وقفة عز

عن كلام الوزير اللبناني السابق شربل نحاس

عند مطالعتي اليوم كلام الوزير اللبناني السابق شربل نحاس عن أهل الجنوب ومقاومتهم، تذكرت رفيقي اليساري الفلسطيني الشهيد شربل

كلام نحاس معيب ومشين بحق أهل الجنوب الذين دفعوا ولازالوا يدفعون ضريبة تحرير لبنان وحريته وتوازنه وقوته ومعادلة شعب وجيش ومقاومة .. معادلة القوة التي تحمي لبنان وعروبته وسيادته.

لكن هذا اللبنان بوجهين، مثل بعض سياسييه عندما يتعلق الأمر بوجود الفلسطينيين في لبنان ومخيماتهم وحقوقهم الإنسانية والقانونية.

الوجه الأول عندما يتحدث هؤلاء على المنصات الدولية والعربية عن فلسطين، يقدمون أفضل المواقف القومية العربية. وعندما يتحدثون في لبنان عن الفلسطينيين هناك ينقلبون فيصبحون مثل العميل المقبور بشير الجميل.

كان لرفيقي الشهيد عمر البني اسم حركي ( شربل) عرفته كل جبهة التحرير الفلسطينية باسمه الحركي، وكثيرين لم يعرفوا اسمه الحقيقي إلا بعد استشهاده..

ولد شربل في مخيم عين الحلوة واستشهد في البقاع نتيجة غارة للطيران الحربي الصهيوني، على قاعدة فدائية لجبهة التحرير الفلسطينية بقيادة الشهيد الأمين العام طلعت يعقوب، في أيلول – سبتمبر 1982

استشهد أيضاً مع شربل في نفس الغارة الرفيقين الشهدين غسان كايد ونظمي المجذوب، وكلهم من مخيمنا عين الحلوة، ولدوا واستشهدوا قبل ما تتم احاطة المخيم بالجدار العازل والحواجز والسواتر الترابية والاسمنتية والخ.

كل هذا الحصار والتضييق على المخيم يا شربل حفاظاً على أهلك وأهلي، سكان المخيم .. بس من مين ما حدن لسه عارف .. يعني اذا أمك أو أمي أو جارتنا وأعمارهن أكثر من ثمانين عامأ، ويتعكزن على عكازاتهن للوصول الى أي مكان، نسين البطاقة الشخصية ممكن حاجز الجيش يوقفهن لغاية ما يحضر أحدهم هوياتهن.. وفي أفضل الأحوال تتم اعادتهن من حيث جئن ويمنعن من مغادرة أو دخول المخيم. فعلاً الاحتياط واجب والأمن أهم من العجائز والختايرة.

اما عن الجدار الأخوي وأنا بصراحة لا أدري لماذا لم يسموه الجدار الطيب كما كان يمسى جدار الرائد المنشق عن الجيش اللبناني، العميل المقبور سعد حداد في الجنوب…

بالنسبة لمواقف الغالبية الساحقة من الأحزاب والفصائل والتنظيمات القومية واليسارية والإسلامية، والسياسيين من الفلسطينيين واللبنانيين: غالبيتها العظمى مواقف منافقة وتبرر وجود الجدار. وتكرر كما الببغاوات معزوفة أن هناك جماعات إرهابية في المخيم تشكل خطراً على الجوار وعلى مرور قوات الأمم المتحدة اليونيفيل من بيروت الى الجنوب والعكس.

على ذكر سيرة الأمم المتحدة المسؤولة عن مخيماتنا ومعاناتنا ..أنت والرفاق تعرفون أن الأمم المتحدة منذ ما قبل ضياع وفقدان واحتلال فلسطين لم تتحد إلا ضدنا وعلينا … وحتى لاحقتنا الى مخيماتنا التي هي أساس وجودها وبقاءها .. وجماعتنا ما يحبوا يزعلوا الغرب وخاصة أمريكا ودميتها الأمم المتحدة، علشان هيك عاجبهم وجود الجدار، الذي لا يذكرهم بجدار العار الصهيوني في فلسطين المحتلة، ولا بجدار برلين الذي كان يقسم العاصمة شرقية وغربية …

بين شربل وشربل يوجد فرق ..

شربل اللبناني اليساري يتهم الجنوب وأهله بالخيانة ونثر الزهور والورود على جيش الاحتلال الصهيوني. صحيح هناك بعض الناس فعلت ذلك سنة الغزو 1982، لكن ليس كل الناس يا سيد شربل نحاس.

لو كان رفيقي شربل الفلسطيني حياً كان خبرك عن أهل الجنوب وبطولاتهم وتضحياتهم، فهو عاش هناك معهم وبينهم، من مغدوشة و صربا وجرجوع وعرب صاليم والنبطية.. من كفر رمان وكفر تبنيت والريحان والجرمق والعيشية .. ومن قلعة الشقيف وسحمر ويحمر الى صور وصيدا، قاتل وصمد هناك، ثم استشهد في البقاع …

لو كان حياً، كان حكى عن علي وزينب وحسين وعباس وحيدر وفاطمة وجورج ونزيه وبلال وسناء وسهير ..الخ ..

وعن حجارة الوديان وتراب الحقول وزعتر الجبال. وعن جنوب فيه ريحة فلسطين وريحة العودة والتحرير.

نضال حمد 8-11-2019

عقد الوزير نحاس في اليوم التالي مؤتمرا صحفيا واعتذر لأهل الجنوب عن كلامه الذي لم يكن موفقاً.