الأرشيفبساط الريح

سوريا: بديل الرطانة الثورية هو تفكيك مفاصل الدولة القطرية

عادل سمارة

في حين يتركز نقدنا على الطابور السادس الثقافي، وهو طبعاً، وللإنصاف، لا يخفي مواقفه وقناعاته كجزء من الثورة المضادة، هناك من هو أكثر خطراً من جهة ، وليس مكشوفا من جهة ثانية
نقرأ أو نستمع لمثقفين عرباً يرددون خطاباً غيبياً تماما، رغم زعمهم الثوري أو حتى المادي.

خطاب غيبي  من حيث علاقته بالواقع العربي المُعاش، وذلك من نمط:

·       الجماهير سوف تنهض
·

الجماهير لم تفقد البوصلة
·

فلسطين قِبلة الشعب العربي،

·        الشارع العربي مع سوريا والعراق واليمن

مشكلة هذا الخطاب أنه رغائبي  أو متكسب، بمعنى شراء الوقت وبيع البطولات على الفضائيات والراديوهات والشبكة العنكبوتية…الخ. وأشد خطورته أنه يقطع الطريق على الخطاب النقدي الواقعي الذي يرى أن الجماهير في واد والقلق على المصير في واد آخر.

في مناخ كهذا، المطلوب ليس طمأنة الشارع عن نفسه بانه في الطريق الصحيح، بل المطلوب نقد الشارع وتحفيزه ومطالبته بعمل ما. وبين موقف وآخر مسافة موقف وكرامة ودور.

إن تطمين النائم على أنه حارس أمين وواع هو جريمة خطورتها في انها تغطي على كل من  المادح والممدوح. المادح هو “الثوري/اليساري” لأنه بالجملة العالية يغطي على عجزه عن استعادة الشارع المغتصب، والممدوح هو الشارع الذي اختطفته الوهابية/الإرهابية/الإخوانية العثمانية إيديولوجيا، و/ أو الاستهلاكية اقتصاديا و العدمية قوميا/سياسياً.

هذا بدل أن يفصلوا بين:

·

عروبة الشارع كانتماء (الموجود في ذاته)
·

وتخاذل الشارع كأداء.(الموجود لذاته)
هذا مع أن الشارع العربي قادر على فعل الكثير سواء بالمقاطعة أو مناهضة التطبيع أو التخريبالثوري ضد أعداء سوريا بدل القول العالي لغويا فقط لصالح سوريا أو أي قطر آخر.

لكن لا الشارع يعمل ولا توجد قيادات  تحركه وتستعيده، وكذلك لا يتوقف “الثوريون” عن الكذب والدجل والنفخ.

لا معنى للوقوف مع سوريا في معركة حلب، بل المعنى، هل كان هؤلاء “الثوريون” مع سوريا في  بداية العدوان المعولم؟ أم كانوا تماما مثل عادل الجبير اليوم يطالبون “بأفيون الشعوب الجديد- اي الديمقراطية”!فالديمقراطية يمكن أن تكون الشيء وعكسه، لأن المهم من أنت؟

لعل الحد الأدنى في دعم سوريا هو “كيْ وعي” الشارع المتسمِّر أمام التلفاز يتابع حسان المسلسلات، ويتأسف على سوريا ثم اليمن والعراق وليبيا وربما الصومال ثم ينثني ليأكل كالقطيع ويضاجع كالبهيمة.

انتظار انتصار سوريا، موقف تافه وخذلاني لأن كل مواطن بوسعه عمل شيء ما. لماذا لا نقول للناس اضربوا سفارات وجمعيات ومصالح وتكايا ومواخير وبضائع كل دولة تحارب سوريا مباشرة أو لا مباشرة. ابدأوا حرب الحماية الشعبية لسوريا والعراق واليمن والبحرين وليبيا. قوموا بالتخريب الشعبي الثوري، اختطفوا رعايا العدو الفرنسي للإفراج عن جورج ابراهيم عبد الله بدل ان تذهبوا إلى المركز الثقافي الفرنسي.

كل هذه الأعمال يمكن ان تساهم في “تفكيك مفاصل الدولة القطرية، مفاصلها الأمنية” ( انظر كتاب عادل سمارة: في القطرية والقومية والاشتراكية: مقدمات في تفكيك مفاصل الدولة القطرية، منشورات مركز المشرق/العامل للدراسات الثقافية والتنموية-رام الله 2009
(حيث ينشغل امنها وشرطتها في حماية مؤسسات الأعداء وهي عديدة، وهذا يزيد وعي الناس بالتساؤل عن أسباب هذه الهجمات كنمط من حرب المدن. إنه إرهاق للسلطة كعدوة للأمة وهو مواجهة مع الدول المعادية وخاصة الغربية التي لا تفهم سوى مصالحها مترجمة إلى المال ومن ثم الرفاهية.

هل يُعقل أن متفذلكي الإعلام لا يعرفون أن الإرهابيين يفككون مفاصل الدول الجمهورية العربية عبر القتل والتدمير وخاصة للبنى التحتية. نحن نقول فككوا المفاصل الأمنية للدول الأمنية العميلة للغرب وللصهيونية ومصالح هؤلاء.

إن مديح الشارع وعدم وضعه امام التحدي الذي عليه مواجهته هو حقنه بالأفيون كي لا يرى عورة مثقفيه “الثوريين” تماما كما تفعل الأنظمة!
كان الحراك العربي بعضه عفوي وبعضه مقودا، واختطفته الثورة المضادة لأنها متجذرة في الوطن العربي، فكيف يمكننا استعادة الشارع ، الناس من الإرهاب والوهابية ومن أكل العلف والتناسل بلا حساب، والاستهلاك…الخ هل يتم هذا دون الحماية الشعبية ؟ دون تفكيك المفاصل الأمنية للدولة القطرية، دون تخريب مؤسسات ومصالح العدوان؟

اترك تعليقاً