بساط الريح

فلسطين المُحتلة، استمرار القمع والإقتلاع يقابله صُمود متواصل – الطاهر المعز

فلسطين المُحتلة، استمرار القمع والإقتلاع يقابله صُمود متواصل – الطاهر المعز

نشأ المشروع الصّهيوني على سَلْب الأرض، وطن الفلسطينيين، وإنشاء مُستعْمَرَة يسكنها مواطنون أوروبيون (في معظمهم) مكان السّكّان الأصليين، وبدأت عمليات التفجير والترهيب، في ظل الإستعمار البريطاني، كَمَدْخَل لما حصل من مجازر وحرائق وتدمير، بين سنتَيْ 1947 و 1949، وتواصل هدم الأحياء والقُرى، وتهجير السّكّان، بعد إعلان قيام الدّولة الصهيونية، ولا تزال عمليات هدم البيوت وتجريف الأرض، وتدمير وطَمس المعالم التاريخية، وغيرها من أعمال التخريب، متواصلة، ولا تُثِير اهتمام وكالات الأخبار ووسائل الإعلام العالمية، لأنها مملوكة لشركات رأسمالية، تدعم الإستعمار والإمبريالية والصهيونية، كما لا تُولي وسائل الإعلام العربية أهمية لهذه العمليات والخطوات الإستعمارية، لأنها في معظمها رجعية، مُوالية للأنظمة العربية (الرجعية والتابعة للإمبريالية)، وتعتمد في عملها الإعلامي على وكالات الأخبار ووسائل الإعلام الإمبريالية، التي لا تورد برقياتها وصفحاتها ونشراتها الإخبارية، وقائعَ قَمع الدّولة الصّهيونية للفلسطينيِّين، من الجليل، على حدود لبنان إلى النقب، على حدود صحراء سيناء، ومن عكّا ويافا، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، إلى ضفاف نهر الأردن، وتُكافئ قيادات منظمة التحرير ( وهي قيادات حركة “فتح” ) الإحتلال بالوشاية بالمناضلين والمُقاومين، واعتقالهم وتسليمهم للعدُو المُحتل، فيما تُكافئه الأنظمة الرجعية العربية بالتطبيع العلني، وبفتح الحدود أمام السلع والجواسيس الصهاينة، تحت رعاية الإمبريالية الأمريكية…
تُمَثِّلُ منطقة “النّقب”، جنوب فلسطين، وسُكانها (حوالي 250 ألف فلسطيني) نموذجًا للصمود، دون دعم خارجي، لكن إلى متى؟
استولت دولة الكيان الصهيوني على أكثر من عشرة ملايين دُونم من أراضي سُكّان النّقب، بعد تهجير حوالي 90% من سُكّان المنطقة، أثناء النّكبة، وإعلان دولة العدو المُحتل، وبقيت مساحة تقارب 1,1 مليون دونم، على ملك الفلسطينيين، الذين لم يتمكن الكيان الصهيوني وعصاباته من تهجيرهم، ولم تتوقف محاولات سلب الأرض وتهجير أصحابها، إلى اليوم، بل زادت وتيرتها في بعض المناطق التي صمّمها الإحتلال لإيواء بعض إدارات وزارة الحرب، وقيادات الأركان، وبعض مراكز البحوث الحربية والتكنولوجية، ولبناء سكة حديدية (تُنفذها شركة صينية) تربط ميناء أم الرّشراش (إيلات) بميناء حيفا، مرورًا من أراضي أهل النقب، الذين لا يزالون صامدين، رغم القمع الرهيب والتّضءيِيق، وصعوبة العيش، والحرمان من الماء والكهرباء، والخدَمات والمرافق…
اقتحمت الجرافات المَحْمِيَّة بقوات الوحدات الخاصة، وقوات شرطة الإحتلال، قرية “العراقيب”، في جنوب فلسطين، بين “رهط” و “بئر السّبْع”، يوم الخميس 27 آب/أغسطس 2020 لتهدم جميع البيوت والإسطبلات المؤقتة، التي أعداد المواطنون بناءها، بالأخشاب وألواح الزنك والبلاستيك (وهم أصحاب الأرض الشرعيين، الذين ورثوها عن أجدادهم، والموجودون بها قبل إنشاء دولة الإحتلال)، بعد هدمها، للمرة السابعة والسّبعين بعد المائة (177 مرة)، منذ سنة 2000، وللمرة السادسة، منذ كانون الثاني/يناير 2020، في محاولة لتهجير أهل القرية منها ومن أراضيهم، وهو أمر يُلَخِّصُ جوهر خصوصية الإحتلال الصهيوني لفلسطين، بهدف غَزْو الأرض والسّيْطَرَة عليها، وتهجير السكان الأصليين، مع تغريم السّكّان بتسديد تكاليف الهدم، وهي مبالغ باهضة، تُقَرِّرُها سلطات الإحتلال…
تعتبر دولة الإحتلال 42 قرية في جنوب فلسطين “غير شرعية”، ومن بينها قرية “العراقيب”، وكذلك قرية “أم الحيران”، التي يُواجه أهلُها أيضًا، قرار هدمها، وإحلال مُستعمِرِين مُسْتَوْطِنِين، قادمين من بلدهم الأصلي، على بُعد آلاف الكيلومترات، مكان أصحاب البلاد الشّرعيّين…
يحتاج الفلسطينيون في كافة مناطق فلسطين إلى الدّعم والمُساندة، لأن انتصارهم يُمثل انتصارًا على الصهيونية والإمبريالية، وعلى الرجعية العربية، فانتصار الفلسطينيين، هو انتصار للقوى التقدّمية العربية، ولكل التّقدّميِّين في العالم.

 

كنعان