وقفة عز

الصهاينة يمنعون د. مادس غلبرت من دخول غزة مدى الحياة – نضال حمد

ليست هي المرة الأولى التي يقوم فيها كيان المجلوبين الصهاينة المحتلين في فلسطين المحتلة بمنع نرويجيين واجانب متضامنين مع فلسطين من دخول فلسطين المحتلة. لكنها المرة الأولى التي يمنع فيها طبيب نرويجي من دخول غزة لمساعدة المرضى والجرحى والمدنيين في مستشفياتها. وقد لا تكون هي الأخيرة بحكم واقع مرير هو ان كيان الاجرام والارهاب الصهيوني فوق المحاسبة وخارج اطار القانون الدولي الهزيل والمنحاز. فكل ما يُطبق على الآخرين لا يُطبق ابدا ولم يُطبق في السابق ولا حالياً على مجرمي الحرب الصهاينة، بل اكثر من ذلك فإن بلدان اوروبية عديدة مثل بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وغيرها غيرت قوانينها كيلا يتمكن القضاء فيها من ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة، هذا بعدما تم رفع دعاوي قضائية ضدهم لارتكابهم جرائم حرب ومجازر ابادة جماعية في فلسطين المحتلة ولبنان، وفي مخيمات اللاجئين الفلسطيين هناك، مثل مجزرة صبرا وشاتيلا سنة 1982 ومجزرة قانا الشهيرة سنة 1996 في مقر القوات الدولية بالبلدة. وهناك مئات المجازر والجرائم التي نفذها الصهاينة وبقي المسؤولون عنها بلا محاسبة. واهمها جرائم الابادة التي ارتكبت في قطاع غزة خلال السنوات السبع الاخيرة. والابشع من هذا وذاك ان رؤوساء وزراء مجرمون وقتلة وارهابيون مثل مناحيم بيغن واسحق رابين وشمعون بيريز نالوا جائزة نوبل للسلام. الجائزة تمنح في اوسلو عاصمة النرويج وتقرها مجموعة من السياسيين النرويجيين. لو كان هؤلاء اصحاب ضمير لكانوا منحوا الجائزة هذا العام للدكتورين النرويجيين مادس غلبرت واريك فوسه على خدماتمها الانسانية والطبية، ولاجل مواقفهما المشرفة في خدمة البشرية ولاجل السلام العالمي، وحق تقرير المصير والحرية للشعوب التي تقبع تحت الاحتلال، وتواجه اعتى اشكال الاستعمار والاستعلاء والفاشية والسادية في عصرنا الحديث، وهذا الاحتلال هو الاحتلال الصهيوني البغيض.

سبق للصهاينة ان شنوا حملة عنيفة على مدير عام وزارة الخارجية النرويجي الاسبق رايمون يوهانسن مطلع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، واتهموه بمعاداة السامية لمجرد انه قال في مؤتمر دوربن في جنوب افريقية ان من حق الشعب الفلسطيني ممارسة الكفاح المسلح ضد الاحتلال وهذا تشرعه القوانين الدولية ومواثيق الأمم المتحدة.  

عقب مجزرة مخيم جنين في حملة السر الواقي منع الاحتلال الصهيوني السيدة غري لارسن ( نائب وزير خارجية النرويج فيما بعد) ورئيسة منظمة الشبيبة النرويجية التابعة لحزب العمل النرويجي أنذاك من دخول فلسطين المحتلة 3 مرات بحجة انها معادية للكيان الصهيوني ومنحازة للفلسطينيين. وسبق لغري لارسن ان اعلنت عزمها رفع دعوى قضائية ضد شارون في المحاكم النرويجية. لكن بعد ان اصبحت غري لارسن في الحكومة اليسارية الحمراء الخضراء تراجعت عن الدعوة وتراجع الصهاينة عن قرار منعها دخول فلسطين المحتلة. انما الأىن وبعدما خرجت من الحكومة والوزارة من يدري فقد يعيدون تجديد قرار منعها.

اثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية منع الكيان الصهيوني مجموعة كبيرة من الناشطين النرويجيين من دخول فلسطين المحتلة،وتمت اعادة قادة نقابات ومؤسسات ولجان تضامن من الحدود والمطارات والمعابر ومنعوا من دخول فلسطين المحتلة.

سنة 2006 طالبت وزيرة المال النرويجية ورئيسة حزب اليسار الاشتراكي آنذاك، السيدة كرستن هلفرشون، الشعب النرويجي بمقاطعة كيان الصهاينة. فشنت عليها حملة شعواء وعنيفة من قبل الصهاينة واصدقاءهم. لكن الوزيرة بقيت على موقفها بالرغم من توضيحها اللاحق بأن ما قالته يمثلها ويمثل حزبها وليس الحكومة النرويجية.

كذلك شن الصهاينة حملة شرسة على رئيس وزراء النرويج الاسبق كوري فيلوخ وهو من أهم الشخصيات العامة والسياسية المحترمة والمحبوبة في النرويج، واتهموه باللاسامية لمجرد انه تجرأ وأدان جرائم الصهاينة وطالب بمحاسبتهم. لكن ختبار النرويج لم يتراجع عن مواقفه بل زاد اصرارا وتمسكا بها.

فعلوا الشيء نفسه مع الكاتب والاديب النرويجي العالمي الشهير، صاحب رواية (عالم صوفه) غوستن غاردر سنة 2006، حين كتب اثناء عدوان تموز 2006 في لبنان مقالته الشهيرة (لم أعد اعترف باسرائيل) .. وهم يفعلون ذلك مع كل من يواحههم ويدينهم في النرويج وغيرها من البلاد.

بدورها المخرجة النرويجية فيبيكي ليكيبريغ مخرجة فيلم (دموع غزة) عقب عدوان 2008-2009 على غزة تعرضت لحملات تشهير شرسة وعنيفة. واتهمت بمعاداة السامية، لكنها لم تتراجع ابدا،ولاقى فيلمها روجا ونجاحا كبيرين في العالم وحصد الكثير من الجوائز محليا وعالميا. كما عرضته التلفزة الرسمية النرويجية عدة مرات. وجدير بالذكر ان ابنة المخرجة كانت في بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية تعرضت لحملة مماثلة على خلفية معرض صور اقامته شبهت فيه الصهيونية بالنازية. يومها ذكرت هذه الشابة الحسناء العالم بالبند المشطوب من مواثيق الأمم المتحدة والذي كان يقول : الصهيونية شكل من اشكال العنصرية.

هناك الكثير من الامثلة التي تستحق الذكر لكننا لن نتمكن هنا من ذكرها كلها. فمثلا كاتب هذه السطور نفسه تعرض لحملات مماثلة من قبل المتصهيين النرويجيين. لكن با جبل ما تهزك ريح.

يوم  14-11-2014 أصدر الكيان الصهيوني قرارا فاشيا جديدا ولكنه من الوزن الثقيل يمنع من خلاله الدكتور النرويجي مادس غلبرت من دخول قطاع غزة مدى الحياة لدواعي أمنية، مما أثار زوبعة سياسية واعلامية في النرويج.  بدوره حزب العمل النرويجي اكبر احزاب البلاد والمعارضة طالب الحكومة باستدعاء السفير الصهيوني في اوسلو لمسائلته حول موضوع غلبرت. اما حزب الوسط المعارض طالب بتدخل وزير الخارجية في الموضوع. فيما المنظمات الانسانية النرويجية ادانت القرار الصهيوني. وطالب مدير مستشفى نرويجي وزير الصحة بالتدخل المباشر في قضية منع د. غلبرت من دخول غزة. في حين أن رايمون يوهانسن مدير عام وزارة الخارجية السابق وأحد أهم قادة حزب العمل دان بشدة قرار الكيان الصهيوني،وهو نفسه كان ذاق طعم الحملة الصهيونية الشرسة عليه نفسه قبل سنوات كما اسلفنا. السفير الصهيوني في النرويج رفائيل شولتس ادعى ان القرار امني ولا علاقة له بمواقف د. غلبرت السياسية. اما مادس غلبرت فقال معقبا انه يستهجن ويستغرب هذا القرار المعادي واعتبره قرارا سياسيا لحجب حقيقة الاحتلال وجرائمه عن العالم الخارجي. وبدوره قال نضال حمد رئيس الجالية الفلسطينية في النرويج أن الجالية اصدرت بيانا ادانت فيه بشدة القرار الصهيوني، واعلنت وقوفها مع د. مادس غلبرت وطالبت الحكومة النرويجية والبرلمان بتحمل مسؤولياتهم السياسية والقانونية والاخلاقية ..

بعد عودته من مستشفى الشفاء في غزة بعد عدوان سنة 2008-2009 هو وزميله د. اريك فوسه وكلاهما من قادة ومؤسسي لجان التضامن مع الشعب الفلسطيني في النرويج، ألفا كتابا بعنوان ( عيون غزة) عن يوميات الحرب في المستشفى ارفقوها بصور الضحايا. ولاقى الكتاب رواجا كبيرا في كل العالم وترجم لعدة لغات منها العربية والانجليزية. ترجمته للعربية الكاتبة المغريبة الصديقة زكية خيرهم وصدر في عمان. ونال الدكتوران غلبرت وفوسه احدى اهم الجوائز الصحفية النرويجية مع انهما ليسا صحافيين، وهي جائزة دار الكلمة الحرة – فريت اور -. وقدما المبلغ المالي الذي منح لهما الى مركز صناعة الاطراف الصناعية في غزة.

منذ ذلك الوقت والصهاينة واعوانهم يشنون حملات تشويه وضغط واسعة وكبيرة على الدكتور مادس غلبرت، لكن دكتورنا الفدائي، الأممي، الذي شارك شعب فلسطين معظم مآسيه وحروبه ومعاركه ضد الصهاينة، من حصار بيروت سنة 1982 الى آخر عدوان صهيوني صيف هذا العام على غزة، لم يستسلم، ولم يتراجع، بل زاد اصرارا وتمسكا بخياره الثوري الانساني.

نضال حمد – اوسلو 15-11-2014

 

 

اترك تعليقاً