الأخبارالأرشيف

المسيحي الصهيوني والعنصري ترامب وإدارته اليهودية – د. غازي حسين

 

عيّن ترامب اليهودي المتطرف ديفيد فريدمان سفيراً أمريكياً في (إسرائيل) ليكون ترامب وسفيره وصهره كوشنير وعائلته وإدارته من أكثر المتحمسين (لإسرائيل) من الرؤساء والإدارات الأمريكية لتهويد القدس وفلسطين والاعتراف بيهودية الدولة وشطب حق عودة اللاجئين الى ديارهم وتصفية قضية فلسطين والتحالف بين (إسرائيل) والسعودية واقامة (إسرائيل) العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الاوسط الكبير.

وزادت هذه الخطوة الكريهة من إثارة الصراع والتوتر في الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة وفي منطقة الشرق الأوسط.وادت الى شرعنة ترامب للاستعمار الاستيطاني اليهودي واعترافه بالقدس عاصمة ل(إسرائيل) وموافقة محمد بن سلمان على صفقة القرن.

ثبت بجلاء أن تعيين الإدارات الأمريكية لليهود المتشددين في مناصب رفيعة من امثال مارتن انديك ودنيس روس والمجنون جون بولتون وهنري كيسنجر لا تخدم عملية التسوية والحل العادل تطبيقاً لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وإنما زادت من تعقيد قضية فلسطين وتدمير بلدان الشرق الأوسط. فازدواجية ولاء يهود الإدارات الأمريكية مع أولوية ولائهم (لإسرائيل) والصهيونية العالمية ومعاداتهم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وللعروبة والإسلام وايمانهم بالتوراة والتلمود  أدى إلى الكوارث والمصائب والويلات والحروب والدمار الذي لحق بالبلدان العربية وقضية فلسطين واستمرار الاحتلال (الإسرائيلي) والنكبة والهولوكوست الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني.

وأمامنا قائمة طويلة من أمثال هؤلاء اليهود المتطرفين حيث احتل هنري كيسنجر رأس القائمة مروراً ببول ولفوفيتس وريتشارد بيرل وصولاً إلى ديفيد فريدمان.

وسلك هؤلاء اليهود سياسات تتعارض بشكل جذري مع سياسة الولايات المتحدة وزادت من العداء لأمريكا وجعلتها أكبر دولة مكروهة في تاريخ الشعوب العربية والإسلامية والأحرار في العالم.

ويؤيد سفير ترامب الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية  المحتلة بما فيها القدس الشرقية التي احتلتها (إسرائيل) من المملكة الهاشمية، في حرب حزيران العدوانية عام 1967، وكانت عاصمتها الثانية بعد عمان.

ويرفض فريدمان حتى حل الدولتين (رؤية الدولتين) الذي أخذه مجرم الحرب بوش من مشروع السفاح شارون للتسوية وضمّنه لخارطة الطريق. ووصل الجنون بسفير ترامب في تل ابيب حداً اتهم فيه الرئيس أوباما بمعاداة السامية وحركة جي ستريت المؤيدة ل(إسرائيل) ولرؤية الدولتين ولتوقيع الاتفاق النووي 5 + 1 مع إيران بأنها أسوأ بكثير من اليهود الذين سلموا إخوانهم اليهود إلى معسكرات الاعتقال النازية.

وأعلن فريدمان بوقاحة تفوق وقاحة ووحشية وهمجية النازيين أنه يتوقع أن يكون مكتبه في القدس وليس في تل أبيب أي يريد أن يمارس عمله من السفارة الأمريكية في القدس التي لا يوجد حتى في القدس الغربية المحتلة عام 1948 ولا سفارة على الإطلاق.

ويتناسى سفير ترامب أن القدس بشطريها المحتلين مدينة عربية إسلامية أسسها العرب قبل ظهور اليهودية والمسيحية والإسلام. وأصبحت مدينة عربية إسلامية ومدينة الإسراء والمعراج وأولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وعاصمة فلسطين والعرب والمسلمين بعد أن حررها رجال الصحابة من الغزاة الرومان.

فهل يخدم تعيين ترامب لهذا السفير التوراتي والتلمودي والصهيوني والاستعماري المهووس بحب(إسرائيل) السلام العادل والهدوء والاستقرار في بلدان الشرق الأوسط؟

ولماذا اختاره ترامب الذي تجسِّد سياساته ومواقفه عدم الاستقرار في الشرق الأوسط والعالم بأسره؟ يعتقد البعض انطلاقاً من تصريحات ترامب التي يرغب فيها التوصل إلى إبرام صفقة القرن كمصلحة ل(إسرائيل) وإنقاذاً ل(إسرائيل) من نفسها وتخليد وجودها بموافقة الرباعية العربية بجمع المفاوضين الفلسطينيين و(الإسرائيليين) وحملهم على توقيع الحل الإسرائيلي الذي صاغه نتنياهو وتبناه ترامب   لتصفية قضية فلسطين والحيلولة دون زوال (إسرائيل) في المستقبل المنظور.

إن سياسة ترامب مؤيدة للعدو (الإسرائيلي) أكثر من الرؤساء الأمريكيين السابقين مهما ارتكبت من حروب عدوانية ومجازر جماعية وسنت قوانين عنصرية وارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين وغيرهم من العرب.

وجاء تعيين صهره اليهودي المتزمت جاريد كوشنير واليهودي جيسون غرينبلات لقيادة المفاوضات الفلسطينية (الإسرائيلية) لتمرير الحل النهائي (الإسرائيلي) لقضية فلسطين وليس التوصل إلى حل عادل وشامل ينطلق من مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

وعين ترامب نائب الرئيس مايك بنس من المسيحيين الصهاينة. وبالتالي تحظى (إسرائيل) بمحبة وتأييد الرئيس الأمريكي ونائبه الذي يؤيد البناء في الكتل الاستيطانية بالقدس والكونغرس الأمريكي وعائلته المتهودة والطاقم الأمريكي اليهودي الذي يفاوض باسم الولايات المتحدة الأمريكية لمصلحة (إسرائيل) وتصفية قضية فلسطين.

وأكد تعيين ديفيد فريدمان كسفير لواشنطون في تل أبيب وهو أول سفير أمريكي يؤيد رسمياً وعلناً الاستيطان وإقامة دولة فصل عنصري من البحر إلى النهر في كل فلسطين.

ودفع فريدمان من جيبه للتعدي على الأراضي الفلسطينية وتهويدها في بيت ايل بالضفة الغربية المحتلة.

ويعني تعيينه التأييد الأمريكي العلني والرسمي للاحتلال (الإسرائيلي) مما دفع الفاشي نتنياهو والشعب (الإسرائيلي) الى المزيد من  توسيع وترسيخ الاستعمار الاستيطاني اليهودي والاحتلال والأبارتايد (الإسرائيلي) أخطر وأوحش أبارتايد على كوكب الأرض.

وعبَّر الكاتب (الإسرائيلي) جدعون ليفي في هآرتس الصادرة بتاريخ 18/12/1916 عن رأيه بالسفير الأمريكي أن فريدمان شخص عنصري يدفع باتجاه إقامة دولة أبارتايد وبرأيه أن من يعمل على أن تكون (إسرائيل) أكثر تطرفاً وعنصرية لا يعمل في صالحها. وهذه بالضبط هي حال السفير الأمريكي في (إسرائيل) ديفيد فريدمان. وقال جدعون ليفي أن فريدمان قام بتمويل مستوطنة بيت أيل في الضفة الغربية التي أقيمت على أراض خاصة مغتصبة بقوة الاحتلال.

وترى حكومة نتنياهو أكثر الحكومات الإسرائيلية فاشية ومعه الشعب (الإسرائيلي) أن فوز ترامب يشكل فرصة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية. وأعلن الوزير نفتالي بينيت أن فكرة إقامة دولة فلسطينية انتهت بعد انتخاب ترامب.

وانطلاقاً من هذه التركيبة الغريبة والعجيبة والتي ستعمل على تعميق وترسيخ نكبة الشعب الفلسطيني طالب ترامب من المفاوض الفلسطيني الفاقد للشرعيتين الدستورية والنضالية الاعتراف ب(إسرائيل) كدولة يهودية لتبرير إقامة الدول في الشرق الأوسط على أسس دينية ولإقامة أكبر غيتو يهودي استعماري وعنصري وإرهابي وعدو لشعوب المنطقة في فلسطين العربية قلب العالمين العربي والإسلامي وشطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم ولتخليد وجود (إسرائيل) بإنقاذها من نفسها والحيلولة دون زوالها فترة طويلة من الزمن.

دعمت الولايات المتحدة الهجرة اليهودية إلى فلسطين وإقامة(إسرائيل) وأيدت واشتركت في حروبها العدوانية وبتقويتها عسكرياً واقتصادياً. ودافعت وتدافع عن الاحتلال الإسرائيلي للقدس وبقية الضفة الغربية داخل الأمم المتحدة وخارجها وشطبت على حق عودة اللاجئين إلى ديارهم. وتعمل إدارة ترامب على ترسيخ النكبة المستمرة وإلحاق المزيد من المآسي والويلات والظلم الفادح بالإنسان الفلسطيني وبقضية فلسطين. وبالتالي فقدت مصداقيتها وصدقيتها وإنسانيتها بالاستمرار بالانحياز الأعمى والهمجي ل(إسرائيل) خلافاً لمبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الامن الدولي وجميع العهود والمواثيق الدولية.

وعلى الرغم من انف امريكا  فمصير (إسرائيل) إلى الزوال كما زالت النازية من ألمانيا والاستعمار الاستيطاني الفرنسي من الجزائر والعنصرية من روديسيا والبرتغال والأبارتايد من جنوب إفريقيا.