صهيونيات

بدء العدّ العكسي لنتنياهو

الكتاب (الإسرائيليون) يقرأون في مصير ومستقبل رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو في ضوء ملف الفساد الذي يلاحقه. بعضهم يقول إن العدّ العكسي لحياة نتنياهو السياسية بدأ فيما يرى آخرون أن أقصى ما يمكن لنتنياهو فعله هو الاستناد إلى شعور جماعي قائم أنه لا يمكن لأحد ظاهرياً الحلول مكانه في هذه الآونة، ومن دونه لا تسير الأمور.

نتنياهو سيلعب على الوقت على أمل بأن المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبلت، سيفتت توصيات الشرطة ويُبقيه على الكرسي

رأت صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مساء أمس الثلاثاء بدأ العد العكسي لحياته السياسية، مع صدور توصيات الشرطة بمحاكمته على تلقّيه رشوة، مشيرةً إلى ما قاله نتنياهو في أعقاب هذه التوصيات من أنه لن ينزل عن المسرح من دون معركة، واعداً بأنه لن يكون هناك شيء وسيُنتَخَب لولاية إضافية.

ولفتت الصحيفة إلى أن الجزء الأقوى والأهم في كلمة نتنياهو هو ما لم يقله بحيث “لم يناقض الوقائع الصعبة التي نشرتها الشرطة، ولم ينفِ طلبه وحصوله على منافع بمبالغ ضخمة، ازدادت بعد عودته إلى السلطة؛ ولم ينفِ دفعه تشريعاً، ومشاريع أعمال ولوبيات في الولايات المتحدة، من أجل المساعدة في توفير ملذاته؛ ولم ينفِ المتاجرة مع ناشر “يديعوت أحرونوت” لتغطية إعلامية متعاطفة معه مقابل كبح “إسرائيل هيوم”.

واعتبرت الصحيفة أن من المثير للدهشة اكتشاف أن نتنياهو الذي تورط في قضية ناشر يديعوت لتخفيف الانتقادات ضده، ونشر صور مثيرة للثناء على زوجته في موقع “والا”، يقول “إن سنواته الاثنتي عشرة كرئيس للحكومة كُرّست فقط لصالح الدولة، أمنها وازدهارها، لكن وبحسب الصحيفة عندما ينزل من الثناء الذاتي إلى التفاصيل، يتبين صورة معاكسة “نتنياهو يؤمن أن القوة السياسية هي لخدمة مؤيديه، وليس الشعب، وإسكات خصومه”.

ولفتت “هآرتس” إلى عدم شعور نتنياهو بالندم لطلبه وتلقيه “الهدايا” النفيسة، معتبرة “أن موقفه يُفسد كل القطاع العام على قاعدة أنه إذا كان رئيس الحكومة يتصرف بهذه الطريقة فلماذا لا يجوز لرئيس بلدية، أو ضابطة شرطة، أو مدير مدرسة، أو مدراء أقسام في مستشفيات التصرف بالمثل؟”.

وخلصت الصحيفة إلى “أن رئيس الحكومة (الإسرائيلي) سيلعب على الوقت على أمل بأن يفتت المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبلت توصيات الشرطة ويُبقيه على الكرسي، لكن حتى لو نجح في شراء بعض الوقت في منصبه، ثقل الشبهات سيهزمه” على حد تعبير الصحيفة.
 
وفي مقالة أخرى بقلم يوفال يوعاز حملت عنوان “نتنياهو، أنت لست الدولة” قالت “هآرتس” إن “أحداث نهاية الأسبوع الماضي صرفت الاهتمام العام نحو المسائل الأمنية لجهة “اختراق الطائرة الإيرانية المسيرة، وإسقاط طائرة سلاح الجو وهجوم واسع في سوريا”.

وقالت الصحيفة “إن ظهور رئيس الحكومة في غرفة تقييم الأوضاع، وهو يدير المسائل الأمنية شخصياً وإلى جانبه كل من وزير الأمن ورئيس الأركان كان بمثابة رسالة إلى دوائر واسعة من الإسرائيليين وهي أن إسرائيل مرهونة ببنيامين نتنياهو، وأن لا بديل عنه، وحتى لو وُجد فإن الفترات الأمنية الحساسة ليست اللحظة المناسبة لاهتزازات في السلطة، سواء دُعمت شبهات الفساد بأدلة أم لا” على حد تعبيرها.

يوعاز شرح أنه منذ سنوات والشعب (الإسرائيلي) يخضع لغسل دماغ بطيء، الغاية منه إرساء فكرة أن السلطة في (إسرائيل) شخصانية وليست جماعية، “ما يبدو وكأنه إعداد لأرضية الانتقال إلى نظامٍ رئاسي، بدلاً من الديمقراطية البرلمانية” مضيفة أنه “حتى أيامٍ خلت، كان رئيس الحكومة يُعتبر “أولاً بين متساوين” في الحكومة، الآن يبدو أنه يُدير شؤون الدولة لوحده تقريباً”.

كما اعتبر يوعاز أن “هذه الظاهرة أسهمت فيها نزعة نتنياهو لتولي المزيد والمزيد من المناصب الوزارية التنفيذية، إلى أن وضعت له المحكمة العليا حداً”.

 وبحسب الكاتب فإن كل ما يسعى رئيس الحكومة لإنتاجه وسط الشعب والنظام السياسي هو الشعور بأنه “في فترة حساسة لا يمكن استبدال رئيس حكومة”، وهو قائم على فكرة تجذّرت في الوعي الباطني الجماعي مفادها أن “نتنياهو يحمل النظام (الإسرائيلي) على كتفيه، ظاهرياً لا يمكن لأحد الحلول مكانه في هذه الآونة، ومن دونه لا تسير الأمور”.

وختم يوعاز قائلاً “قد لا يكون بالإمكان أن نفرض على نتنياهو التفاخر بإنجازات عامة بلغة الجمع – “نحن” بدلاً من الـ”أنا” – لكن لا يمكن ولا يجوز أن يكون هناك شخص واحد “لا يمكن استبداله” في النظام السياسي”.
 

المصدر : صحف (إسرائيلية) – الميادين