وقفة عز

قمة عربية بدون السعودية

نضال حمد

جرت العادة أن تحضر السعودية القمم العربية عملاً بمقولة أنها زعيمة العالم الإسلامي وليس العربي. فزعامة العالم العربي لم يتمكن أحد نزعها من مصر، بالرغم من ارتباط الأخيرة باتفاقيات كمب ديفيد التي كبلتها وأخرجتها من معادلة الصراع العربي الصهيوني. اتفاقيات كمب ديفيد ولدت فيما بعد اتفاقيات أخرى مثل اتفاقية أوسلو بين المرحوم ياسر عرفات، الذي دفع سمعته ومن ثم حياته ثمناً لذلك. ولم يكن شريكه من الجانب الصهيوني في سلام الشجعان الجنرال رابين أسعد حظاً إذ دفع حياته أولاً ثمناً لإعلان المبادئ الأوسلوي.

بعد انبطاح قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ودخولها إسطبلات داوود عملاً بالقول الشهير للزعيم الليبي معمر القذافي. سارع ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال، الذي كانت له علاقات واتصالات دائمة مع الكيان الصهيوني الى توقيع اتفاقية وادي عربة، التي أجرت الأراضي الأردنية الخصبة المحتلة للصهاينة لمدة 99 عاماً فقط لا غير… حصلت تلك المآسي العربية تطبيقاً للخطة الصهيونية باستفراد كل بلد عربي على حدة. لتبدأ بعد ذلك السفارات والممثليات والمكاتب الصهيونية تنتشر في العالمين العربي والإسلامي.

في هكذا أجواء كالحة تمكن العرب من قبر الجامعة العربية ومقرراتها حتى السيئ منها مثل مقررات قمة بيروت. ثم جاءت دعوة ملك السعودية قبل أيام لبدء حوار بين الديانات الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية. إن الخطر يكمن في أن تكون الدعوة السعودية خطوة أولية على طريق تكملة عملية التطبيع الخليجي مع الاحتلال الصهيوني. خاصة أن هناك حكومات خليجية مثل قطر وعُمان والبحرين طبعت علاقاتها الدبلوماسية أو التجارية مع الصهاينة منذ فترة طويلة. وبهذه التطبيعات المدروسة يكون العرب وحدوا أنفسهم من المحيط الى الخليج. لكن فقط بالتطبيع مع الذين يحتلون أراضيهم ويذبحون أمتهم.

قمة دمشق لن تكون عادية بسبب العداء العربي الأمريكي لها. خاصة مواقف السعودية ومن يدور في فلكها في العالم العربي. و لن تكون قمة دمشق لبحث الملف اللبناني الساخن فقط لا غير. وفي هذا بالذات تكون سوريا تحررت من الإملاء الأمريكي. لأن القمة العربية مفروض أن تناقش أموراً وقضايا كثيرة منها بالتأكيد الملف اللبناني الملح والساخن جداً. ولكن هناك أيضاً الملفين الفلسطيني والعراقي. وهناك دارفور في السودان، وهناك مصيبة الصومال. كذلك ملفات الفقر والبطالة والإرهاب والأمن القومي العربي، والمياه والعلاقات العربية العربية والقرارات السابقة. ومن أهم الملفات الخلاف الفلسطيني الفلسطيني. والعلاقات مع إيران. والخطر الحقيقي القادم من كيان الاحتلال الصهيوني والاحتلال الأمريكي في العراق.

لقد واجهت القمة معارضة واضحة وصريحة وقوية من قبل تحالف السعودية إذ رغبت الأخيرة بفرض املاءاتها على الجانب السوري. لكن السوريين رفضوا ذلك وعاملوا السعودية بالمثل حين أوفدوا رئيس الهلال الأحمر السوري ليقدم الدعوة السورية للسعودية للمشاركة في القمة. وكان هذا العمل بمثابة موقف سوري واضح من تلك الاملاءات ومن الضغوطات الأمريكية. فالموقف السعودي يؤمن كما قال صحفي سعودي متأمرك بالتنازلات الإيجابية. وهذه التنازلات تعني الموافقة على كل ما هو أمريكي. وكل ما هو أمريكي هو بنفس الوقت صهيوني. لذا كان على سوريا أن تتخذ الموقف الصحيح وباعتقادي أنها فعلت ما كان يجب أن تفعله. أما الذين لن يشاركوا في القمة سوف يسجل التاريخ أنهم لم يشاركوا لأنهم مُنعوا بقرار أمريكي من المشاركة.

هذا من ناحية المشاركة أما عن القرارات والنتائج التي ستخرج بها القمة، باعتقادي لا شيء جديد سوى إعادة التأكيد على القرارات السابقة. و سوف لن تكون قمة بحجم القضايا المصيرية المطلوب منها بحثها واتخاذ قرارات جريئة ومصيرية فيما يخص فلسطين ولبنان والعراق والسودان والصومال وحصار سوريا. سوف يجتمعوا وبعد الانتهاء يعودون أدراجهم ومن ثم تحفظ قراراتهم في أدراج الجامعة العربية حتى موعد انعقاد القمة من جديد. في هذا الوقت سوف تستمر دولة الاحتلال الصهيوني في مصادرة و تهويد واستيطان القدس وكافة الأراضي الفلسطينية، وفي العدوان على الشعب الفلسطيني وارتكاب المجازر والمذابح وسياسة الإغلاق والتجويع والحصار الممارسة منذ سنوات. فالصهاينة أفضل من يعرف العجز العربي الرسمي. وفي لبنان سوف تستمر جماعات أمريكا الممولة سعودياً في تسخين الجبهة الداخلية وعدم الموافقة على الحلول المرضية لجميع الأطراف. وفي العراق كذلك ستسمر المجزرة الجهنمية بحق الشعب العراقي وبلاد الرافدين. حيث تحكمه عصابات بدعم من الاحتلال وغير الاحتلال، وتتواصل عملية نهب وسلب ثروات العراقيين بينما هؤلاء يفتقدون للأمن والسلم والثروة والحياة الكريمة والنظام الحقيقي الذي يمكنه حكم بلادهم بالعدل والمساواة.

بالرغم من كل هذا السواد الذي يخيم على أجواء القمة نأمل أن تخرج بحلول سحرية للأزمات العربية العربية. ومن ثم برنامج حد أدنى توافقي من اجل العمل لنصرة القضايا المصيرية الأخرى سواء مع أو بدون معسكر السعودية.

 

قمة عربية بدون السعودية

نضال حمد

  Saturday 29-03 -2008