الأرشيفبساط الريح

تلوُّث، وجاحدون.. وذباب الكتروني! – عبداللطيف مهنا

 

مراحل العار لها سوريالية منطقها، ومن سماته أنه قل ما كان يمشي إلا مقلوباً على رأسه.. لذا فكوميديا الحالة الرسمية العربية المغرقة في سوداويتها، والملقية بأوزارها الكاتمة على أنفاس الحالة الشعبية في الوطن العربي، بلغت حداً يجعلك في حلٍ من استغراب ما تصفعك به متوالية فضائحيات فصولها الانحدارية.

والأدهى هو أن بلاء التلوُّث الضارب أطنابه في البيئة الإعلامية والثقافية العربية توازياً وتكيُّفاً مع استشراء ما يلتاث هكذا حالة، لن ينجو من وبيل ملوّثاته الوعي الجمعي الشعبي العربي، مهما اختزن الوجدانين القومي والوطني من مضادات نضالية تستند إلى مخزون كفاحي تليد وتراكمي وعريق ولا ينفد.

هذه البيئة الموبوءة بعار انهزاميتها ودونيتها، هي ليست من الفجور بحيث لم تعد تحاول ستر قبائح عورة تبعيتها وعمالتها فحسب، بل وحتى ارتقت الخيانة الوطنية والقومية عندها من وجهة نظر إلى واقعية وحنكة وحكمة سياسية تباهي بها، وحتى لا تستحي أن تبررها بالحرص على مصلحة وطنية أو قومية مزعومة!

وهي إذ لم تعد تكتفي بفجور أبواق ميدياها المتعددة، التي لا تتحرَّج في وصم المقاومة بالإرهاب، بل أطلقت ذبابها الإلكتروني ليردح على وسائل التواصل الأجتماعي بكل ممجوج ولا معقول شوائن وانحطاط مثل هذه المرحلة الرثة حد الإسفاف ودرك إعلان الصهينة..

لا تستغربوا إذا ما اتهم الفلسطينيون من الآن فصاعداً بأنهم شعب جاحد وعاق لا يحفظ جميلاً لأشقائه الباذلين ما استطاعوا لنصرته بدعمهم لترامب ونتنياهوا انتخابياً.. الأول، بشراء أسلحته وتخزينها في الكثبان الرملية حتى تصدأ، والثاني، بالتطبيع وحتى التحالف معه ضد “العدو الفارسي” الذي لم يتنازل عن القدس.. الفلسطينيون ناكروا جميل أشقائهم الذين يريدون أن يريحوهم من قضيتهم بتصفيتها ويرتاحوا منهم ومن قضيتهم!

لا تستغربوا إن أزفت اللحظة التي سيمننا الخليجيون فيها بأنهم حتى الآن لم يقوموا بتمويل الإستيطان والاستثمار في التهويد، والكامبديفيديون بأنهم تهاونوا معنا وراعونا أكثر من اللازم، بحيث لم يرفعوا علو جدارهم الحدودي الثالث، المعاضد لسابقيه والمساند والمكمّل لحصار غزة، أكثر من ستة أمتار؟!

مراحل العار لا تدم، عابرة هي وإن طالت أكثر مما يفترضه تاريخ هذه الأمة وتحتمله جغرافيَّتها.. عابرة لأن لا معقولها المغالي في اسفافه هو إيذان بدنو زوالها والذي لا يكون إلا بكنسها.