الأخبارالأرشيف

الصفقة عالقة منذ قرن…فلا تَبِع أنت! – عادل سمارة


(1)

لا يجدر بنا أن نتلقى إذن ومجال التفكير من العدو، حتى لو تم تغييب مفكرينا الحقيقيين. تسمية صفقة القرن لا تعبر عن الحقيقة. صفقة القرن بدأت منذ قرن على الأقل مع كيانات سايكس-بيكو التي يربطها حبل سُرِّي بإيلاج وحماية الكيان الصهيوني في فلسطين. هذا يعني أن كافة الكيانات التابعة جوهريا صهيونية باستثناء الأقطار التي حاوت قيادات عروبية فيها إنجاز الوحدة والتنمية والحداثة وكان لا بد من تدميرها.

قبل قرن لم يكن لنا مع إيران مشكلة بل كنا جميعا تحت الاستعمار، بمستويات ودرجات وأنواع. من حينها كان على آل سعود وأل رشيد/الهاشميين، مقابل تنصيبهم حكاماً أن يتصدروا تصفية الأمة العربية، فبغير تلك التصفية حتى لو بالإبادة كما حاولت داعش، لن يكون هناك من ضامن لبقاء الكيان ومصالح الغرب الراسمالي (الاستعمار ثم الإمبريالي ثم العولمي). كل هذه كانت تمهيدات على مدى قرن لتصفية الأمة العربية، ومن تمظهراتها عدوان 1967، ولاحقا اتفاقات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة واليوم جيىء بحكام الخليج لاستكمال الصفقة بعد قرن من عمرها.

واللافت هنا ما يلي:

أولاً: كيانات الخليج ليست تحت أي ضغط لكي نقول خوفا على عروشها قررت الخنوع ومن ثم الحرب على فلسطين. هذا إذا كان لدول الطوق باستثناء سوريا ونصف لبنان ما يبرر الخيانة بالاعتراف بالكيان.

وثانياً: وطالما الخلايجة الحاكمون لا مشكلة  ولا حدودا لهم مع الكيان، وإذا صح الخطر الإيراني ضدهم، فما مبرر حربهم على فلسطين؟ هؤلاء يستوردون معظم ما يستورده محيط النظام الرأسمالي العالمي من السلاح، ويشترون مرتزقة من مختلف بقاع الأرض ويجندون مخموري الدين السياسي من كل ماخور، وتحميهم امريكا وجميع أعداؤنا الغربيين، فهل هم بحاجة للكيان؟

وثالثاً: إذا كانوا يريدون إنقاذ العرب من توسع إيران، فهم يقوِّضون بقايا البنية العروبية باتجاه صهينة الأمة باسرها، اي يقتلون أمة بحجة إنقاذها.

بكلام ختامي: ما يحصل الآن هو مواصلة مشروع تصفية الأمة العربية لصالح الكيان والغرب، واستخدام إيران كحجة. وفي حالة تمكنوا من تمديد الكيان على أوسع رقعة ممكنة من الوطن العربي، سيكون بوسعهم  إما ضرب إيران أو التوصل لصفقة ما معها،  وحينها بالطبع قد تكون إيران قد ذهبت شرقا، ويلي ذلك قيام الأمريكي والصهيوني بوضع هؤلاء على خوازيق أو تحت سنابك الخيل كما فعل المغول بآخر وغد حكم بغداد.

لذا، على من يقف ضد “صفقة القرن” أن يعلم بأنها لم تبدأ مع ترامب/و وبأن الحكام العرب المشاركين في تلك الصفقة واللبراليين وقوى الدين السياسي والكمبرادور والمابعد حداثيين هم مطايا نهاية تنفيذها.

ويكون السؤال: من هو الخائن الفلسطيني الذي سيقول: لقد وضعت توقيعي لأن “العرب” باعونا. وهو يعلم ان من باع هم الحكام، وبأن بيع النفس هو الخيانة وليس بيع الآخرين لك. فارق بل فالق بين أن يُباع العبد قسراً وبين أن يستمرىء البيع فيبيع نفسه. الشعب لن يبيع، فليحفظ كل عميل دم عنقه.

(2)

الوسطية …أو وضع الوجه على القفا  

الموقف الوسطي رياء جوهره سلبي وإنتقائي ومساوم وإن بدا محايداً مما يجعل المراهنة عليه مجازفة تودي غالباً إلى الغرق أو تَلَقي طعنة في الظهر. وتكون الوسطية مشدودة دائماً نحو الأقوى وإن كان سيئاً، حيث تحلم إما برضاه أو بلوغ مقامه.
والقوي يحتاجها طبعاً كمساحة تبريد بينه وبين نقيضه. هذا من ناحية طبقية هو حال الطبقة الوسطى (الإسم الجديد للبرجوازية الصغيرة بعد “توسيعها”). لذا كلما ضعفت هذه الطبقة، كلما ازداد قلق فريق الانبهار  بما يسمى الاستقرار الاجتماعي والتوازن الاقتصادي…الخ.
ولا يختلف حال الأنظمة السياسية التي تتخذ طريقاً وسطياً عن الطبقات الوسطية او حتى الأحزاب الوسطية.
في حالة الأنظمة، فإنها تجد نفسها في نهاية النهايات أمام تحدي التموضع في أحد المعسكرين.

لدينا حالتان عربيتان هما:

حالة الإمارات العربية/البريطانية المتحدة، وهذا مخلوق بريطاني حيث عاشت فترة ما يسمونها محبي الأنظمة العربية ب “العقلانية” لكي تنتقل إلى حالة معادية للأمة العربية بشكل صهيوني لا سابق له. وهذا يعني أن خالقها قرر لها دورها الذي كان يجهزها له. وهكذا كان.

وحالة سلطنة عُمان، وهي مخلوق على نفس شاكلة الإمارات. والتي تحاول في فترة ربيع السبع العجاف اتخاذ موقف وسطي/محايد. ويبدو أن أعداء العروبة وخاصة السعودية تغض الطرف عن عُمان، وبالطبع بتوجيه امريكي.

لكن مؤخراً حصلت حادثة ستنال من “كرامة” السلطان العماني وكسر أنفه، وقد تفتح على فواتير كثيرة عليه تسديدهأ.

شاهد واستمع للفيديو المرفق حيث يهاجم شيخ من الهند السعودية بمدفع جهنم.

والشيخ كما يبدو لم ينتبه أنه في عُمان. وقد يكون أداة لفتح النار على عُمان.

حصلت معي واقعة مشابهة مع بداية ربيع السبع العجاف. كان راديو صلالة يسألني عن اقتصاد الأرض المحتلة بين حين وآخر. وحينما بدأ ربيع السبع العجاف، اتصل بي المذيع وقال لي، سوف نسألك عن موقف السلطنة المحايد من الأحداث؟ قلت له: يا أخي أنا حفاظاً على رأسك ووظيفتك أقول لك بأنني لا أؤمن بنظام السلطنة، وإن قلت رايي علانية فإن الدوائر سوف تدور عليك. دعك من هذا. وكما يقول المثل “هذا يوم وهذا بداله/بديله”.

..\..\Desktop\video-1529592881.mp4

(3)

ليسوا رجالاً…. ولستن ماجدات

النقد مهماز المقاومة، وإن لم يكن حادًّا وجارحا وحامضاً، لن يكون نقداً. من يذكر جميلة بو عزة، او جميلة بوحيرد، بل من يذكر ثورة الجزائر، ومن يذكر كل الجزائر اليوم، بل من يذكر جثة الوطن العربي باتساعها! فقط بعض الجزائريين يذكرون وطنهم ومناضلاتهم ومناضليهم بحزن . فجزائر اليوم تطمس جزائر النصر، لأن جزائر الكمبرادور أوهن من أن تصر على اعتذار فرنسي! كدت يوم امس اتقيىء من جزائر ترتعب من التصحُّر! بعد خمسة عقود على النصر، وتريليونات ريع النفط، تخشى الجزائر الجوع لأنها لا تنتج، وهي بمساحة قارة! من ينسى النصر ينسى جميلة وحميلة وكل الجميلات.

وربما في هذا القطر أو ذاك يذكر البعض هذه أو ذاك، ولكن، فقط من هذا أو ذلك القطر البغيض. فبين الخوف وبين الجهل وبين القطرية وبين التخارج، لا يذكر أحد عن أحد شيئاً.

الإعلام العربي أعجز وأقل من أن يذكر جميلة بوعزة، مشغول اليوم في ما يُدعى “الأمير” هاري. جاء يزور القدس، مبتهج هذا الإعلام بأن هاري لم يوافق على اعتراف أمريكا بأن القدس عاصمة الاغتصاب. فهل يستحق كل هذه الحفاوة؟ تباً للوضاعة. كان يجب أن يُعلن بأنه يدين العرش الدموي لبلاده التي خلقت هذا الكيان.ولكن، من يجرؤ على قول هذا الكلام حتى لهذا الغلام! بينما التطبيع يسري في دماء الحكام وكثير من السوقة والمرتزقة والعوام.

كم مؤسسة انجزة نسوية تذكرت جميلة بو عزة؟ كم دائرة نسوية في جامعات هي “مدارس ثانوية لا أعلى” تذكرت هذه المناضلة؟ وكيف يتذكرن وهن غارقات في أدب مدرسة فرانكفورت، “ومثلية” ميشيل فوكو، وتعميم ثقافة اللبرلية حتى الجديدة.
من هنا، فالنقد مقاومة، انقدوا كل هؤلاء، حتى لو صرخوا، واصلوا ذلك، أخرجوا عن الصف الذليل. فلا شرف سوى شرف المقاومة بكل مستوى.

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=1971587159582345&set=gm.1879939258694745&type=3

● ● ●