الأرشيفوقفة عز

الحوار المتحضر سنة أولى عطاء

نضال حمد

الحوار المتمدن-العدد: 331 – 2002 / 12 / 8 

في الحقيقة كان تعرفي على موقع الحوار المتمدن أو المتحضر بمحض الصدفة, فقد وددت في إحدى المرات أن أكتب اسمي في مجال البحث على موقع أمين الفلسطيني, حيث كنت أكتب مقالاتي بشكل يومي تقريبا إلى أن توقفت عن ذلك في شهر المجازر والانتفاضة أيلول سبتمبر الأسود أو الحزين أو الدموي أو اللعين أو القومي وحتى الأممي, وذلك لأسباب شخصية. ثم أتبعت كتابة الاسم بنقرة فوق كبسة الأنتر, وهكذا ظهر كل شيء يتعلق باسمي أي بي على صفحات المواقع الإلكترونية المنوعة. ومن ضمن المواقع تلك كان موقع الحوار المتحضر الذي كان بدوره قد أعاد نشر بعض مقالاتي ومنها ” ناجي العلي و المقام العالي” نقلا عن يومية السفير البيروتية, ومقال آخر ” الصهيونية شكل من أشكال العنصرية” نقلا عن الميديل أيست أون لاين الصادر من لندن. هكذا كان لقائي بالموقع المتعدد والمتشعب المجالات, فهو موقع يعتبر نفسه مصدرا لليسار واليساريين وهذا واضح من حلال الكثير من المشاركات التي تدل على أن لأصحابها أفكار واتجاهات يسارية. كما أن الموقع حاول أن يكون منبرا للعلمانية والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني في ظل عالم القطب الواحد والهيمنة الأمريكية على كل ما يوجد على سطح المعمورة من البشر حتى النفط والحجر.

واستطاع الموقع أن يحقق نجاحا كبيرا في استقطاب أقلام كثيرة من كل صوب وحدب, ولقد اصبح موقع الحوار المتحضر ملاذا للأقلام الهاربة من مقص الرقيب والمفتش السلطوي الذي يلاحقها ويمنعها من نشر أفكارها وآراءها كما تريد. لكنه أيضا ارتكب مخالفات عديد جعلت البعض يعاني منه ويعتبره غير متحرر تماما من ارث الرقابة والرقيب والمفتش ولجان التفتيش. وقد حدث عدة مرات أن الموقع رفض نشر مقالات  معينة وقدم اعتذاره بدون تفصيل لسبب الرفض. مثل هذه الأمور تفسد على أصحاب الموقع والقائمين عليه مشروعهم وتبعد البعض عنهم وهذا البعض يأخذ موقف من الموقع, والموقف المذكور غالبا ما يكون سلبيا ولائما وحتى حادا. لذا نأمل من المسئولين عن الموقع التقيد بحرية الرأي والنشر والمحافظة على إعطاء المجال الأوسع والأكبر للكتاب من أجل إبداء آراءهم بشكل حر وبدون تدخل أحد أو شطب أي كلمات أو تعابير أو جمل يرى فيها الناشر ضررا ما.

أن رحلة سنة كاملة من الموقع الجميل ليست بالعمل السهل ولا بالسفرة المريحة في عالم منوع ومتجدد ومتعدد, إنها عملية شاقة تتطلب إبداء الإعجاب وتوجيه التحية الجادة لكل من يسهر على إنجاح مثل هذه المواقع. وأتمنى على الأخوة في الحوار المتحضر أن يلتزموا الحضارة والاستنارة في تقويمهم للأعمال التي تأتيهم وأن يفتحوا أبواب الموقع ويبقوها مشرعة لكل أصحاب الرأي الحر الذي يحترم العقل ولا يتعدى أو يعتدي على القيم والأخلاق والكرامة الشخصية والمقدسات.

شخصيا نشرت في الموقع عشرات المشاركات بين أدبية وسياسية وصحفية وكلني أمل أن أكون ويكون معي أيضا أصحاب الموقع سعداء بالمشاركة تلك. أتمنى للموقع مواصلة المسيرة بشكل لائق كما هو وبأساليب جديدة أيضا تضيف له تنوعا جديدا ومواضيع كذلك جديدة.

إلى الأمام من أجل مستقبل أفضل للحرية الإنسانية وللتعبير عن الرأي في زمن الهيمنة الأمريكية والصهيونية على عالمنا الشرقي, حيث تتم معاملتنا كالعبيد في زمن الحريات المقدسة والعولمة المتربصة, حيث مناجل ماكينات الحداثة والهيمنة بالانتظار على المدار من أجل قص الرقاب وقطع الألسنة التي تعارضها. لنسير معا نحو الحرية الحقيقية لكل من ولدتهم  أمهاتهم أحرارا..