وقفة عز

عربي أوروبي في أمريكا

نضال حمد

قبل فترة وجيزة حدثني أحد أصدقائي الفلسطينيين عن صديق له جنسيته نرويجية وأصله عربي من العراق. قال صديقي أن صديقه سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لزيارة شقيقته هناك. لكنه تفاجئ عند هبوطه في أحد مطارات الولايات المتحدة الأمريكية بالأمن الأمريكي يعيده من حيث أتى، وتم ذلك بعد حفلة إذلال وإهانات من كل الأشكال والألوان، شارك فيها مندوبون عن كل الأجناس الأمريكية الحية، الأصفر والأحمر والأبيض والأسود، الذين هم عماد سكان أمريكا بلد الحريات المذبوحة.

صاحب صاحبي لم يستطع فهم القصة كلها من أولها الى آخرها إلا بعدما فتح جواز سفره وقرأ أسمه من جديد، ساعة وجد أن الاسم محمد على أسم الرسول العربي، نبي المسلمين، والكنية عربية أصيلة من أرض العرب الواسعة.

 نعم عاد صاحب صاحبي الى النرويج ولغاية اليوم يجهل السبب الذي دعاهم في بلد الحريات الى قمع حريته ومنعه من الالتقاء بشقيقته وزيارة بيت أخته… هل لأنه عربي الأصل مما يعني أنه ولد إرهابيا منذ رأت عيناه النور؟!…

 كما قال هذا النرويجي العراقي المصدوم بعداء الأمريكان ولا عقلانيتهم وعنصريتهم ضد العرب والعاربة، خاصة بعدما كبلوه بالأغلال والأصفاد في يديه ورجليه وسجنوه لثلاثة أيام متتالية في زنزانة انفرادية، قبل أن يعيدوه من حيث أتى، ولم تنفع معهم جنسيته النرويجية، التي ذكرهم بها، فعندها أجابوه، بأنه عربي الأصل وهذا الأهم.

العراقي المصدوم بعث برسالة  ينصح  فيها شقيقته بمغادرة أمريكا والعودة الى البلاد أو الهجرة لأي بلد آخر، لأن أمريكا مقبلة على أيام صعبة، سيكون فيها العرب الأمريكان ضحايا الخريطة، وسوف تكون التفرقة العنصرية ضدهم شرعية، لأن إدارة بوش صديق وحليف شارون نفسها عنصرية وغيبية وعدوانية، وتقوم بتربية وتنشأة المجتمع الأمريكي على عداء العرب والمسلمين بعد أحداث 11 أيلول 2000. وما سيزيد من “الطين بلة”  كما يقول مثلنا الشعبي أن الأمريكان يُضرَبون بشدة ويُصابون كل ساعة في أرض السواد، ويتم حصدهم من قبل المقاومة العراقية يوميا، ومعنوياتهم منهارة وفي الحضيض، وأعداد  القتلى والجرحى والخسائر تزداد يوميا في بلاد الرافدين.

  وهذا بالطبع ما يحدث الآن في العراق، فهل ستسمع الشقيقة نصيحة شقيقها وتعود الى المنزل الأول حيث جنود بوش يحتلون كل شيء ويموتون من أجل لا شيء؟

لازال صاحبي الفلسطيني النرويجي الذي حدثني عن قصة صاحبه العراقي النرويجي لا يعرف كيف أن دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل بكل صلف ووقاحة وعنجهية وقلة احترام مع مواطن ورعية من رعايا دولة أوروبية حليفة مثلما هي النرويج عضو حلف الناتو… فهي ذات سيادة وقوانين حضارية وديمقراطية..

أقول للصديق وصديقه أن حال الدنيا تبدلت منذ أن عَلَت سُحُب الدخان في سماء المدن الأمريكية، لذا لم تعد الديمقراطية والحريات موجودة في أمريكا كما كانت قبل الثلاثاء السوداء. وفي أوروبا أصبح خرق حقوق الإنسان أمرا عاديا بالرغم من الفرق الهائل والشاسع بين تلك الخروقات في القارتين.

 وبالمناسبة على كل صاحب أصول عربية ومشرقية وإسلامية في الغرب أن يجهز نفسه نفسيا لمثل تلك الحوادث والمشاكل، فما دام المحافظون الأمريكان والأوروبيين في الحكم فإن مشاكلهم وتعقيدات حياتهم ستزداد وتتكاثر في الأيام القادمة.

 

عربي أوروبي في أمريكا

نضال حمد

 2003 / 10 / 20

Bilderesultat for ‫عنصرية ضد العرب في امريكا‬‎