صهيونيات

اليهودية الامريكية وشن الحرب بإلاكاذيب على العراق – د. غازي حسين

اخترع اليهودي هاس تسمية «الدول المارقة» وأدخلها في صلب السياسة والاستراتيجية الأميركية القائمة على استخدام القوة والتهديد باستخدامها وإشعال الحروب الاستباقية والاطاحة بالانظمة الوطنية لتحقيق المخططات والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية وتحقيق المخططات الإسرائيلية لتهويد القدس وفلسطين والجولان ولتصفية قضية فلسطين».

حمل اليهودي ولفوويتس نائب وزير الحرب الأميركي الرئيس الأمريكي على تبني نظرية الدول المارقة لخداع الشعب الأميركي والرأي العام الغربي بتصوير أن العدو على الأبواب وفي كل مكان ويهدد «حريتنا وديمقراطيتنا ومستوى حياتنا والحضارة الغربية بأسرها». وذلك لحمل الكونغرس على الموافقة أن الدول المارقة «الشريرة» تشكل خطراً كبيراً على الأمن القومي الأميركي وتحدياً أخلاقياً للحضارة الغربية. وطرحت إدارة بوش سبعة دول وكلها إسلامية وعلى رأسها العراق وسورية وإيران ومهم كوريا الديمقراطية.

إذن يحق للإنسان في العالم أن يستنتج انطلاقاً من الاستراتيجية للأمن الأميركي لماذا أشعلت الولايات المتحدة حرب الخليج الثانية عام 1991 والحرب العدوانية على العراق في عام 2003 والإطاحة بالنظام السياسي القائم فيه وتفتيتها وتدمير سورية(وإحتلال آبار النفط والغاز فيها) وليبيا واليمن وتهويد وضم القدس والجولان ومحاربة حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني ومحاصرة ايران وتشديد العفوبات عليها بإستمرار.

وكانت مجلة التايم الأميركية قد كشفت في 11/3/1991 المخططات الأميركية التي اعتبرت منذ السبعينات من القرن العشرين أن العراق العدو المحتمل في الخليج والمنافس الاستراتيجي الأوحد وتعتبره المقياس العام للإعداد للمواجهة.

تثبت الوثائق أن اليهودية العالمية وإسرائيل ويهود الإدارة الأميركية خططوا منذ عام 1979 رداً على انعقاد قمة بغداد العربية التي دعمها النظام العراقي للتصدي لتعميم كمب ديفيد ومواجهته والعمل على دعم الجبهة الشرقية لتحرير الأراضي العربية بالقوة العسكرية خططوا للإطاحة بالنظام العراقي وتدمير العراق ومنجزاته.

وكشف البروفسور مايكل كلير في بحث نشره في كتاب السياسة الدولية بعنوان: «صناعة الأعداء للتسعينات» ما كانت تخطط إليه وزارة الحرب الأميركية للعراق عام 1990 حيث كتب قبل أن يدخل جندي عراقي واحد إلى الكويت «أن البنتاغون قد استكمل استعداداته في مطلع آذار 1990، ووضع الخطط العملاتية واعتمد المفاهيم الأساسية لعمليتي درع الصحراء وعاصفة الصحراء، وتضمن ذلك انتشار قوات ضخمة في السعودية. وقرر الاعتماد الكلي على القوات الجوية الصاعقة والوحدات المدرعة لتدمير العراق وجيشه».

يستنتج البرفسور كلير في كتاب السياسة الدولية أن حرب الخليج الثانية كانت الاختبار الأول للسلاح الجديد وفاعليته ونظرية الدول المارقة ومركزيتها لمنع خفض القوات المسلحة الأميركية وتزويدها بإحساس جديد هادف لرفع معنوياتها.

وأطلق الجنرال أنتوني زيني في مؤتمر القيادات العسكرية العليا في آذار 2000 على نفسه وعلى كبار ضباط القيادة العسكرية العليا مصطلح بروقنصل الذي كانت تستخدمه الإمبراطورية الرومانية لكي يجسّد ويعبِّر عن مطامح القيادة العسكرية الأميركية في التحول إلى إمبراطورية عظمى على غرار الإمبراطورية الرومانية. وكان هتلر من أكثر المعجبين بها، لذلك أسس الرايخ الألماني الثالث، ويعتبر أن الرئيس ترامب وقادته من العسكريين والسياسيين يسيرون على خطى هتلر والإمبراطورية الرومانية لفرض الهيمنة الأميركية على العالم وأمركته.

وعملت وتعمل الولايات المتحدة على تحويل القيادات العسكرية المنتشرة في جميع أنحاء المعمورة إلى مندوبين ساميين مباشرين أو غير مباشرين كما حدث في العراق وبعض دول الخليج. وهذا ما حصل فعلاً في العراق وتم تعيين الجنرال آفيغادرنر، وسيء الصيت والدكتاتور بريمر، بعد الحرب العدوانية التي قادها الجنرال تومي فرانكس والجنرال أبي زيد وسانشيز نيابة عن القيادات العسكرية والسياسية التي تعمل لخدمة مصالح شركات النفط الأميركية وشركات صناعة الأسلحة والوبيات اليهودية انطلاقاً من الدور الذي يقومون به في عسكرة أميركا وعسكرة العالم لحل أزمات الاقتصاد الأميركي الخانقة على حساب ثروات وحقوق الشعوب في البلدان العربية والإسلامية وفرض الهيمنتين الأميركية والإسرائيلية وإقامة اسرائيل العظمى الاقتصادية منخلال مشروع الشرق الأوسط الكبير.

اعتمدت الولايات المتحدة معايير محددة لتحديد الدول المارقة لخدمة مخططات ومصالح الإمبريالية الأميركية واليهودية العالمية واسرائيل وهي:

أولاً: الدول ذات العداء التاريخي للغرب، أي الدول التي ترفض الاستعمار والصهيونية واسرائيل والتدخل الخارجي في شؤونها الداخلية.

ثانياً: الدول التي تحاول الحصول على الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل وبشكل خاص الدول العربية والإسلامية، لتجريد العرب والمسلمين من أسلحة الدفاع عن النفس وأسلحة الردع كي تحتكر إسرائيل حيازة جميع أسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والبيولوجية والتفوق العسكري التقليدي، لتهويد القدس و لإخضاع الشعوب العربية والإسلامية وغيرها التي تقف في وجه هيمنة اليهودية العالمية، ولإقامة «إسرائيل العظمى الاقتصادية» من النيل إلى الفرات.

ثالثاً: الدول المؤيدة والداعمة لحركات المقاومة وبشكل خاص المقاومة العربية والإسلامية في وجه الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وللجولان ولجنوب لبنان، والمقاومة العراقية في وجه القوات الأميركية.

رابعاً: الدول التي تملك مؤسسات وقوات عسكرية ضخمة وحديثة، ووصف الرئيس بوش العراق وإيران وليبيا وسورية وكوبا وكوريا الشمالية من الدول المارقة.

خامساً: الدول التي لا تحترم قواعد السلوك والسياسات السائدة في المجتمعات الغربية، أي التي ترفض الموافقة على أمركتها والقضاء على هويتها الوطنية والقومية والإسلامية.

أحدث توجه الولايات المتحدة إلى تطبيق الاستراتيجية العسكرية الجديدة ضجة في الأوساط الديمقراطية في أميركا لأن ذلك يعني تحويل جزء كبير من الميزانية إلى البنتاغون بدلاً من معالجة وحل المشاكل الاجتماعية وتحسين مستوى حياة المواطنين، لذلك اعتبرت الأوساط الليبرالية أن تبني الرئيس بوش ومن بعده المتهور والمجنون في حب اليهودية واسرائيل ترامب مواجهة ما أسماه الدول المارقة يعني اصطناع أعداء (ضعفاء) حرصاً على الاموال والجيش الامريكي الذي حوله ترام بالى جيش من المرتزقة.

الإدارات الأميركية لم تأخذ بعين الاعتبار وحشية وحماقة وعدم شرعيةالحروب العدوانية والتدخل الخارجي وإزاحة الأنظمة الوطنية، ولم تتعظ من هزيمتها في كوريا وفيتنام، وذلك لأن يهود الإدارة الامريكية واللوبي اليهودي وإسرائيل غرروا بالولايات المتحدة وزيَّنوا سهولة انتصارها على العراق المحاصر والمدمر لخدمة مخططاتهم وأطماعهم في الأرض والثروات العربية ولإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الاوسط الجديدوتصفية قضية فلسطين وفرض الهيمنتين الامريكية والاسرائيلية على الشرق الاوسط والعالم بأسره.

تمحورت السياسة الأميركية في الخمسينات والستينات من القرن العشرين في الانغماس بالحرب الباردة في محاربة الشيوعية، والمناداة بالقيادة الأميركية «للعالم الحر»، واستغلت دول النفط العربية في الخليج وأموال السعودية وبعض الحركات الإسلامية وجامعة تشرشل في خدمة مخططاتها.

انغمست امريكافي الحلول محل الاستعمارين البريطاني والفرنسي بعد حرب السويس العدوانية وملء الفراغ الذي تضمنه مبدأ ايزنهاور عام 1957.

اختار الحزب الجمهوري طريق شن الحروب لخدمة مصالح الإمبريالية الأميركية وهيمنتها على العالم، ولكن أميركا هزمت في فيتنام إلى أن جاء بوش الأب وأعاد لسياسة الحزب الجمهوري الحربية الاعتبار وورّط العراق في حربه مع إيران وفي احتلال الكويت، واشعل الرئيسان بوش الأب والابن حرب الخليج والحرب العدوانية على العراق.

استغل بوش الأب احتلال صدام للكويت لنهب أموال دول النفط العربية في الخليج ولتدمير الجيش العراقي بذريعة تحرير الكويت وباستغلال الأمم المتحدة والتحالف الدولي لجني الأرباح الهائلة والتي وصلت إلى (60) مليار دولار. وبدأ الجمهوريون القرن الحادي والعشرين بدعم تصعيد إسرائيل للهولوكوست على الشعب الفلسطيني وبإعلان الحرب الصليبية على الإسلام بذريعة الحرب على الإرهاب وبشن الحروب العدوانية على افغانستان و العراق وسورية واليمن وليبيا ، وممارسة أقسى وأبشع أنواع الضغط والتهديد للبنان وإيران والسودان ، للسيطرة على النفط في المنطقة العربية والإسلامية من أجل إقامة الإمبراطورية الأميركية (الرايخ الرابع).

أصبغت اليهودية الامريكية على الحروب الأميركية على العراق غطاء «التحرير والديمقراطية» ورسم خريطة جديدة للمنطقة لتغيير الوطن العربي انطلاقاً من بغداد وكنموذج يحتذى به في التعامل مع الحكومات والدول في المنطقة. وأيد 71% من الشعب الأميركي الحرب العدوانية على العراق تحت أكذوبة «تحرير العراق» وصناعة حكومة عراقية تابعة تبعية كاملة لأميركا والسيطرة على النفط العراقي وإلغاء طابعه العربي الإسلامي وهويته الحضارية وحمله على تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتزويدها بالنفط من خلال أنبوب كركوك ــــ حيفا القديم.

واستغل الرئيس بوش نجاح هيمنة الإدارة الأميركية على الإعلام لحقن الشعب الأميركي بتأييد الحرب وإلحاح إسرائيل للإسراع فيها. ورَفَعَ العراق وإيران وكوريا الشمالية (للتمويه والخداع) من مرتبة الدول المارقة إلى مرتبة دول محور الشر، وأطلق على الملأ أكذوبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل النووية وأن العراق اشترى اليورانيوم من النيجر لصناعة القنبلة الذرية.

إن نظرية الحروب الاستباقية هي المنطلق الذي استخدمه جميع الرؤساء الأميركيين دون أن يعلنوا عنه حتى لا يؤدي الإعلان عنه إلى تعكير العلاقات الدولية وتأزيمها ويخلق سوابق تسبب المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار والحروب في أماكن عديدة في العالم.

ثبت للعالم بأسره عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق وعدم وجود علاقات مع تنظيم القاعدة، وعدم قدرة العراق تهديد الأمن القومي الأميركي، ولكن احتياط النفط الهائل بالعراق وتكاليفه الأرخص في العالم ومخططات إسرائيل كانت العوامل الرئيسية لشن الحرب العدوانية على العراق، لذلك اتهم الجنرال انتوني زيني «الرئيس بوش بشن الحرب من أجل إسرائيل، ونبَّه على أن العرب والمسلمين لا ينظرون إلى أميركا كرافعة لقيام الديمقراطية إنما كغزاة صليبيين جدد، كقوة احتلال لا كقوة تغيير ديمقراطي».