الأرشيفمن هنا وهناك

على ضوء رفع بعثة الاتحاد الأوربي في العراق علم المثلية الجنسية في بغداد – د.عامر صالح

على ضوء رفع بعثة الاتحاد الأوربي في العراق علم المثلية الجنسية في بغداد ـ الجزء الأول في المثلية الذكورية

د.عامر صالح

حذفت بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق، فجر الإثنين بتاريخ 2020ـ05ـ18، تغريدة الاحتفال برفع علم “المثلية الجنسية”، فوق مقرها بالعاصمة بغداد، بعد موجة غضب وتنديد سياسية ودينية. والأحد المصادف 2020ـ05ـ17، قالت بعثة الاتحاد الأوروبي، عبر حسابها بـ”تويتر”: “بالاشتراك مع السفارة الكندية والسفارة البريطانية في العراق، ننضم اليوم في بغداد مع بعثات الاتحاد الأوروبي حول العالم في رفع علم قوس قزح (علم المثليين) للاحتفال باليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية والتحول الجنسي، وتسليط الضوء على حقوق المثليين”.

ولاقى الإعلان الذي تم إرفاقه بصورة لـ”علم المثليين” المرفوع في بغداد، ردود فعل سياسية ودينية غاضبة طالبت بطرد سفراء دول الاتحاد الأووربي وإغلاق مقراتها. وعبّرت وزارة الخارجيّة العراقية الأحد، عن شجبها لخطوة الاتحاد الأوروبي، ودعت كافة البعثات العاملة في البلاد إلى التقيّد بالقوانين، ومراعاة الأعراف الدبلوماسية والقِيَم السائدة في المُجتمَع. كما أدان ديوانا الوقفين السُني والشيعي الإجراء، بالإضافة إلى البرلمان العراقي، ومراجع شيعية، وكتل سياسية.

وقد اعتبر الكثير هذه الخطوة غير مسبوقة في العراق، الذي يعد بلداً محافظاً، وتلعب الأعراف القبلية والدينية فيه دوراً بارزاً. ولكن في 3 مارس/ آذار الماضي، أشادت السفارة البريطانية في العراق عبر “تويتر”، بما قالت إنه “اعتراف” الحكومة بحقوق المثليين في البلاد. فيما نقلت مواقع محلية عن مصادر حكومية “لم تسمها” قولها إن السلطات العراقية لم تتخذ بعد أي خطوة رسمية باتجاه الاعتراف بحقوق المثليين. وتقول المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق المثليين، إنهم يتعرضون للاختطاف والقتل في العراق على يد مجموعات مسلحة مجهولة الهوية.

ومن الضروري التذكير أنه في 17 مايو أيار 1990، حذفت منظمة الصحة العالمية المثلية الجنسية من قائمة الأمراض النفسية، بعد مرور أكثر من 100 عام على تصنيفها كحالة مرضية. وأصبح هذا التاريخ يوميًا عالميًا لمناهضة رهاب المثلية والتحول الجنسي. وعادة ما تشهد مدن عالمية مسيرات دعما للمثليين لتسليط الضوء على معاناتهم في المجتمعات التي لا تتقبلهم، حيث لا تعترف قوانين كثير من الدول بحقوقهم.

ومن الضروري هنا الاشارة في أطار الترابط مع تلك المناسبة العالمية, الى ان منظمة العفو الدولية حثت الحكومة العراقية في فترات سابقة على بذل المزيد من الجهود لحماية المثليين في البلاد, وذلك في اعقاب صدورتقارير عن تزايد حوادث القتل في أوساط الشباب منهم على وجه الخصوص. وجاء في الرسالة أن25 فتى لقوا مصرعهم في العاصمة بغداد لوحدها خلال الأسابيع القليلة المنصرمة, وذلك اما لأنهم كانوا من المثليين الجنسيين, أو أن المهاجمين تصورا بأنهم كانوا كذلك. وقد انتقدت الرسالة ما أسمته”اخفاق الحكومة” العراقية بادانة حوادث القتل تلك,والتي يعتقد بأنها نفذت على أيدي رجال ميليشيات طائفية ,أو من قبل أفراد ينتمون الى عشائروعائلات الضحايا انفسهم.

الكتابة عن هذا الموضوع, لما فيه من خصوصية ومحاذير وتابو عصي على الاختراق والبحث في دائرة ثقافتنا التي لاتفصح عن كل شيئ, لكي يتسنى للناس ممارسة نقد وتقويم الظواهر المختلفة بطريقة بناءة,عبر تفهم ابعادها وتعقيداتها المتشعبة,وبالتالي يكون قبولها او رفضها كليا او جزئيا مبنيا على حيثيات الالمام بها وليست من منظور أقصائي متشنج ازائها, قائم على خلفية الجهل بها فيكون عند ذلك” افضل” الحلول هو لجمها بشتى الوسائل او التعتيم عليها, لكي تنمو الظاهرة اضعافا خلف الكواليس, أن كان طبعا ما يشير الى وجود ذلك المحرم ام لا. والمحرمات لاحصر لها في ثقافتنا, ولكن الخلاف في درجة المحرم وسقف شيوعه.

أن المثلية الجنسية قديمة قدم التأريخ, بشقيها: المثلية الذكرية (اللواط), والمثلية الأنثوية(السحاق). وكلا الظاهرتين موغلة في التأريخ, فالسحاق الذي يسمى” باللسبية” نسبة الى جماعة من النساء عشن في جزيرة لسبوس اليونانية في القرن السابع قبل الميلاد وأشتهرن بممارسة الجنسية المثلية,وماهذا التأريخ الا هو البداية” الرسمية” أو المعلنة فقط.أما اللواط فلا توجد دلائل تأريخية لبدايته الرسمية,ألا أن آثاره تعكس توغله هو الاخر في عمق التأريخ.

 

أن من اهم الأمور المتعلقة بالجنسية المثلية عند الذكور هي النظرة الأجتماعية لهذه الظاهرة السلوكية. ويوجد هناك تباينا لهذه النظرة عبر عصور التأريخ والحضارات المتعاقبة والمجتمعات المختلفة.فهي قد عرفت وأنتشرت في الحضارات القديمة لبلاد وادي الرافدين ومصر والهند والصين, ولايبدو أن هذه الحضارات قد أدانت هذه المماراسات, بل أن بعضها, وخاصة اليونانية القديمة قد حظيت بالكثير من التقدير كما يتضح ذلك من بعض محاورات أفلاطون, حيث يحدثنا عن عشق سقراط للغلام اليسباديس, ويذكر ديوجنيس أن سقراط عندما كان غلاما كان معشوقا لمعلمه, وارسطو كذلك المعلم الاول عند الاغريق كان أيضا يمارس الجنسية المثلية,وكذلك من أشراك عدد من آلهة الاغريق مثل”زيوس”و”بوسيدون”و”ابوللووهرميس”, في العلاقات المثلية, وما ورد عن تفشي المثلية الجنسية الذكورية في أسبارطة وهي أشد المدن بأسا وشجاعة. أما الأديان السماوية الثلاث(اليهودية والمسيحية والأسلام) فقد أدانت الجنسية المثلية وأعتبرتها مخالفا للفطرة الأنسانية وفناء للبشرية القائمة على الزوجين آصلا.وماحدث لقوم لوط من عقاب يمثل النظرة الدينية لهذه الممارسة.

 

وبالرغم من التحريم لها فقد أستمرت بالأنتشار في العصور التالية وأن كنا لانعلم بالتأكيد مدى ذلك الأنتشار بالنظر لما يترتب عليه الافضاء من عقاب.غير ان التأريخ الحديث من عصر النهضة وحتى الان قد ترك لنا أسماء مرموقة في تأريخ الفنون والاداب والحياة العامة ممن عرفوا بجنسيتهم المثلية اما في حياتهم أوبعد وفاتهم,ومنهم مايكل أنجلو,وليوناردو دافنشي, وشايكوفسكي, وبيكون, وربما شكسبير, واسكار وايلد, ولورنس, ومارسيل بروست, واللورد كيتشنر وعدد من ملوك الانجليز وغيرهم ممن لم تتناقل اسمائهم لأنهم لم يشتهروا,ولانعلم ان كانت تلك لعنة السماء عليهم ام ميزة لهم كي يتفردو.

 

أما الأتجاه المعاصر نحو مسألة الجنسية المثلية فهو أتجاه غير ثابت وغير متساوي في الكثير من البلدان والمجتمعات,فهنالك من يدين الممارسة اخلاقيا وبدون تبرير.وهنالك من البلدان ما يفرض عقوبة زجرية وتأديبية شديدة على ممارستها قد تصل الى الحبس المؤبد او القتل كما في البلدان التي تتخذ من الشرع الاسلامي واجهة لها.وهناك من يعتبر المسألة حالة مرضية تقتضي العلاج بالطرق الطبية والنفسية الممكنة,وهناك من يرفض هذه النظرة ولايعتبر الجنسية المثلية مرض من الامراض ولايفرض على الممارس لها ضرورة المعالجة بالأجبار.وفي خضم هذه الاتجاهات الاجتماعية والقانونية والدينية المختلفة يقوم أتجاها أكثر مرونة آزاء الجنسية المثلية. وهذا الاتجاه معمول به في بعض البلدان منها بريطانيا والسويد والدنمارك وهولندا وفرنسا وبعض الولايات المتحدة الامريكية وكلها اجازت الممارسة قانونيا على شرط آن تتم بين فردين راشدين ودون الاخلال بالآداب العامة.

 

ومن الضروري الأشارة هنا هو أن نسبة الممارسة في البلدان التي تسامحت قانونيا لم يزد على نسبة الممارسة في تلك المجتمعات التي تعاقب عليها وتكبحها بشدة(قد يجري ذلك على قاعدة كل ممنوع مرغوب), كما هو الحال في الكثير من المجتمعات في العالم, ومنها العربية والأسلامية حيث تشير دوائر العلاقات الأجتماعية المغلقة أن هذه الظاهرة متفشية بين أوساط وزراء ومسؤولين وسياسين ومثقفين وكتاب وحتى في أوساط المعلين وممارسي الطقوس الدينية, عدا المنتشر منها في البيئات الأجتماعية ذات الطابع الشللي, والتي تعاني من مظاهر انحراف متعددة كجرائم السرقات والقتل وغيرها.ألا ان عوامل النبذ الاجتماعي لهذه الظاهرة وصرامة العقاب لاتدعنا الى الوقوف على نسب أنتشارها, كما لانتوقع ان تنخفض هذه الظاهرة في ظل الانغلاق الاجتماعي وحالة الأنكفاء بين الجنسين والتخلف العام.وعلى اية حال فهي ظاهرة لها جذورها الممتدة في التأريخ القديم وما قبل الأسلام و ما بعده ,وتشير الى ذلك بوضوح الكثير من الكتابات التأريخية من شعر ونثر ومحاورات وقصص مختلفة, وما كثافة النصوص القرآنية بهذا الخصوص الا دليل دامغ على تفشيها.

 

ومن الجدير بالذكر هنا, أن النظرة الأجتماعية للعلاقة المثلية الجنسية عبر العصور لم تتميز بالشدة والأدانة التي حظيت بها الجنسية المثلية الذكرية, قياسا بنظيرتها ,الجنسية المثلية الأنثوية, وعلى العكس فأن بعض المجتمعات القديمة,كما كان الحال في اليونان القديم ,فقد رفعت الجنسية المثلية للمرأة الى المرتبة الأسمى من علاقات الحب,غير ان الكثير من الأديان وخاصة السماوية(والأسلام منها) أدانت وأزدرت هذا الأتجاه في المرأة, وجعلتها في منزلة الزنا, غير أنها لم تذهب الى حدود الأدانة الصارمة وما يترتب عليها من عقاب كما هو الحال في اللواطية عند الذكور. وقد يفسر هذا الفارق في الظاهرتين بأن العلاقة المثلية بين الذكور هي في معظمها كاملة من الناحية الجنسية وتشمل أنتقال السائل المنوي الى الطرف الاخر, بينما لايتم هذا الانتقال في العلاقة بين أمرأتين, او قد يفسر من منظور اختلاف الاسباب الداعية الى ذلك عند كلا المثليتين.

 

اما الموقف الديني التفصيلي من المثلية الذكورية(اللواط) فقد اعتبرها أنتكاسا للفطرة الأنسانية المخالفة للمثلية, وأعتبر اللواط من اعظم الجرائم وأقبح الذنوب وأسوأ الأفعال, وضعف للعقل.ونذكر هنا بشكل خاص قصة قوم لوط ودلالتها الرمزية في أنتشار ظاهرة اللواط,فقد وردت القصة في عشرة سور قرآنية وبزخم هائل من الوعيد والتهديد والعقاب,ونكتفي هنا بما ورد في بعض الايات من سورة الاعراف/الايات:80ـ84,قال: (ولوطا اذ قال لقومه اتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من احد من العالمين.انكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون وما كان جواب قومه إلا ان قالوا اخرجوهم من قريتكم انهم أناس يتطهرون.فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين. وأمطرنا عليهم مطرا فأنظر كيف كان عاقبة المجرمين). وتشير النصوص القرآنية, بما فيها النص المذكور اعلاه,الى أن عقوبتهم كانت قلب ديارهم عليهم,والخسف بهم ورجمهم بالحجارة من السماء,وطمس اعينهم…الخ.تلك اذن هي الدلالات الرمزية لطابع العقوبات القرآنية التي يجب أن تستخدم ضد ممارسي اللواط.وكذلك السنة النبوية,فما جاء على لسان النبي محمد بقوله:( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فأقتلوا الفاعل والمفعول به). وعلى هذا الأساس المستوحى من النصوص القرآنية والسنة النبوية,فقد اجمع على قتل اللوطي لكن اختلفوا في طريقة القتل,فمنهم من ذهب الى أن يحرق بالنار,ومنهم من قال,يرمى به من اعلى شاهق, ويتبع بالحجارة.وقد عمل في هذ العقوبات من قتل وحرق ورجم بعد النبي محمد وفي فترات تأريخية مختلفة.ويتفق الكثير من الفقهاء أن عقوبة اللواط اغلظ من الزنا,وعقوبته القتل على كل حال,أو يؤكد البعض القليل أن عقوبته وعقوبة الزنى سواء(أي مائة جلده).أما بالنسبة لعقوبة الجنسية المثلية الأنثوية( السحاق),فقد أختلفت العقوبة,فمنهم من يرى أن فعل المرأة للسحاق أخف من فعل الرجل للواط من الناحية العملية,وهو شبيه بمقدمات فعل الزنا مثل التقبيل والمفاخذة والملامسة( أي مانطلق عليه بالمداعبات), ولذلك أختلف فيه الفقهاء بين من يقول أنه زنا أومقدمات للزنا. وفي كلتا الحالتين فهو فاحشة ومحرمة في الدين, وقد يضع قول النبي محمد سقفا لهذا الاجتهاد بقوله:( السحاق زنا النساء بينهن).

 

وضروري الاشارة هنا أن القرآن آشار ضمنا الى وجود حالات عدم الميل الى الانثى عند بعض الرجال,كما ورد ذلك في سورة النور,في الاية(31), وهي التي تنصح المرأة بعدم اظهار زينتها (الا ماظهر منها) الى الناس,ولكن أستثنى بعض الناس الذين تستطيع ان تظهرلهم زينتها,ومن ضمنهم الاطفال وأولي الأربة.والمقصود هنا بأولي ألاربة, الرجال الذين لايشتهون النساء(أي ليست لديهم ميلا للجنس الاخر).كما أشار النبي محمد الى هذه الظاهرة عند كلا الجنسين بقوله :أربعة يصبحون في غضب الله ويمسون في سخط الله تعالى,قيل: من هم يارسول الله, قال:( المتشبهون من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال والذي يأتي البهيمة, والذي يأتي الذكرـ يعني اللواط). وبالرغم من هذا الاعتراف بوجود هذه الظاهرة إلا ان هناك رفض مطلق لما يترتب عليها من ممارسات سلوكية.

 

أذن هذا هو الموقف الديني من ظاهرة الجنسية المثلية الذكورية, يعكس لنا أنطباعا, أنه موقف قطعي وذو حد واحد,لايرى الظاهرة في أطارها الدينامي المتغير, ولا في سياق الظروف المحيطة بها,وتلك هي سنة الميتافيزيقيا الدينية وحدودها في بحث الظواهر الاجتماعية,وتلك هي أطر” المعالجة” من هذا المنظور.الا أن المعارف العلمية في ميدان علم النفس تؤكد لنا أن ظاهرة المثلية الجنسية هي ظاهرة مرنة وذات مظاهر مختلفة في التعبير عن نفسها,و قد يتسع او يضيق مقياس المثلية أستنادا الى درجات سلمها المتعددة, وبالتالي فأن أحتواء الظاهرة ووضعها في سياقها الصحيح,هو المدخل الذي يحصر الظاهرة الى حدودها الدنيا أستنادا الى الاسباب.

 

أن الجنسية المثلية عند الذكور, حالها حال الجنسية المثلية عند الأناث.تعني بحدودها الواسعة حالات الميل أو التوجه نحو أقامة علاقة ذات طابع جنسي بين ذكر وفرد آخر من جنسه.ومن الواضح أن هذا المفهوم الواسع قد ينوه بالتساوي بين حالات الميل وحالات التوجه الفعلي,وهو أمر غير صحيح, ذلك ان توفر الميل لايعني في كل الأحوال الأتجاه نحو الممارسة الفعلية,كما أن ممارستها بالفعل لايؤكد قيام حالة الميل الى الجنسية المثلية.ويتضح الفارق بين الحالتين اذا أمعنا النظر في الدرجات المختلفة للتوجه نحو الأمور الجنسية بين فردين ذكرين, فهناك اولا اولئك الذين يتخذون سمات الانثى من حيث اللباس او الكلام او التعامل الاجتماعي,ولكن بدون ظهور أي دليل على ميل او أهتمام او توجه نحو علاقة جنسية مع ذكر اخر وبأي درجة من التماس. وهنالك البعض من الذكور ممن تعرض لهم الاحلام المثلية في حالات اليقضة, ولكنهم لايبدون اهتماما او اتجاها فعليا نحو هذا النوع من الممارسة الجنسية. وفي درجة اخرى نجد اولئك الذين يداعبون الافكار والميول الجنسية المثلية ويتمنون ممارستها لو يستطيعون. وفي درجة اقوى اولئك الذين تنشط فيهم الميول العاطفية الى فرد من نفس جنسه وتصل الى حدود التعلق سواء اتضح فيها الميل للممارسة الجنسية او لم يتضح. وبالتالي فهنالك اولئك الذين يمارسون العلاقة الجنسية المثلية بالفعل,وحتى في هذه الحالة فهنالك صور ودرجات عدة لهذه الممارسة ومدى التماس بين جسمي الشريكين من مثل اللمس,الى الاحتكاك, والى الاستمناء, والى العملية الكاملة من الولوج.

 

وعلى اية حال فأن الأهتمام من الناحية النفسية ينصب على تلك الفئة من ممارسي الجنسية المثلية لابسبب ممارستهم الفعلية لها بل بسبب انعدام الأهتمام والتوجه لديهم للعمل الجنسي الطبيعي مع الجنس الاخر. ومع انهم قادرون على مثل هذه العلاقة غير ان ارضائهم الجنسي لايحصل الابعلاقة جنسية مع فرد من نفس الجنس,وهؤلاء ينظر اليهم بأنهم الجنسيون المثليون”الحقيقيون”, وهم على العموم لاخيار لديهم فيما يمارسونه”جسميا ونفسيا” بل يقبلون على الجنسية المثلية مطاوعة وبدون عناء الاختيار.

وهناك تفسيرات عديدة للجنسيةالمثلية, وليس لهذه التفسيرات كلها ان تتواجد في كل حالة من حالات الجنسية المثلية, فلكل حالة خلفيتها وظروفها ودوافعها الخاصة.والنظريات النسبية الواردة في تعليل الجنسية المثلية كثيرة بعضها ما يستند الى اسس نفسية وبعضها الى اسس اجتماعية وظرفية,وبعضها يعتمد على افتراضات بايولوجية وراثية او مكتسبة. ومع ما يتوفر في هذه النظريات المختلفة من منطق مقنع,الا ان الرأي الاكثر صوابا هو ان الاتجاه نحو الجنسية المثلية,خاصة الجنسية المثلية”الحقيقية” يتكون بفعل عوامل متعددة يصعب فرز واحد منها عن الاخرى.ويمكن ان نرصد هنا الاتجاهات العامة لهذه النظريات الواردة بخصوص الجنسية المثلية بالشكل التالي:

 

ـ أن الجنسية المثلية بدرجاتها المختلفة في الاطفال هي امر طبيعي, ولكن غير لازمة له. وتمثل دورا من أدوار النمو والنضوج الجنسي النفسي في حياة الفرد. غير أن هذا الدور ينتهي عادة بظهور الميول الجنسية نحو فرد من الجنس الآخر,غير ان استمرار الميول الجنسية نحو المثل من الجنس,قد يستمر بعد هذه المرحلة من النمو,واذا حدث ذلك فان من اسبابه تخلف الحدث في ادوار نموه الجنسي النفسي وتأخره في النمو العاطفي عما يناسب سنه.

ـ ممارسة الجنسية المثلية بشكل او اخر بما في ذلك العلاقة الكاملة منذ سن المراهقة وحتى الكبر قد يحدث احيانا او بشكل متواصل,وقد لايكون في هذه الممارسة اكثر من التعبير عن ضرورات التفريغ الجنسي الذي لايمكن الوصول اليه إلا عن هذه الطريقة كما هو الحال في بعض الظروف المعينة كالدراسة الداخلية(الاقسام الداخلية) والخدمة العسكرية والتجمعات الذكورية المزدحمة وانعدام منافذ التعبير الجنسي كما هو الحال في بعض المجتمعات المحافضة او المغلقة,وكما هو الحال في المجتمعات العربية والاسلامية,وجميع هذه الحالات لايمكن اعتبارها شذوذا جنسيا مطلقا بالمعنى الصحيح,وهي تنتهي عادة بأنتهاء الظروف التي أوجدتها.

 

ـ يمكن للفرد ان يتمتع بأتجاهين جنسيين في آن واحد فيكون طبيعيا في ميوله وممارساته الجنسية مع فرد من الجنس الاخر,كما أنه يميل الى او يمارس الجنسية المثلية مع فردمن جنسه.وقد يكون اتجاهه نحو ممارسة او اخرى متساويا, او أن تكون الغلبة لواحد او لأخر,ويصح اعتبار هذه المجالات بأنها انحرافا جنسيا اذا لم يتوفر ما يبرره ضرورة الجنسية المثلية بأسباب ظرفية وبتوفر الامكانيات للعلاقات الجنسية الطبيعية.

 

ـ يمكن للفرد في حالات مرضية معينة كمرض الفصام العقلي(الشيزوفرينيا),والخرف العقلي,وبعض امراض الشيخوخة أن يتراجع (ينكص) الى دور سابق من النمو الجنسي بما في ذلك الدور الجنسي المثلي.

 

ـ أما الحالات التي يتجه فيها الفرد اتجاها كليا وكاملا نحو الجنسية المثلية,ولاتتوفر لديه الرغبة والميل الى فرد من الجنس الاخر سواء قام بذلك أم لم يقم,فأن هناك العديد من النظريات التي تقدم تفسيرا لذلك,منها أن الفرد عانى منذ طفولته من عقدة الخصاء(الخوف من فقدان العضو التناسلي) وهذا مايدفعه الى تجنب العلاقة الجنسية مع المرأة لما توحي به هذه العلاقة في اللاوعي من أهلاك أو ضياع للعضو التناسلي. ونظرية أخرى تذهب الى ان الطفل كان يكره امه ولهذا يتجنب كل علاقة جنسية مع شاكلتها من نفس الجنس.ونظرية معاكسة ترى بأن السبب يعود الى أن الطفل في طفولته كان يكره والده, وهو بذلك يجد في العلاقة الجنسية مع فرد آخر وسيلة لتحقيق هذه الكراهية في النفس,وبهذا يكون العمل الجنسي المثلي تحقيقا لرغبة كامنة في النفس للتعدي على من هم من جنس ابيه والحاق الاذى بهم.ومن هذا القبيل نظرية ترد الجنسية المثلية الى أن الطفل قد تعلق بأمه في صغره والى حد التقمص لشخصيتها تلقائيا بما في ذلك خضوعها ومطاوعتها للعلاقة الجنسية, وكأن الطفل كان يكره اباه وما يمليه من رجولة وتسلط, وهو بذلك يختار اسلوب امه في الحياة بما فيه من خضوع وتقبل وسلبية. ومن النظريات التي تلاقي قبولا هي ان السلوك المتخنث في الطفولة يبدأ في بعض الاطفال كميل تلقائي نحو الاهتمامات والميول التي تمارسها الأم والابتعاد عن اهتمامات وميول الاب وغيره من ذكور العائلة.

 

والنظرية التي تلاقي قبولا اعظم في الاوساط العلمية هي ان الجنسية المثلية”الحقيقية والفعلية” تتقرر بفعل عوامل بايولوجية تنتقل بالوراثة اوتحدث في فترة حاسمة من فترات النمو الجنيني ويستشهدون على ذلك بأن هنالك توافق أكبر في الجنسية المثلية بين التوائم المتشابهه اكثر مما هو موجود في غيرهم من التوائم والاخوة, كما يعزز هذه النظرية الفشل في علاج الجنسية المثلية الحقيقية في معظم الحالات, وهناك رأي أكثر تطرفا لأنصار النظرية البايولوجية, وهو أن الجنسية المثلية تمثل وجود”جنس ثالث” غير جنس الذكر والأنثى, وبأن ممارستها هوتعبير عن هذا الجنس.وهو رأي مبالغ فيه الان.

 

أن هذا التصور الواسع والمرن لظاهرة الجنسية المثلية, والذي يستند الى نتائج البحث العلمي والملاحظات الميدانية الدقيقة يدفع بأتجاه تبني برامج ملموسة تربوية ونفسية ذات طابع وقائي وعلاجي يحصر الظاهرة الى حدودها الدنيا.أما التصور الحدي لظاهرة الجنسية المثلية, والذي نراه من خلال دعاة العقوبة الصارمة والتي لاتخضع للأجتهاد من حيث قساوتها, فهي ممكن أن تستخدم سلاح يطال أناس كثيرون لأنزال التصفيات الجسدية والعقاب بهم في ظل غياب واضح للحدود بين الدين والسياسة وفوضى اختلاط السلطات. وأن القتل على المثلية الجنسية قد يتخذ منه غطاء جديدا في الصراعات السياسية الدائرة في العراق, وهو أدعاء ووسيلة للجم افواه المذاهب والطوائف الأخرى في المطالبة بدماء ضحاياها.وهو خلط غريب يثير الرعب والدموية,عدا كونه تهمة سهلة لألصاقها بالأخر المختلف , الى جانب عقوبتها القاتلة والتي لاتستند الى القانون.

 

وفي الوقت الذي تعكف فيه مراكز أسلامية عديده في العالم على دراسة التخفيف من عقوبة قتل المثلي فعلا الى عقوبات أخرى اخف من الاولى ,تجنبا للفتنة الأجتماعية في ظروفنا المعاصرة, وأنطلاقا من الفهم الدينى الذي مفاده:” أن الفتنة أشد من القتل وأن كل فتنة حرام”, يتصدر العراق قائمة الدول التي تصدر الفتنة الأجتماعية. وفي ظل هذه الفوضى العارمة من يعلم منا, أن الكثيرون من يمارسو القتل على تهمة” المثلية” هم أنفسهم كانوا مثلين في فترة من فترات العمر,أو لايزالوا كذلك بل قد يكون ممارسة القتل هوآلية سايكوعقلية للأنتقام من الأخر والتكفير الذاتي ,عندما لاتتوفر الفرص للأنتقال الى حالة أفضل لدى صاحبه.

 

وأذا كانت المثلية الجنسية أستثناء, والاتصال بالجنس الاخر هو القاعدة, فأن الاستثناء يتواجد جنبا الى جنب مع القاعدة ولايمكن أقصاءه بوسائل الابادة الجسدية أن وجد, بل أن الوسائل التربوية أنجع بكثير من الأولى, وتلك هي التجربة التأريخية. وعدا ذلك فأن هذا يشكل مظهرا من مظاهر تشوه القاعدة وتصدعها وعدم مقدرتها على أحتواء الأستثناء.ونحن نعلم أن الاستثناء لايتحول الى قاعدة الا في حالات محدودة جدا, كما هو الحال في السياسة,وكما هي الحالة في العراق. حيث من السهل في ظل “ديقراطيتنا العريقة” أن يتهم الجميع بالجنسية المثلية ,ويستحق القتل, ويخرج الجميع “لاشرف له”, وتلك هي على ما يبدو” بدائلنا الناجعة” للكهرباء والماء ومحاربة الفساد وتحسين ظروف الحياة العامة وحقن الدماء.

 

كان رفع علم المثلية الجنسية من قبل الاتحاد الاوربي في بغداد ليست اجراء خاص بالعراق بل في بلدان ومجتمعات عدة في العالم, وكان من الأفضل ان نفهم دوافع ذلك بعيدا عن حالات الاسقاط السيكولوجي والعداء المستفحل للغرب في ظروف خطرة يمر بها العراق يختلط فيها فهم اصدقائه من اعدائه ولازال شعبنا يعاني من انعدام الأفق في ألتماس المستقبل والاستقرار الاجتماعي, وكان من الأفضل والأجدى ان نفهم ونساعد الناس على فهم ظاهرة المثلية الجنسية من منظور نفسي وتربوي وديني بدلا من استغلال الحدث في خلق اعداء للعراق وشعبه وهو بأمس الحاجة للدعم الدولي بعيدا عن مهاترات من لا يريد للعراق خيرا.

على ضوء رفع بعثة الاتحاد الأوربي في العراق علم المثلية الجنسية في بغداد ـ الجزء الثاني في المثلية الأنثوية

د.عامر صالح

 

حذفت بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق، فجر الإثنين بتاريخ 2020ـ05ـ18، تغريدة الاحتفال برفع علم “المثلية الجنسية”، فوق مقرها بالعاصمة بغداد، بعد موجة غضب وتنديد سياسية ودينية. والأحد المصادف 2020ـ05ـ17، قالت بعثة الاتحاد الأوروبي، عبر حسابها بـ”تويتر”: “بالاشتراك مع السفارة الكندية والسفارة البريطانية في العراق، ننضم اليوم في بغداد مع بعثات الاتحاد الأوروبي حول العالم في رفع علم قوس قزح (علم المثليين) للاحتفال باليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية والتحول الجنسي، وتسليط الضوء على حقوق المثليين”.

ولاقى الإعلان الذي تم إرفاقه بصورة لـ”علم المثليين” المرفوع في بغداد، ردود فعل سياسية ودينية غاضبة طالبت بطرد سفراء دول الاتحاد الأووربي وإغلاق مقراتها. وعبّرت وزارة الخارجيّة العراقية الأحد، عن شجبها لخطوة الاتحاد الأوروبي، ودعت كافة البعثات العاملة في البلاد إلى التقيّد بالقوانين، ومراعاة الأعراف الدبلوماسية والقِيَم السائدة في المُجتمَع. كما أدان ديوانا الوقفين السُني والشيعي الإجراء، بالإضافة إلى البرلمان العراقي، ومراجع شيعية، وكتل سياسية.

وقد اعتبر الكثير هذه الخطوة غير مسبوقة في العراق، الذي يعد بلداً محافظاً، وتلعب الأعراف القبلية والدينية فيه دوراً بارزاً. ولكن في 3 مارس/ آذار الماضي، أشادت السفارة البريطانية في العراق عبر “تويتر”، بما قالت إنه “اعتراف” الحكومة بحقوق المثليين في البلاد. فيما نقلت مواقع محلية عن مصادر حكومية “لم تسمها” قولها إن السلطات العراقية لم تتخذ بعد أي خطوة رسمية باتجاه الاعتراف بحقوق المثليين. وتقول المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق المثليين، إنهم يتعرضون للاختطاف والقتل في العراق على يد مجموعات مسلحة مجهولة الهوية.

ومن الضروري التذكير أنه في 17 مايو أيار 1990، حذفت منظمة الصحة العالمية المثلية الجنسية من قائمة الأمراض النفسية، بعد مرور أكثر من 100 عام على تصنيفها كحالة مرضية. وأصبح هذا التاريخ يوميًا عالميًا لمناهضة رهاب المثلية والتحول الجنسي. وعادة ما تشهد مدن عالمية مسيرات دعما للمثليين لتسليط الضوء على معاناتهم في المجتمعات التي لا تتقبلهم، حيث لا تعترف قوانين كثير من الدول بحقوقهم.

ومن الضروري هنا الاشارة في أطار الترابط مع تلك المناسبة العالمية, الى ان منظمة العفو الدولية حثت الحكومة العراقية في فترات سابقة على بذل المزيد من الجهود لحماية المثليين في البلاد, وذلك في اعقاب صدورتقارير عن تزايد حوادث القتل في أوساط الشباب منهم على وجه الخصوص. وجاء في الرسالة أن25 فتى لقوا مصرعهم في العاصمة بغداد لوحدها خلال الأسابيع القليلة المنصرمة, وذلك اما لأنهم كانوا من المثليين الجنسيين, أو أن المهاجمين تصورا بأنهم كانوا كذلك. وقد انتقدت الرسالة ما أسمته”اخفاق الحكومة” العراقية بادانة حوادث القتل تلك,والتي يعتقد بأنها نفذت على أيدي رجال ميليشيات طائفية ,أو من قبل أفراد ينتمون الى عشائروعائلات الضحايا انفسهم.

 

أن المثلية الجنسية الأنثوية ( السحاق) هي الوجه الآخر للمثلية الجنسية عموما, والتي تشكل المثلية الجنسية الذكورية ( اللواط) وجهها الأول. وقد نشرت على صفحات الانترنيت مقالا مكرسا عن الأخيرة بعنوان: “على ضوء رفع بعثة الاتحاد الأوربي في العراق علم المثلية الجنسية في بغداد ـ الجزء الأول في المثلية الذكورية “. أن المثلية الجنسية الأنثوية بمعناها الشامل تعني الميول والممارسات ذات الطابع أو التنويه الجنسي بين أنثيين أو من أنثى إلى أخرى من جنسها, غير أنها بالمعنى المحدد تعني ممارسة العلاقة الجنسية الفعلية بين أنثى وأخرى.وهذه الحالة الأخيرة هي التي تسمى باللسبية. ولا نعتقد أن هذه الممارسات منعدمة كليا في أي مجتمع, قديم أو حديث, بدائي أو متحضر أو متطور, غير أنه يصعب تحديد نسبة الممارسة في أي مجتمع, وهذه الصعوبات ناتجة عن التستر عليها وعدم الإفضاء, وما يترتب على ذلك من نبذ اجتماعي وعقاب ديني لذوي الممارسة, إضافة إلى صعوبات ناجمة عن تحديد أوجه هذه الممارسة بين أنثى وأخرى, وذلك لأن درجات التماس الجسمي عديدة كما أن أي واحدة منها قد تخدم غرضا جنسيا قد يختلف في طبيعته النفسية والفيزيولوجية عن أي درجة أخرى من التماس.

 

ففي المجتمعات الأوربية والمتقدمة منها بشكل خاص أصبحت الظاهرة قابلة للقياس والبحث العلمي نسبيا.أما في المجتمعات الأخرى, ومنها العربية والإسلامية بصورة خاصة فهي عصية على الاختراق لأسباب ثقافية ودينية تحجب اختراق الظاهرة ودراستها بشكل موضوعي, على الرغم من وجود الكثير من المؤشرات التاريخية والحاضرة على وجودها واستمرارها, وتشكل رمزية قصة قوم لوط وذكرها في القرآن أحدى المؤشرات الهامة لذلك وتعبر بنفس الوقت عن عمق التأريخ المدون للظاهرة. وتشكل قصة لوط ليست فقط مدخلا لفهم ” اللواط”, بل لفهم الوجه الأخر من نتائجها وهو “السحاق”, وهي تفسر النتائج والأسباب المتبادلة بين الظاهرتين عندما تؤسس الممارسة على قاعدة الانكفاء بين الجنسين, وأن لم يكن قد ورد ذلك صراحة في القرآن, ولكن ورد على ألسنة المفسرين للنص القرآني.

 

ولأغراض المتعة العقلية فيما ذكرنا أعلاه, نشير هنا إلى ما ذكره الراغب الأصبهاني في كتابه ” محاضرات الأدباء” والمحمل على صفحات الانترنيت, بخصوص الجذور الأولى لنشأة السحاق عند العرب. فوفقا للأصبهاني كانت هند بنت عامر زوجة النعمان بن المنذر بن امرئ ألقيس اللخمي الملقب بأبي قابوس( 582ـ610م ) وهو من أشهر ملوك المناذرة في عصر قبل الإسلام, رائدة السحاق العربي بعد الانقطاع التاريخي الذي نتج عن إهلاك الله لقوم لوط.فقد ذكر الأصبهاني في المحاضرات أن أول من سنت السحاق عند العرب نساء قوم لوط لما شاع بين رجالهن إتيان الذكور وهجرهم النساء, فلما اشتدت شهوتهن أخذن يتضاربن بالأرداف فوجدن لذة في ذلك, ثم ألصقن الردف بالشراح فكانت أكثر لذة, ثم دلكن الشراح بالآخر, فتصدم النواة بالنواة/ والهنات بالهنات, فتنزلان الماء, ولما أهلك الله قوم لوط الرجال والنساء انقطع اللواط والسحق, حتى جاءت رقاش بنت الحسن اليمانية مرة لزيارة هند بنت عامر بن صعصعة زوجة النعمان بن المنذر, وافدة عليها فأنزلتها عندها وكانت ذات حسن ونضارة فشغفت بها وكان النعمان يغزو فيغيب عن امرأته, فتكون هي ورقاش على فراشه, فربما التصق جسداهما, فوجدتا لذة لطول العزوبة حتى استدلتا على طريق المساحقة, فما زالت رقاش تزين لهند وقالت إن في اجتماعنا أمنا من الفضيحة وأدراك الشهوة, فاجتمعتا واستمر بهما ذلك حتى أصبحن كزوج وزوجة وبلغ من شغف كل واحدة بالأخرى أنه لما ماتت ابنة الحسن اعتكفت امرأة النعمان على قبرها واتخذت الدير المعروف بدير هند في طريق الكوفة. وفيها يقول الفرزدق مخاطبا جرير بن عطية يهجوه:

 

وفيت بعهد كان منك تكرما كما لأبنة الحسن وفت هند

 

أن وضع النص المذكور أعلاه في مناظرة مع العلم الحديث يعكس لنا انطباعا دقيقا أن الأصبهاني تحدث عن المثلية الفعلية بين الإناث وليست الميل العام لها, وهو بهذا المفهوم يتفق مع مفهوم اللسبية التي تقابل السحاق في المفهوم العربي الكلاسيكي, وهي حالة التماس الفعلي ذو الممارسة الجنسية. ولا نتفق مع الأصبهاني كون أن الظاهرة انقطعت بعد ما حل بقوم لوط من عقاب حسب” الرواية الدينية”, ولكننا نستطيع أن نقول أن الظاهرة اختفت عن الأنظار ولم تنقطع, ولذلك لم تسنح الفرصة لتدوينها أما ما تم تدوينه فهي حالات قريبة من البلاط الحاكم, وهي حالات سهلة الملاحظة نسبيا قياسا بالحالات العامة المستعصية, ولذا نستطيع أن نقول أن هند بنت عامر قد تكون أحدى رائدات السحاق العربي وليست الرائد الأول. كما نستطيع أن نؤكد أن النص وضع يده على احد أسباب السحاق وهو هجر الزوجة بعيدا وعدم تنظيم العلاقة الزوجية,ولكن النص من جانب آخر حصر السحاق فقط في المتزوجات.

 

ورغم أن هناك أجماع بين فقهاء الدين بأن ممارسة المرأة الجنس مع امرأة أخرى هو حرام ومعصية كبيرة من أشد الكبائر وهو مخالف للفطرة الإنسانية, إلا أن عدم وجود نص قرآني صريح وواضح (على نسق ما جرى لقوم لوط) بهذا الخصوص ترك آثاره على المذاهب الإسلامية المتعددة للاجتهاد حول هذه الظاهرة وشروط اقترانها بالممارسة الدينية, مع العلم أن هناك أحاديث تنقل عن النبي محمد تدين الظاهرة إدانة واضحة كقوله مثلا: “سحاق النساء زنى بينهن” وكذلك قوله” السحق في النساء بمنزلة اللواط في الرجال, فمن فعل من ذلك شيئا فاقتلوهما,ثم أقتلوهما”, إلا أن هناك خلافا بين الفقهاء حول ما ورد من أحاديث واعتبروها من الأحاديث الضعيفة من حيث استيفائها لشروط انتسابها إلى الأحاديث النبوية.

 

ونشير هنا إلى موقف المذهب الشيعي من السحاق وتحديدا الشيعة الأنثى عشرية والذي روي عن الأمام جعفر الصادق, والذي تسمى الشيعة الأنثى عشرية نسبة أليه بالجعفرية, وهو موقفا متشددا, ويستند إلى تفسير بعض النصوص القرآنية, وليست إلى نصوص صريحة. حيث روي عنه أنه دخل عليه نسوة, فسألته امرأة منهن عن السحاق؟ فقال: حدها حد الزنا.فقالت المرأة: ما ذكر الله عزوجل ذلك في القرآن؟ فقال: “بلى”.قالت: وأين هو؟ قال : “هن أصحاب الرس, ويقصد بذلك الذين جاء ذكرهم في سورة الفرقان, الآية 38: ( وعاد وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا), وكذلك ما ورد في سورة قاف, الآية 12: (كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود). واستنادا إلى بعض التفسيرات فأن أصحاب الرس هو نسبة إلى نهر أو بئر يعرف بالرس بآذربايحان, وهم قوم كذبوا الأنبياء والرسل, واختاروا الممارسات الجنسية الشاذة والمحرمة كاللواط والسحاق ,فاستغنوا رجالهم بالرجال و نساؤهم بالنساء فأهلكهم الله. وهناك الكثير من التفسيرات لهذه النصوص, يمكن الاطلاع علها في المواقع الالكترونية الخاصة في تفسير القرآن أو كتب التفسير.

 

أما بالنسبة للمذهب السني فقد أشار بوضوح كون فعل السحاق حرام بإجماع فقهاءه, إلا أن هناك تنوعا مرنا في الرأي عند فرق السنة بقدر ما يتعلق الأمر بصلته بالممارسات الدينية. وهنا نشير إلى ما ورد بخصوص ذلك في الموسوعة الفقهية والمحملة على أوقاف نت الخاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الكويت/ في الجزء الرابع والعشرون من هذه الموسوعة . فقد أختلف فقهاء السنة في نقض السحاق للوضوء؛فذهب الحنفية إلى أن تماس الفرجين سواء كان من جهة القبل أو الدبر ينقض الوضوء ولو بلا بلل ـ وهو عندهم ناقض حكمي ـ واشترطوا أن يكون تماس الفرجين من شخصين مشتهيين وهو ما يفهم من مذهب المالكية حيث أن مس امرأة لأخرى بشهوة ينقض الوضوء, لأن كل منهما تلتذ بالأخرى, وصرح الحنابلة بأنه لانقض بمس قبل امرأة لقبل امرأة أخرى أو دبرها, وهو مذهب الشافعي. كما يؤكد مذهب المالكية والحنابلة أن خروج المذي بلمس أو قبلة مباشرة مفسدا للصوم, خلافا للحنفية والشافعية , (يمكن العودة للموسوعة المذكورة للمزيد من التفاصيل). ونعتقد على خلفية هذا الموقف الواضح للمذاهب السنية أنه بإمكان” المرأة السحاقية المسلمة” أن تمارس الطقوس الدينية من صلاة وصوم وفقا للضوابط الشرعية المذكورة أعلاه. ونعتقد كذلك أن هذا الموقف قائم على تصور مفاده أن فعل السحاق ليست بمنزلة فعل اللواط وأن الأول هو أشبه بمقدمات(مداعبات) للفعل الجنسي, وليست عملا جنسيا كاملا كما يجري في اللواط في أغلب الأحيان .

 

أما بالنسبة لمدى انتشار ظاهرة المثلية الجنسية الأنثوية في العالم العربي والإسلامي في الوقت الحاضر فهي غير معروفة ولا يمكن أن نتوقع إحصاء دقيقا عنها,نظرا للتكتم الشديد عليها, إلا أننا نستطيع أن نلتمس بعض من أبعادها,والذي يعبر بالتأكيد عن وجودها في عالمنا العربي ,فعلى سبيل المثال لا الحصر,ونقلا عن شبكة أبن الخليج الالكترونية يؤكد استشاري الطب النفسي الدكتور عبد الله السبيعي بكلية الطب بجامعة الملك سعود في الرياض بأن ظاهرة المثلية الجنسية الأنثوية في المجتمع السعودي في تزايد مستمر في ظل وجود العوامل المثيرة للرغبات الجنسية كالقنوات الفضائية والانترنيت والهاتف الجوال الذي أصبح الآن للعلاقات غير المشروعة(وفقا لتصوره), وأكد كذلك أن هذه الظاهرة غالبا تحدث بين الشابات في الأماكن المكتظة بهن كالمدارس, وتبرز بشكل أكثر في الجامعات لعدم قوة ضبط وهيبة الإدارة مقارنة بالمدارس ( حسب قوله ) كما أكد أيضا عن أن أكثر من(70%) في الفتيات الشاذات جنسيا(حسب تعبيره) في المملكة العربية السعودية لا يرغبن في تعديل وعلاج سلوكهن خاصة اللاتي مارسن هذه الظاهرة بشكل كبير لاقتناعهن بأنهن لا يحسن غير هذا النوع من الممارسة للحصول على المتعة الجنسية ولا يجدن الإثارة في الرجل.

 

ومن الجدير بالذكر أن بعض من ملامح هذه الظاهرة بدأت تطفح على السطح من خلال معالجات بعض الأعمال الفنية, فقبل أعوام تم عرض الفلم المصري” حين ميسرة ” والذي تم فيه عرض مشاهد ( السحاق ) الذي أدته الفنانتان المصريتان غادة عبد الرزاق وسمية الخشاب, وقد أثار موجة من السخط والغضب في صفوف بعض من أساتذة الجامعات وعلماء الدين في الأزهر, مطالبين بإحالتهما إلى النيابة المصرية العامة للتحقيق معهما بتهمة الدعوة إلى نشر الشذوذ الجنسي والسحاق والتخريب الأخلاقي, وكالعادة متهمين “الأصابع الأمريكية والصهيونية” بالوقوف وراء مثل هذه الأعمال الفنية الشاذة ضمن مخطط تخريبي كما يدعون لتدمير أخلاق المجتمع, مؤكدين أنه لا يمكن أن نتصور أن” السحاق” وصل عندنا إلى هذا الحد. وقد سبق ذلك فلما ولكنه عن” اللواط” بين رجلين, وهو فيلم( عمارة يعقوبيان ) من بطولة الفنان عادل أمام.

 

أن المثلية الجنسية الأنثوية هي ظاهرة سايكوأجتماعية معقدة نسبيا قياسا بالمثلية الجنسية الذكورية وذات طابع نمائي, وان الأسباب التي تدفع بالمرأة نحو المثلية كثيرة, وترد في غالبيتها إلى عوامل معقدة تتصل اتصالا وثيقا بشخصية الفتاة وبالعوامل النفسية المختلفة التي تعرضت لها في أدوار الطفولة, ولعل هذه العوامل النفسية في المرأة أكثر تعقيدا منها في الرجل بسبب الرقة التي يتميز بها الكيان النفسي للمرأة مما يجعلها أدق وأعمق من الرجل في حياتها النفسية.

 

قد تلجأ بعض الإناث إلى التجربة الجنسية مع مثلهن بسبب محدودية الاتصال بالجنس الأخر من الناحية الجنسية وحتى العاطفية.وفي هذه الحالة تعتبر التجربة الجنسية المثلية امتدادا طبيعيا للدور الجنسي المثلي الذي يكثر في المراهقة عند الذكور والإناث. والبعض من الإناث يمارسن ذلك بسبب دافع حب الاستطلاع أو لمجارات بعض التجمعات الشللية. ومعظم الإناث تخلين عن ممارسة المثلية بعد توفر العلاقة الطبيعية مع الجنس الأخر, إلا أن بعضهن يتجهن اتجاها واضحا في ممارسة المثلية حتى بعد توفر العلاقات الجنسية الطبيعية سواء من خلال الزواج أو بدونه, وهذه الحالات هي حالات مثلية صرفة,وهناك العديد من الأسباب لتفسير ذلك, يمكن اختصارها بالشكل الأتي:

 

1 ـ أن بعض الإناث يثيرهن الإعجاب ببعض الخصائص التي تتحلى بها بعض الفتيات من جنسهن, وقد يبدأ هذا الإعجاب منذ الصغر, وقد ينمو عند بعضهن إلى ما يشبه عاطفة الحب العنيف. ويقع اختيار الفتاة على فتاة تتحلى ببعض المزايا التي تفتقدها في نفسها وطالما تمنتها, سواء كانت هذه الصفات عقلية أو جسمية أو اجتماعية.ويعزز هذا الاتجاه فشل الفتاة في العثور على هذه الصفات في والدتها أو بسبب حرمانها من عطف أم , لها بعض هذه الصفات.مع أن بعض الفتيات يستطعن في الكبر تحويل هذه العاطفة الأعجابية إلى مجالات عاطفية أو أحتماعية أخرى, إلا أن البعض الأخر لا يستطيع الابتعاد عن هذا الارتباط الذي قد ينمو ويتخذ مظهرا جنسيا مثليا.إلا أن بإمكان العلاقة الزوجية القائمة على التفهم العاطفي للزوجة أن يحل ذلك.

 

2ـ أن بعض من الإناث يعاني مبكرا من عدم الثقة بالنفس, وفي أنوثتهن و يعانين من شعور عام بالنقص وعدم الاطمئنان والقلق. وقد يكون ذلك بسبب عدم اكتمال نمو الحياة العاطفية للفتاة, كما قد ينجم ذلك من أخطاء عاطفية تربط الفتاة بوالديها وخاصة الأم.إذ أن من العسير على الفتاة أن تشعر بمثل هذه الثقة بنفسها إذا كان المصدر الأول لتعرفها بنفسها كأنثى,وهو الأم,لا يعطيها الشعور بذلك.وهناك من يعتقد أن وفاة الأم مبكرا أو الفراق الطويل الأمد, وكذلك العزوف عن الصلات العاطفية بأولادها, وجميع هذه العوامل تدفع صوب المثلية الجنسية الأنثوية كشكل من أشكال التعويض العاطفي عن المصادر الطبيعية, ولكن أذا استطاعت الفتاة من ملء هذا الفراغ بمصادر طبيعية يمكن لها أن تعود إلى العلاقة مع الجنس الآخر.

 

3ـ أن الفشل في الحياة الزوجية بما في ذلك العلاقة الجنسية قد تكون وراء اندفاع المرأة نحو العلاقة المثلية. وقد يكون هذا الفشل مقررا بسبب البرودة الجنسية للزوجة سواء كان هذا البرود مقررا بالطبيعة التكوينية أو بسبب عوامل أخرى. وقد يتقرر هذا الفشل بسبب الزوج, لأسباب مماثلة, وقد يأتي بنتيجة عدم التوافق بينهما, وهي أمكانية كثيرة الوقوع. ويجب إدراك حقيقة أن الحياة الجنسية للمرأة هي أكثر من الاكتفاء الجسدي أو الغريزي, وهذا الواقع قد يعرضها إلى مختلف الاضطرابات النفسية العميقة إذا لم تراع حاجاتها بدقة وعناية. والخطأ في أدراك ذلك قد يؤدي إلى ردود فعل عنيفة لدى المرأة يبعدها عن أي علاقة مع الرجل,فتندفع نحو علاقات مثلية لتأمين نوع من الأمن النفسي والروحي(طبعا تلعب هنا الثقافات المختلفة دورا كبيرا في تحديد وجهة ذلك ودرجته).

 

4ـ كما تفسر بعض حالات المثلية الجنسية الأنثوية هي أن ذروة المرأة قد لا تتحقق إلا عن هذا الطريق, ثم أن حصول المرأة على ذروات متعددة في وقت قصير قد لا يأتي إلا عن هذا الطريق, وهذا ما يدفع بعض النساء إلى اللجوء إلى اللسبية تفضيلا عن العلاقة الجنسية مع الرجل. وقد يكون من الأسباب أيضا في بعض الحالات هروب المرأة من الالتزامات التي يترتب على العلاقة الجنسية مع رجل, من تكوين أسرة وحمل وتربية الخ.

 

5ـ وهناك أيضا التفسيرات التي ترى إن هناك استعدادا تكوينياـ وراثيا نحو الجنسية المثلية وبأن هذا الاستعداد ينتقل على شكل تغيرات هرمونية عصبية,وأن هذه التغيرات تحدث تحسسا لنواة الهايبوثالموس في الدماغ في وقت دقيق وحرج من مراحل النمو.وكما هو معروف أن هذه النواة تنظم وتتحكم بالفعاليات المختلفة لحياتنا الجنسية. أما بالنسبة للفرويدية فهي ترى أن الإشباع الشديد للغريزة في مرحلة الطفولة إشباعا فمويا يجعل الطفل يجد صعوبة في التخلي عنها أو يجعله يحن إلى العودة إليها حين يكبر, وتشكل المثلية أحد مظاهرها, وهو ما يسمى في علم النفس بالتثبيت.

 

وهكذا من الناحية العلمية فأن المثلية الجنسية الأنثوية لا يمكن حصرها في عامل واحد, وإنما تتضافر عدة عوامل من نفسية واجتماعية وحضارية وبيولوجية وتكوينية, إضافة إلى توفر متغيرات زمنية نوعية وكمية في كل حالة. وعلى خلفية عدم الوضوح الفكري والديني لظاهرة المثلية الجنسية الأنثوية من حيث أسبابها ومظاهر التعبير عنها, يجري التعامل مع النتائج باعتبارها أسبابا أو كما يقال(وضع العربة أمام الحصان), وبالتالي تصبح محاربة الفعل المثلي مطلوبا لذاته, دون فهم الميكانيزم الذي يقف ورائه, وأن إدراك هذا الأخير يعني في المنهج العلمي تسهيل حصر هذه الظاهرة إلى أدنى مدايات التعبير عنها. وتبقى الحالات المستعصية أو اللسبية الفعلية متروكة لسقف التسامح الاجتماعي في تقبل الأخر, بعيدا عن الاضطهاد والتصفيات الجسدية, والذي يؤدي بدوره إلى مزيدا من الحقد والكراهية الاجتماعية, ولكنها مهمة ليست سهلة في مجتمعاتنا.

 

وعلى العموم يذكر أن الأشخاص من المثلييين ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسيا في العراق يواجهون تحديات قانونية واجتماعية لا يواجهها غيرهم من المغايرين جنسيا ولا يسمح للرجال المثليين بالخدمة بشكل علني في الجيش ويعتبر كل زواج المثليين والشراكات المنزلية غير قانونية مثل زواج المثليين والاتحادات المدنية والشراكات المنزلية غير قانونية ولا يتمتع الأشخاص المثليون بالحماية القانونية ضد التمييز وكثيراً ما يقعون ضحايا لجرائم عدوانية وجرائم الشرف. وتشير احصاءات الى ان 31٪ من الانتهاكات ضد المثليين في العراق تقع من قبل الميليشيات المسلحة و27٪ من أفراد الأسرة و22٪ من قبل الحكومة و10٪من قبل تنظيم داعش و10%من قبل آخرين. وتوضح أن ما يقرب من النصف من أعمال العنف ضد المثليين تحدث في مناطق وسط العراق و32 % في أقليم كردستان العراق و26 % في جنوب البلاد.

وفي الوقت الذي أعتبر فيه رفع علم المثلية الجنسية” علم قوس قزح ” من قبل بعثة الاتحاد الاوربي استفزاز للمشاعر الرسمية ولبعض الاوساط الشعبية والدينية العراقية, إلا أننا نرى ان الموقف منها لا يتجزأ عن مواقف اخرى, كالموقف من الفساد الاداري والمالي وسرقة المال العام, فالعفة هي العفة بأختلاف مظاهر التعبير عنها, وهل يجوز للأخلاق ان تزكى او تسوف حسب الأهواء والمصالح الذاتية.

 

 

.