الأرشيففلسطين

عتقال الأطفال: حقائق ومعطیات إحصائیة وتأثیرها على واقع و مستقبل الطفولة الفلسطینیة

دراسة مقدمة الى مؤتمر الأسرى في العاصمة البلجیكیة (بروكسل) والذي نظمه التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطین   بعنوان: 

 

اعتقال الأطفال: حقائق ومعطیات إحصائیة وتأثیرها على واقع و مستقبل الطفولة الفلسطینیة 

 

 

  “٢٠١٨ -١٩٦٧”

إعداد/ أ.عبد الناصر عوني فروانة 

أسیر محرر، مختص بشؤون الأسرى، عضو المجلس الوطني الفلسطیني  و رئیس وحدة الدراسات والتوثیق في هیئة شؤون الأسرى والمحررین  غزة –  فلسطین 

 

٢٧٢٨ نیسان/ابریل٢٠١٩ 

ملخص 

تهدف هذه الدراسة إلى تسلیط الضوء على عملیات اعتقال الأطفال الفلسطینیین التي

تتُنفذها قو ات الاحتلال الإسرائیلي منذ العام ١٩٦٧ وحتى أواخر كانون أول/دیسمبر٢٠١٨، والتي طالت عشرات الآلاف من الأطفال الذین تقل أعمارهمعن الثامنة عشر -ذكوراً وا ٕناثاً -، والتي أضحت تلك العملیات تشكل ظاهرة یومیة تشهدها مختلف المحافظات الفلسطینیة، و بمعزل تام عن قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتتعارض بشكل فاضح مع نصوص ومضمون إعلان حقوق الطفل الصادر بموجب قرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة ١٣٨٦ (د-١٤) المؤرخ في ٢٠ تشرین الثاني/نوفمبر[1]١٩٥٩، و اتفاقیة حقوق الطفل التي اعتمدت وعرضت للتوقیع والتصدیق والانضمام بموجب قرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة ٤٤/٢٥ المؤرخ في ٢٠ تشرین الثاني/نوفمبر ١٩٨٩، والتي بدأت النفاذ بتاریخ ٢ أیلول/سبتمبر[2]١٩٩٠. 

كما ركزت الدراسة على استعراض الأرقام والحقائق و المعطیات التاریخیة والحالیة بشأن اعتقال الأطفال الفلسطینیین، وذلك بهدف ركز ت ال را س  عل ى ا س عرا ض إظهار ضخامة الأرقام وفظاعة المعطیات ا لأ رقام و لح قائق و لمع طيا ت الاحصائیة، و تبیان خطورتها وتأثیراتها السلبیة، الآنیة التا ر يخي ة وا لحالية ب شأ ن ا تقا ل والمستقبلیة، على واقع ومستقبل الطفولة الفلسطینیة ا لأ ط فال ال ف س طيني ين والمجتمع الفلسطیني ككل.  

مع الإشارة إلى أن قوات الاحتلال الإسرائیلي تحرص وبشدة على فرض سیاسة التعتیم الإعلامي و عدم إظهار الحقائق، بسبب جسامة وفظاعة انتهاكاتها لحقوق الأطفال، وجرائمها البشعة بحقهم و التي تتنافى مع كافة القوانین والأعراف والمواثیق الدولیة.  

 

 

                                                

ومن أهم ما توصلت إلیه الدراسة: 

–      تنفذ قوات الاحتلال الإسرائیلي عملیات اعتقال الأطفال الفلسطینیین في إطارسیاسة ممنهجة وممارسة مؤسساتیة.

–      تشكل عملیات اعتقال الأطفال وما یتبعها من إجراءات انتهاكاً  جسیماً  لحقوقالطفل، وتتنافى بشكل فاضح مع قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

–      تهدف كافة الإجراءات التي تتبع عملیات الاعتقال إلى المساس بالأطفال وبث الرعب في نفوسهم والتأثیر على توجهاتهم المستقبلیة بصورة سلبیة بما یؤدي الى تحقیق الهدف المتمثل بتشویه واقع الطفولة الفلسطینیة وتدمیر مستقبلها وتحییدها عن مقاومة الاحتلال.

 

و من أهم توصیات الدراسة: 

–      ضرورة اعتماد استراتیجیة عربیة برعایة جامعة الدول العربیة، لحمایة الطفولة الفلسطینیة من مخاطر الاعتقال وتداعیاته، وبما یضمن احتضانهم بعد خروجهم من السجن في حال تعرضهم للاعتقال، ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع الفلسطیني واستكمال مسیرتهم الحیاتیة.

–      مطالبة المجتمع الدولي وجمیع المنظمات الحقوقیة والإنسانیة بتحمل مسؤولیاتها و التدخل الفوري والسریع لوقف استهداف الأطفال والحد من معاناتهم المتفاقمة والعمل بشكل جدي للضغط على اسرائیل للإفراج عن كافة الأطفال المعتقلین في سجونها ومعتقلاتها. 

–      التأكید على أن قضیة الأسرى هي قضیة مركزیة بالنسبة للشعب الفلسطیني عامة، وتحظى باهتمام الكل الفلسطیني، حیث أن غالبیة الشعب الفلسطیني تجرع ألم الاعتقال، ویؤمل أن تحظى بنفس الأهمیة بالنسبة للأمتین العربیة والاسلامیة، على اعتبار أن هؤلاء ضحوا وأفنوا زهرات شبابهم من أجل قضیة عربیة اسلامیة مقدسة، وبالتالي فإن الدفاع عنهم ومساندتهم والعمل من أجل تحریرهم هو واجب وطني و قومي، ودیني وا ٕنساني وقانوني.   

مقدمة: 

لقد شكّ لت قضیة الأسرى والمعتقلین الفلسطینیین حالة متقدمة من النضال ضد

الاحتلال الإسرائیلي ومستوطنیه، باعتبارها جزءاً أساسیاً من كفاح حركة التحریر الوطني الفلسطیني وأحد أرسخ دعائم مقومات القضیة الفلسطینیة، وعلى مدار أكثرمن سبعین عاما كان للأسرى الفلسطینیین دورا بارزا في النضال ضد الاحتلال و من أجل الدفاع عن كرامة الشعب الفلسطیني و حقوقه المشروعة.  

ویُقدر عدد حالات الاعتقال على مدار سنین الاحتلال بنحو ملیون حالة اعتقال، وأن تلك الاعتقالات لم تقتصر على نشطاء المقاومة فحسب، وقیادات الفصائل الفلسطینیة المقاومة فقط، وانما امتدت وشملت الكل الفلسطیني، وطالت كافة فئات وشرائح المجتمع الفلسطیني من جمیع المستویات والطبقات والفئات، ذكوراً وا ٕناثاً ،أطفالاً ورجالاً ،صغاراً وشیوخاً [3]. فنشطاء المقاومة وأعضاء الفصائل والأحزاب لیسوا وحدهم المستهدفین بالاعتقال، بل كل من تشك إسرائیل بأنه قد یشكل خطراً على أمنها. 

هكذا ظل الوضع یبدو دائماً  في فلسطین المحتلة، وهكذا ظل كل فلسطیني – في نظر سلطات الاحتلال- متهماً ،حتى قبل أن تثبت إدانته. وهذا مخالف للبند الأول من المادة١١ من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان: كل شخص متهم بجریمة یعتبر بریئاً  إلى أن یثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنیة تكون قد وفرت له فیها جمیع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه[4]

لقد جمعت إسرائیل، في سجونها ومعتقلاتها، جمیع المستویات والطبقات الاجتماعیة الفلسطینیة، وعانى من اعتقالاتها كل شرائح المجتمع الفلسطیني، دون استثناء؛ بل إن الأطفال القُصّر أنفسهم، والمرضى والجرحى والمعاقین جسدیاً ونفسیاً ،ظلواعرضة للاعتقال المفاجئ، حتى قبل إبداء الأسباب. 

 و لم یعد هنالك بیت فلسطیني أو عائلة فلسطینیة إلا وتعرض أحد أبنائها للاعتقال، مما جعل من قضیة الأسرى، قضیة وطن و حكایة شعب، لما تمثله من قیمة معنویة ونضالیة وسیاسیة، ولما تحتله من مكانة عمیقة ومتقدمة في وجدان الشعب الفلسطیني على اختلاف انتماءاته السیاسیة والفكریة والایدلوجیة. كما وتُعتبر من القضایا الأساسیة في المفاوضات السیاسیة، بل ومن القضایا المصیریة في مفاوضات الحل النهائي. إذاً  لا یمكن للسلام أن یتحقق في ظل بقاء الآلاف من الفلسطینیین في السجون الاسرائیلیة وفي ظل استمرار الاعتقالات الیومیة. 

لقد لجأ الاحتلال الإسرائیلي للاعتقالات بأشكالها المتعددة، وأنواعها ومسمیاتها المختلفة، الفردیة والجماعیة، العشوائیة والمنظمة، الاحترازیة و الإداریة، أو لغرض التحقیق والتوقیف بانتظار المحاكمة، وذلك: 

–       كأداة للقمع والقهر والإذلال والانتقام من الشعب الفلسطیني.

–       بهدف بث الرعب والخوف في نفوس المواطنین وترهیبهم والسیطرة علیهم. 

–       وسیلة اساسیة للعقاب الجماعي.

–       وسیلة لإلحاق الأذى (الجسدي والنفسي والمعنوي) المتعمد بالمعتقلین، بغض النظر عن جنسهم وفئاتهم العمریة والاجتماعیة.

–       وسیلة للضغط على الدائرة الاجتماعیة المحیطة بالمعتقلین.

–       اعتقال أفراد من الدائرة الاجتماعیة (كالأم والأخت والزوجة والأب) للضغط على المعتقل واجباره على تقدیم المعلومات.

ان كل ما ذكر سابقا وأكثر، كانت مجرد أهداف جزئیة تصب جمیعها في خدمة تحقیق هدف الاحتلال الاستراتیجي من وراء الاعتقالات و المتمثل بالسیطرة على الشعب الفلسطیني ووأد ثورته المستَعرة، واخماد أي شكل من أشكال المواجهة و المقاومة الفلسطینیة المشروعة ودفعه نحو القبول بالأمر الواقع وما یفرضه الاحتلال من خیارات.  

لذا لیس غریباً على الاحتلال أن یصّعد من اعتقالاته لمواجهة “انتفاضة القدس” التي اندلعت في الأول من تشرین أول/أكتوبر عام ٢٠١٥. فهذا من طبعهم ومن طبیعة الاحتلال وعقلیته الأمنیة في التعامل مع الشعب الفلسطیني ومقاومته المشروعة التي أجازتها كافة المواثیق الدولیة.  

لكن المستغرب استمرار الصمت الدولي أمام استمرار الاعتقالات وتصاعد القمع والتنكیل بحق المعتقلین بشكل غیر مسبوق، وكذلك عدم مقدرة المنظمات الحقو قیة الدولیة وبقیة المتشدقین بالدیمقراطیة وحقوق الإنسان في العالم من وقف الجرائم المنظمة والمتصاعدة التي اقترفها ویقترفها الاحتلال بحق المواطنین الأبریاء والمعتقلین العُزّل أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع والتي وثقت بعضها كامیرات وسائل الاعلام. لذا فإننا ننظر بخطورة بالغة لاستمرار الاعتقالات وتصاعدها وننظر بخطورة أكبر لما یصاحبها ویتبعها من انتهاكات جسیمة وجرائم فظیعة.  

ان تلك الاعتقالات -كما أشرنا آنفاً – ارتبطت بوجود الاحتلال، وفي ظل استمرار وجود الاحتلال فهي  لم تتوقف في یوم مضى، ولن تتوقف في یوم آت ٍ لطالمابق ى ّ الاحتلال، فالمشكلة تكمن في الاحتلال، لكن المؤلم أنها شكّ لت ظاهرة یومیة مقلقة، اذ لا یمر یوم إلا ویُسجل فیه مالا یقل عن عشرة حالات اعتقال، بل وأكثر من ذلك وفي أیام كثیرة اضعاف هذا الرقم مرات عدة. لهذا یصعب رصدها بشكل دقیق، أو الاحاطة بكل جوانبها، نظرا لاستمرارها واتساعها وتزایدها، وتبدل الأرقام والاحصائیات المتعلقة بها. ومع ذلك نجتهد ونبذل قصاري جهودنا ونوظف كل امكانیاتنا ونسعى لرصد الأرقام و متابعة الأحداث، وتوثیق المشاهد والشهادات بما یخدم القضیة، حیث لا تزال سلطات الاحتلال تحتجز في سجونها نحو ستة آلاف فلسطیني، موزعین على قرابة ٢٢ سجناً  ومعتقلاً  ومركز توقیف، بینهم (٥٤) فتاة وامرأة، و(٨) نواب)، و(٤٥٠) معتقل اداري، و(٢٥٠) طفل تقل أعمارهم عن الثامنة عشر، و(٤٨) أسیرا مضى على اعتقالهم أكثر من عشرین سنة بشكل متواصل،

بینهم (٢٧) أسیراً  معتقلین منذ ما قبل اتفاقیة أوسلو[5]. و نسعى من خلال دراستنا هذه، إلى عرض أبرز ما رصدناه من أرقام واحصائیات تخص اعتقال الأطفال وظروفاحتجازهم بشكل خاص. 

 

الاعتقالات لم تستثن الأطفال 

نعم فإن الاعتقالات الإسرائیلیة لم تستثنِ الأطفال، و وفقاً  للاتفاقیات الدولیة، فإن كلمة (طفل) تشمل كل من لم یتجاوز سن الثامنة عشرة من عمره[6]؛ لكن لسلطات الاحتلال الإسرائیلي – في هذا الشأن – قاموسها الخاص: فالأطفال الفلسطینیون في نظرها – وبغض النظر عن أعمارهم- هم فئة مستهدفة بالاعتقال، شأنهم شأن الكبار، حتى وان كانوا أقل من الثانیة عشر من عمرهم. فهي ترى فیهم مشاریع مقاومة و قنابل موقوتة مؤجلة الانفجار لحین البلوغ. وخلال السنوات الأربع الأخیرة ناقش وأقر الكنیست الإسرائیلي (البرلمان) عدة قوانین تستهدف الأطفال، وتهدف الى تسهیل اجراءات اعتقالهم وتشدید العقوبات بحقهم وهي: قانون

محاكمة الأطفال دون سن ١٤ عاماً ، قانون تشدید عقوبة الحد الأدنى على راشقي الحجارة في القدس، قانون رفع الأحكام بحق الأطفال راشقي الحجارة[7].  

فلذلك نرى أن سلطات الاحتلال الإسرائیلي لم تستثنِ هؤلاء الأطفال یوماً من اعتقالاتها، سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً ،ولم تراعِ صغر سنهم وبراءة طفولتهم، ودون أن تلبي الحد الأدنى من احتیاجاتهم الأساسیة، كما لم تحترم الاتفاقیات والقوانین الدولیة في تعاملها معهم. فالأطفال الفلسطینیون یملأون السجون والمعتقلات الإسرائیلیة التي لم تخل یوما من تمثیلهم، حیث تفید كافة المعطیات الإحصائیة بأن سلطات الاحتلال اعتقلت منذ العام ١٩٦٧ عشرات الآلاف من الأطفال الفلسطینیین والذین یقدر عددهم بما یزید عن خمسین ألف طفل قاصر تقل أعمارهم عن الثامنة عشر، بل أن هناك من اعتقلوا ولم یتجاوزوا العاشرة من أعمارهم. 

ان طریقة اعتقال الأطفال، تبدو لافتة ومن الضروري ذكرها هنا، ألا وهي أن غالبیة من تعرضوا للاعتقال من الأطفال إنما درجت سلطات الاحتلال على اعتقالهم من بیوتهم في منتصف اللیل – كما هو الشأن في اعتقالات البالغین – حیث یدخل عدد كبیر من الجنود إلى البیت، وبعد أن یكسروا الأبواب ویخربوا محتویات البیت وأثاثه، یقومون بالاعتداء على المعتقل وأسرته، بالضرب والشتم باستخدام أسوأ التعبیرات وأفحشها، ثم بعد كل هذه الانتهاكات المدروسة المتعمدة، یقوم الجنود بتكبیل یدي الطفل وعصب عینیه، قبل أن یجروه بقسوة إلى مكان مجهول، كل ذلك دون أن یكلفوا أنفسهم بإبراز أي أمر قضائي بالاعتقال، ودون أن یُعلموا ذوي الطفل بالمكان الذي سیقتاد إلیه. وغني عن الذكر أن كل هذه الممارسات تخالف – بشكل فظ –  اتفاقیة حقوق الطفل، التي تقول: لا یجوز أن یُجرى أي تعرض تعسفي، أو غیر قانوني، للطفل، في حیاته الخاصة، أو أسرته، أو منزله، أو مراسلاته، ولا أي مساس غیر قانوني بشرفه أو سمعته[8]

ودوما تزج سلطات الاحتلال جمیع من تعتقلهم من الأطفال في أماكن احتجاز، تفتقر إلى الحدود الدنیا التي یجب توافرها لمقومات الحیاة الآدمیة، ثم تعرضهم إلى صنوف مختلفة من التعذیب الجسدي والنفسي والمعاملة المهینة. 

اعتقال الأطفال منذ “انتفاضة الأقصى” 

إن كافة الوقائع والإحصائیات تؤكد على أن أعداد المعتقلین من الأطفال بمختلف المراحل العمریة قد ارتفع بشكل مضطرد وبوتیرة متصاعدة منذ بدء “انتفاضة الأقصى” في ٢٨أیلول/سبتمبر٢٠٠٠، حیث سسُجل نحو (١٦٥٠٠) حالة اعتقال لأطفال فلسطینیین منذ ذلك التاریخ وحتى الأول من تشرین أول/أكتوبر [9]٢٠١٨. واذا أضفنا اعتقالات نوفمبر ودیسمبر من العام ٢٠١٨ فالإجمالي یصبح قرابة(١٦٦٥٥) طفلا. 

                                                

 

وقد وصل المعدل السنوي لاعتقال الأطفال خلال العقد الماضي (٢٠٠٠-٢٠١٠)إلى (٧٠٠) حالة اعتقال سنویا، فیما ارتفع فیما بعد وبشكل كبیر لیصل تقریبًا الىمعدل (١٢٥٠) حالة اعتقال سنویاً  خلال الثماني سنوات الأخیرة[10]

 

اعتقال الأطفال منذ العام ٢٠١١ وحتى ٣١ كانون أول/دیسمبر٢٠١٨ 

لم تتوقف حملات الاعتقالات التي استهدفت الأطفال، وانما تصاعدت بشكل كبیر وخطیر خلال الثماني سنوات الأخیرة والتي سُجل خلالها (٢٠١١- ٢٠١٨) اعتقال (٩٨٤٨) طفلا، ویشكلون ما نسبته (٥,٢٢%) من اجمالي الاعتقالات خلال الفترة المستعرضة والتي وصلت الى نحو (٤٣٧٨٩) حالة اعتقال.  

وخلال قراءتنا لما تم توثیقه من حالات اعتقال خلال الثماني سنوات الأخیرة یتبین بأن نسبة اعتقال الأطفال كانت كالتالي: 

– سسُجل خلال العام ٢٠١١اعتقال (٦٧٧) طفلا، وهؤلاء یشكلون ما نسبته

(٤,٢٠%) من اجمالي الاعتقالات خلال نفس العام. وكان متوسط الاعتقالات (٥٦) حالة اعتقال شهریا.

–    و ارتفعت اعتقالات الأطفال خلال العام ٢٠١٢ لتصل الى (٨٨١) طفلا، ویشكلون ما نسبته (٩,٢٢%) من اجمالي الاعتقالات خلال العام نفسه.وكان متوسط الاعتقالات (٧٣) حالة اعتقال شهریا[11].

–    و ارتفعت اكثر خلال العام ٢٠١٣ والذي سُجل خلاله اعتقال (٩٣١) طفلا، ویشكلون ما نسبته (٢٤%) من اجمالي الاعتقالات خلال نفس العام.وكان متوسط الاعتقالات (٧٨) حالة اعتقال شهریاً [12].

–    و سسُجل اعتقال (١٢٦٦) طفلا خلال العام ٢٠١٤، ویشكلون ما نسبته (٢١%) من اجمالي الاعتقالات خلال نفس العام. وكان متوسط الاعتقالات (١٠٦) حالة اعتقال شهریا[13].

                                                

–    وخلال العام ٢٠١٥ ارتفعت بشكل لافت وغیر مسبوق حیث سُجل خلاله اعتقال

(٢١٧٩) طفلا، ویشكلون ما نسبته (٩,٣١%) من اجمالي الاعتقالات خلال العامنفسه[14][15]. مع الإشارة بأن الربع الأخیر من هذا العام شهد حملة اعتقالات غیر مسبوقةاثر اندلاع “انتفاضة القدس”. و قد بلغ متوسط الاعتقالات (١٨٢) حالة اعتقال شهریا.

–             وخلال العام ٢٠١٦ اعتقل الاحتلال نحو (١٣٨٤) طفلا، وهؤلاء یشكلون ما نسبته (٢١%) من اجمالي الاعتقالات خلال نفس العام.وكان متوسط الاعتقالات

العام نفسه. وكان متوسط الاعتقالات (١٢٢) حالة اعتقال شهریاً [16]

–             وخلال العام ٢٠١٨ اعتقل الاحتلال نحو (١٠٦٣) طفلا، وهؤلاء یشكلون ما نسبته (٤,١٦%) من اجمالي الاعتقالات خلال العام المنصرم[17]. وكان متوسط الاعتقال في صفوف الأطفال نحو (٨٩) حالة اعتقال شهریاً.

وكما هو موضح أعلاه، فانه من الملاحظ أن الخط البیاني لاعتقالات الأطفال یسیر نحو الصعود منذ العام ٢٠١١، فیما شهد صعودا خطیرا خلال السنوات الأخیرة، حیث سجل العام ٢٠١٤ زیادة قدرها (٣٦%) عن العام الذي سبقه، وأن اعتقالات الأطفال خلال العام ٢٠١٥ شكّ لت زیارة أكبر وقد بلغت (١,٧٢%) عن العام الذي سبقه، وزیادة تصل الى (١٣٤%) عن العام ٢٠١٣، وزیادة تصل الى (٣,١٤٧%) عن العام ٢٠١٢، وزیادة قدرها (٧,٢٢٦%) عن العام ٢٠١١.

                                                

فیما وبالرغم من تراجع اجمالي الاعتقالات في صفوف الأطفال خلال العام ٢٠١٦مقارنة بالعام الذي سبقه٢٠١٥، إلا أنها شكّ لت زیادة قدرها (٣,٩%) عن العام٢٠١٤، وزیادة قدرها (٧,٤٨%) عن العام ٢٠١٣، وزیادة قدرها (١,٥٧%) عنالعام ٢٠١٢، وزیادة تصل الى (٤,١٠٤%) عن العام ٢٠١١.  

فیما عادت وارتفعت الاعتقالات خلال العام ٢٠١٧ وشكلت زیادة قدرها (٦%) عن العام الذي سبقه٢٠١٦. 

وخلال العام المنصرم٢٠١٨، سُجل اعتقال (١٠٦٣) طفلا، وهي أقل عددا منذ اربع سنوات. فیما شهد العام ٢٠١٨ تصعیدا خطیرا بحق الأطفال والانتهاكات التي اقترفت بحقهم[18]

 

والجدول أدناه یُظهر حجم الاعتقالات التي طالت فئة الأطفال ونسبتها المئویة من اجمالي الاعتقالات التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائیلي خلال تلك السنوات

  (٢٠١٨-٢٠١١)

 

        نسبة الأطفال من اجمالي الاعتقالات السنویة  أعداد المعتقلین

من الأطفال 

السنة 
  %٢٠,٤   ٦٧٧   ٢٠١١
  %٢٢,٩   ٨٨١   ٢٠١٢
  %٢٤   ٩٣١   ٢٠١٣
  %٢١   ١٢٦٦   ٢٠١٤
  %٣١,٩   ٢١٧٩   ٢٠١٥
  %٢١   ١٣٨٤   ٢٠١٦
  %٢١,٨   ١٤٦٧   ٢٠١٧
  %١٦,٤   ١٠٦٣   ٢٠١٨
٥,٢٢% من اجمالي الاعتقالات   ٩٨٤٨               المجموع

 

                                                

 

اعتقالات الأطفال خلال “انتفاضة القدس” 

صعدت سلطات الاحتلال الإسرائیلي من اعتقالاتها للفلسطینیین منذ اندلاع “انتفاضةالقدس” في الأول من تشرین أول/أكتوبر من العام ٢٠١٥، بشكل غیر مسبوق، وان

تلك الحملات استهدفت كافة فئات وشرائح المجتمع الفلسطیني، ذكورا واناثا، صغارا وكبارا. وسُجل منذ ذلك التاریخ وحتى نهایة كانون أول/دیسمبر٢٠١٨، (٢٢٩٧٠) حالة اعتقال من كافة المحافظات الفلسطینیةفی، ما سُجل تصعیدا خطیراً ولافتاً بحق الأطفال الفلسطینیین خلال “انتفاضة القدس”، حیث سجل (٥٤١٤) حالة اعتقال لأطفال قصر، وهؤلاء یشكلون ما نسبته (٦,٢٣%) من اجمالي الاعتقالات خلال الفترة المستعرضة (انتفاضة القدس). 

 

وقائق مؤلمة ظروف احتجاز قاسیة 

تؤكد كافة الوقائع والإحصائیات على أن هناك استهداف إسرائیلي ممنهج للطفولة الفلسطینیة، وأن أعداد المعتقلین من الأطفال بمختلف المراحل العمریة قد ارتفع بشكل مضطرد وبوتیرة متصاعدة منذ العام٢٠٠٠ وتصاعد بشكل لافت منذ العام ٢٠١١، وأن تلك الاعتقالات قد ارتفعت أكثر وبشكل غیر مسبوق خلال “انتفاضة القدس” التي اندلعت في الأول من تشرین أول/ أكتوبر من العام ٢٠١٥،  

ولعل الأخطر أن تلك الاعتقالات لاتزال مستمرة، ولا تزال سلطات الاحتلال تحتجز في سجونها ومعتقلاتها نحو (٢٥٠) طفل تتراوح أعمارهم مابین ١٢- ١٨ عاماً، بینهم فتاة قاصر، ومن بینهم من یخضع للاعتقال الإداري، دون تهمة أو محاكمة، و غالبیتهم العظمى محتجزین في معتقلي عوفر ومجدو، والباقي موزعین على تلموند و النقب و هشارون.  

وتقع كل هذه السجون باستثناء عوفر خارج الأراضي الفلسطینیة المحتلة عام ١٩٦٧، ویعتبر اعتقال سكان الأراضي المحتلة في سجون خارج تلك الأراضي انتهاكا مباشرا لاتفاقیة جنیف الرابعة وخاصة المادة (٧٦)[19]، وحیث أن احتجازهم خارج الأراضي الفلسطینیة المحتلة یجعل من الزیارات العائلیة صعبة، نظراً لأن السكان الفلسطینیین في الأراضي الفلسطینیة المحتلة عام ١٩٦٧(باستثناء القدس) ییُطلب منهم الحصول مسبقا على تصاریح دخول للمناطق التي یقع فیها السجون الإسرائیلیة وأن غالبیة تلك التصاریح یتم رفضها بحجة “المنع الأمني”، وبالتالي ینتج عن ذلك حرمان العدید من أفراد العائلة من زیارة أطفالهم المعتقلین.  

 

ظروف السجون ومراكز الاعتقال 

یعاني الأطفال الفلسطینیون، المعتقلون في السجون والمعتقلات الإسرائیلیة، من ظروف احتجاز قاسیة وغیر إنسانیة، تفتقر إلى الحد الأدنى من المعاییر الدولیة لحقوق الأطفال، فهم یعانون من نقص الطعام ورداءته، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والاكتظاظ، والاحتجاز في غرف لا یتوفر فیها تهویة وا ٕنارة مناسبتین، والإهمال الطبي وانعدام الرعایة الصحیة، ونقص الملابس، وعدم توفر وسائل اللعب والترفیه والتسلیة، والانقطاع عن العالم الخارجي، والحرمان من زیارة الأهالي، وعدم توفر مرشدین وأخصائیین نفسیین، والاحتجاز مع البالغین، والاحتجاز مع أطفال جنائیین إسرائیلیین، والإساءة اللفظیة والضرب والعزل والتحرش الجنسي، والعقوبات الجماعیة، وتفشي الأمراض، إضافة إلى حرمانهم من حقهم في التعلم. 

وفي قراءة سریعة لما یحدث في السجون الإسرائیلیة، للأطفال الفلسطینیین الأسرى، یظهر هذا التدهور الأخلاقي، وانعدام القیم. ومن یقرأ شهادات الأطفال یُصاب بالذهول وبالصدمة، ویكتشف أن غرف التحقیق والتعذیب التي یتوحش فیها المحققون الإسرائیلیون، لیست أكثر من مسلخ للطفولة الفلسطینیة وافتراس كل ما هو جمیل ورائع فیها، وأن السجون كافة هي أماكن لتدمیر وتشویه مستقبلهم، فكافة المعطیات تشیر إلى أن هذه المعاملة هي الأكثر سوءاً ،والأشد انتهاكاً للمعاییر الدولیة، وأن حقوق الطفل الدولیة[20] لیس لها مكان حینما یتم التعامل مع الأطفال الفلسطینیین في تلك السجون والمعتقلات.   

 

 

                                                

تعذیب الأطفال:   

كل من مر بتجربة الاعتقال، كان قد تعرض لشكل أو أكثر من أشكال التعذیب الجسدي والنفسي: 

لقد تعرضكا فة الأطفال الفلسطینیین الذین مر ّ وا بتجربة الاعتقال وبنسبة ١٠٠%  لشكل أو أكثر من أشكال التعذیب الجسدي والنفسي، أو الإیذاء المعنوي و الإهانة والتنكیل، وأن البعض منهم تعرض للضغط والابتزاز والمساومة، وبعض آخر منهم تعرض للتفتیش العاري والتحرش الجنسي والتهدید بالاعتداء الجنسي، وفي أحیان    أخرى تحولت المستوطنات لمر اكز للاعتقال والتحقیق والتعذیب. 

وقد روى الكثیر من الأطفال شهاداتهم المؤلمة لمحامیي

هیئة شؤون الأسرى، وأكدوا تعرضهم للضرب والتنكیل والمعاملة المهینة خلال اعتقالهم من قبل قوات الاحتلال وأثناء اقتیادهم لمراكز التحقیق والتوقیف الإسرائیلیة، وهذه واحدة من تلك الشهادات، حیث روى الطفل الأسیر محمد بیاعة (١٦ عاماً) من مخیم شعفاط قضاء القدس، و یقبع في سجن مجدو، تفاصیل اعتقاله لمحامي الهیئة، وقال: “اعتقلت في الثالث والعشرین من تشرین أول/أكتوبر عام٢٠١٦، بعدما داهم عدد من جنود الاحتلال منزلي الساعة الواحدة بعد منتصف اللیل، ثم انتشروا داخل البیت وقلبوه رأسا على عقب.” وتابع في روایته:” نقلني الجنود بعد ذلك إلى حاجز شعفاط سیرا على الأقدام بعد تقیید یدي وتعصیب عیناي، ومن هناك الى

 

سجن المسكوبیة، وعندما وصلت إلى هناك انهال عدد من الجنودعل ى ّ  بالضربالمبرح، قبل أن أدخل غرفة التحقیق، واستمر التحقیق لمدة أربع ساعات متواصلة وكنت مقیدا بالكر سي، ومن ثم تم نقله الى قسم الأشبال في سجل مجدو”[21]

و في شهادة ثانیة یقول الأسیر الطفل هاني أبو حمادة (١٧ عاماً) من مخیم بلاطة قضاء نابلس لمحامي الهیئة عن تفاصیل اعتقاله، أنه تم إیقافه بتاریخ ٢٩/١/٢٠١٧ في مستوطنة كرمي شمرون ساعات الظهیرة، بعدما قام عدد من المستوطنین بمهاجمته، ثم وصل عدد من الجنود وقاموا ببطحه على الأرض وتقیید یدیه إلى الخلف، وبعدها انهالوا علیه بالضرب المبرح بأیدیهم وبأرجلهم وبأعقاب البوارید التي یحملوها، ثم جروه ودفعوه بقوه الى داخل الجیب العسكري، ون نُقل فیما بعد إلى مركز الشرطة للتحقیق معه، وخلال التحقیق لم یتوقف المحقق عن ضرب الأسیر، حیث كانی یُوقعه على الأرض عمداً  ویدعس علیه بقدمیه ثم یجلسه على الكرسي ویستمر بضربه، وهدده أیضاً  بأنه اذا لم یعترف سیقوم باعتقال والدته وا ٕخوته ویهدم بیته، بعد انتهاء التحقیقن نُقل الى معسكر جیش بجانب قلقیلیة، وفي الیوم التالي نقل الى سجن مجدو[22]

و كان لصورة الطفل الفلسطیني المعتقل، فوزي الجنیدي (١٦ عاماً) ،وهو یسیر مرفوع الرأس، مقیّد الیدین ومعصوب العینین ویحیطه أكثر من ٢٣ شخصاً من جنود الاحتلال الإسرائیلي، وهم بكامل عتادهم العسكري ومدجَّ  جین بالسلاح، صدى كبیراً وانتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم. و كان لها وقع كبیر على الصحافة الأجنبیة كما العربیة، على حد سواء. واعتبرها المغردون تعریة لجنود الاحتلال الذین یلاحقون الأطفال والفتیة، في محاولة فاشلة لقمع المواجهات. 

ویقول المصور “وسام الهشلمون” الذي التقط الصورة: “إن قوة عسكریة قدرها نحو ٥٠ جندیاً نصبت كمیناً لملقي الحجارة في منطقة باب الزاویة وسط الخلیل خلال الاحتجاجات، وما أن مر “الجنیدي” حتى انقض علیه الجنود، الذین انهالوا علیه بالضرب المبرح”[23].

                                                

وأضاف الهشلمون: “إن الجنود ضربوا القاصر على أبواب المحال التجاریة، ورموهأرضاً وداسوا علیه بأقدامهم قبل اعتقاله”[24]

ویظهر القاصر الجنیدي في الصورة، معصب العینین رافعا رأسه مقید الیدیین، وسطنحو(٢٣) جندیا إسرائیلیا. وهي الصورة الرئیسیة الموجودة في مقدمة الدراسة.

 

ولا تتوقف السلطات العسكریة الإسرائیلیة عند هذا الحد، في تعاملها مع الأطفال الفلسطینیین، فكثیرا ما استخدمتهم دروعا بشریة، حین ترغب في اعتقال أحد المطلوبین من عائلاتهم، فتضعهم فوق مقدمة السیارة العسكریة، قبل أن تطلب من المتهم الخروج وتسلیم نفسه، وبذا یحتمي جنود الاحتلال بأجساد الأطفال خلال    تبادل إطلاق       النار  مع

(المطلوب)، وغني عن الذكر القول، بأن كل هذه الممارسات، مخالفة لأبسط قواعد القانون الدولي، واتفاقیة حمایة الطفولة[25]

وبالإضافة لما ذكر أعلاه فان المحاكم العسكریة الإسرائیلیة لا تراعي الأطفال وحقوقهم، أو طبیعة الإجراءات التي مروا بها منذ لحظة الاعتقال، أو الظروف التي واكبت انتزاع الاعترافات منهم تحت وطأة التعذیب والابتزاز، حیث یعتبرونها أدلة قانونیة ویصدرون الأحكام بشأنها بحق الأطفال ولسنوات طویلة وصلت بحق بعضهم للسجن المؤبد (مدى الحیاة).  

ولا زالت المحاكم العسكریة الاسرائیلیة تصدر احكاما عالیة بحق الاطفال اضافة الى غرامات مالیة باهظة بحقهم، بحیث لا یوجد طفل الا وفرض علیه حكما فعلیا وغرامة مالیة، ویأتي ذلك وفق قانون تعسفي صادقت علیه حكومة الاحتلال عام ٢٠١٥ ویقضي برفع الاحكام بحق الاطفال[26]، وأن مجموع الغرامات التي فرضت على المعتقلین من الأطفال في سجن عوفر فقط خلال العام المنصرم٢٠١٨، قدبلغت (٠٠٠,٠١٨,١) شیكل إسرائیلي، (ملیون وثمانیة عشر ألف شیكلاً) أي ما یعادل من (٢٧٥٠٠٠) دولار أمریكي. حسب ما وثقه محامو هیئة شؤون الأسرى والمحر ّ رین. وا ٕذا ما أضفنا ما فرض من غرامات مالیة على الأطفال في السجون الأخرى، ومای یُفرض على الفئات العمریة الأخرى من الأسرى، فإن مقدار الغرامات المالیة ستتضاعف عدة مرات[27].

هذا واستمرت سلطات الاحتلال بإصدار أوامر الحبس المنزلي عبر المحاكم الخاصة بحق الأطفال المقدسیین حیث أصدرت المحاكم الإسرائیلیة أكثر من مئة قرار بـ “الحبس المنزلي” خلال العام ٢٠١٨، غالبیتها العظمى كانت بحق أطفال مقدسیین، وأن هذه القرارات تعتبر بدیلاً عن السجن وتهدف للإقامة المنزلیة وتقیید حریة الأشخاص. ویُعتبر “الحبس المنزلي” إجراءً تعسفیاً ولا أخلاقیاً ومخالفةً لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما ویشكل عقوبة جماعیة للأسرة بمجموع أفرادها التي تضطر لأن تَ بقى في حالة استنفار دائم، حریصة على حمایة ابنهم من خطر تبعات تجاوزه للشروط المفروضة. مما حو ّ ل البیوت إلى سجون والأهالي إلى سجانین على أبنائهم الأطفال. 

وأحیانا یكون القرار بإبعاد الطفل عن منزل ذویه إلى منزل أحد الأقارب في منطقة سكنیة مختلة لزیادة المعاناة النفسیة والأعباء الاقتصادیة على عائلة الطفل[28]

و تنتهج حكومة الاحتلال الإسرائیلي سیاسة التمییز العنصري، ضد الأطفال الفلسطینیین، ففي حین تتعامل مع الأطفال الیهود من خلال نظام قضائي خاص بالأحداث – تتوفر له ضمانات المحاكمة العادلة، والتأهیل المناسب – فإنها لا تخجل من أن تنتهك كل ذلك، حین یتعلق الأمر بتعاملها مع الأطفال الفلسطینیین. 

وخلافاً لالتزاماتها بتوفیر ضمانات قضائیة مناسبة لاعتقال الأطفال، وضرورة محاكمتهم بموجب اتفاقیة حقوق الطفل والقانون الدولي الإنساني، طبقت سلطات الاحتلال الإسرائیلي أوامر عسكریة عنصریة على الأطفال الفلسطینیین الأسرى، وتعاملت معهم من خلال محاكم عسكریة تفتقر إلى الحد الأدنى من معاییرالمحاكمات العادلة. بالإضافة الى إقرار مجموعة من القرارات و مناقشة واقرار عددمن القوانین خلال السنوات الأخیرة والتي تهدف الى اجازة اعتقال القاصرینومحاكمتهم وتغلیظ العقوبة بحقهم. 

وأقر الكنیست بتاریخ ٢٥/١١/٢٠١٥ مشروع قانون یسمح بمحاكمة وسجن الأطفال من هم أقل من ١٤ عاماً ،وهو ما یتعلق بالأطفال الفلسطینیین الذین یخضعون لقانون الأحداث الإسرائیلي المدني كأطفال القدس. وینص القانون على أن المحكمة تستطیع أن تحاكم أطفالاً من سن ١٢ عاماً ؛ لكن عقوبة السجن الفعلي تبدأ بعد بلوغهم سن ١٤ عامً ا؛ بحیث یصبح جیل المسؤولیة الجنائیة هو ١٢ عامً ا؛ ویمكن إعتقال طفل والتحقیق معه؛ وبعد إدانته یتم إرساله إلى إصلاحیة مغلقة (مركز إیواء)، ویبقى فیها إلى أن یبلغ ١٤ عامً ا[29].

 

اننا نرى أن عنوان الهجمة الإسرائیلیة لوأد “انتفاضة القد “س وا ٕخماد لهیبها، هم الأطفال، حیث من الواضح أن إسرائیل تهابهم وتخشى مستقبلهم، لهذا وظَّ  فت كل أجهزتها وأدواتها لقمعهم وبث الرعب في نفوسهم، وأقرت عدد من القوانین للانتقام منهم وتغلیظ العقوبة ضدهم، وتسعى لتشویه واقعهم وتدمیر مستقبلهم والتأثیر على توجهاتهم المستقبلیة بصورة سلبیة، بشكل یخالف كافة المواثیق الدولیة لاسیما اتفاقیة حقوق الطفل. 

ولذلك فإن الاستهداف الإسرائیلي المتصاعد ضد الأطفال الفلسطینیین وتأثیرات تلك الانتهاكات والجرائم المروعة التي تُقترف بحقهم، یشكل خطراً حقیقیاً على واقعهم ومستقبلهم وأوضاعهم الصحیة، في ظل الممارسات التعسفیة التي تُقترف بحقهم خلال الاعتقال، وأشكال التعذیب الجسدي والنفسي بعد الاعتقال، وحرمانهم من حقوقهم الأساسیة كالتعلیم الأساسي و الطعام المناسب، العلاج وتلقي الرعایة الطبیة اللازمة والمعاملة الإنسانیة اللائقة أثناء فترات الاحتجاز. 

 

                                                

آثار السجن والتعذیب تبقى عالقة في اذهان الأطفال 

مخطئ من یعتقد أن مرور السنون والعقود یمكن أن تمحو صورة قاسیة انطَبعت فيذهن طفل تعرض لحادث یفوق قدرته على التحمل، وما یصطلح على تسمیته بـ(الصدمة)، والصدمات النفسیة في الصغر لا تُمحى. تلك التي عادة ما تكون ناتجة عن أحداث مؤلمة بشكل كبیرمر ّ بها الطفل نفسه أو تعرض لها شخصیاً ،وقد تكون

نتیجة مراقبة لأحداث كبیرة شاهدها الطفل أو راقبها. وواهم من یظن كذلك أن  بمقدور السنین أن تُنسي الطفل تلك الأحداث في كبره، أو أن تُزیل تأثیرات الصدمة التي أحدثت له آثارا عمیقة في صغره، و التي یمكن أن تتكرر في الظهور في كبره كلما تذكر أو شاهد أي شيء یرتبط بالحدث الأصلي.  

لیس بالضرورة أن تتجلى تلك التأثیرات بالانطواء والشعور بالیأس واضطرابات الاكتئاب والقلق، والانسحاب من الحیاة الروتینیة.. الخ، فهي یمكن أن تؤدي الى

تأثیرات فظیعة على الصحة النفسیة للأطفال وتكوین شخصیاتهم وسماتهم النفسیة وخصائصهم بدرجة أعلى من البالغین، سواء أكانوا أولئك الذین مر ّ وا بتجربة الاعتقال والسجن بشكل مباشر، أم أولئك الأطفال الذین عُذبوا وعانوا من تداعیات اعتقال أحد الوالدین أو كلیهما. فیما الحالة الفلسطینیة تشیر الى أن غالبیة الأطفال الذین تعرضوا للاعتقال والسجن بشكل مباشر أو غیر مباشر، نما لدیهم شعور متزاید من الكراهیة للاحتلال، ویدفعهم نحو العنف والانتقام، وأن صور التعذیب والقهر بقیت راسخة في أذهانهم.  

تجربة شـخصیة 

وهذا ما حدث معي، وهذه حكایة اسرتي مع السجن الإسرائیلي. حیث اعتقل والديفي الثالث من آذار/مارس عام ١٩٧٠، فعرفت السجون من یومها، وحفظتمفرداتها، ومن ذاك الیوم والصورة بكل ملامحها وتفاصیلها عالقة في ذهني وماثلة أمام ناظري، ت لازمني وت صر على البقاء والتجذر عمیقاً في الذاكرة وتر فض الرحیل الأبدي، أو حتى لمجرد المغادرة المؤقتة.  

حكایة، بدأت فصولها باقتحام قوات الاحتلال لبیتنا الصغیر في منتصف تلك اللیلة، لغرض ارهابنا وتخویفنا، بل وبث الرعب لدى كل المحیطین بنا، وكنت حینها صغیرا جداً ولم یكن عمري قد تجاوز الثلاث سنوات، وكنت أهجي حروف اللغة العربیة، ولم أكن قد تعلمت بعد أبجدیات الاحتلال، وبعدها أصبحت تحملني أمي في حضنها وبین ذراعیها وأخذت تنقلني رغما عنها بین السجون حیثما یكون الأب متواجداً ،فحفظت مفردات الاعتقال والسجن قبل أن أجید تعلم حروف اللغة. واستمر هذا الحال لأكثر من خمسة عشر عاما متواصلة، قبل أن یتحرر والدي ضمن صفقة التبادل عام ١٩٨٥. 

وعلى الرغم من مرور (٤٩) عاما وأكثر على اعتقال والدي، وصغر سني حینذاك، إلا أنني لا زلت أذكر المشهد وأروي تفاصیله وطریقة اقتحام قوات الاحتلال الإسرائیلي المدججین بالسلاح لبیتنا الصغیر والعبث بمحتویاته، وركلهم لنا ونحن نیاما بأقدامهم وأعقاب بنادقهم، فاستیقظنا على وجوه الجنود المتوحشة، بالرغم من أن قوات الاحتلال كانت قد اعتقلت والدي من مكان عمله شرق مدینة غزة في وقت سابق من نهار ذاك الیوم. 

هذا المشهد لا یزال ماثلا في ذهني، ولم تستطع الأیام والعقود محوه أو إزالته، وهو ذاته وما أضیف له من مشاهد لاحقا جراء السجن والاعتقال، هو ما كان سببا في التحاقنا البكر بالمقاومة و یدفعنا للالتصاق دوما و طواعیة أكثر فأكثر بمقاومتنا المشروعة للاحتلال وقضایا الأسرى العادلة. 

فیما الذاكرة لم تسعفنِ  یوماً في استحضار الفترة التي سبقت اعتقاله، أو حتى استحضار دقائق معدودة وهو یداعبني خلالها، أو حتى لحظات محدودة وأنا في حضنه. بل واستجدیت الذاكرة مرارا لاستحضار مجرد مشهد واحد، أو حتى لصورةتجمعني به هنا أو هناك وهو یداعبني ویقبلني في طفولتي. ولكن شیئا مما تمنیناه لمیحدث.!  

فطفولتنا بدأت بمشهد اقتحام وتنكیل، واعتدنا على طریق المحاكم العسكریة قبل أن نعرف لریاض الأطفال طریقاً ،وترددنا على السجون وحفظنا أسماءها قبل أن نحفظ أسماء مدارسنا، وجلسنا على شبك الزیارة قبل أن نجلس على مقاعد الدراسة، وحفظنا مفردات السجن والاعتقال قبل أن نتعلم حروف اللغة العربیة، فأي مستقبل لطفولة كهذه یمكن أن تكون خارج نطاق الأسرى وقضایاهم العادلة ؟. 

فكبرت وكبرت بداخلي قضیة الأسرى، قبل أن أكبر وأتحول أنا الآخر بدوري إلى أسیر لأربع مرات، لم یحدث لي ذلك فقط، ولم یحدث لأبي فحسب، بل حدث مثل ذلك لأخي الأصغر والوحید جمال -الذي أبصر النور بعد اعتقال والدي ببضعة شهور- حین اعتُقل وهو في سن الطفولة وكان طالب في الصف العاشر لسنوات خمس متواصلة، قبل أن یتحرر ویُعاد اعتقاله للمرة الثانیة ویمضى سنتین إضافیتین.  

لقد اعتُقلنا سویا، وفي سجون متباعدة المسافة، ولسنوات طویلة، ولأي من القراء أن یتصور مدى معاناتنا ومعاناة والدینا، فبعدما كنا نتنقل برفقة الوالدة، لزیارة الوالد في هذا السجن أو ذاك، أصبحت الوالدة تتنقل بصحبة زوجها (والدنا) لزیارتي في هذا السجن تارة، وزیارة أخي في ذاك السجن تارة أخرى. فالأمور تغیرت وانقلب الحال، فالوالد الأسیر أصبح زائراً ،والصغار كبروا وأصبحوا أسرى، والسجون بقیت على حالها، والوالدة – أطال اﷲ في عمرها- باتت تحفظ أسماء السجون ومواقعها. وكانت زائرة دائمة التردد على السجون طوال ربع قرن دون انقطاع.  

والیوم وبدون مبالغة، كلما سمعت أو كتبت شیئاً عن الأسرى ومعاناتهم وأبنائهم، اضطررت لاستحضار تجربتي الشخصیة، لهذا تجدني أشعر بالألم، وكلما شعرت بالألم، ازددت إصراراً على المضي قدماً نحو العمل والعطاء من أجل حریة الوطن والأسرى بالوسائل الممكنة والمشروعة.  

 

 

الخاتمـة: 

 

لقد دفع الأطفال الأسرى ثمناً باهظاً ،من التعذیب والتنكیل أثناء اعتقالهم و بعد اعتقالهم. وتشیر كثیر من التقاریر الرصینة (المُحكَّ  مة)، إلى حقیقة أن هناك أطفالاً فلسطینیین كثیرین، ظهرت علیهم العدید من الأعراض النفسیة السلبیة مثل:

الصدمات النفسیة القویة، والانزواء والاكتئاب، وسیطرة الكوابیس، مما أثر بالسلب على تحصیلهم الدراسي، وانتظامهم التعلیمي في المدارس، كما ظهرت لدى الكثیرین منهم أعراض خطیرة كالقلق والتوتر، أو قلة النوم، أو فقدان الثقة في الآخرین، بما یؤدي إلیه كل ذلك من خوف دائم، وشعور بالعجز، وسلوك قهري، وتبول لاإرادي. 

لقد انتشرت كل الأمراض السابق ذكرها لدى فئات عمریة مختلفة من الأطفال، الذین سبق لهم أن تعرضوا للاعتقال والتعذیب، في مراحل مبكرة من أعمارهم. ولا شك أن أكثر هؤلاء الأطفـال سوف یخرجون من سجونهم وهم یشـعرون بكثیر منالغضب والكراهیة والرغبة في الانتقام[30]

إن كافة المواثیق والأعراف الدولیة، قد جعلت من اعتقال الأطفال ملاذا أخیرا، وجعلت من لجوء القاضي إلى الحكم بسجن طفل ما، وا ٕن كان و لا بد منه، فلیكن لأقصر فترة زمنیة ممكنة، مع ضرورة تجنیبه الإجراءات القضائیة قدر الإمكان، على اعتبار ان الطفل بسبب عدم نضجه الجسمي والعقلیبحاجة إلي حمایة وعنایة خاصة، وخصوصا إلي حمایة قانونیة مناسبة سواء قبل مولده أو بعده، وتمتعه بجمیع الحقوق المقررة في إعلان حقوق الطفل الذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعیة العامة١٣٨٦ (د- ١٤) المؤرخ في ٢٠ تشرین الثاني/نوفمبر ١٩٥٩. وكذلك اتفاقیة حقوق الطفل التي اعتمدت بموجب قرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة ٤٤/٢٥ المؤرخ في ٢٠ تشرین الثاني/ نوفمبر ١٩٨٩، وأبرزها تمكنه من التمتع بطفولة سعیدة ینعم فیها، ولكل طفل بلا استثناء أن یتمتع بهذه الحقوق دون أي تفریق أو تمییز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو الدین أو الرأي سیاسیا أو غیر سیاسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو أي وضع آخر یكون له أو لأسرته. ولعل المادة السابعة والثلاثین من اتفاقیة حقوق الطفل مثالأ لمانقول والتي تنص على ما یأتي: 

-ی یُمنع تعریض أي طفل للتعذیب، أو لغیره، من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسیة، أو غیر الإنسانیة، أو المهینة. ولا تُفرض عقو بة الإعدام أو السجن مدي الحیاة، بسبب جرائم یرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة، دون وجود إمكانیة للإفراج عنهم. 

-ی یُمنع حرمان أي طفل من حریته، بصورة غیر قانونیة أو تعسفیة. ویجب أن یجرى اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه، وفقا للقانون. ولا یجوز ذلك إلا كملجأ أخیر، ولأقصر فترة زمنیة ممكنة. 

-ی یُعامل كل طفل، محروم من حریته، بإنسانیة واحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، وبطریقة تراعى احتیاجات الأشخاص الذین بلغوا سنه. وبوجه خاص، ییُفصل كل طفل، محروم من حریته، عن البالغین، وتوفر له كافة الحقوق الأساسیة الواضحة في القانون الدولي. 

–      لكل طفل محروم من حریته الحق في الحصول، بسرعة، على مساعدة قانونیة، وغیرها من المساعدة المناسبة. فضلا عن الحق في الطعن في شرعیة حرمانه من الحریة، أمام محكمة، أو أي سلطة مختصة مستقلة ومحایدة أخرى، كما یجب أن یجرى البت بسرعة في أي إجراء من هذا القبیل.

ورغم معرفة سلطات الاحتلال لهذه الحقیقة؛ إلا أنها تضرب عنها صفحا. ففي تعاملها مع الأطفال الفلسطینیین، جعلت الحكم بسجن الطفل الفلسطیني الخیار المفضل لدیها، ولأطول مدة ممكنة، دون مراعاة العمر. كما دأبت المحاكم العسكریة الإسرائیلیة على تعمد إهمال النظر في الظروف التي انتزعت فیها الاعترافات من الأطفال، ففرضت علیهم أحكاماً قاسیة -في الغالب-  وصلت أحیانا إلى السجن المؤبَّ د (مدى الحیاة). 

 

 

 

النتائج: 

 

–      ان عملیات اعتقال الأطفال تنفذ في اطار سیاسة ممنهجة، وان كافة مركبات النظام السیاسي في دولة الاحتلال تشارك في اقرار وتنفیذ تلك السیاسة التي تهدف الى بث الرعب والخوف في نفوس الأطفال والمساس بهم والتأثیر على توجهاتهم المستقبلیة بصورة سلبیة، و تشویه واقع الطفولة الفلسطینیةبشكل عام و تدمیر مستقبلها.

–      تعد الأرقام والمعطیات الاحصائیة التي تناولتها الدراسة أعلاه، في غایة الخطورة، وأن جمیع الأطفال الفلسطینیین، الذین اعتقلتهم سلطات الاحتلال الإسرائیلي، وبنسبة ١٠٠%، قد تعرضوا للإیذاء المعنوي و للتعذیب بأشكاله المختلفة. 

–      جمیع من تم الزج بهم ععُوملوا بقسوة في السجون و المعتقلات وأماكن الاحتجاز، حیث تضعهم سلطات الاحتلال الإسرائیلیة في ظروف قاسیة لا تختلف من حیث قسوتها، عن السجون التي یُحتجز فیها الأسرى البالغون، كما لا یختلف السجانون فیها عن سجاني السجون المخصصة للبالغین، إن لم یكونوا أشد قسوة.

–      إن سلطات الاحتلال تحرم الأطفال الفلسطینیین المعتقلین لدیها من أبسط الحقوق الإنسانیة، التيی یُفترض أن القانون الدولي یمنحها لهم، لقد نص القانون الدولي على حق مواطني الأراضي المحتلة في عدم التعرض للاعتقال العشوائي، كما نص على حقهم في معرفة سبب اعتقالهم، في حالة تعرضهم للاعتقال، بغض النظر عن دینهم وقومیتهم وجنسهم ودیانتهم. فإذا كان هذا یخص البالغین، فلا شك أنه یخص الأطفال أكثر. فكیف یمكن أن یقبل الضمیر العالمي باعتقال طفل دون أن یعرف ذووه المكان الذي یصیر إلیه، أو سبب اعتقاله؟ بل دون أن یكون لهم الحق في توكیل محامٍ یدافع عنه في وجه دولة تعتدي على طفولته أمام أعین والدیه!.. 

–      ان تلك الاعتقالات والممارسات الوحشیة بحق الأطفال المعتقلین تلحق الضرر بمستقبل الأطفال ووعیهم النفسي وطرائق تفكیرهم في المستقبل.حیث یبدو أن مستقبلهم مهدد بالضیاع، هذا الذي ینتظر مثل هذا الطفل الذي لا ذنب له سوى أنه فلسطیني ولا حمایة له!.

–      تخطئ دولة الاحتلال الإسرائیلي إن استمرت في اعتقادهـا أن تحقیـق أمـن واسـتقرارحدودها وسلامة مواطنیها سوف یتأتى عبر اعتقالها للمواطنین العُ زل واستهدافها للأطف ال الأبری اء. وتُخط ئ الظ ن ان اعتق دت أیض ا أن الس نین بإمكانه ا أن تمح و الص ورة المؤلم ة م ن أذه ان أولئ ك الأطف ال. ف لا ه ي نجح ت ف ي استئص ال روح المقاومة لدى شعب یواجه احتلالها ویبحث عن حریته، ولا هي نجحت في القضاء على كره الأطفال لها، ولا هي حافظت على أمنها من خطر ما بعد بلوغهم.

 

التوصیات: 

–      ضرورة اعتماد استراتیجیة عربیة برعایة جامعة الدول العربیة، لحمایة الطفولة الفلسطینیة من مخاطر الاعتقال،و فضح الممارسات الإسرائیلیة بحق الأطفال المعتقلین، و ابراز خطورة الأرقام و الاحصائي ذات الصلة بعملیات اعتقال الأطفالعلى واقع ومستقبل الطفولة الفلسطینیة وتأثیراتها الوخیمة عل المجتمع الفلسطیني. 

–      التحرك مع المؤسسات الحقوقیة والإنسانیة، العربیة والدولیة، لتوفیر الدعم القانوني للأطفال المعتقلین، والعمل من أجل وقف عملیات اعتقال الأطفال التي تلحق الخراب بالفرد والمجتمع و لن تؤدي سوى لمزید من العنف في المنطقة.

–      احتضان الأطفال بعد خروجهم من السجن في حال تعرضهم للاعتقال، والعمل من أجل اعادة تأهیلهم و مساعدتهم على الاندماج في المجتمع الفلسطینیواستكمال مسیرتهم الحیاتیة بشكل طبیعي..

–      توعیة الرأي العام الفلسطیني والعربي والدولي بقضیة الأسرى بشكل عام وما یتعرض له الأطفال بشكل خاص، والعمل على اصدار مطبوعات من دراسات وبحوث ..الخ .

–      حث وسائل الاعلام العربیة لتبني قضیة الأطفال الاسرى وعرض معاناتهم وما یتعرضون له من انتهاكات جسیمة، بكل الوسائل الممكنة، وعدم حصر تلك الأنشطة بالمناسبات الموسمیة. 

–      مطالبة المجتمع الدولي وجمیع المنظمات الحقوقیة والإنسانیة بتحمل مسؤولیاتها والتدخل الفوري والسریع لوقف استهداف الأطفال والحد من معاناتهم المتفاقمة، وتنظیم حملات دولیة للدفاع عن الأطفال والضغط على اسرائیل للإفراج عن كافة الأطفال المعتقلین في سجونها ومعتقلاتها. 

–      التأكید على أن قضیة الأسرى عموما هي قضیة مركزیة بالنسبة للشعب الفلسطیني عامة، وتحظى باهتمام الكل الفلسطیني على اختلاف انتماءاته الفكریة والسیاسیة، حیث أن غالبیة الشعب الفلسطیني تجرع ألم الاعتقال، وباتت مفردات الاعتقال والسجن والتعذیب من المفردات الثابتة في القاموس الفلسطیني، ویؤمل أن تحظى بنفس الأهمیة بالنسبة للأمتین العربیة والاسلامیة، على اعتبار أن هؤلاء ضحوا وأفنوا زهرات شبابهم من أجل قضیة عربیة اسلامیة مقدسة، و بالتالي فان الدفاع عنهم ومساندتهم والعمل من أجل تحریرهم هو واجب عربي واسلامي.   

 

انتهى،، 

عبدالناصر عوني فروانة 

 أسیر محرر و مختص بشؤون الأسرى، و عضو المجلس الوطني الفلسطیني  رئیس وحدة الدراسات والتوثیق في هیئة شؤون الأسرى والمحررین 

 

 الموقع الشخصي: فلسطین خلف القضبان  www.palestinebehindbars.org  الفیسبوك: عبدالناصر فروانة 

  ٠٠٩٧٢٥٩٨٩٣٧٠٨٣ :جو ال وواتس  ٠٠٩٧٠٥٩٩٣٦١١١٠:جو ل  ferwana2@gmail.com

 

[1] اعلان حقوق الطفل ١٩٥٩ 

[2] اتفاقیة حقوق الطفل ١٩٨٩ 

[3] تقریر ھیئة شؤون الأسرى والمحررین بمناسبة  یوم الأسیر الفلسطیني ١٧ابریل٢٠١٨ 

[4] الاعلان العالمي لحقوق الإنسان- المادة ١١ 

[5] انظر ھیئة شؤون الأسرى والمحررین – تقریر حصاد العام  ٢٠١٨م. 

[6] انظر اتفاقیة حقوق الطفل- الجزء الأول-  (المادة١) 

[7] انظر ھیئة شؤون الأسرى والمحررین، تقریر حصاد عام ٢٠١٨م 

[8] انظر اتفاقیة حقوق الطفل- الجزء الأول (المادة١٦) 

[9] انظر موقع “فلسطین خلف القضبان” بیان صحفي بتاریخ ٢٨ أیلول٢٠١٨  

[10] انظر تقریر ھیئة شؤون الأسرى والمحررین  بمناسبة یوم الأسیر –ابریل٢٠١٨ 

[11] انظر موقع فلسطین خلف القضبان- تقریر٢٨-١٢- ٢٠١٢ 

[12] المصدر السابق- تقریر ٢٧- ١٢- ٢٠١٣ 

[13] الأسرى        صادر بتاریخ ٧ ینایر ٢٠١٥   

[14] انظر تقریر ھیئة شؤون الأسرى والمحررین تقریر حصاد ٢٠١٦ 

[15] انظر تقریر ھیئة شؤون الأسرى والمحررین الصادر بتاریخ ٥ ینایر٢٠١٦- 

[16] انظر تقریر ھیئة شؤون الأسرى والمحررین-تقریر حصاد ٢٠١٧ 

[17] الأسرى              تقریر حصاد ٢٠١٨ 

[18] الأسرى                حصاد ٢٠١٨م.

[19] اتفاقیة جنیف الرابعة  بشأن حمایة الأشخاص المدنیین (المادة ٧٦)

[20] اتفاقیة حقوق الطفل ١٩٨٩ واعلان حقوق الطفل ١٩٥٩

[21] انظر بیان صحفي ھیئة شؤون الأسرى منشور على وكالة معا بتاریخ ٢٧- ٣-٢٠١٧

[22] انظر المرجع السابق 

[23] انظر تقریر وكالة الأناضول للأنباء  ١١ كانون الأول ٢٠١٧

[24] انظر المرجع السابق 

[25] انظر كتاب “الأسرى الفلسطینیون ..آلام وآمال”،  جامعة الدول العربیة-  ٢٠١٥ 

[26] انظر تقریر ھیئة شؤون الأسرى والمحررین حصاد ٢٠١٧ 

[27] انظر تقریر ھیئة شؤون الأسرى والمحررین حصاد عام ٢٠١٨

[28] انظر المرجع السابق 

[29] انظر المرجع السابق 

[30] انظر كتاب “الأسرى الفلسطینیون ..آلام وآمال”،  جامعة الدول العربیة-  ٢٠١٥