات الإسلامية المتشددة ووعودها الخلاصية لهؤلاء، إذا ما التزموا تعاليمها وتبنوا مرجعياتها، فإننا يمكن أن نفهم لماذا شكّلت هذه الفئات الرافد الأساسي لهذه الحركات وعلى مدى عقود عديدة.

ومن جانب آخر يشكّل التيار التقليدي في الثقافة العربية، بفهمه السلفي للدين وتقديسه للتراث ورموزه، وتعلّقه بالماضي بشكل تعويضي، رافداً مهماً لانتشار التطرف والتعصب والذي جاء في غالبيته كرد فعل على الممارسات والسياسات الغربية تجاه قضايا المنطقة العربية، وتحيّز غالبية هذه السياسات لصالح (إسرائيل ) على حساب حق العرب والفلسطينيين في تحرير أرضهم وتقرير مصيرهم.

أما المستجدات المتعلقة بالنتائج التي أسفرت عنها الحرب الأمريكية على العراق مع استمرار الاحتلال في فلسطين والجولان ، على المستوى الاجتماعي والنفسي ، فإنها تستحق من وجهة نظرنا وقفة تحليلية متأنية نظراً لآثارها البعيدة المدى على الأجيال الحاضرة والمستقبلية . والسؤال المركزي هنا هو : كيف ترد الشعوب المقهورة والمهزومة – والشباب منها خاصة – على الاحتلال الأجنبي والاستبداد العربي ، وإلى أي حد يساهم هذان العنصران أي الاستبداد والاحتلال في ولادة جيل عربي فاشي ومتعصب عند ملايين الأطفال والشبان الذين اختزنوا في وجدانهم وذاكرتهم مظاهر الانكسار والخيبة وانعدام الأمل ؟ . وبالاحتكام إلى القوانين التي تحكم آليات وردود فعل الذات الجماعية المهددة على الأصعدة النفسية والثقافية والوجودية ، فإن هذه الاستجابات والردود سرعان ما تنقسم إلى نوعين متناقضين رغم ما بينهما من قواسم مشتركة، نوع يفضي إلى الوقوع في لجة اليأس والقنوط والعدمية ويؤدي في أحسن الحالات إلى البحث عن الخلاص الفردي، ونوع آخر يستشعر أصحابه فداحة الهزيمة وتدفعهم مشاعر القهر والغضب إلى الانتقام والسعي لإثبات الجدارة.  يأخذ النوع الأول منحى اليأس والقنوط بل والتنكر لكل القيم والشعارات التي أودت بأصحابها إلى حالة من الإفلاس التاريخي والخواء في مواجهة استحقاقات الحاضر، بما يحمله من فداحة وخبرات وخيبات يبدو أن الذهنية التبشيرية ، ومن خلال عدم قدرتها على التقاط الفوارق والتمايزات الواضحة والفجة بين عالم المثل والنظريات وعالم الحياة الواقعي ، لم تصل إلى استخلاص ما يعتبر تحصيل حاصل على مستوى المعرفة النقدية، وهو أن الخلل الفادح في التطبيق يكشف ويعري خللاً أفدح في المنظومة النظرية ، مع هذا تتفاجأ دوماً بأن حصاد البيدر المر لا يتطابق مع حسابات الحقل المجردة ، دون أن تعيد النظر في الأسس والمرجعيات والأفكار التي عاملتها كبداهات وفرضيات صحيحة وصالحة لكل زمان ومكان ! يعزف أولئك المحبطون واليائسون عن الحياة العامة من خلال رفض المشاركة أو الاهتمام بكل ما يجري لهم وحولهم ويبحثون عن خلاصهم الفردي كل على طريقته ، ويحاولون صبغ سلوكهم ومواقفهم بمسحة تشاؤمية مستمدة من الفلسفات والأفكار العدمية لخلق بعض الانسجام والتماسك في أوصال حالتهم المفككة وإضفاء المعنى على صيغة الوجود التي أوصلتهم إليها وضعية رد الفعل والشعور باللاجدوى . وفي هذا تعبير عن حالة الانكسار العميقة والخواء المخيف الذي وصلوا إليه بعد أن تبخرت آمالهم وأحلامهم وخسروا ثقتهم بالآخرين وبالتالي بأنفسهم .

لكن الإحساس بالكارثة لا يقتصر على استجابة أولئك الذين سقطوا في لجة اليأس والهزيمة . إذ سرعان ما يوّلد عند آخرين توجهاً مغايراً سمته الأساسية الغضب والقهر ولوم الذات الفردية والمجتمعية ، لكنه وعوضاً عن البحث عن مشاجب ومبررات وهمية يعلق عليها تبعات ما جرى كما تعود الخطاب التبريري السائد برده لكل المصائب والمشكلات إلى الاستعمار والصهيونية وأعداء الأمة ،وهذا صحيح لكنه غير كاف لتفسير الحالة ، ويفتقر إلى وقفه شجاعة مع النفس، وإعادة النظر في الكثير من الأمور لعل في طليعتها طرح السؤال عن السبب الحقيقي لما وصلنا إليه ، أي غياب المشاركة والإقصاء الذي يجعل من البلاد لقمة سائغة للطامعين . وبدلاً من طرح هذه الأسئلة وغيرها يعود إلى ذاكرته الجمعية وثقافته ليستخلص منها مواقف وخبرات ورموزاً تتمحور جميعها حول لحظات مختارة من تاريخ مديد تتصل بالإنجازات الحضارية أو مواقف البطولة والتضحية أو بشخصيات وقادة عظام أو بمعارك كان النصر فيها حليفاً للامة في وجه أعدائها . وكل ذلك يهدف إلى استخلاص عناصر القوة والتفوق والجدارة ، والبناء عليها لخلق إرادة التحدي التي ترفض واقع الهزيمة القاسية وتعمل على مواجهة مفاعيلها النفسية والوجودية على الذات الجمعية المهددة .

ليس متوقعاً على أية حال ، أن يكون الخطاب المستخدم عند أصحاب هذا التوجه عقلانياً ومنطقياً ومقنعاً دوماً . إذ من الطبيعي أن يقوم ، ومن موقع رد الفعل ذاته ، بتضخيم الجوانب الإيجابية واللحظات المشرقة في التاريخ وأن يضفي على شخوصها هالة من القدسية والأسطرة بحيث تغدو نماذج مفارقة وشخصيات فوق عادية ( سوبر مان ) . لكن وظائف التعبئة والشحن النفسي وخلق تماسك عضوي بين الأتباع ، يبرر من وجهة النظر هذه ، أية ثغرات منطقية ويضعف من المحاكمة العقلانية والحس النقدي ما دامت الغاية بهذه الأهمية والسمو ، أي التخلص من الإحساس بعار الهزيمة وإعادة الاعتبار للذات الجمعية الجريحة ، وبغض النظر عن الثمن والتضحيات والمصاعب التي تحول دون بلوغ ذلك . هكذا قرأ        ” أدولف هتلر ” حالة الغضب والقهر والإذلال التي عاشها الألمان ، وخصوصاً الشباب منهم ، إثر هزيمة ألمانيا إبان الحرب العالمية الأولى، واستشعر حاجة هؤلاء إلى الانتقام وإثبات الذات ، بعد أن فرضت عليهم شروطاً سياسية مجحفة عقب هزيمتهم عسكرياً . الأمر الذي يفسر التفاف معظم الألمان حول أفكار ” الفوهرر ” العنصرية المتمحورة حول تفوق العرق الآري ، والمجال الحيوي لألمانيا ، و ” السوبر مان ” الألماني ، والتي أفضت إلى انتخاب حزبه بأغلبية ساحقة وبانتخابات ديمقراطية ليصبح فيما بعد الزعيم الأوحد . وما تكرار المسألة ، بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية وفرض شروط الحلفاء المجحفة عليها بعد تدمير معظم مواردها وقتل الملايين من الشعب الألماني ، وأن بطريقة مغايرة ، سرعان ما أفضت إلى ولادة ألمانيا جديدة وقوية اقتصادياً ، ومن ثم موحدة سياسياً ، وسباقة في غير ميدان علمي وتكنولوجي وفكري ، سوى دليل إضافي على قدرة هذا الشعب على العطاء والعمل انطلاقاً من أقسى الظروف للوصول إلى قمة الهرم العالمي وعلى أكثر من صعيد.

وإذا كنا لا نعتقد بإمكانية استنساخ تجارب المجتمعات الأخرى نظراً للفوارق والخصوصيات التي تتميز بها كل تجربة على حدة وتجعل منها خبرة فريدة في سياقها وحيثياتها ، إلا أن المشترك بين خبرات الألمان واليابانيين والكوريين والعديد من دول أمريكا اللاتينية ، وبين المجتمع العربي لا يقتصر على سريان قانون التحدي والاستجابة بمعناهما الحضاري الواسع فحسب ، بل ويتجاوزه إلى الاستنتاج بان الشعوب تملك من الطاقات والقدرة على العطاء ما يكفي لتجاوز وضعيتها المأزقية ، إن  أحسنت التعرف على مكامن القوة فيها واستطاعت تنظيم طاقاتها وصفوفها لتحقيق مصالحها في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء والقادرين .

اجل ، تتبلور سريعاً ملامح تشكل جيل عربي فاشي التوجه سمته الأساسية التعصب القومي والديني ، وتتوافر اليوم كل مقومات نشوئه في أوساط الشباب . ولا يحتاج المتابع لأحوال بلداننا العربية إلى قدرات تنبؤية خارقة لتوقع هذه الإمكانية . فالعجز عن مواجهة الأعداء بسبب التسلط وتعطيل طاقات البشر ونهب ثروات الدولة والمجتمع وكم الأفواه وتفريغ النفوس من احترامها لذاتها ، يصبح من باب تحصيل حاصل . سواء قدم هؤلاء الأعداء من وراء البحار ، أو استوطنوا أرض فلسطين . إضافة إلى الإحساس بعار الهزيمة وقسوة الخذلان وما يترتب عليها من شعور بالغضب والسخط ، علاوة على الفشل في معركة التنمية بما تعنيه من مشاركة أصحاب المصلحة الحقيقية في التطور وبما تنطوي عليه من سوء توزيع للثروة والسلطة ، فضلاً عن هدر الموارد والفساد وتبديد ثروات الأمة وترحيلها إلى العواصم الكبرى ، إلى جانب انتشار الفقر والحرمان والاستبداد على معظم أرجاء الأرض العربية المترامية الأطراف. هذه الأسباب أو بعضها تكفي من وجهة نظرنا ، لولادة مقدار هائل من السخط والرفض وتتكفل بتغذيته ودفعه إلى حالة الانفجار . وذلك ما لم يواجه بسياسات بعيدة النظر وبإجراءات تحد من معاناة هؤلاء الشباب وتعمل على معالجة المشكلات الحقيقية التي يواجهونا – وباختصار العمل على بناء سياسات تنموية تعطي  الأولوية لتوفير فرص العمل والتعليم لهؤلاء ، وتعيد إليهم الأمل والثقة بأن الغد سيكون أفضل من الحاضر عبر مشاركتهم ومساهمتهم وتوظيف الطاقات الهائلة التي يملكونها.

على ذلك فإن مواجهة التطرف في المنطقة يتطلب تضافر جملة من السياسات الداخلية الهادفة إلى معالجة المشكلات الأساسية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لأكثر الفئات الاجتماعية عوزاً وتهميشاً من طرف، وإلى علاقات دولية أكثر عدالة وإنصافاً في التعاطي مع مشكلات المنطقة تعيد لأهلها ثقتهم بنفسهم واحترامهم لانتمائهم الثقافي والحضاري بدلاً من إعطاء الفرصة لأولئك المتعصبين سواء في الغرب أو الشرق لتأجيج صيغ الصراع الثقافي والحضاري بين الشرق والغرب على أسس دينية تارة وحضارية تارة أخرى. أما على صعيد الهوية والانتماء فإننا نشهد اليوم خطري التغريب “Westernization” والذوبان في الآخر أو التقوقع باسم خصوصية ثقافية مغلقة ومكتفية بذاتها. فمحاولات البعض تبني القيم ونماذج السلوك والعيش على الطريقة الغربية التي تدفع باتجاه المادية والفردية والربح والاستهلاك والكسب السريع بدعوى الانتماء العضوي إلى حضارة العصر، لا تقل خطورة عن دعوات الخصوصية المغلقة بما تعنيه من نزعة ماضوية ونظام عقيدي يسبغ على أتباعه طابعاً مثالياً مقدّساً غير قابل للنقد والتساؤل.

وكي تكون الخصوصية الثقافية المفتوحة والنقدية بديلاً لكلا الخطرين (التغريب، التقوقع)، فلا بد أن نجمع في نفس الوقت بين ضرورة التمسك بكل ما هو عقلاني ومضيء في إرثنا الحضاري، وبين الانفتاح على ثقافة العصر وإنجازاته.

4-   صراع الأجيال:

تشعر أعداد متزايدة من الشباب بوجود فاصل زمني ومساحة من التفكير المختلف بينها وبين الجيل أو الأجيال التي تسبقها. وتؤدي الاختلافات في طرق التفكير والسلوك إلى احتفاظ كل طرف بنظرة مسبقة عن الطرف الآخر غالباً ما تكون  نمطية وتحتوي على العديد من الأحكام الجاهزة والبداهات غير القابلة للنقاش والتغيير. فبينما ينظر الشباب إلى الأجيال الأكبر من أهل ومربين ومسؤولين ومثقفين على أنهم أكثر محافظة وجموداً وتمسكاً بالأعراف والضوابط الاجتماعية، ويأخذون عليهم تسلطهم في التعامل مع الأجيال الجديدة عبر التعليمات التي تتصف بغلبة  الأوامر والنواهي، وانعدام قيم التفاهم والحوار وممارسة الوصاية على الشباب والتدخل في اختياراتهم الشخصية على مستوى المهنة أو الزواج أو التعليم، وربما حتى في اللباس والمظهر…الخ، لا يرى الكبار في الشباب إلا الحماس والاندفاع وقلة الخبرة ويتهمونهم بعدم تحمل المسؤولية واللامبالاة والطيش. وعوضاً عن سعي الطرفين إلى تجاوز الأحكام والنظرة المسبقة عبر آليات النقاش والتفاهم الهادفة إلى تقريب وجهات النظر، والاتفاق على خطوط وأطر عامة مع الحرص على ترك المسائل الخلافية للاختيارات الحرة لكلا الطرفين، والاحتكام إلى الوقائع قبل إصدار أحكام نهائية، يتمسك كل طرف باعتباراته وآرائه ويتعمق الشعور بالاغتراب عند الشباب خصوصاً مع ازدياد عوامل التهميش الأخرى الاقتصادية والسياسية والثقافية، وتطغى سلوكيات ردود الفعل ومحاولات إثبات الذات وانتزاع الاعتراف، على السلوكيات المبنية على القناعة وتحمل مسؤوليات الاختيار وتصحيح الأخطاء وذلك بسبب ضعف الحس النقدي وانقطاع قنوات الحوار.

ولا يقتصر تهميش الشباب على مجرد إحساسهم بأنهم مهملون ومتروكين لشأنهم، إذ أن المؤشرات التي تدلل على انخفاض فرصهم بالمقارنة مع فرص الجيل الأكبر، واضحة من خلال تفحص ما نسميه العلوم الاجتماعية بفرض الحراك الجيلي “Generation Mobility” على الصعد السياسية والمهنية.(12) فمن الناحية المهنية يلاحظ وجود قيم تربط الحراك الإداري والمهني بمعايير تتصل بالأقدمية والعلاقات الشخصية، أكثر من ارتباطها بالكفاءة والإنجاز الفردي، لهذا من النادر أن نجد الفئات الشباب في مواقع القرار رغم أن تحصيلهم العلمي قد يكون أعلى من تحصيل رؤسائهم في العمل. وهذا ما يخلق الشعور بالغبن ويحرم المجتمع من طاقات جديدة وقادرة على العطاء. وهذا ما ينطبق على الصعيد السياسي أيضاً سواء داخل الأحزاب والمشاركة على الصعيد الحكومي أو داخل هيئات المجتمع المدني كالنقابات والجمعيات والتي تشترك في غالبيتها في حصر إدارتها وقياداتها بكبار السن لدرجة أن بعضهم لم يبارح كرسيه منذ جلوسه عليه قبل عشرات السنين!. والسؤال الذي يصعب تأجيله في هذا المجال: أيهما أفضل للطرفين وللمجتمع ككل، ترك مظاهر الصراع ونتائجه السلبية دون حلول، أم التفكير في طرق وأساليب للتخفيف من حدة الصراع بين الأجيال من خلال الاعتراف بالمواقف والآراء الإيجابية عند كلا الطرفين وتنشيط آليات الحوار على قاعدة الاعتراف المتبادل بحق الاختلاف للوصول إلى حلول مشتركة في المسائل الخلافية؟.

رابعاً – خاتمـــة:

يبيّن التحليل السابق أن صراع القيم والمرجعيات الثقافية على صعيد المجتمع العربي غير محسوم بشكل نهائي بعد، وإن ترجيح القيم الثقافية التي تعزز سلطة العقل والإبداع وتمكّن الشباب من ممارسة حرية الاختيار والتعبير وتحمّل المسؤولية، والتي ستبقى ناقصة ما لم تتعزز بتوفير فرص المشاركة السياسية بالرأي والممارسة من خلال فتح سبل الحوار بين الآباء والأبناء الطلبة والأساتذة وأجيال المدراء والمسؤولين الأقدم مع الأجيال الجديدة. فبمقدار ما تعترف الثقافة والقيم التربوية السائدة بخصوصية المرحلة الشبابية وتتفهم أوضاع الشباب ومشكلاتهم وأحلامهم، بمقدار ما يتم ترسيخ قيم ثقافية تغييريه توازن بشكل إيجابي بين ما يريده المجتمع من الشباب وما يريده الشباب لأنفسهم.

لقد آن الأوان لنعترف، كأهل ومربين، أن الحياة تتغير باتجاهات قد لا نرغبها دائماً. وأن الشباب يميلون إلى التأثر السريع بما يحيط بهم من متغيرات محلية وعالمية عبر التقليد والمحاكاة رغبةً في مجاراة الجديد والتميز بالمظهر واللباس وأنماط السلوك.

وبما أن إنكار المشكلات أو التقليل من تأثيرها لا يعني زوالها أو معالجتها، فإن العبرة في كيفية تناولها قبل أن تتحول إلى حالات مستعصية وبؤر للتعصب والعنف أو دوافع للانحراف السلوكي وتعاطي المخدرات كعلاج وهمي لحالات اليأس والإحباط وانعدام الأمل.

بالمقابل لا بد من التأكيد على العديد من القيم والعلاقات الإيجابية التي تتمتع بها الأسرة العربية، وما توفره لأبنائها من أشكال الرعاية والإشباع العاطفي، وما ينجم عنها من حماية للشباب من مظاهر العزلة والوحدة التي يعانيها العديد من أبناء المجتمعات الغربية المعاصرة. ويكفي إلقاء نظرة على أرقام انتشار مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) في مختلف مناطق العالم للتأكد بأن المنطقة العربية من أقل مناطق العالم إصابة بهذا المرض، والفضل في ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى مجموعة القيم العربية والإسلامية التي ينشأ عليها شبابنا منذ نعومة أظفارهم مروراً بالمؤسسات التعليمية والتثقيفية المختلفة التي تساهم في عملية التنشئة الاجتماعية مثل المدرسة والجامعة ووسائل الإعلام المختلفة، والتي أصبحت مطالبة اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بتطوير مناهجها وبرامجها كي تستطيع المنافسة والقيام بالأدوار والوظائف المناطة بها في عالم مفتوح على كافة الخيارات والتأثيرات بسلبياتها وإيجابياتها. يريد المجتمع العربي من الشباب أن يكونوا سند الأمة وثروتها، ويعلّق عليهم الآمال العريضة سواء على مستوى الأهل و الأسرة أو على مستوى الوطن، نظراً لما يملكونه من إمكانات وطاقات.ويتمنى الجميع على أبنائهم أن يكونوا على مستوى هذه الآمال، ويكملون ما بدأه ذووهم أو ينجزون ما لم يستطع الأهل إنجازه في الحياة. ومن أجل ذلك يقومون بإحاطة أبنائهم بالرعاية والمحبة ويحاولون أن يوفروا لهم كل ظروف وأسباب النجاح. لكنهم وبسبب المبالغة في الرعاية والاهتمام يفرضون وصايتهم وآراءهم، ويحاولون تطبيق خبراتهم الحياتية على أبنائهم دون الانتباه إلى تغيير الزمان والظروف التي مكنتهم من إنتاج تلك المعارف والخبرات والتي قد لا تتناسب مع ظروف وزمان الأبناء بفعل عوامل التغير الاقتصادية والاجتماعية والحضارية المتسارعة. ولعل الإفراط في الحب والخوف على الأبناء والحرص على تجنيبهم معاناة ذويهم، أن يكون حاجزاً يحول بينهم وبين الانخراط في التجارب ومعايشة الحياة عن كثب بما يمكّن شخصياتهم من النمو والتكامل الطبيعيين، ويفضي إلى نتائج معاكسة للمطلوب. ولهذا يعتقد العديد من علماء الاجتماع والتربية إن إتاحة الفرصة للشباب لعيش تجاربهم وتكوين خبراتهم لا يتطلب سوى تمكن هؤلاء من تحصيل المعارف والعلوم الضرورية والتعلم من أخطائهم واختياراتهم المعبرة عن وعيهم، أما النصائح واتباع أساليب الوعظ والحماية، فإنها على الأغلب لا توصل إلى الغايات المرجوة. بالمقابل يريد الشباب من المجتمع أن يعترف بخصوصية سنهم ويوفر لهم إمكانيات التعبير عن أفكارهم ومعتقداتهم دون خوف أو مواربة، ويطلب الشباب من الأهل الكف عن التدخل الوصائي في شؤونهم، ومنحهم فرصة المشاركة في تقرير ما يخص حياتهم الشخصية ومستقبلهم التعليمي والمهني وفقاً لميولهم وتأهيلهم واستعداداتهم الخاصة. فهل من سبيل للوصول إلى المطالب المحقة لدى الطرفين؟.

الخاتمة

بعد قيام ثورة 25 يناير العظيمة وثورة 30 يونيو لا زال الصراع قائما بين أجيال مختلفة فكريا وأيدلوجيا . فيرى البعض أن من حق الشباب أن يقود أو أن يتقدم الصفوف خلال الفترة القادمة لأنه صاحب الفضل في قيام الثورة وضحى ولا يزال يضحى بأغلى ما يملك ولأنه يملك القدرة والفكر والتكنولوجيات الحديثة.

ويرى فريق آخر أن الشباب ليس لديه الخبرة الكافية لإدارة هذه المرحلة وان هذه الفترة تحتاج إلى أصحاب الخبرات والكفاءات ؟ ومن يتعمق في مضمون الفكرتين سيجد تقاربا شديدا بينهما.

فالشباب لم يطالب أبدا أن يستحوذ على كل شيء وإنما يطالب بان يتولى القيادة من يقدر أن يقدم فكرا وعلما ومجهودا لحل المشكلات المتراكمة والتعامل بفكر مستنير بعيدا عن البيروقراطية المتبعة منذ عقود عده وان تتاح الفرصة للشباب للتقدم إلى الأمام وتولى المناصب القيادية.

الشباب يضع آمالا وطموحات عديدة على الرئيس القادم لمصر سواء على المستوى السياسي أو على المستوى الاقتصادي أو على المستوى الاجتماعي ….. فأبدا لن يتنازل عن أهم مبادئ ثورة 25 يناير و30 يونيو وهو ” العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ” والمقصود بالعيش هنا ليس الخبز بقدر ما هو القدرة على توفيره أو إيجاد مصدر الرزق المناسب لكل شاب لكي يقدر أن يوفر لقمة العيش الكريمة . والمقصود بالحرية هنا ليست الحرية المفرطة التي نراها اليوم في الشارع وعدم الالتزام بقوانين الدولة ومؤسساتها وحرق أقسام الشرطة وسيارات الشرطة التي هي في الأصل ملك لهذا الشعب فهي أداة تستخدم للحفاظ على امن المواطن بالدرجة الأولى. اذا يريد المجتمع من الشباب ، وما الذي يريده الشباب لأنفسهم . ثم ما هي درجات ومظاهر الانسجام أو التناقض بين الطرفين ، وكيف يمكن تجاوزها كبوابة للعبور صوب المستقبل ؟ . تشكّل الأسئلة السابقة الهاجس الرئيسي للعلوم الاجتماعية والسوسيولوجيا منها على نحو خاص.

إذ لم يعد من الممكن أو المستساغ تجاهل هذه الشريحة الاجتماعية التي تعد بالملايين سواء فيما يتعلق بالمشكلات والقضايا التي تعانيها وتواجهها ، أو ما يتصل بتطلعاتها وآمالها الواسعة صوب حياة أفضل .

وحيث أن التعرف العلمي والمنظم على الواقع الاجتماعي وتشخيص ظواهره هو المقدمة التي لا غنى عنها لفهمه وتفسيره ومواجهة ما يفرضه من استحقاقات واستجابات آنية أو بعيدة المدى ، فإن هذه المسألة لا تكتمل دون العودة إلى أصحاب الشأن ، أي الشباب أنفسهم لسماع آرائهم بكافة القضايا التي تعنيهم وإعطائهم الفرصة للتعبير عن هواجسهم وتساؤلاتهم مع أخذ اقتراحاتهم من خلال استطلاعات الرأي أو المقابلات المباشرة والحوار .

في طرق العيش وأساليب التفكير والاهتمامات الجديدة وما ينجم عنها من تغيرات في السلوك والوعي دون أية أقنعة أو رتوشات تجميلية ، أي الانطلاق مما هو عليه الحال فعلاً باتجاه الأهداف التي يصوغها المجتمع لأبناءه لتحقيق مصالح الجميع .

يعيش الشباب في العالم العربي مجموعة من التحولات في طرق العيش وأساليب التفكير وأنماط السلوك يمكن توصيفها بأنها مرحلة انتقالية تنطوي على تداخل التقليدي والحديث سواء على صعيد العلاقات الاجتماعية أو الثقافة و القيم السائدة. فالتداخل بين المحلي والعالمي بفعل التأثير المتعاظم لثورة الاتصالات والمعلومات قد انعكس على مختلف الشرائح الاجتماعية، إلا أن الشباب وبحكم خصائصهم وتطلعاتهم وتأهيلهم العلمي كانوا أكثر تأثراً بهذه التحولات وما نجم عنها من تأثيرات سلبية أو إيجابية على السواء. وحيث أن الشباب يشكلون قطاعاً واسعاً من السكان في العالم العربي، إذ تبلغ نسبتهم 20.5% من إجمالي المجتمع فإن هذه البنية الديمغرافية النشطة والخصبة هي ما يميز المجتمع العربي ويضفي أهمية إضافية على قطاع الشباب في بلداننا. وقد أشارت الإحصاءات إلى أن عدد الشباب العربي قد بلغ عام 2000 حوالي 58 مليون شاب من أصل 300 مليون نسمة. علماً بأن تقديرات أخرى تشير إلى أن الشباب يشكّلون حوالي ثلث السكان في العالم العربي. ونظراً لاختلاف وتعدد وجهات النظر الاجتماعية والقانونية في تعريف مفهوم الشباب وتحديد السن والشخصية الشبابية من حيث النضوج والمسؤولية الاجتماعية والقانونية، فإننا سنعتمد تعريف الأمم المتحدة المتفق عليه الذي حدد الشباب بالفئة العمرية التي تتراوح بين 15 و 24 عاماً

دراسة: هموم الشباب المصري من بعد ثورتين – الدكتور عادل عامر

اترك تعليقاً