الأرشيفعربي وعالمي

تذويت التدمير … والتخطي ولسنا بحاجة لرُعاة ورجال دين – عادل سمارة 

لا قيمة لوطن كبير بمئآت الملايين، هذا حال الوطن العربي، حين يفتقد رأسه بمستويين:
·      فقدان القضية الجامعة ببعديها الوحدة والصراع مع الكيان.
·      وفقدان الدولة المركزية.
فقدرة حيوان الهيدرا على إنبات رؤوس جديدة حين قطع راسه لا يعني أنه الأقوى.بل كلما تعددت الرؤوس كلما كان حصدها مُغرِ أكثر، وها هي الرؤوس تتكاثر بمزاعم الهويات الفرعية التي تتناسل أميبيا، وحينها، بل في هذا الحين، انت مطالب بالانحصار فقط في تصنيع السيوف ولا شغل لك غير ذلك! فقد انتقل الوضع العربي من التجزئة إلى تذويتها ومن التفكيك إلى التفكك ذاتيا، ومن التفتيت إلى التفتت ذاتيا!. وهذا يردنا إلى معنى وتمفصلات الهزيمة وليس إلى الانحصار في حصولها
يكمن معنى وأثر الهزائم في التسليم بتائجها أي أن مدى  أثرها لا يكمن في حصولها. فالاحتلال الاستعماري للوطن العربي، وخاصة في الحرب الإمبريالية الأولى وتوليد تجزئة سايكس- بيكو ووعد بلفور هو حدث هائل، ولكن الخطورة في التساوق مع نتائجه وتحويله إلى “قاعدة وجود وبقاء” تمفصلاته اي الكيانات القطرية التي ترسخت بموجب ومنطق مصالح الاستعمار نفسه .
لقد أصبحت التجزئة واقعاً رسختها مختلف الأنظمة التي نُصِّبت على هذا القطر و/أو ذاك. هذا من جهة ، ومن جهة ثانية، تبعية هذه الأنظمة للطرف أو الأطراف التي جزَّأت الوطن رغم أنها العدو المستدام. ومن جهة ثالثة خلق خطاب قُطري أو كياني لكل قطر أو كيان سواء برئيس أو ملك أو أمير ومن علم ونشيد وجيش  قُطري…الخ والأخطر ترسيم حدود بين الأقطار لم تكن سياسية في الأساس.
إذن على مدار قرن كامل بقي الوطن العربي “أوطانا” متعددة وبقي معظمه وربما جميعه محكوم بأنظمة بهَّتت معنى الاستقلال وغطَّت بقاء الاستعمار وأقامت معه علاقات تبعية اقتصادية وسياسية وجرى توظيف هذا كله في تعميق التجزئة التي كان يجب أن تكون حافز عداء مفتوح ضد صانعها. والأخطر أن الاستعمار دربها وسلحها مخابراتيا وشُرطياً بحيث تقمع أي تحرُّك قائلة للشعب مقولة تُمارَس ولا تُكتب: “نحن فوقكم بالقوة في صراع مميت إما قاتل أو مقتول”.
بهذا المعنى، فإن الاستعمار/الإمبريالية قد نجح في تنصيب وكلاء له في الوطن العربي ليقوموا بنفس مهامه وأوصلهم إلى درجة من القوة بحيث جندوا من الأمة طبقة تابعة وجيوشا ومخابرات وشرطة تكرِّس سلطتها والتي هي في النهاية سلطة الاستعمار نفسه.
فالتجزئة هي طمس القضية الجامعة اي الوحدة. وقد ثبت ، دون نقاش مستفيض، بأن استمرار وتكريس الكيانات القطرية يعني بالضرورة والقطع مغادرة الوحدة  باتجاه تفتيت أكثر، ولا تُغني هنا محاولة تغطية القطرية بتسمية جديدة هي “الدولة الوطنية” لا توجد دولة خائنة وأخرى وطنية. هناك نظام عروبي أو لا عروبي.. ويزداد هذا القول مصداقية حين ننظر لما يجري أي عدوان قطر ضد آخر أو أقطار ضد قطر آخر خدمة للعدو بل للأعداء. فقد انكشف الدور الوظيفي للأنظمة القطرية والذي جوهره ضد الوحدة بل والدفع باتجاه المزيد من التقسيم وحتى إتباع سياسات داخلية تقود إلى تقسيم وتفتيت كل قطر من داخله كما أسلفنا.

في مستوى الشعب:

خلقت هذه الأنظمة القطرية التابعة حالة من الفُصام على مستوى الشعب العربي في مختلف الأقطار.
·      فمن جهة يرى كل عربي نفسه عربيا بالمعنى العام أو بالرد الفوري على السؤال الأول: من أنت؟ ولكن هذا السؤال لم يتحول ولن يتحول إلى استفتاء عام وعلني وحر في تعريف الهوية.
·      ومن جهة أخرى مورس تعميق خصوصيات وثقافات ومصالح قُطرية ركَّزت التثقيف بخصوصية كل قطر كما لو كان منفصلاً بها ومتفردا عن الأخريات.
·      ولتكريس التجزئة قاعدياً جرى ويجري بشكل متواصل تخليق إشكالات وأزمات لكل قطر في داخله كي ينشغل ذاتياً إلى جانب تخليق أزمات بين كل قطر وجاره. أما توليد هذه الأزمات فبتكتيك مشترك بين الأنظمة والاستعمار في انتقاله إلى الإمبريالية فالعولمة.وهو ما يمكن وصفه: بتحالف معولم بين راسمالية المركز الإنتاجية وكمبرادور المحيط المتخلف مما جعل المحيط وخاصة العربي مجرد قطاع عام راسمالي معولم لصالح هذه الطبقة.
وعليه، قاد هذا التضييع المبرمج إلى طمس التحدي المصيري بمعنى: إلى اين يذهب هذا الوطن؟
تدفعك كثير من الأخبار والتقارير والأبحاث والتصريحات المعنونة ب:
البطالة في الوطن العربي، الصحة الإنجاب الرياضة التنمية، الصادرات، الواردات…الخ في الوطن العربي، إلى التساؤل وهل هناك بناء على هذه التسميات وطنا عربيا أم أوطاناً! أليست هذه طرابيشاً فارغة المحتوى مقصود بها جعل العروبة مسألة شكلانية تماماً.   بينما في الحقيقة لا يوجد أي جامع لأي منها سوى الإسم لأن كل قطر يمارس أو يتلقى هذه الأمور منفردا على حِدة. وعليه، تبقى تسمية الوطن العربي مجرد طربوش لا يقي لا الحر ولا الثلج عن راس صلعاء. باستثناء الاجتماعات الدورية لوزراء الداخلية العرب لا توجد أية علاقات متواصلة تُراكم خبرات وترتيبات. ولعل ما آلت إليه الجامعة العربية هو قمة وضوح الأزمة القاتلة.

بين تبعية الأنظمة الحاكمة كقيادات وطبقات، وبين تكريس القمع بحيث لا يُسأل الشعب في اي قطر عن ما يريد ولا يُسمح له بالتعبير عما يريد ولا يُؤخذ رايه في اية قضية لا داخلية ولا قومية ولا خارجية، يتضح بأن هذه الأنظمة تحكم بالقوة والمطلق وبأن الشعب لا طريق أمامه سوى الثورة، بغض النظر عن كيف ومتى وما هو معيار القوة أو تناسب القوى، وبالطبع حدود فرز قوى ثورية حقيقية.
قد يرى البعض بأن هذا حلم أو مشروع هائل، ولكن فليرى ما يرى، إنما هذا هو التحدي وهو الأمر المحتوم حتمية تاريخية إن عجز عنها جيل أو حزب فسيضطلع بها غيره. ذلك لأن سياسات الأنظمة الحاكمة المحكومة معاً هي عموماً:
·      سياسات التبعية  والإذلال بالتجويع والقمع
·      أو سياسات التبعية والإذلال بالتخمة والقمع
·      والانتقال في عدوانية الأنظمة ضد الأمة من التبعية إلى التطبيع.
وهكذا تم إحكام الهجوم بإسقاط الدولة المركزية، وإسقاط القضية المركزية وغالباً على أيدي:
o       تمويل كيانات النفط كنماذج صهيونية
o     ومقاتلين من منابع أنظمة وقوى الدين السياسي مجبولة بفكر وشبق القتل والإرهاب الأعممين.
·      وتم تغليف هذا المنتوج أل  Finishing بمثقفي الطابور السادس.
هنا تحديداً ميدان الصراع.
من يُصدِّق بأن ما تقوم به الإمارات وقطر من دور جيوسياسي في مستويات الاستخبارات والاستثمارات والتطبيع هو من طاقاتها أومن قدرة حكامها العقلية أو حتى خيالهم، وليست السعودية خارج هذا.
ملاحظة: درج الاحتلال الصهوني على إرغام الفلسطيني على هدم بيته بيده أو على حسابه.وعنه أخذت الأنظمة العربية سياسة اختراق القوى الثورية لتفتك قيادات هذه القوى بتنظيماتها نفسها وتفتك بالثقافة العروبية ليخونها بعض مثقفيها.

● ● ●
عادل سمارة:

(1)
ما هكذا يُردُّ ويُصدُّ تطبيع الحكام

ترتب على اتفاقات أوسلو مستويان من التفكيك بل السحق المدمر:
الأول: تفكيك الهوية الفلسطينية بعد تفكيك بل سحق الحّيِز الجغرافي الفلسطيني وتصغيره إلى لا شبر، وذلك بشطب فلسطينيي المحتل 1948 ودفعهم لكي يتصهينوا يأساً وإحباطاً وانخذالاً. ذلك لأن الأسرلة ليست هوية وإنما بطاقة شخصية/جواز سفر  في ظروف سياسية معينة كما أن التهويد مرفوض لمن ليس من أم يهودية أو لا يرغب به قادة وإيدولوجيو والمؤسسة الدينية للكيان. لذا ترتب على هذا التفكيك، تلعثم فلسطينيين من المحتل 1948 في تحديد هويتهم.
أما تعريب التطبيع فجاء كي يضع هؤلاء الفلسطينيين في المحتل 1948 وحتى في الشتات والمهاجر في تلعثم أخطر. ومن هنا، فإن لملمة هذا التبعثر والتفكيك وجسر الحيِّز المسحوق لم يعد ممكنا ما لم تتم إعادة بناء م.ت.ف كممثل لجميع الفلسطينيين سواء الذين في جغرافيا الوطن أو في المهاجر والشتات، وهذا يشترط خروج م.ت.ف من إسار الاعتراف بالكيان وتجسيد ذلك عمليا بمغادرة الأرض المحتلة.​​
إن استعادة تماسك الهوية الفلسطينية هو الشرط الضروري لإعادة تماسك موقف الشعب العربي بالقضية الفلسطينية.
فاستهداف واغتصاب فلسطين قُصد به تفكيك الهوية العربية الجامعة تكريسا للتفكيك الجغرافي ، سحق الحيز، وسيكون الخروج الفلسطيني من إسار التطبيع هو المدخل والآلية لإعادة تماسك المشروع العروبي في الوحدة والتحرير. سحق البنية فالهوية الفلسطينية مقدمة لسحق البنية والهوية العربية، وتحرير البنية الفلسطينية مقدمة لتحرير ابنية والهوية العربية.

(2)
بصراحة … لسنا بحاجة لرُعاة ورجال دين

راعي الموارنة ينتقل من الحياد إلى “السلام” مع الكيان. الراعي كالقرضاوي وبن زايد وبن تميم وين سلمان وأكثر من بن….الخ ليسوا في عداء مع الكيان فلماذا يدعون لسلام مع عدو لم يسمع بالسلام حتى مع الله. الراعي يجد فرصته في الوضع المتهرِّىء للبنان عسى أن يتمكن الكيان من احتلال الجنوب، فينفصل بتوابعه في كيان صهيوني. كل طائفي هو انفصالي وانعزالي ما لم يُقاوم. بل الطائفي:إما مقاوم وإما خائن. معظم رجال الدين السياسي وقوى الدين السياسي ليسوا وطنيين، في دمهم تسري التبعية والتطبيع .لذا عزل الدين عن السياسة هو أحد أهم بوابات الوحدة والتحرير والتحرر والاشتراكي