الأخبارالأرشيف

استشهد سبأ عبيد على الحاجز – محمود فنون

خلال صلاة الجمعة اليوم (امس) (12-5)، أطلق  جنود الاحتلال الرصاص الحي على الشاب سبأ، خلال مواجهات في قرية النبي صالح شمال رام الله، ليصيبوه في منطقة القلب، ومن ثم نُقل إلى مستشفى بمدينة سلفيت، …حيث إن الإصابة قاتلة.”

“وقبل 24 ساعة من إصابته واستشهاده قال لأحد أصدقائه إنه يدعو الله أن ينال الشهادة.”

“ويقول أحد أصدقاء الشهيد، إن سبأ كان الأكثر حرصًا على مقارعة جنود الاحتلال، وإنه كان مقدامًا، ويحب وطنه كثيرًا، وكان خلال الأيام الماضية يكثر من الحديث عن الشهادة في سبيل الله، ليفوز بها، وحَزنّا على فراقه إلا أننا فرحون بفوزه بالشهادة”
وأنا كذلك حزنت على فراقه .

 إن استشهاده وبهذه الصورة وهذا الوقت كان نتاج هذه المرحلة المعقدة والهابطة ، هذه المرحلة التعيسة والرجعية  والمصبوغة بالإرتداد عن المسار الوطني التحرري  والإنتقال إلى التنسيق الأمني بدلا من مقاتلة العدو..

فهذه المرحلة  تصاعد نضال المعتقلين الى درجة الخطورة واستعدادهم للتضحية بحياتهم وباصرار منقطع النظير  في حالة متناقضة مع الوضعية الفلسطينية التي وصفناها أعلاه ووضعية الحالة العربية الرجعية والمأزومة والتي تتعرض فيها الأمة العربية لعدوانات متصلة من قوى الأعداء الإمبريالية والرجعية  وخدم الأمبريالية المحليين والدوليين.

هنا ، في هذه المحطة ، خرج سبلأ فلسطين ممتشقا حجره وهاجم العدو  بثبات وتصميم ، فسقط شهيدا .

هو ايضا كان يجمل كل نتاجات تناقضات الحالة الفلسطينية والعربية .

فهو كما قال أصدقاؤه كان يتمنى الشهادة  ويضيفون  بانهم : فرحون بفوزه بالشهادة”

ولكن الأعداء كانوا فرحين  وحفا لأنهم اردوا سبأ دون ان يدفعوا  أي ثمن ودون ان يؤذيهم بجرأته وتصميمه وجبروته .

فقط عرض نفسه لرصاصهم القاتل .

العدو جاهز للقتل ، فما ان يتعرض لهم الفلسطيني بإيماءة أو بحجر عن بعد أو بمشية لا تعجبهم حتى يطلقوا عليه حممهم القاتلة .

إن من يتمنى الموت من الشباب يجده عند العدو بسهولة .

ولكن لماذا يتمنى الموت ؟ يقول بعضهم بأن هذا ورد في القرآن ” فتمنوا الموت إن كنتم صادقين” ، لأن الموت برصاص العدو هو شهادة وبعدها الجنة وما فيها من نعيم …، فلم لا تختصر الحياة بموت مستعجل فتصبح شهيدا في جوار ربك ؟؟؟!!!

إنها حالة العجز والضبابية وسوء التدبير وغياب فكرة القيادة والتوجيه كلها إلى درجة العدم !!

لماذا يدفع الفلسطيني حياته بطريقة لا تؤذي العدو ولا تسبب له إرباك ؟

بلإضافة إلى النوازع الدينية المشوشة والمغلوطة التي تثقف بحقائق ومعاني الشهادة التي ينالها المقاتل ضد العدو وهو يقاتل ويؤذي العدو وهو يقتل العدو ويتمنى موت العدو بدلا من أن يتمنى الموت لنفسه فيأخذ قراره بتعريض نفسه لنيران العدو القاتلة.
ولكن هذا ليس كل شيء .

في انتفاضة الأقصى قال لي واحد برتبة عميد “إن حلحلة الوضع تتطلب خمسة آلاف شهيد وحتى الآن بلغ عدد الشهداء حوالي مئتين فقط ..”هكذا قال ابو عمار أمامه!!

إنها إذن العفوية والتربية الخاطئة وغياب القيادة والتوجيه بطريقة مجدية وإبداعية  تجعل التضحية ليس هي الهدف بل التضحية هي استعداد ومن الممكن ان تكون نتيجة.
يجب تدقيق السلوك واستخلاص العبر من أجل تقليص الخسائر والتضحيات  وليس الدفع لزيادتها .

إن أبراج العدو ونقاط المراقبة ليست الأماكن المناسبة للإشتباك مع العدو بحجر  حتى ولو كان تعبيرا عن التضامن مع إضراب المعتقلين .

إن الحجر ليس وسيلة اشتباك مع نقاط الحراسة المحصنة. والشعب الفلسطيني له تجربة عريقة في استخدام الحجر مع الدوريات العابرة  ومع جنود مكشوفين .وكما قال عادل سمارة  :”التضامن مع الأسرى لا يجب ان يرتكز على التضامن السلبي بالأغاني والتصريحات  والمنفخة  ولا على الإستشهاد دون إيذاء العدو”

قال سبأ بأنه يريد أن يجعل استشهاده  مثيرا لحالة واسعة من الحراك الشعبي!

كانت هناك جنازة كبيرة تليق بالشهيد  وكان هناك خطب وخطباء  ..

إن المعتقلين يخوضون تجربتهم البطولية بتعريض انفسهم للمخاطر الجسيمة .وتجربتهم هي نضال مباشر ضد العدو الغاصب وهي محملة بالمطالب والإحتجاجات .

وحالة التضامن مع المعتقلين  تكون  بالنضال المباشر مع العدو ، بالإشتباك بكل وسائل الإشتباك .

النضال ضد العد بطرائق ليدفع ثمن وجوده الغاصب على ارض وطننا  .

والإشتباك هو الحل وليس قرع الطناجر ولا البكاء والخطب خلف جنازة الشهيد .

فلتسقط القيادات العاجزة والقيادات المتعفنة وقيادات التنسيق الأمن ودفع الناس للموت من أجل الحوريات أو من أجل تحريك عملية التفاوض .