وقفة عز

شارون ونوبل للإجرام

نضال حمد

كان من الأفضل للمنظمة الطليانية لحقوق الإنسان أن تتقدم بطلب ترشيح شارون لجائزة نوبل للإجرام بدلاً من تقديمها طلباً بترشيحه لجائزة نوبل للسلام. فسجل الرجل الإجرامي يؤهله لاحتلال مكانة مرموقة في تلك المسابقة الدولية. والمنظمة الإيطالية لحقوق الإنسان تتعامل مع ضحايا العرب والشعب الفلسطيني وكأنهم الجلادين لا ضحايا إرهاب وإجرام الوحشية الصهيونية، كما أنها تهين الإنسان والإنسانية بتقدمها بمثل هذا الطلب.

تاريخ شارون حافل بالإرهاب والمجازر والمذابح التي دونت في كافة سجلات منظمات حقوق الإنسان ومنها المنظمة الطليانية نفسها. والغريب أن تلك المنظمة تتقدم بطلبها إلى لجنة جائزة نوبل للسلام في أوسلو، وترشح شخصاً مثل شارون لنيل الجائزة، وتبرر ذلك بأن جنرال مجازر صبرا وشاتيلا وكفر قاسم وجنين ورفح وعشرات المذابح الأخرى صار رجل سلام لأنه قام بفك الارتباط مع غزة. هذا التبرير سخيف، ويدل على نقص في الفهم والاستيعاب لدى القائمين على المنظمة الإيطالية المذكورة.

نجد من الضروري جداً سرد جدول زمني مختصر بأسماء وتواريخ المجازر والمذابح التي قادها شارون ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى طيلة حياته السياسية والعسكرية:

مجزرة قبية الشهيرة (ما بين ليلة 14 أكتوبر عام 1953 وحتى الساعة الرابعة من ظهر اليوم التالي)، حيث قاد شارون وحدته الإرهابية المعروفة بالوحدة رقم 101 ونفذ مع 600 جندي قرار رئيس وزراء (إسرائيل) آنذاك ديفيد بن غريون القاضي بهدم وإلحاق ضربات قصوى بالأرواح بهدف تهريب السكان المقدر عددهم حينها 200 نسمة من بيوتهم. وهذا القرار موجود في أرشيف جيش الاحتلال (الإسرائيلي) (207/56/644). دمر شارون ورجاله 56 منزلاً ومسجد القرية ومدرستها وخزان المياه الذي يغذيها، وقتلوا 67 قروياً من الرجال والنساء والأطفال، وتم جرح العشرات من السكان، الأمر الذي وصفه الجنرال فان بينيكيه (كبير مراقبي الأمم المتحدة) في تقريره لمجلس الأمن بأن الهجوم كان مدبراً ووحشياً، نفذته قوات نظامية (إسرائيلية).

هاجم الإرهابيون الصهاينة بمفرزة من الجيش وكتيبة مدفعية وعشرة طائرات مقاتلة، بالإضافة لمجموعة من المستوطنين بقيادة شارون يوم 10/10/1956 قرية قلقيلية، وعمدوا إلى دك البلدة بالقنابل والصواريخ قبل اقتحامها، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 70 فلسطينياً.

مذبحة كفر قاسم 29/10/1956، قاد المذبحة فيها الجنرال شارون، وعمد الصهاينة إلى فرض حظر التجوال في البلدة. وفيما ذهب الأهالي لإبلاغ أقاربهم في أماكن عملهم بالحظر، قام الصهاينة بقتلهم دون تفريق بين طفل وامرأة وعجوز. و بلغ عدد الشهداء في المجزرة 49 مدنياً فلسطينياً من الرجال والأطفال والنساء.

مذبحة مخيم خان يونس حصلت يوم 3/11/1956، وكان لشارون دوراً فيها، فقد نفذ جيش الاحتلال (الإسرائيلي) مذبحة بحق اللاجئين من أهالي المخيم الذي يقع جنوبي قطاع غزة، حيث راح ضحيتها أكثر من 250 فلسطينياً. وبعد ذلك بعدة أيام، وتحديداً يوم 12/11/1956 نفذت وحدة من الجيش الإسرائيلي مجزرة وحشية أخرى راح ضحيتها نحو 275 شهيداً من المدنيين في نفس المخيم، كما قتل أكثر من مائة فلسطيني أيضاً من سكان مخيم رفح للاجئين في نفس اليوم، ليصبح عدد ضحايا المجزرة الثلاثية في مخيمي خان يونس ورفح أكثر من 650 شهيداً.

يقال أنه أيضاً قاد عملية إعدام الأسرى المصريين ودفنهم وهم أحياء في صحراء سيناء.

أيام (16-17-18) سبتمبر عام 1982 قاد أرييل شارون وزير دفاع الاحتلال وقائد عملية سلامة الجليل غزو لبنان وحصار بيروت الشهير، مذبحة صبرا وشاتيلا الشهيرة، وأعد لها وأشرف عليها بنفسه. راح ضحية المذبحة أكثر من 3500 مدني فلسطيني ولبناني، غالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ. ثم مجزرة مخيم جنين التي ذهب ضحيتها مئات المدنيين الفلسطينيين، حيث تم تدمير المخيم تدميراً شبه كامل. تلك المجزرة التي وصفها مبعوث السلام الدولي للمنطقة النرويجي “تيري رود لارسن” بالهزة الأرضية والزلزال سوف تبقى تلاحق شارون وكيانه الاحتلالي على مر العصور. كما سيسجل التاريخ لشارون أنه كان المُسبب والسَبب في مجازر الانتفاضة الفلسطينية الثانية، هذا ويحفل سجله بعشرات المذابح والمجازر الصغيرة والكبيرة.

كانت تلك مجرد أمثلة عن بعض أعمال شارون الوحشية، الإرهابية، الإجرامية، الشنيعة والمخالفة لأبسط حقوق الإنسان في عالمنا وليست كلها. يستدل منها أن الجنرال شارون رجل يؤمن بالعنف والإرهاب والإجرام كوسائل لتحقيق غاياته وبرامجه السياسية، الاستعمارية، الاستعلائية والعنصرية، فهو يقوم بتغليف أفكاره بموروث وطابع ديني غيبي، اجتثاتي واستئصالي لا يعرف التسامح والتعايش السلمي مع الآخرين.

شارون ينسحب من غزة تحت وطأة المقاومة الفلسطينية التي دفعت ضريبةً غاليةً لقهره ودحره وليس لقناعته بالسلام، فهو الأب الروحي للاستيطان الصهيوني في فلسطين. وقال عن قراره فك الارتباط بغزة: “إنه قرار يؤلمني شخصياً”. وشارون ينسحب لأنه مقتنع بأن رؤيته للسلام كرؤية بوش، إذ أنها تسمح له بمقايضة غزة بالضفة. فرسالة بوش إلى شارون تكرس بحسب رأي الأخير سيطرة (إسرائيل) على التجمعات الاستيطانية وترفض الانسحاب (الإسرائيلي) من مسقط رأس الشعب اليهودي.

شارون سوف يظل أبعد إنسان عن السلام لأنه القائل قبل أيام قليلة: “بعد هذا الانسحاب لا انسحابات أخرى”، ولأنه هو نفسه قال كذلك قبل عدة أشهر: “حل الصراع (الإسرائيلي)-العربي يمكن أن يتم فقط عندما يعترف العرب بـ”حق الشعب اليهودي في وطنه”، وحقه في إقامة دولة يهودية على أرض (إسرائيل). ومفهوم شارون لهذا الحق يلغي الحق الفلسطيني تماماً.

شارون يقوم بفرض سياسة الأمر الواقع على الجانب الفلسطيني من حيث الاحتفاظ باحتلال وتهويد وعزل القدس من خلال بناء الجدار وضم الأراضي وتعزيز الاستيطان، وكذلك من خلال رفضه عودة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين، واحتفاظه بالمستوطنات في الضفة وضمها لما يسمى “أرض إسرائيل”. وشارون يريد بذلك مبادلة السكان الفلسطينيين العرب في الجليل بقطعان الإرهاب الاستيطانية في مستوطنات الضفة الغربية، أي يريد تحقيق حلمه بدولة يهودية عبر تهويد القدس والجليل وعزل غزة وخنقها أو إغراقها في البحر إن أمكن.

بعد كل هذا الإجرام الشاروني تأتي منظمة تدّعي أنها تعمل في مجال حقوق الإنسان لتقدم طلباً بترشيح أحد عتاة الإرهاب والإجرام في عالم اليوم لنيل جائزة نوبل للسلام.

كان الأجدر بالمنظمة الطليانية أن تقدم طلباً بترشيح أطفال فلسطين ضحايا الإرهاب الصهيوني لنيل تلك الجائزة، لأنهم ورغم كل ما عانوه من إرهاب الصهاينة لازالوا يؤمنون بالسلام، سلام الأمم والشعوب التي تحترم الحرية والعدالة، سلام يحرر وطنهم ويعطيهم حريتهم واستقلالهم في وطنهم فلسطين.

 

رشحوا شارون لجائزة نوبل للإجرام

2005-08-22

نضال حمد

 

Relatert bilde