وقفة عز

أمريكا منذ سنة تواصل اختطاف واحتجاز مؤلفاتي- نضال حمد

على هامش ما يجري من هبة جماهيرية في أمريكا تذكرت

على هامش ما يجري من هبة جماهيرية في أمريكا تذكرت أن هذه الأمريكا منذ سنة تواصل اختطاف واحتجاز مؤلفاتي، كتبي المنشورة وهي: (سأصبح نجماً) و (خيمة غزة) و ( شهرزاد إن حكت ) و ( في حضرة الحنين).

لغاية يومنا هذا لم يعترفوا بأنهم قرصنوا الطرد البريدي الذي قمت بارساله بداية شهر حزيران من العام الفائت 2019 الى صديق لي، يعلم الأطفال الأمريكان من أصل عربي وفلسطيني تاريخ وثقافة ولغة بلادهم العربية.

اليوم وأنا اشاهد جموع الشباب الأمريكي الغاضب على العنصرية في بلدهم، تذكرت عنصرية وهمجية النظام الرأسمالي الامبريالي المتصهين في الولايات المتحدة. العنصري تسري في دماء النظام المافيوي والكاوبويي الأمريكي منذ إبادة الهنود الحمر الى احتلال العراق وأفغانستان وأجزاء من سوريا، وصولا الى تهديد وحصار ايران وفنزويلا وقبلهما كوبا .. ولا أريد الحديث عن شبه الجزيرة العربية لأنها منذ سايكس وبيكو مستعمرة أمريكية – بريطانية.. وهذا تدل عليه كتب التاريخ والحاضر فمنذ نشأتها الحديثة ومع ولادة مملكة آل سعود وأخواتها تحول تلك المنطقة الى محميات بريطانية وأمريكية، وها هي الآن تنسج وتقيم العلاقات والتحالفات مع العدو الصهيوني والدولة الصهيونية.

وأنا أشاهد أحداث الغضب في ربيع أمريكا إن صح التعبير تذكرت عنصريتهم ضد بعضهم البعض، عنصريتهم ضد الهنود والسود واللاتينيين والمسلمين والآسيويين الصينيين وغيرهم، وضد العرب .. كما كانوا سابقاً عنصريين ضد اليهود، هذا قبل أن تسيطر الحركات اليهودية الصهيونية والشركات الرأسمالية الكبرى على زمام الأمور هناك.

تذكرت أيضا عنصريتهم و وحشيتهم خلال حرب توحيد أمريكا أو حرب الشمال والجنوب التي حصدت ملايين الضحايا.. وحربهم ضد المكسيك وكوبا ودول أمريكا اللاتينية ثم كوريا وفيتنام وافغانستان ومحاربتهم للزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر ومشروعه العربي القومي الوحدووي، وصولا الى العدوان على لبنان و ليبيا وايران واليمن ثم احتلال العراق وأجزاء من سوريا وتعزيز ودعم الحركات الارهابية الاسلامية مثل داعش وغيرها.

اليوم أيضا تذكرت أنني في مثل هذه الأيام من مطلع شهر حزيران – يونيو 2019 قمت بارسال طرد بريدي يحتوي على ما اذكر 10 نسخ من بعض كتبي المنشورة ومؤلفاتي وهي: (سأصبح نجماً) و ( خيمة غزة) و ( شهرزاد أن حكت ) و( في حضرة الحنين). يعني في الفاتح من هذا الشهر كان يجب علي أن أحيي الذكرى السنوية الأولى لاختطاف واعتقال الأمن الأمريكي لكتبي ومؤلفاتي.

تبين بعد المراجعة أن الطرد وصل من مدينة كراكوف البولندية الى العنوان المرسل عليه في احدى المدن الأمريكية… وصل بعد عشرة أيام من ارساله أي في العاشر أو الحادي عشر من حزيران يونيو 2019. هكذا ابلغتني موظفة البريد البولندي في كراكوف. لكن الأمريكان بدورهم لم يعترفوا بوجود الطرد وعلى ما يبدو أنهم لن يعترفوا.

أعرف أن الطرد وما فيه لن يعودوا وأن البريد سوف يبقى يتلاعب بالقضية.. لكن هذا لم يعد مهما بالنسبة لي لأن الكتب تمت مصادرتها منذ عام…ولأن الأمريكان وضعوا يدهم عليها كما يضعون أيديهم على كل الأموال المودعة في بنوكهم. على كل حال فإنه بات من المؤكد أن الطرد البريدي لم يضع بين بلدان العالم وولايات أمريكا لكنه اعتقل وتم احتجازه والتكتم عليه.

لماذا؟

لأن سلطات أمريكا واحة الديمقراطية والسلام والحرية، وراعية المفاوضات السلمية الاستسلامية بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية ومنظمتها التي منذ ربع قرن ماعادت للتحرير، بل تحولت مع قيادتها الفاسدة المفسدة الى أداة للاستسلام والتمرير والتطبيع والتنسيق والتواصل مع الجميع باستثناء شعب فلسطين. فأمريكا عدو لشعبنا ولقضيتنا ولأمتنا كانت ولازالت وستبقى على المدى المنظور. إلا إذا تحولت هبة الشباب هذه الأيام الى ثورة وأسقطت نظام المافيا الترامبوي.

تذكرت اليوم أيضا مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت حيث كانت جدتي رحمها الله تسهر علي وأنا مصاب بجروح وأرقد هناك في بيروت، خريف سنة 1982 وبداية سنة 1983، بعد مجزرة صبرا وشاتيلا.

كانت رحمها الله كلما سمعتني أردد أبيات من قصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش مثل:

” يتوسط الرؤساء عند أمريكا كي تفرج عن مياه الشرب” …
أو
” امريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا” …
كانت تقول لي :

يا ” ستي ” الله يلعن أبو أمريكا على أبو ( إسرائيل) ..

تقدم لي كوب الحليب وتقول باسمة بغضب:

اشرب … اشرب يا ستي ..

كنت أنظر في عينيها فأرى فلسطين وبيتها في الجليل وبيادر القمح وحقول التبغ والتين والزيتون والعنب جنوب الجنوب اللبناني وشمال الشمال في فلسطين المحتلة…

كنت أرى أن القضية ستبقى ولن تنته بخروج المقاومة الفلسطينية من بيروت ولا بمجزرة صبرا وشاتيلا ..

ولأجل جدتي فاطمة وأمي وردة وكل أمهات شعبنا وأمتنا كتبت ولازلت أكتب… ولن نسمح لأمريكا باختطاف عقولنا وثقافتنا … فإن استطاعت اختطاف كتبنا ومؤلفاتنا فهي ستبقى عاجزة عن اختطاف ثقافتنا المقاومة وروحنا القومية وانسانيتنا الأممية.

نضال حمد في 3-06-2020