من هنا وهناك

جَدَل ورَد – بقلم محمد كناعنة أبو أسعد / فلسطين المحتلة

جَدَل وَرَد (1): الحلقة الأولى

إختلالُ القَلم أم إحتلالٌ وعَقلٌ صَنَم

بقلم محمد كناعنة أبو أسعد / فلسطين المحتلة

حينَ تَغضَب مِمَّن لا تَتَوَّقع منهُ أن يَفعَل ما قَد يُغضِب، عليكَ أن تُجاهِر بغَضَبِكَ وتكتُب، وذلكَ أضعَفُ الإيمان..

السيد إبراهيم صَرصور كتبَ على صفحتهِ ستاتوس هو موقف، وأعتَرف هُنا بأنَّهُ أغاضَني وأغضَبني، ولأني أحتَرم الرَجُل سَأكتُب رد على ما ذَهبَ إليهِ، وإن كانَ رَدّي حادًا من وجهَةِ نَظر البَعض ولكنَّهُ يأتي في سياقِ الجَدَل ولا يخلو منَ الغَضَب، فَعُمق الخيبة بعُمق المحبَّة.

عضو الكنيست الصَهيوني، عن الحركة الإسلامية الجنوبية السَيد إبراهيم صرصور نشَرَ صورة للمُقاطعة على صفحتهِ الخاصة على الفيس بوك وعليها رسمٌ للشيخ رائِد صَلاح رئيس الحركة الإسلامية الشمالية في البلاد والرفيق المحامي جمال عبده عضو اللجنة المركزية العامة لحركة أبناء البلد، وكَتبَ من جُملَةِ ما كتب بأنَّهُ يستغرب وجود إطار الحملة الشعبية لمُقاطعة الإنتخابات للكنيست الصهيوني وأنَّ هذه الحملة جاءَت فقط بعدَ وحدة الأحزاب العربية في قائمة مشتركة، علاقتي بالسيد إبراهيم صرصور وطيدة وبيننا من الإحترام المُتبادل ما أزعجني جدًا ما كتَبَ على صفحتهِ الخاصة في الفيس بوك،فيشطَح ويُضيف من التشويه ما لا يوصَف حَدَّ الحقد على تيار المُقاطعين ويقول:

“من غرائب الزمان وعجائبه أنه وفي زمان كانت في الاحزاب العربية تخوض الانتخابات البرلمانية مشتتة منقسمة كانت الاصوات المعارضة للانتخابات محدودة كَمّاً وكيفا وتنظيما”..

طَبعًا السيد إبراهيم صرصور لا يَعلَم بأنَّ الحملة الشعبية لمُقاطعة الإنتخابات إنطلقت رسميًا بعدَ العام 2000 وتعاظمت في العام 2003 ونشرت أول بيان لها وإنطلقت في حملة شعبية للمقاطعة ونظمت المسيرات وجابت البلاد في دعوتها للمقاطعة وللتذكير فقَط نقول بأنَّ شعارنا في خوض المعركة الإنتخابية للكنيست الصَهيوني ببرنامج المُقاطعة قد أطلقفناهُ لأول مرة بعدَ مؤتمر أبناء البلد في سخنين العام 2000 وهذا تتويجًا لمواقف أبناء البلد المُتعاقبة من الكنيست، وهل ينسى السيد إبراهيم صرصور سَبَب إنشقاق الحركة الإسلامية عام 1995- 1996 ، أم هو الآن يسعى لتصفية حسابات قَديمة مع الشَق الشمالي فَيمتَطي صهوة الوحدة الزائفة لِيرمينا بسهام التشويه..

ويضيف السيد صرصور ما يلي:  “فلما توحدت الاحزاب العربية في اطار قائمة واحدة لاول مرة في تاريخ الاقلية القومية الفلسطينية في الداخل ، وهو الحلم الذي لطاما راود شعبنا منذ زمان بعيد ، والأمل الذي يحدو امتنا من المحيط الى المحيط ، نتفاجأ بانتفاخ اوداج المعارضين الى درجة تشكيل إطار اسموه “اللجنة الشعبية لمقاطعة انتخابات الكنيست الصهيوني لعام 2015″ ، بهدف ( توحيد جهود حملة المقاطعة الشعبية في إطار ، كتعبير عن شتى المنطلقات الرافضة للمشاركة في هذه الانتخابات ) على حد قولهم “… كيفَ يَتم تَصَغير حُلم شَعبنا بهذا الشَكل دونَ وازِع أو رادِع، أليسَ عيبًا أن نقول بأنَّ حُلم شعبنا هو وحدة أحزاب الكنيست، ألا يَعلم إبراهيم صَرصور بأنَّ حلم شعبنا هو العَودة والحرية وتقرير المَصير، حلم شعبنا هو إستعادة السيادة على الوطن والأرض والحياة والمصير وليسَ قسم يمين الولاء للكيان الغاصب والإعتراف بيهودية الدولة،(والسيد أبا السَيّد يُدرك ذلك جيدًا)، كيف لمن ينشر صور صلاح الدين على صفحته ويتغنى بفتوحاتهِ وبطولاتهِ أن يقول بأنّ هذه الوحدة الكنيستية هي حلم أمتنا من المحيط إلى الخليج، أن تَتوحَّد أحزاب عربية تعتبر إسرائيل تجسيدًا لحق تقرير المصير لليهود في فلسطين، أن نعترف بأنَّ “إسرائيل” دولة يهودية وديموقراطية بحسب البند 7 (أ) من قانون أساس الكنيست والمُعدل عام 1984، سبحان مُبَدِّل الأحلام بالأوهام، أوهام الوحدة المزعومة بأنها حُلم الأمة من المحيط للخليج، أهذا حلم صلاح الدين الأيوبي أم حلم الأمة، أم هو الليبرمان صاحب هذه الفضيلة وعليها يجب أن تشكروه!!! ، أما بالنسبة لإنتفاخِ الأوداج فهي حقيقة لا نُنكرها عندما نُشاهد التزييف الحاصل لإرادة الشَعب، عندما يُصبح ليبرمان هو الناظم للعلاقات، عندما يَتم التطاول على الشُرفاء من شعبكم فقط لأنَّهم يُعارضونكم في مسيرتكُم الكنيستية، كنا نَأمل نقاشًا وإنصافًا للموقف وإن إختلفنا ولكن عَبثًا، عقلية الإقصاء تُعشعِش في رؤوسكم حَدًّ غير مَسبوق..

ويضيف أيضًا ما يلي:  “رغم قناعتي بان الاغلبية الساحقة من ابناء شعبنا لا تلقي بالا لهده الدعوات الشعاراتية ، الا انني كنت اتمنى لو ان هؤلاء خرجوا معلنين اقامة ( لجنة وطنية ) للاعلان عن ( العصيان المدني ) كمشروع شامل لضرب الدولة وشرعيتها كما يقولون .. انا واثق انهم لن يفعلوا ، لأسباب نعرفها جميعا ، فهذه بحاجة الى شجاعة فائقة واستعداد للتضحية بلا حدود … اما الاحزاب العربية فهي ال – ( الحيط القصير ) ، فلماذا لا يشاركون اليمين الاسرائيلي في دك حصونه”…

وهنا يَدخل البَطل الشُجاع في التجني والتعدي على أقطاب المقاطعة، فَالشجاعة التي تعرفها لا نريد صلة بها، شجاعةُ الإعتراف والتنازل والتفريط لا تُلائِمنا، ومن رفضَ العصيان المدني في لجنة المتابعة في قضية الغرامات على البناء غير المرخص، نحنُ أم أنتُم، وكل الأحزاب العربية المشاركة في الإنتخابات، والأسباب التي تُلمح لها مردودة عليكَ يا سيد صَرصور وإن كنتَ تقصد الحركة الإسلامية الشمالية، ولكن ليسَ مقبولا أن تُخاطب خُصومكَ بهذا النمط من التعالي والتشكيك والتخوين، ويبقى حيطكم واطئ وجدًا ما دُمتُم تَعتَقدون بأنَّكم تَمتَلكونَ الحقيقة، واليمين الإسرائيلي هم أصدقائَكم وزملائَكم على مقاعد الكنيست والصهاينة هم من تدعونهم إلى بيوتكم ونحنُ نستقبلهم في بيوتنا بالنِعال والأحذية لأنَّهم لا يأتونها كأصدقاء وإنَّما كَأعداء، حينَ يأتوا لِيعتقلوا ولِيسجنوننا وأبناءنا وبناتنا..

ويُنهي السيد صَرصور كلامهُ المحشو بالتَشويه والإتهامات بما يلي:

“كم كنت اتمنى لو اتسعت ( ديموقراطية !!! ) هؤلاء لتعدد الاجتهادات في هذا الميدان وفي غيره ، على ان تصب في النهاية في خدمة المصلحة الوطنية العليا لجماهيرنا الفلسطينية ، وان يتركوا هذا الاسلوب الاستقطابي الذي اوصل امتنا الى الحضيض”..

عن أي ديموقراطية تَتحدَّث!!! وهل في كلامك أعلاه أي علاقة بالديموقراطية، كالمَثل القائِل “رَمتني بدائِها وانسَلَّت”.. لا تقبل رأينا وتتهمنا بمؤازرة أصدقاءُكَ من اليمين وأننا لا نملك الشجاعة لأسباب أنتَ تعرفها والجميع يعرفها، كم كنا نتمنى أن تكشف هذه الأسباب يا سيد إبراهيم، وهل نحنُ من أوصلَ أمتنا إلى الحضيض، ها هي الناصرة ما زالت تشهد على أسلوبكم الطائفي البغيض والعدائي وزملاءَكم هناك يفتحون الفروع للأحزاب الصَهيونية، من أثارَ الفتنه في الناصرة؟ من أثار فتنة شهاب الدين؟ أين أنتُم من داني غرينبرغ؟ من أطلق العنان للطائفية البغيضة؟ من تحالفَ مع وكلاء الليكود في قرانا ومدننا العربية؟ كنَّا نتمنى مقالًا أو موقفًا حادًا من سمسار البيوت الذي   اشترى وباعَ في القدس، أينَ أنتُم من “الشيخ” السِمسار؟   أنحنُ من فعلَ ذلك؟

على ما يبدو بأنَّهُ علينا، نحنُ الفلسطينيون أن نعتَذر للإحتلال وأن نتَقَدَّم بالشُكر ل”إسرائيل” على نعمة الديموقراطية التي وهبتنا إياها، وأن نتَوقف عن الطعن بها، وأن نقسِم يميم الولاء في الساحات العامة، أم علينا نحنُ المُقاطعين أن نعتَذر لأننا نرفُض الإعتراف بكيان الإحتلال، إنَّهُ الإختلال بعينهِ.

كم كنتُ أتمنى منكَ وعليكَ أن تكتُب في صالح الحال والمُجتمع وأن تُخاطب الناس للتصويت عن قناعة ومبدأ وتدعو إلى الحوار والنقاش الهادئ والإبتعاد عن التخوين والتشكيك، وبلاغةُ الرأي والكلام لا تَنقُصكَ، ولكن على ما يبدو وجدَ السيد إبراهيم صَرصور ضالّتهُ في الهجوم على تيار المُقاطعة وتصفية حسابات مع الشق الشمالي للحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صَلاح، ليتهم الناس بالجبن، أو بعدمِ الشجاعة ولأسباب!!! “نعرفها جميعًا” بلسانكَ وكما تقول يا صَديقي العزيز، ماذا تعرَف وتخفي عن الجماهير، يا رجل لا يليقُ بكَ وبِنا ما تفعل، وهي ليست المرة الأولى التي تحشو كتاباتُكَ بالتجني والهجوم والطعن في خصومكَ وعلَيهم، وقد جاهرتُكَ بهذا الرَأي سابقًا لما بيننا من إحترام، ولكن عَبثَ وتولى،،، فَإذا كان الكبير يفعل هذا فعلى الدُنيا السَلام.

****

الحلقة الثانية

جَدَل ورَد (2): الحلقة الثانية

عَن الطوشه بعيدًا عن غَوار الطوشه

أكادُ أجزم بأنَّ النقد في حواراتنا هو أكثَرُ ما يحتاج إلى النَقد

عَن إنتقائية برهوم والخطاب الثَوري:

كُتبَ الكثير من النقد في نقدِ مشروع المُقاطعة لإنتخابات الكنيست، وهناكَ مُحاولات قد تكون جادَّة في هذا المضمار، وأؤكّد هنا، قَد تكون جادّة، لأنَّ جُلَّ ما كُتبَ عن المُقاطعة والمُقاطعين يندَرجُ تحتَ باب التَخوين والتشويه والإسفاف، يؤلم جدًا أنَّكَ تقرأ أحيانًا كلامًا من أصدقاء أو أناس من المُفتَرض انَّهم أصدقاء أو مسؤولون في هذا المجتمع العالق في حِرابِ الليل وظُلمتِهِ الدامسة، ولكن الأغرب في الأمر أن يكون النقد البعيد عن الموضوعية أو الغريب عن روح الجَدل البناء أو لِنَقُل القائِم على تفنيد فكرةٍ ما أو مشروعٍ ما، وفي حالتنا قرأنا الكثير من هذا الكلام وليسَ كُلَّهُ يستحق الرَد، وما ردنا هُنا إلّا لتَفنيدِ إدعاءٍ قد إعتزلنا نقاشَهُ منذُ زمنٍ طويل وتجاوزناه إيجابيًا، فقد فتحَ إتفاق أوسلو المشؤوم  الباب على مصراعيه لخروجَ رواسبَ الماضي، وأقصِد النقاش مع الرفاق في الجبهة والحزب الشيوعي، ولكن يُصِر الرفيق برهوم جرايسي على العَودة في النقاش صَوبَ الماضي وليسَ هذا إلاّ بدليل على عُمق الأزمة التي يُعاني منها أقطاب المُشاركة في الإنتخابات للكنيست الصَهيوني، حتى جاءَت القائمة المُشتركة لتُعيد الحسابات من جديد وتفتح الباب على مصراعيهِ من جديد لخطابِ التخوين والتشكيك بالمقاطعين، ومحاولة الفصل بينَ تيار مبدئي وآخر موسمي غير مُجدية في مشروع الخندق الواحد وخطاب رفاق الدرب، فالتشكيك يطال الجميع بلا إستثناء، كما وفي ذات الوقت لا نقبل خطاب التخوين ضدَّ المشاركين…

فالمُقاطعة ليست إنتقائية، بل هي مبدئية وفي صلبِ نزعِ الشرعية، وهذه لا تكون إلاّ في المؤسسة التشريعية القائمة على قاعدة تعريف الكيان لنفسهِ وقبول من يدخل إلى هناك بهذا التعريف طواعية وليسَ مكرهًا أبدًا.

يقول الصديق برهوم جرايسي في مقالة لهُ منشورة في صحيفة الإتحاد الحيفاوية بتاريخ 24/02/2015 ما يلي:

“ويُسأل السؤال: طالما أن المقاطعة نابعة من أن الكنيست مؤسسة صهيونية، وهو كذلك قطعا، فأليس انتخابات السلطات المحلية، هي أيضا تديرها مؤسسة صهيونية، تسمى “وزارة الداخلية”، ووفق قوانين المؤسسة الصهيونية الأعلى المسماة “كنيست”؟، فلماذا لا تتم مقاطعة تلك الانتخابات أيضا؟. هل قرأ من دونوا أسماءهم مرشحين للانتخابات المحلية، نماذج الترشيح برموزها ونصوصها؟.

وأكثر من هذا، كيف يمكن أن تقتصر المقاطعة على الانتخابات؟، أليس جهاز التعليم عن بكرة أبيه، تابع وخاضع لقوانين وأنظمة المؤسسة الصهيونية المسماة “وزارة التعليم”؟، أليس رواتب المعلمين المزاولين والمتقاعدين، تأتي من نفس خزينة المؤسسة الصهيونية”؟.

رفيق برهوم وكل السائلين والقائلين بهذا الكلام أعلاه وفي مقدمتهم الرفيق أيمن عودة الذي كرَّرَ هذا الكلام في طولِ وعرضِ البلاد، لكُم نقول: نحنُ لا نَنوي أبدًا التخلي طواعية عن بطاقة الهوية الزرقاء المفروضه علينا قسرًا بفعلِ الإحتلال، لاحظوا جيدًا، بفعلِ الإحتلال، كما أنَّنا لا ننوي التنازل عن مُستحقاتنا ومتطلبات شعبنا من الإحتلال، لا في التعليم ولا في الصحة ولا في البنى التحتية، وسنبقى نقاتل من خارج الكنيست على هذه الحقوق المُنتزعة، وإن لَم تَكُن كذلك فلتُعلن “إسرائيل” عَن فكّ إرتباطها ب”مواطنيها” العرب وهذا ما لا تجرُء عليهِ، وبالتأكيد حينَ نرفع صَوتًا كهذا سنُتَّهم بالإنعزالية والتقوقع والشوفينية وما إلى ذلك، وأنا أسوق هذا الطرح من باب الإعتراض وقدح زنادِ الفكرة، فِكرة كنّا قد تجاوزنا ساحتها منذُ زمنٍ لِصالحِ وحدة الحال والإنفتاح على تحالفات جديدة أسهمت هنا وهناك في ترشيد العلاقة الوطنية والعمل المُشترك وقد تكون بعض هذه التحالفات شابها بعض العثرات ولكنّنا قد أرسينا أسُسً لهذا النهج، فلماذا اليَوم نجد من يشد الحبال للوراء، قضية الكنيست كانت وما زالَت وستبقى بيننا محط خلاف، وهل من جديد لدى الطَرفين لنشوب حربِ البَسوس، والطعن والتشهير على اليمين والشمال..

ثمَّ يستطرد الرفيق برهوم ليقول: “من المؤسف أن يُصعّد بعض الرفاق خطابهم ليلامس التخوين، فهذا لا يتوافق مع مبدأ “رفاق الخندق الواحد”، ومن المؤسف، أن يتم تسويق ادعاءات في وسائل الإعلام، مثل بدعة “الأموال” و”التزوير”، فهذه للأسف تصبح في حالة ما أشبه بوشاية، ليست لائقة كليا للناطقين بها”.

أتفق معكَ بأنَّ التخوين ممنوع وحَدَّ الوشاية كذلك، وهل “بدعة” الأموال هذه من بناتِ أفكارنا، ليسَ لائقًا بنا الآن أن نُعيد ما كتبتَ أنتَ رفيق برهوم عن الأموال والمال السياسي في حملات إنتخابية سابقة من الكنيست إلى البلديات وقد أبدعَ رفاق الجبهة والحزب الشيوعي في “بدعة” المال السياسي، وشخصيًا اتفق مع كل ما كتُب في الموضوع سابقًا، وكيفَ تمَّ إستخدام هذا المال السياسي الموَجَّه ضدَ الجبهة بالتحديد، نعم يا رفيقي الأموال تهطل كزخ المَطر على مؤسسات وجمعيات الأسرلة وأنجزة الوطن والنضال لإخراج الجماهير العربية الفلسطينية إلى صناديق تزييف إرادة الشعب، ذهابكَ إلى الكنيست هو محط خلاف مع مقاطعتي والعكس صحيح، نحنُ نسوق حججنا المبدئية والعقائدية في طرحنا ورأينا فلماذا يجب أن نسمع منكَ ردحًا علينا يا رفي وأنتَ الذاهِب إلى مشروع في لُبّهِ أسرلَة ولو برنامجيًَا، فليسَ معقولاً أن يقوم من يقبل بشروط الإحتلال أن يَطعن في طرف يرفُض هذه الشروط ويريد أن يحاربها.

إذا كنتَ تتفق معنا في قولك ما يلي:

“إن ادعاء أن التمثيل البرلماني، يُجمّل ما يسمى بـ “الديمقراطية الإسرائيلية”، يسري على كل الأجهزة الأخرى. فهل دعاة المقاطعة، قادرون على دعوة الناس، كل الناس، للانسلاخ عن الواقع اليومي المفروض عليها”؟.

فلماذا لا نُفكّر سَويًا كيفَ نقاوم هذا الواقع ونتغلب عليهِ، لا، نحنُ لن ندعوا الناس للإنسلاخ عن واقعهم، بل العَكس ندعوا إلى مقاومة هذا الواقع، بالفكرة والمبدأ والتعاون والرؤية المشتركة إن وجدت، بوضع البرامج والمخطّطات المستقبلية المنسجمة مع طموحات جماهيرنا وشعبنا وهويّتنا وإنتماءِنا وليسَ بدعوةٍ ليسَ لديها هدف غيرَ البحث عن موقع للإحراج، فنحنُ لسنا في مسابقة من سيربح المليون حتى يقال لنا هل تستطيوا أن تفعلوا كذا أو كذا، نحنُ جميعًا من المُفترض أنَّنا في قلب العاصفة سَويًا، وليسَ لنا خيار، فأنتم تُدركون بأنَ العنصرية والفاشية لا ترحم أحد ولا تفرّق بينَ هذا وذاك، كما أنكم تُدركون جيدًا حجمَ التضييقات على أبناء البلد بالتحديد وكوادرها وقادتها كما على باقي جماهير شعبنا وقواه الحيّة، فلماذا علينا أن نُطلق سهامَ أقلامنا في الذمِ والقَدح على بعضنا البَعض بدلًا من يوجَّه في الإتجاه الصَحيح.

الخلافُ بَيِّن والإتفاقُ كذلك، لماذا لا نترك لمساحة الخلاف البَيِّن بيننا أن تنعم بالنَقد والحوار وأعيُننا على ما نتفِق عليهِ وهو بَيِّن وجلي كذلك، إنَّ خطاب الخندق الواحد هو نهج يجب ترسيخَهُ وتثبيت أواصرَهُ وليسَ بالضرورة أن نكونَ نسخة طبقَ الأصل عن بعضننا البَعض وإلا ما كنا أحزاب تختلف في قضايا مبدئية وجوهرية.

وفي الحديث عن “الطوشه السياسية” يكتُب الرفيق برهوم جرايسي، صديقي الذي أحترم وأقَدّر، ما يلي:

“ولكن عدة مقالات وخطابات، بدأت تحوّل الحملة، من مقاطعة مبدئية لها حق الممارسة، رغم اختلافنا معها، إلى “طوشة سياسية” ضد “القائمة المشتركة”، في الوقت الذي تكثف فيه الأحزاب الصهيونية، على مختلف ألوانها، تلويث شارعنا العربي. وهذا مؤشر غير صحي، لشركاء الخندق النضالي الواحد، ضد المؤسسة الحاكمة. “الخندق الواحد” الذي أكد عليه أحد قياديي “أبناء البلد”، الذي احترمه على نحو خاص”.

أولًا نحنُ نؤكد على الخندق الواحد ونطلب ممن يُشاركنا الخندق أن يحترم رفاقهُ في الخندق، وهذا لم يُترجم على الأرض في نقاش المقاطعة من عدة شخصيات وفي عدة مقالات، فالتأجيج تخطى حدودَ الخندق يا رفيق برهوم وللأسَف، ولكن كيفَ لكَ أن تقول بأنَّنا حولنا المقاطعة إلى طوشة ضد المُشتركة، هل علينا أن ننشُر كل ما كُتبَ عنا وعن موقفنا وما قيلَ من أشخاص يعدون على المشتركة ومنهم قادة ومنهم من لجنة النفاق، لقد توحَّدَت الأحزاب العربية يا رفيق برهوم بفعل نسبة الحسم وأنتَ تعرف ذلك جيدًا وهذا جيد، وخبا خطاب التخوين والتشويه بينَ أقطاب المشتركة ولم يَعُد هناكَ مُبرّر للحرب الداخلية المقيته التي أنهكت جماهيرنا في الداخل الفلسطيني واستَنزفت قواه، وإذ بقدرةِ قادر تَتحول المعركة إلى صدورِ أبناء البلد والمقاطعة، وبالمناسبة رفيقي العزيز، الحرب مع الأحزاب الصَهيونية في هذه المعركة للكنيست يجب أن تكون حصتكم، ولكنَّنا نحنُ من يتصدى “بهمجية” للأحزاب الصهيونية، وأنتُم من تجلسونَ معهم على المنصات وفي مدارسنا وبينَ طلابنا وجمهورنا وتمتنعوا عن مناظرة رفاقكم من المقاطعين، أليسَ هذا هو ما يسمى بعلم النفس شيزوفرينيا.

يُنهي الرفيق برهوم بطرحه لقضية مُهمة جدًا وهي عبارة عن تلخيص الحزب الشيوعي لمعركة الإنتخابات السابقة وعن غياب التسييس فيها، والسؤال أينَ التسييس يا رفيق برهوم في خطاب التوجّه لشاس، أينَ التسييس في الدعوة لإسقاط اليمين والمراهنة على ما يسمى بمعسكر “السلام” أينَ التسييس وربط المآسي الإقتصادية والحياتية بالمآساة الأساسية ألإحتلال والإستعمار… يكاد يكون معدومًا هذا النقاش يا رفيق برهوم وفي ظل الجلوس على منصات المناظرات مع مرشحي الأحزاب الصَهيونية بينَ جمهور العرب هل هذا ما يخدم سياسة تحصين الناس من موبقات الأحزاب الصَهيونية، وإذا كانَ الهدف إسقاط اليمين ودعم معسكر “السلام” أليسَ هذا إعطاء شرعية للتصويت لمعسكر “السلام” مباشرة…

المقاطعة تملك مشروعها في مقاومة الإحتلال وهذا ما سنبقى أوفياء لهُ وفي خضمهِ نسعى للحفاظ على الوحدة الوطنية والقاسم المُشترك الكبير بيننا، وكم نتمنى أن تستمر وحدة هذه الأحزاب وأن تَتطور في أدائها وأن تؤثر على مجرى حياة جماهيرنا في الداخل الفلسطيني بعيدًا عن مناكفات وأحقادٍ أغرقَت قضايانا في وحلها، وحتمًا سنستمر في مشروعنا المُقاوم المُقاطع للكنيست، فكل جُهد نقوم بهِ مهما كانَ صغيرًا هو عبارة عن حجر على جسدِ الإحتلال…

معًا على الدَرب

محمد كناعنة أبو أسعد / فلسطين المحتلة

عضو الأمانة العامة لحركة أبناء البلد

14/03/2015

 

 

اترك تعليقاً