وقفة عز

الحل: يستثنى الفلسطيني من القرار – نضال حمد

هل القرار اللبناني بالنسبة للعمالة الفلسطينية هو قرار لبناني؟

قرار كل اللبنانيين؟

قرار الشعب والناس؟

لا أعتقد ذلك فهو قرار لطالما حرص أصدقاء وكلاء الكيان الصهيوني في المنطقة وفي لبنان على ترجمته فعلا على أرض الواقع. على ما يبدو تماشياً مع صفقة القرن و عملية تصفية القضية الفلسطينية، التي لا يمكن أن ترى النور دونما القضاء على وجود اللاجئين ومخمياتهم في لبنان أولاً. لأن المخيمات هي أصل الحكاية وهي مستودع المقاومة واحتياطها الاستراتيجي، وخزانها الذي لا ينضب أبداً.

لو كان هؤلاء يريدون الخير للبنان ولفلسطين لعملوا بنصيحة وزير العمل اللبناني السابق طراد حمادة الذي قال : بإمكان وزير العمل اللبناني ميشيل أبي سليمان وقف التظاهرات والاحتجاجات في المخيمات بأربع كلمات وهي ( يستثنى الفلسطيني من القرار).

اذا استثنينا الذين تعاملوا في وقت سابق واثناء الحرب الأهلية في لبنان مع الكيان الصهيوني، وهم معروفين لكل الناس. واذا أستثنينا أيضا التيار الوطني الحر وزعيمه جبران باسيل الذي لا يخفي عداؤه لاعطاء الفلسطينيين أية حقوق في لبنان، حتى أنه يزايد علينا في موضوع حق العودة ورفض التجنيس والتوطين، وكأننا نلهث وراء ذلك.
فموقف الوزير جبران لم يتغير بالنسبة للفلسطينيين في لبنان فمنذ أيامه الأولى في السياسة، وقبل أن يصبح وزيرا، وبعد أن أصبح وزيرا حرص على ترديد نفس معزوفاته في هذا الشأن.
باستثناء هؤلاء فإن بقية اللبنانيين على الأقل ظاهريا مع استثناء الفلسطيني من القانون. أما محور المقاومة في لبنان فهو الأوضح في هذا الشأن، لأنه علانية مع استثناء الفلسطينيين من القانون وحفظ كرامتهم وحياتهم ولقمة عيشهم. فها هي مدينة صيدا القلعة العربية اللبنانية المقاومة، قلعة معروف ومصطفى سعد ونزيه قبرصلي ومئات الشهداء، استجابت اليوم الثلاثاء 30-7-2019 لنداء المناضل العروبي أسامة سعد، أمين عام التنظيم الشعبي الناصري، عضو البرلمان اللبناني، ولنداءات قوى وشخصيات صيداوية عروبية أخرى، وخرجت في أول تظاهرة تشهدها مدينة لبنانية ضد قرار وزير العمل اللبناني ومع حقوق العمال والموظفين الفلسطينيين. مما يجعلنا نشعر بالتفائل بامكانية انتقالها الى مدن وبلدات لبنانية أخرى.

ليعلم أصحاب القانون انه سيرتد عليهم، وانهم لن يستطيعوا تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه سابقاً بالمجازر والحروب والإرهاب… لن يستطيعوا تحقيقه ببساطة أو بشخطة قلم و بقرار من وزير عمل يمثل سياسة القوات اللبنانية وقوى اقليمية ودولية تريد تصفية القضية الفلسطينية. فسياسة التفرقة العنصرية والعداء لحقوق الفلسطينيين ليست سياسة كل لبنان، وبالذات جمهور لبنان العربي، الذي قدم كل شيء ولازال يقدمه لأجل فلسطين منذ النكبة ومجزرة حولا سنة 1948 وحتى يومنا هذا. فاليوم صيدا التي رددت مع أهل المخيمات: يا مخيمات ما يهزك ريح ومن تعب فليستريح. وغداً صور وبيروت وطرابلس وبعلبك والنبطية وغيرها من مدن لبنان المقاومة.

أحد قادة التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل، لا يخفي أيضا رفضه لاعطاء الفلسطينيين أية حقوق مدنية واجتماعية، حجته نفس حجة تياره السياسي. للأسف كثيرون هم تلاميذ مدرسة الفاشي بشير الجميل، فلا تنخدعوا بهم لأن عداء هؤلاء للفلسطينيين في لبنان قديم ومتجدد، واضح وعلني وبلا مواربة، وبدون أقنعة وبحجج طائفية مقيتة. فمن استمع لمقابلة الشخص المذكور رداً على تصريحات رئيس بلدية صيدا السيد السعودي، سيعرف كم هم هؤلاء الناس بلا رحمة، وبلا قيّم انسانية واخلاقية وحتى دينية، فكلامه الكاذب والمخادع والمرهب والمهول والمخوف خير دليل على ما نقول.

رب ضارة نافعة ..

جاء قرار الوزير اللبناني كالصاعقة على مسامع الفلسطينيين في مخيمات لبنان. فكانت ردة الفعل تلقائية، ناتجة عن سنوات طويلة من الظلم والقهر والتعامل العنصري. وعن إرادة لدى أهل المخيمات قررت أن تتوحد ولا تقهر. فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيض العدى. ففاجأت الانتفاضة الفلسطينية في المخيمات كل الناس بما فيهم الفلسطينيون أنفسهم. لأن واقع حال المخيمات لم يكن مبشراً ولا دل على وحدة حال فلسطينية لا شعبية ولا فصائلية. إذ كانت المخيمات غارقة في مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية والسياسية والأمنية. بالاضافة للحصار الشديد على بعضها منذ سنوات طويلة، الحصار الخانق الذي توج ببناء الجدار العازل في مخيم عين الحلوة، والذي اعتبره أهل المخيم جدارا من العار، مثله مثل جدار الفصل الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة.

على مر سنوات طويلة حرص عدد كبير من السياسيين والأمنيين اللبنانييين، وكذلك وسائل الاعلام على تصوير المخيمات، وبالذات أكبرها مخيم عين الحلوة، عاصمة المخيمات في لبنان، وكأنها بؤراً تجمعت فيها كل جماعات التكفير والارهاب العالمي. ولا يغب عن بال الناس في عين الحلوة بالذات، المشهد اليومي للتفتيش والتدقيق والتضييق عليهم على الحواجز المنتشرة حول المخيم. كما هو الحال في مخيمات الجنوب بالذات، وعلى كافة مداخلها سواء للمركبات أو للأفراد.

على الفلسطينيين في لبنان التقاط اللحظة المصيرية التي لن تتكرر قريباً والانتقال الى رفع شعار المطالبة بكافة حقوقهم المدنية والاجتماعية. وليس فقط الاكتفاء بالتظاهر ضد قانون الوزير أبو سليمان، لأن هذا القانون يمكن لأي وزير عمل جديد تغييره واستبداله حسب ما يراه هو وحده مناسباً. مما يعني أن حقوق الفلسطينيين في لبنان مرهونة بمزاج الوزير وتوجهاته السياسية والحزبية، وتحالفاته الاقليمية والدولية.

لفت الانتباء في نشاطات وحراك مخيم عين الحلوة، مشاركة عدد من الكتاب والشعراء والأدباء، والكاتبات والشاعرات والاديبات الفلسطينيات، من سهرة النورس، ومن مخيمات وتجمعات الفلسطينيين في لبنان. هذا فأل خير لأن الحركة الثقافية والفنية الفلسطينية، التي تستمد موروثها الثقافي من وحي الشهيد الحيّ، ابن مخيم عين الحلوة، الفنان الكبير والخالد ناجي العلي، مطالبة بالمزيد والمزيد من التحركات ودعم الشارع المنتفض، الذي طالما نحن أهل الثقافة طالبناه بالتحرك لتغيير واقع الحال. لتكن هذه البداية المبشرة محفزاً للآخرين من الكتاب والفنانين والمثقفين، للانتظام في الحراك من أجل مستقبل أفضل وحياة كريمة، ولأجل حقوق مدنية واجتماعية لأهلنا في المخيمات، على طريق العودة والتحرير، طريق اللاجئين العائدين لا محالة الى فلسطين المحررة.

نضال حمد 31-7-2019

الحل: يستثنى الفلسطيني من القرار …