وقفة عز

قادة اللوبي الصهيوني في ايباك يحققون مع عباس

: نضال حمد*

لن ينفي أبدا حق الشعب اليهودي على أرض “إسرائيل

خضع رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله مؤخراً لإستجواب من قبل 30 من قادة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن قادة منظمتي “ايباك و”العصبة ضد التشهير”،  بالإضافة لباحثين وأعضاء في الأدارة الأمريكية السابقة…

مركز دانيال ابرامز للسلام في الشرق الأوسط كان مسرحا للتحقيق المذكور، والذي تم يوم أمس الاربعاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

يقال أن لقاء عباس مع المحققين الصهاينة الذين يديرون عملياً الكيان الصهيوني والإدارات الأمريكية الحالية والسابقة ولاشيء يدل على تغيير ما في قيادتهم للإدارات اللاحقة، والذين يصونون أمن وحياة الكيان الصهيوني ويمدونه بكل وسائل الحياة. اللقاء التحقيق إستمر مدة ساعتين وبطريقة الأسئلة والأجوبة…

ماذا تعني هذه الطريقة غير أنها عبارة عن تحقيق وأستجواب يجريه محققون مع متهم. والمتهم بالنسبة لهم غير بريئ لأنه مطلوب منه إثبات البراءة عبر تقديم الطاعة والإعتراف بأنه لن يسعى أبداً للثأر من قاتله ولا تقدميه للمحاكمة… وأنه لا يعارض إرتداء قاتله للباس الضحية. كما أنه لا يعارض قيام الآخر بالإستيلاء على موطنه وعليه أن يقر له بذلك … تماماً كما فعل محمود عباس أمس…

كما عليه أن يقبل بإعطاء قاتله صك براءة من دماء عشرات آلاف الفلسطينيين ويقر له بالحق التاريخي في أرض غيره، أي في أرض شعب مناضل، مكافح ومقاوم، لا يقبل التسليم بالأمر الواقع…

فالأيام والسنوات والأسابيع والشهور الطويلة من عمر شعب فلسطين أثبتت ومنذ النكبة سنة 1948، وبالأخص خلال الثلاث سنوات الأخيرة من عمر حصار قطاع غزة بغية تيئيس سكانه وتحريضهم على الإستسلام والثورة ضد قيادة حماس وسيطرتها على القطاع، أثبتت أنها تجربة فاشلة وأن الحصار سوف يترنح وينتهي عما قريب. وإلا أن رياح غزة الغاضبة سوف تصل الى القاهرة وعمان والعواصم التي تحرص على رفع الراية البيضاء الى جانب راية أخرى تحمل نجمة ديفيد الصهيوني. تلك النجمة هي نجمة الجيش الصهيوني الذي يرتكب المجازر ضد الفلسطينيين والعرب وحتى أصدقاء الفلسطينيين الأمميين كما حصل مؤخراً مع سفينة الإغاثة التركية مرمرة.

مجزرة سفينة مرمرة عَرّت القتلة الصهاينة وأسيادهم الأمريكان وأعوانهم من عتاة اليهود الصهاينة المتعصبين، العنصريين في كل العالم . لذا يجب أن لا تذهب كما ذهب تقرير غولدستون والقرار القانوني الدولي في محكمة لاهاي حول الجدار ولجنة التحقيق في مجزرة مخيم جنين.

تصريحات عباس وأستجوابه من قبل الصهاينة يأتيان بعد التصريح الذي أطلقته السيدة هيلين توماس كبيرة الإعلاميات في البيت الأبيض الأمريكي، والتي في معرض ردها على سؤال جاء تعليقاً على الهجوم الصهيوني على سفن الاغاثة الإنسانية المتجهة الى غزة، والذي قالت فيه:”على اليهود أن يعودوا الى بولندا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية… وأن يذهبوا الى الجحيم..”.

الشعب الفلسطيني الذي لم ينتخب عباس رئيساً له ولا لجنته التنفيذية ناطقاً بإسمه لم يطلب من عباس أن يرتقي بموقفه لمستوى هيلين توماس لكن فقط أن يحافظ على كرامته وكرامة شعبه المضحي .. فأن ينطق بهذه الكلمات في ظل مجزرة سفينة مرمرة التركية والمواقف العالمية التي تحاصر الصهاينة وتحشر أولياء أمورهم في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموماً فهذا كفر بكل شيء .. وخيانة  لمبادئ منظمة التحرير الفلسطينية وميثاقها الوطني وقرارات مجالسها الوطنية على علاتها… ولقرارات جامعة الدول العربية، وللتربية الوطنية الفلسطينية والقومية العربية ..

 ألا يدري عباس بردود الفعل العالمية التي جاءت من كل الدنيا؟

ألم يسمع بمواقف نيكاراغوا والإكوادرو وقطعهما العلاقات مع الكيان الصهيوني لتنضما الى فنزويلا وبوليفيا وكوبا؟… هذا الحلف الثوري الذي لم يتخل عن حق الشعب الفلسطيني في كامل ترابه الوطني. كما فعل عباس نفسه في الاستجواب الذي خضع له في وكر الصهيونية العالمية، التي سرقت وأغتصبت وأحتلت وطن الشعب الفلسطيني لأسباب استعمارية وعنصرية بحتة …

في الإستجواب المثير أكد عباس أنه : لن ينفي أبدا حق الشعب اليهودي على أرض “إسرائيل”..

رئيس السلطة يقول هذا الكلام في حين أن تركيا تشترط  فك حصار غزة لتحسين العلاقات مع الكيان الصهيوني، وفيتنام تلغي زيارة أولى تاريخية كانت مقررة لجزار قانا بيريز الى هانوي. ووزارة الدفاع النرويجية تلغي مشاركة ضباط صهاينة في ندوة عسكرية في النرويج لأنها ليست بحاجة للاستفادة من تجربة الحرب الدموية الهمجية الصهيونية سنة 2006 والتي وقفت النرويج ضدها بحزم. وعمال الموانئ في السويد يرفضون التعاون والتعامل مع السفن والبضائع الصهيونية. وأكاديميات وأكاديميون من بريطانيا يعلنون مقاطعة الصهاينة … وفرق غنائية وموسيقية عالمية تلغي حفلاتها في فلسطين المحتلة، ومثقفون وفنانون غربيون يدينون تصرفات الصهاينة ويلعنونها… ودول أوروبية تطالب بإعادة النظر وفك الحصار عن قطاع غزة، وآلاف مؤلفة من المناصرين لفلسطين يعدون لإرسال أسطول ضخم من السفن الى غزة رغم أنف ودموية الصهاينة … وغير ذلك الكثير والكثير من المواقف التي تشكك ومنها من يرفض نهائياً  الذرائع الصهيونية والأمريكية لوجود كيان “اسرائيل” على أرض فلسطين.

إقرار عباس بحق اليهود الذين وصفهم بالشعب على أرض فلسطين التاريخية هو رجس من فكر وأعمال الشيطان … وأستجدائه عند أوباما أن يقبل نتنياهو بإعطاء مقابلة للتلفزيون التابع لسلطة رام الله والمسمى تلفزيون فلسطين، وقوله أنه أراد إنشاء لجنة ثلاثية لمتابعة موضوع التحريض الفلسطيني ورفض الحانب الصهيوني لهذا الأمر. هذه كلها تصريحات مقززة ومثيرة للأعصاب وتدعو للتقيؤ على هذه المرحلة ومن فيها من قيادات لا تمت للوطن والوطنية بصلة .. قيادات مستجدية ومستجيبة لأوامر الأسياد.عبيد الشيطان الأكبر…  قيادات لا تختلف عن الأنظمة الرسمية العربية المستسلمة والفاسدة والتابعة سوى بسباقها معها على تقديم التنازلات للصهاينة والأمريكان. والحمد لله أن القيادات الصهيونية العنصرية الاستعمارية التي تحكم الكيان الصهيوني وتوجه سياسة الادارة الأمريكية تحرص دائماً على الالتزام بالثوابت الصهيونية وترفض كل تنازلات عباس ومن معه من الفلسطينيين والعرب. فهذه المواقف تؤكد أنهم ملتزمون بما يسمونه أرض “اسرائيل” التي تحدث عنها عباس. بينما لدى الشعب الفلسطيني قيادات وعباس أحدها غير ملتزمة بالحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والقانونية.

على عباس أن يتحمل نتائج أقواله المدفوعة الأثمان، فبعد تصريحاته التي أثلجت قلوب قادة ايباك الصهاينة والتي يمكن استخدامها ضد اقوال هيلين توماس عن اليهود وعدم حقهم في أي شيء بفلسطين.

بعد النفايات التي ألقاها عباس مبتسماً أمام ايباك أعلنت الادارة الأمريكية أنها ستتبرع للسلطة التي يقودها في الضفة الغربية بمبلغ 400 مليون دولار أمريكي، منها 45 مليون دولار لقطاع غزة.

على كل حال أصبح الأمر واضحاً، وعلى الشعب الفلسطيني أن يتحمل مسؤولياته التاريخية فإما يقبل بقيادة مرتهنة ومرتبطة مع معسكر الأعداء، أو يقوم بوضع حد لهذه المهزلة، وإستعادة  منظمته وثورته من أيدي الموظفين لدى الإدارة الأمريكية ووكلاء الإحتلال الصهيوني.

 

* مدير موقع الصفصاف

www.safaf.org

10/06/2010