الأرشيفعربي وعالمي

الاحتلال يبطش بالمصلين في الأقصى، ردًا على عمليات الانتفاضة

يستمر الاحتلال في استهداف المسجد الأقصى، ويكرس الاقتحامات خلال العشر الأخير من شهر رمضان أمرًا واقعًا، لتأكيد سيطرته بإدارة المسجد. وأمام قدرة الانتفاضة على الانبعاث في مواجهة الاحتلال، وفشل إجراءات الأخير القمعية، رد الاحتلال على قتل مجندة بعد العملية المزدوجة في باب العمود، عبر الاعتداء على المصلين والمعتكفين في الأقصى، ما أدى لسقوط عشرات الإصابات في صفوف المصلين وحراس الأقصى. وأمام تنفاقم الخلافات العربية يتراجع بشكلٍ كبير الاهتمام بقضية القدس، الأمر الذي يسمح للاحتلال بالمضي قدمًا في خططه التهويدية.

التهويد الديني والثقافي والعمراني:

صعّد الاحتلال من استهدافه للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك، ففي 14/6 اقتحم الأقصى 30 مستوطنًا، وفي 15/6 اقتحمه 38 مستوطنًا، وفرضت سلطات الاحتلال إجراءات مشددة على الحواجز الفاصلة بين القدس ومدن الضفة الغربية المحتلة، ومنعت الآلاف من التوجه للصلاة في الأقصى، وخصوصًا من الشباب، حيث منعت الرجال دون سن الأربعين من دخول القدس، ولم تسمح إلا لـ 100 فلسطيني أن يتوجه من قطاع غزة إلى القدس.

لم يُرد الاحتلال أن تمر العشر الأخير من شهر رمضان بهدوء، في 18/6 اقتحم 300 من قوات الاحتلال الخاصة المسجد الأقصى، وتمركزوا على أبواب المسجد القبلي والساحات المقابلة له، وحاصر عناصر وجنود الاحتلال المصلين الصائمين داخل المسجد ومنعتهم من الخروج، بعد إغلاق أبواب المسجد بالسلاسل الحديدية، وقامت بتكسير النوافذ الجصية، ملقيةً باتجاه المصلين قنابل الغاز المسيلة للدموع وغاز الفلفل والرصاص المطاطي، واعتدت على المصلين بالضرب المبرح، ما أدى إلى إصابة 30 مصليًا بإصابات مختلفة، ثلاثة من بينهم أصيبوا بحروقٍ خطرة في الوجه.

وقد وصف مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني بأن هذه الاعتداءات كان الاحتلال يعدّ لها مسبقًا، وتأتي في سياق انتقام الاحتلال لعمليات الانتفاضة الأخيرة التي جرت في منطقة باب العمود، بالإضافة لإرهاب المسلمين ومنعهم من التوجه إلى المسجد الأقصى. وقد لاقت هذه الاعتداءات استنكارًا فلسطينيًا كبيرًا، في ما حمّلت الأردن الاحتلال مسؤولية ما يحدث في الأقصى، محملةً إياه مسؤولية سلامة المسجد ورواده.

التهويد الديمغرافي:

شاركت وزيرة القضاء في حكومة الاحتلال إيليت شاكيد في 18/6، في مظاهرةٍ لمستوطنين من سكان مستوطنة “بيت إيل” أمام مبنى الحكومة، احتجاجًا على عدم التزام رئيس وزراء الاحتلال بوعوده لبناء 300 وحدة استيطانية داخل المستوطنة، وقالت شاكيد وهي من حزب “البيت اليهودي”، أنه حان الوقت لكي يفي نتنياهو بوعده، لقد مر وقت طويل على وعوده بالبناء.

أمام الاستهداف الدائم للمسجد الأقصى، وما يرافقه من إجراءات في البلدة القديمة، تتابع أذرع الاحتلال العمل على دعم وتوسيع الاستيطان، وآخر هذه العمليات مشروع توسعة جامعة مستوطنة “أريئيل”، وبحسب صحيفة “هآرتس” سيتم توسعة الجامعة للضعف خلال خمس سنوات القادمة، من خلال إضافة نحو 12 مبنًى جديد، وإضافة كلية للطب بدعمٍ من المليونير الأميركي “شيلدون أديلسون”. الذي سيؤدي لزيادة عدد طلاب الجامعة البالغين 11 ألف طالب، وتقدّر تكاليف توسعة الجامعة بنحو 113 مليون دولار أميركي، سيتم جمعها من الحكومة ورسوم التعليم إضافة إلى التبرعات.

قضايا:

استطاعت انتفاضة الدقدس الاستمرار على الرغم من إجراءات الاحتلال القمعية، وشهد يوم الجمعة في 16/6 عملية مزدوجة، أدت لإصابة 6 إسرائيليين وأُعلن لاحقًا عن مقتل مجنّدة كانت بحالة حرجة. وقام بتنفيذ العملية ثلاثة شبان هم براء إبراهيم صالح عطا (18 عامًا)، وعادل حسن عنكوش (18 عامًا)، وأسامة أحمد عطا (19 عامًا)، وقال شهود عيان بأن قوات الاحتلال أطلقت النار بكثافة قبيل موعد الإفطار في منطقة باب العمود بالقدس المحلتة، قبل أن تعلن عن وقوع عملية نفذها الشبان الثلاثة. وظهر بيان يدعي بأن “داعش” يقف خلف العملية، وهو ما أرجعته أطراف فلسطينية بأنها محاولة من الاحتلال لتشويه الانتفاضة، ولصق تهمة الإرهاب بها، وقد نعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الشهداء معلنةً بأن اثنين من المنفذين ينتمون إليها، وأعلنت حركة حماس بأن الشهيد الثالث ينتمي لصفوفها.

وفي إطار رد فعل الاحتلال على العملية، ألغت سلطات الاحتلال “تصاريح العائلة” والتس تسمح لحامليها بدخول الأراضي المحتلة خلال عيد الفطر، بالإضافة لفرض تدابير أمنية جديدة في القدس المحتلة ومنطق باب العمود، وأعلن نتنياهو عن دراسة إمكانية تحويل منطقة باب العمود لمنطقة أمنية.

التفاعل مع القدس:

أعلن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، عن إدانته لقرار الحكومة الإسرائيلية بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية. وقال جونسون بأن “المستوطنات غير قانونية، وتضر بفرص السلام”. وأدانت فرنسا قرارات الحكومة الإسرائيلية ببناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية في عدد من مستوطنات الضفة الغربية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إنه في الوقت الذي يتطلب فيه دفع “عملية السلام” بذل الجهود من الجميع، تأتي هذه القرارات غير القانونية في نظر القانون الدولي لترسل رسالة سلبية تضر بآفاق التوصل “لسلام عادل ودائم”.

قالت مؤسسة “أوروبيون من أجل القدس” على لسان مديرها محمد حنون، بأن ما تتعرض له المدينه المحتلة من استهداف مباشر بالاقتحام والتدنيس والاعتداء على المصلين بغطاء من الشرطة الإسرائيلية وبالتواطؤ معها، يشكل سابقة خطيرة تنذر بالأسوأ وتهدد الاستقرار في المنطقه بأسرها. وناشد الحنون الدول العربية والإسلاميه للارتقاء لمستوى الحدث والتعامل الفوري بما يليق مع ما يجري من جرائم، واستغرب صمت الشعوب العربية والاسلامية تجاه ما يجري بحق المقدسات ودعاهم للتحرك من أجل الحفاظ على مدينة القدس بما فيها من مقدسات إسلامية ومسيحيّة.

\

موقع عين على القدس – مدينة القدس