صهيونيات

أكاذيب نتنياهو وإستحالة التعايش مع (اسرائيل) ومصيرها الى الزوال

 

د. غازي حسين

قامت اسرائيل بالاكاذيب والمجازر الجماعية والحروب العدوانية ونشر القتل والخراب والدمار والاغتيالات والنكبة والهولوكوست والاعتداءات المستمرة على فلسطين وسورية ولبنان مما جعل من المستحيل القبول والاعتراف بها والتعايش معها.

 

ويدور الصراع في القدس منذ تأسيسها بين روايتين: الأولى: رواية فلسطينية عربية إسلامية وعالمية تعتبر القدس مدينة عربية إسلامية محتلة أسسها العرب قبل ظهور اليهودية والمسيحية والإسلام، وحررها رجال الصحابة من الغزاة الرومان. وهي مدينة الإسراء والمعراج وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وعاصمة فلسطين الابدية انطلاقاً من الحقوق التاريخية  للشعب الفلسطيني في القانون الدولي والقرارات الدولية.

وهي جزء لا يتجزأ من الأراضي التي احتلها العدو الصهيوني في حربي عام 1948 وعام 1967 العدوانيتين.

والرواية الأخرى رواية صهيونية استعمارية عنصرية إرهابية عملت على ترسيخ الخرافات والأكاذيب والأطماع التي رسّخها كتبة التوراة والتلمود ودهاقنة الاستعمار الأوروبي والمؤسسون الصهاينة والمسيحية الصهيونية والادارات الامريكية ووافقت عليها الممالك والإمارات التي أقامتها بريطانيا وتحميها الإمبريالية الأمريكية وترضى عنها الصهيونية العالمية وعلى رأسها المملكة السعودية.

استخدمت إسرائيل والعصابات اليهودية الإرهابية المسلحة القوة العسكرية واحتلت الشطر الغربي من المدينة العربية في 15 أيار عام 1948. ونقلت إسرائيل في كانون الأول عام 1949م عاصمتها من مستعمرة تل الربيع (تل أبيب) للقدس؛ واحتلت الشطر الشرقي من المدينة العربية، والتي كانت جزءاً لا يتجزأ من المملكة الأردنية والعاصمة الثانية لها في حرب حزيران العدوانية عام 1967.

وضمته في الشهر نفسه 26 و27 حزيران إلى بلدية القدس المحتلة. وقررت الكنيست في عام 1980م ضمها وبأنها عاصمة إسرائيل الموحدة والأبدية ونقل العدو حتى وزارة الداخلية إلى القدس الشرقية، كمقدمة لجعلها عاصمة للعالم تحقيقاً لخرافة معركة «هيرمجدون» وظهور المسيح، وإقامة مملكة داوود وحكم العالم ألف سنة وعلى رأسها ملك من نسل داوود.

وانطلاقاً من هذه الخرافة اليهودية الاستعمارية الحقيرة يعتبر نتنياهو الحليف الجديد لبعض أمراء آل سعود وثاني ونهيان  إن المدينة العربية الإسلامية أراض محررة وليست محتلة خلافاً لمبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعتبرها أراض محتلة يجب الانسحاب منها وإزالة جميع التغييرات الإدارية والديمغرافية والجغرافية التي قامت بها إسرائيل (الدولة المحتلة).

لذلك تعتبر الحكومات الإسرائيلية تبريراً لأيديولوجيتهم ومخططاتهم في الاستعمار الاستيطاني والعنصرية والفاشية والارهاب أن الاستيطان والاستمرار والتوسع فيه شأن إسرائيلي كالتوسع في تل أبيب ولا علاقة للفلسطينيين والمجتمع الدولي به.

ويدور الصراع بين الروايتين: الرواية القانونية والشرعية والتي تدعمها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية والتي تعتمد على الحق التاريخي للعرب من مسيحيين ومسلمين كافة والرواية الإسرائيلية التي تدعمها اليهودية العالمية والدول الاستعمارية والمسيحية الصهيونية وتحالفها مع اليمين السياسي الأمريكي الذي ظهر بجلاء في عهود الرئيس رونالد ريغان، والرئيس بوش الابن، وادارة ترامب اليهودية وأتباعهم من بعض الأمراء والملوك في الخليج.

وانطلاقاً من الوضع الخطير جداً الذي تعيشه المدينة العربية حالياً والذي بدأ بتوقيع اتفاقات الإذعان في كمب ديفيد وأوسلو ووادي عربة والمفاوضات المدمرة التي أجرتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينيةوقرار ترامب باعتباارها كلها عاصمة لدولة الاحتلال

يمضي نتنياهو في تبرير الاستعمار الاستيطاني اليهودي والتوسع الإسرائيلي وتهويد الأغوار ويقول:

«والأسوأ من هذا إنهم يقولون لنا: إن الرغبة في أن يكون عرض دولتنا 65 كم بدلاً من 15 كم تعتبر دليلاً على أن الشعب اليهودي شعب عدواني وتوسعي».

أنا أقول، وأؤكد للكذاب نتنياهو أن الشعب الإسرائيلي شعب عدواني واستعماري وعنصري وإرهابي، بل إنه الشعب الوحيد في العالم الذي يؤمن حتى اليوم باستخدام القوة والحروب والإبادة الجماعية ويتنكر لمبادئ القانون الدولي والقرارات الدولية لترحيل الشعب الفلسطيني من وطنه. وهو الذي أنجح الاستعمار الاستيطاني ودمر القرى والمدن الفلسطينية وأقام على أنقاضها المستعمرات اليهودية، وعليه أن يحزم حقائبه ويعود الى اوروبا لكي تسود العدالة والسلام والاستقرار والازدهار في بلدان الشرق الأوسط جميعها.

كانت فلسطين بما فيها القدس خالية تماماً من اليهود. وبدأوا يهاجرون إليها من أوروبة الشرقية.وتصاعدت هجرة اليهود إلى فلسطين عندما استلم هتلر الحكم في ألمانيا عام 1932م والتعاون الرسمي بين الصهيونية والمانيا النازية لتلاقي الهدفين الصهيوني والنازي بتنظيف ألمانيا وأوروبة من اليهود وتهجيرهم إلى فلسطين وإقامة اسرائيل فيها .

ويتناول نتنياهو في كتابه «الأيديولوجيا والسياسات» كيفية نجاح اليهود في إقامة دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية بفضل مجموعة عوامل منها:

1 ــــ تأسيس الحركة الصهيونية.

2 ـــ الدعم الذي تلقته هذه الحركة من قبل الدول العظمى «الاستعمارية لخدمة مصالحها، وللتخلص من اليهود».

3 ــــ عدم وجود شعب آخر يقيم في فلسطين (ترديداً للمقولة الصهيونية الكاذبة وهي أن فلسطين وطن بلا شعب لشعب بلا وطن وإنكاراً للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني).

وهناك عاملان أساسيان ساعدا في إقامتها وهما: أولاً ـــ ارتكاب العصابات اليهودية الإرهابية المسلحة، وهي الهاغاناه وشتيرن والأرغون 74 مجزرة جماعية شبيهةبمجزرة دير ياسين الوحشية، وشن الجيش الإسرائيلي حرب عام 1948م العدوانية. وثانياً: استغلال الهولوكوست النازي.

وأكد نتنياهو أن هرتسل سار منذ البداية في إقامة التحالفات مع الدول العظمى بقيام اليهود في خدمة مصالحها الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية ولتدمير الحكومات والدول التي لا تروق للدول الاستعمارية بالأموال والإعلام والجنس والتجسس وتحقيقاً لتقرير كامبل واتفاقية سايكس ـــ بيكو ووعد بلفور الاستعماري وقرار التقسيم غير الشرعي.

حصلت الصهيونية على تأييد الدول الأوروبية لسببين: الأول: التخلص من اليهود وشرورهم ومكائدهم وجشعهم على حساب حقوق الشعب الفلسطيني. والثاني: تسخير الصهيونية واليهود وإسرائيل (فيما بعد) في خدمة مصالح الدول الاستعمارية في البلدان العربية والإسلامية  وعرقلة تطورها ومنع تحقيق الوحدة العربية ومشاركة السعودية حروبها لقتل العرب والمسلمينوماربة الشيوعية والاتحاد السوفييتي ليحقيق الاستراتيجية الامريكية.

وتطرق نتنياهو إلى حملة نابليون على مصر ومحاصرته إلى عكا وفشله باحتلالها، ورفض حاكمها أحمد باشا الجزار دعوة نابليون له بالاستسلام. وقرر الجزار التمسك بخيار المقاومة. فوجه نابليون نداءً إلى يهود آسيا وإفريقيا يحثهم فيه على الانخراط في خدمته كجواسيس وعملاء لأنه جاء لإقامة إسرائيل في القدس. وتحدث عما أسماه نتنياهو «الصهيونية المسيحية» التي اندمج أتباعها في الحركة الصهيونية.

وهي تؤمن بتهجير اليهود إلى فلسطين وترحيل العرب منها، وإقامة إسرائيل في فلسطين التاريخية ودعم حروبها العدوانية ومصادرة الاراضي الفلسطينية والسورية وتهويدها، وظهور المسيح وحكم العالم ألف سنة من القدس.

ويعترف نتنياهو أنه عندما حرَّر رجال الصحابة العرب فلسطين من الغزاة الرومان «كانت البلاد خالية تقريباً من اليهود» وأسهب في طرح الرواية الصهيونية الكاذبة ووصف العرب بالمحتلين وبالمستوطنين.

وتابع أكاذيبه في تزوير التاريخ والحقائق والتناقضات الواردة في كتابه لترسيخ معلومات مغلوطة، وحقيرة في نفوس وعقليات اليهود والرأي العام الغربي ومحمد بن سلمان وابن زايد حيث يقول: «لقد طبق الاستعمار العربي المسلح عن طريق مصادرة الأراضي والبيوت والقوى العاملة. ونجحت هذه السياسة في تحقيق ما لم تنجح فيه من قبل أي دولة عظمى في البلاد (فلسطين)؛ إن اليهود لم يسلبوا العرب أرضهم، إنما العرب هم الذين سلبوا أرض اليهود».وهذا الزعم الكاذب يدل دلالة واضحة على أن اليهود اساتذة كبار في فن الكذب.

وحاول نتنياهو قلب الحقائق والوقائع وتبرير الاستعمار الاستيطاني اليهودي للأراضي والممتلكات الفلسطينية، واتهام الفلسطينيين بأنهم هم الذين سلبوا اليهود أرضهم ويقول ان فلسطين أرض يهودية محررة، وليست محتلة، لذلك لا يجوز السماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم، واستعادة أرضهم وممتلكاتهم تطبيقاً لمبادئ القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني وقرارات الأمم المتحدة ومنها قرار العودة والتعويض رقم 194 وأسوة بالتعامل الدولي. فالتسوية التي يريدها نتنياهو هي التسوية المستحيلة لتصفية قضية فلسطين بتطبيق الحل الصهيوني لها وإنهاء الصراع العربي الصهيوني وإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد وبمساعدة آل سعود وآل ثاني ونهيان والسيسي.

فما هي مصلحة فلسطين والشعب الفلسطيني وبقية الشعوب العربية والإسلامية في إقامة آل سعود التحالف الجديد والشراكة الأمنية مع نتنياهو والموافقة على صفقة القرن؟

ان الشعب الاسرائيلي شعب استعماري و عنصري و ارهابي غريب عن فلسطين العربية  جاء من وراء البحار بدعم من بريطانيا و ألمانيا النازية و الولايات المتحدة الأمريكية و باستغلال معزوفتي اللاسامية و الهولوكوست.

لا يمكن القبول بإسرائيل، والاعتراف بها والتعايش معها مهما طال الزمن، والذين يراهنون على ذلك إنما يراهنون  على الرهان الخاسر المُحَتَّم، والأكيد ومصيرهم الى مزبلة التاريخ ومصيرها الى الزوال كمصير النازية في المانيا والابارتايد في جنوب افريقيا.