الأرشيفوقفة عز

جمال عبد الناصر زعيم الأمة العربية الخالد

جمال عبد الناصر زعيم الأمة العربية الخالد

بوفاة جمال عبد الناصر في الثامن والعشرين من أيلول سنة 1970 فقدت الأمة العربية قلبها النابض، عقلها الاستراتيجي ولسانها العربي القومي الفصيح. فقدت قائدها الثائر ومثور أجيالها من المحيط الى الخليج. رأس حربتها في مواجهة الاستعمار والصهاينة والرجعيين. ولأنه كان كذلك نجد أن كل أعداء الزعيم الخالد كانوا ولازالوا حاقدين عليه بالرغم من مرور عشرات السنين على رحيله. يأتي العدو الصهيوني على رأس الحاقدين والباغضين والكارهين والمعادين لعبد الناصر، فهذا الرجل الذي كان مبدعاً في تثوير الأمة العربية من محيطها الى خليجها ومن خليجها الى محيطها ضد الاحتلال الصهيوني وأعداء الأمة العربية وأعوانهم الرجعيين العرب. غرس العروبة والمقاومة والعداء لكل هؤلاء في عقول الملايين من الجماهير العربية. خير دليل على احترام ومحبة وتقدير الأمة العربية للزعيم الخالد كان يوم وفاته واثناء جنازته المهيبة التي شارك فيها نحو 5 مليون مصري. عداكم عن ملايين الجنازات التي أقميت في كل الوطن العربي وشاركت فيها ملايين الحشود من جماهير الأمة. فلو كان عبد الناصر كما يصفه الأعداء واعلامهم وجواسيسهم وأعوانهم لما لاقى هذا الوداع العظيم ولما بقي خالداً في قلوب العرب حتى يومنا هذا. ولما بقي احترامه موجوداً ومقدراً لغاية يومنا هذا في عدد كبير من دول العالم وبين قواها الحية وشعوبها. ولو كان عبد الناصر خائنا ومتخاذلا وذليلا ومستسلما ومطبعا ومهزوما وعاجزا و صغيراً كما الذين خلفوه في حكم مصر، لما قامت وسائل الاعلام المؤتمرة بإمرة الحكام وأشباه الحكام بتشويه سيرته وزرع ذلك في عقول الشباب المصري. فعبد الناصر سيبقى ملهماً للثورة وللنضال وللانتماء الأصيل للأمة. بقي هو ولازال حياً في أجيال العرب المقاةمة بينما مات أعداؤه في الحياة نفسياً ووطنياً وقومياً قبل أن يموتوا جسدياً.

عاش زاهدا مثله مثل أي مواطن عادي وأي فلاح وأي عامل وأي جندي مصري. تزوج من سيدة من طينته وعجينته تشابهت صفاتها مع صفاته وتواضعها مع تواضعه وطريقة معيشتها وحياتها العادية والبسيطة مع طريقة حياته ومعيشته العادية. عاشت في الظل ولم تبدل جلدها تماما كما فعل زوجها ورفيق عمرها الزعيم جمال عبد الناصر، زعيم مصر والعرب، هذا الجندي الذي قاتل في فلسطين اثناء النكبة وصمد ودافع عنها بضراوة وشراسة. ففي فلسطين عاش عبد الناصر النكبة والخيانة والألم على ضياعها واغتصابها واحتلالها من قبل الصهاينة المجرمين. فقرر عند عودته أن يفعل هو ورفاقه من أبناء الجيش المصري شيئاً يقلب مصر والمنطقة راساً على عقب، فكانت حركة الضباط الأحرار التي أزاحت عرش الملك وأعادت لمصر مكانتها في طليعة العرب وأفريقيا ودول العالم، وصار يحسب لمصر ناصر ألف حساب. منذ نجح ناصر ورفاقه في السيطرة على الحكم في مصر بدأت المؤامرات ضده من قبل الصهاينة والغرب الاستعماري ممثلا بالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وكل معسكر الأعداء من مملكة آل سعود الوهابية الى المجرمين الصهاينة اليهود في فلسطين المحتلة. وصولاً الى أعداء الداخل في مصر نفسها الذين كانوا يكيدون لعبد الناصر، ثم حاولوا اغتياله بالتنسيق مع المخابرات البريطانية وبتمويل ودعم من السعودية. لكنه صبر وصمد وقاوم وأستمر وانتصر عليهم.

الرئيس عبد الناصر توجه إلى قمة دول عدم الانحياز في باندونغ عام 1955، برفقة شوان لاي رئيس وزراء الصين الأسبق و نهرو وسوكارنو وأسسوا مجموعة دول عدم الانحياز، الحلف التضامني الآسيوي الافريقي واللاتيني الأمريكي. الذي ضم عظماء من ذلك الزمان منهم أيضاً تيتو ثم كاسترو. استطاع الزعيم عبد الناصر مع قادة عالميين بناء حلف عالمي كبير لأجل دعم قضية فلسطين وحركات التحرر العربية والافريقية والأسيوية والعالمية. وللتحشيد العالمي لنصرة شعب وقضية فلسطين.

كما دافع عبد الناصر عن فلسطين دافع عن البلاد العربية الأخرى من الجزائر الى اليمن وسوريا والعراق وليبيا ولبنان والخ. هذا كله لم يرق للأعداء ومعسكرهم الكبير، خاصة علاقات عبد الناصر مع الاتحاد السويفيتي واعادة بناء الجيش المصري استعداد لحرب التحرير الكبرى. لكن الأعداء هاجموه في العدوان الثلاثي رداً على المقاومة المصرية التي ألحقت خسائر كبيرة بالمستعمرين البريطانيين في سيناء قبل واثناء توقيع اتفاقية الجلاء سنة 1954. التي انتهت بطرد الاستعمار البريطاني من مصر نهائياً.

في ذلك الوقت كان موقف عبد الناصر واضحاً في عداءه للكيان الصهيوني ورفض الاعتراف بوجوده. وكرس ذلك عبر تضييق حركة الملاحة في قناة السويس وخليج العقبة على السفن الصهيونية. طبعاً لم يرق ذلك للصهاينة الذين قاموا بتعزيز قدراتهم العسكرية عبر ابرام صفقات سلاح كبيرة مع فرنسا. طلب عبد الناصر السلاح من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لكنهما رفضتا تزويده بالسلاح فتوجه نحو الاتحاد السويفيتي الذي رحب بذلك وزود مصر بالسلاح والعتاد العسكريين. في ذلك الوقت كان السوفييت يريدون أن يكون لهم موطئ قدم وحلفاء في المنطقة. في ذلك الوقت أيضاً رفض عبد الناصر الدخول في حلف مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا حليفتا (اسرائيل). وأعلن يوم 26 تموز – يوليو 1956 تأميم قناة السويس. وعندما فشل معسكر الأعداء العالمي في ثنيّ مصر عن قرارها قررت بريطانيا مع فرنسا والكيان الصهيوني مهاجمة مصر عقابا لعبد الناصر على قرار التأميم ورفض الصلح والاعتراف بالكيان الصهيوني، أو توقيع اتفاقيات سلام (استسلام) معه والسيطرة والسيادة الكاملة على قناة السويس التي هي جزء من الأرض العربية المصرية.

هاجمت مصر قوات معادية بريطانية، فرنسية وصهيونية سنة 1956 وعرفت تلك الحرب بحرب السويس. تعتبر تلك الحرب العدوانية ثاني حروب وغزوات العدو الصهيوني على الأمة العربية بعد احتلال فلسطين في الحرب الأولى سنة 1948. لم تكن مصر في وضع عسكري قوي يسمح لها بمواجهة هذا العدوان لكنها واجهته ودحرته بعد معارك مشرفة وكان لموقف الاتحاد السوفيتي شديد الأثر في انهاء العدوان الثلاثي حيث وجه السوفييت انذارا شديد اللهجة للمعتدين وهددت القيادة السوفيتية بمحو العدوان. مما اضطر المعتدين الى الانسحاب. اعتبرت تلك الحرب نهاية لنفوذ وقوة بريطانيا كدولة عظمى في العالم. وهذا يضاف أيضاً لانجازات الزعيم جمال عبد الناصر.

اليوم ونحن على مشارف ذكرى رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، الذي قال في خطبة من خطبه “إن جزمة جندي مصري بتاج آل سعود”. نقول للزعيم الراحل: تلك الجزمة بتيجان كل الذين خانوا مصر وخانوك وخانوا فلسطين والعروبة. عبيد أموال السعودية وأخواتها من الذين لازالوا يعيشون في عهد العبودية والاستعمار والتبعية والخيانة.

أما من وقعوا اتفاقيات مع الصهاينة معترفين بروايتهم التاريخية الزائفة ومتخلين عن روايتنا العربية المقدسة فقد أصبحوا خارج الصفين الوطني والقومي. وهذا ينطبق على المستسلمين الفلسطينيين أولا ثم على أشباههم من العرب.

في ذكرى رحيل زعيم الأمة العربية بلا منازع أقول للفلسطينيين الصامدين الصابرين المرابطين داخل الوطن المحتل وبالذات في القدس وأماكنها المقدسة، مساجد وكنائس. جهزوا نعالكم وأحذيتكم لاستقبال أي مستسلم ومطبع عربي سيتجرأ على زيارة أحياء المدينة العربية القديمة في القدس ولو حتى برفقة نتنياهو نفسه وليس فقط شرطته وجيشه.

نضال حمد