صهيونيات

كيف جرى ويجري تهويد فلسطين؟- د. غازي حسين

أقامت الولايات المتحدة وبريطانيا المجرمة والصهيونية العالمية في 15 أيار عام 1948 (إسرائيل) في فلسطين. وأصدروا مع فرنسا عام 1951 البيان الثلاثي لحمايتها. وأشعلت (اسرائيل) حرب السوي السعدوانية في 29 تشرين الأول عام 1956 بالاشتراك مع بريطانيا وفرنسا وحرب حزيران العدوانية عام 1967 بالتعاون والتنسيق الكاملين مع الولايات المتحدة تلبية لطلب الملك السعودي من إدارة الرئيس الأمريكي ليندون جونسون وتحقيقا للمخطط (الاسرائيلي) بتدميرالجيش المصري لإضعاف القائد العربي جمال عبد الناصر والتيارين الوطني والقومي ووقف دعمه للجمهورية اليمنية الفتية والقضاء على قيادة مصر للعالم العربي وعلى الوحدة العربية وتحقيقاً لاستراتيجية بن غوريون مؤسس (إسرائيل) بإخراج مصر من الصراع العربي الصهيوني للاستفراد بالفلسطينيين والسوريين واللبنانيين وفرض الاستسلام على النظام العربي لتصفية قضية فلسطين وانهاء الصراع وإقامة (إسرائيل) العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد.

وقّع الرئيس جيمي كارترمع أنور السادات اتفاقيتي كمب ديفيد ووقّع السادات معاهدة الصلح مع العدو (الإسرائيلي) في عام 1978، وأقامت (اسرائيل) الشريط الحدودي في جنوب لبنان في العام نفسه.

وتمكن يهود الإدارات الأمريكية وعلى رأسهم اليهودي كيسنجر من تحقيق الاستراتيجيتين الأمريكية و(الإسرائيلية) في مصر وبعض بلدان المشرق العربي. وأعطت إدارة الرئيس رونالد ريغان الضوء الأخضر لغزو (اسرائيل) للبنان في العام 1982م. وأخرجت الاتفاقات التي وقعها فيليب حبيب مبعوث الرئيس ريغان مع عرفات منظمة التحرير الفلسطينية وقواتها من بيروت إلى تونس وتسعة أقطار عربية بعيدة عن فلسطين. ونجح الرئيس ريغان من خلال الضغط والابتزاز في تحويل منظة التحريرمن مقاتلة الى سياسية . وأجبرت إدارة ريغان منظمة التحرير الفلسطينية على تبني الخيار السياسي. ووافقت قمة فاس الثانية في أيلول 1982 وبعد الغزو (الإسرائيلي) للبنان على مشروع الأمير فهد والذي اعترف ولاول مرة ضمناً ب(اسرائيل) وحمل اسم مشروع السلام العربي.

ووقع عرفات في عام 1988 بيان جنيف كما وضعه وزير الخارجية جورج شولتس .وبدأ الحوار الأمريكي مع عرفات ودمّر الرئيس بوش الأب عام 1991 الجيش العراقي في طريق انسحابه من الكويت إلى البصرة. وعقد بوش الأب في نفس العام مؤتمر مدريد للسلام كمقدمة لسلام عربي (إسرائيلي) وفق مقولة حزب العمل وشمعون بيرس:

((الأرض مقابل السلام)) لإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد. وحمل الرئيس الامريكي بوش الاب الامم المتحدة على الغاء القرار 3379 الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية بذريعة تشحيعها للدخول بالمفاوضات. ووقع ياسر عرفات بتاريخ 9 آب 1993 في دهاليز أوسلو المظلمة والظالمة اتفاق الإذعان الذي تضمن الاعتراف ب(اسرائيل) في 82% من مساحة فلسطين والتخلي عن المقاومة المسلحة ونعتها بالإرهاب.

ووقعه محمود عباس بتاريخ 13 أيلول عام 1993 في البيت الأبيض وعرف بإعلان المبادئ، كما وقع عرفات مع الجنرال اسحق رابين اتفاق القاهرة والذي عرف باسم غزة ــ أريحا أولاً وتم بموجبه وبموجب اتفاق طابا ابتكار العدو لسلطة أوسلو لتصفية القضية وتهويد القدس بشطريها المحتلين وكل فلسطين حتى نهر الأردن.وبداْ تعاون اجهزة السلطة الامنية مع اجهزة المخابرات (الاسرائيلية) ضد المقاومة الفلسطينية وللدفاع عن الامن (الاسرائيلي) وأمن المستعمرين اليهود في الضفة الغربية.

وحمل الرئيس كلنتون والجنرال رابين الملك حسين وعبد السلام المجالي عام 1994 على توقيع اتفاق الإذعان في وادي عربة. وانعقدت قمة بيروت العربية عام 2002 ووافقت على المبادرة السعودية التي وضعها اليهودي الامريكي توماس فريدمان لوقف الحملة اليهودية على السعودية بعد تفجيرات نيويورك والتي شطبت على حق عودة اللاجئين إلى ديارهم.

وأشعل مجرم الحرب بوش الابن الحرب العالمية الصليبية على العراق في آذار (2003) للإطاحة بالنظام وحل الجيش العراقي وتدمير منجزاته ونهب نفطه ومساعدة (اسرائيل) وتقوية احتلالها لفلسطين والجولان وجنوب لبنان بالقضاء على الجهة الشرقية ونشر الإرهاب والإبادة والتدمير في العراق لإرجاعه إلى العصر الحجري كما وعد مجرم الحرب بوش الابن وتفتيته على أسس طائفية ومذهبية وعرقية بإشعال الحروب والإرهاب فيه عشرات السنين.

وحاولت كونداليسا رايس تعميم كمب ديفيد وإقامة الشرق الأوسط الجديد من البوابة اللبنانية بعد أن فشلت في تحقيقه من البوابة العراقية فأشعلت (اسرائيل) حرب تموز 2006 وبموافقة آل سعود ودعمهم ودعم الطاغية المخلوع مبارك..

وعقد مجرم الحرب بوش مؤتمر انابوليس عام2008 لتطبيع العلاقات بين السعودية والعدو (الاسرائيلي).

وجاءت إدارة أوباما وحاولت تغيير الأوضاع في بلدان الشرق الأوسط من خلال ما سُمي بالربيع العربي ودعمت جماعات الإخوان المسلمين لاستلام السلطة في مصر وبعض البلدان العربية الأخرى لتصفية قضية فلسطين من خلال رؤية الدولتين التي أخذها مجرم الحرب بوش من مشروع السفاح شارون ووضعها في خارطة الطريق وأجبر عباس على تبنيها.

ونجحت الإدارات الأمريكية وقادة العدو (الإسرائيلي) وعلى رأسهم الفاشي نتنياهو بتحويل الصراع من صراع عربي صهيوني إلى صراع عربي عربي وعربي إيراني لنشر المزيد من الحروب والفتن لتفتيت البلدان العربية والإسلامية بدعم وتمويل من آل سعود وثاني ونهيان حفاظاً على أنظمتهم التي أقامتها بريطانيا وتحميها أمريكا مقابل تهويد وضم القدس والجولان والموافقة على صفقة القرن وتطبيع العلاقات مع العدو (الإسرائيلي) عدو الله والوطن والمواطن والعروبة والإسلام والبشرية جمعاء واقامة التحالف الشيطاني بين السعودية و(اسرائيل).

وكانت اللوبيات اليهودية ويهود الإدارات الأمريكية وإسرائيل يبنون على النتائج والانتصارات التي حققتها لإسرائيل الإدارات الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي وأتباعهم من الملوك والأمراء والرؤساء العرب من أمثال الطاغية المخلوع مبارك وزين العابدين بن علي في تونس.

وهكذا وصلت قضية فلسطين إلى أخطر وأردأ مراحلها. ووصل الوضع العربي والفلسطيني إلى أسوأ أحواله بسبب دعم الملوك والأمراء العرب للمخططات والاستراتيجيات والمصالح الأمريكية والإسرائيلية على حساب الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني وإنحراف قيادة منظمة التحريرالفلسطينية.

حمل الرئيس كارتر في كمب ديفيد أنور السادات على توقيع اتفاق الإذعان في كمب ديفيد والتخلي عن القدس واللاجئين وعروبة فلسطين وعن الجولان. وحقق الرئيس الأمريكي أهم حدث استراتيجي في تاريخ الصراع العربي الصهيوني والذي كان يراود بن غوريون مؤسس (اسرائيل) بتخلي مصر عن دورها وقيادتها وواجبها ومكانتها في الصراع العربي الصهيوني للاستفراد بالفلسطينيين والسوريين واللبنانيين.

وعقد السادات معاهدة إذعان على حساب سيادة وإرادة وكرامة الشعب المصري الشقيق وعلى حساب الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني وعروبة القدس وبقية الأراضي العربية المحتلة في الجولان وجنوب لبنان، وأحدثت خللاً استراتيجياً قاتلاً في الأمن القومي العربي والصراع العربي الصهيوني. وصبَّتْ فقط في مصلحة العدو الصهيوني. ووقعت المملكة الهاشمية اتفاق الإذعان في وادي عربة عام 1994 برعاية الرئيس كلنتون. وعندما جرت مفاوضات كمب ديفيد الثانية عام 2000 اعترف الجانب الأمريكي إنه انحاز كثيراً إلى جانب (اسرائيل) وتبنى الرئيس كلنتون مطالب مجرم الحرب ايهود باراك على أنها اقتراحات أمريكية وليست (إسرائيلية).

وأكد الأمريكيون الذين شاركوا في المفاوضات أن الإدارات الأمريكية لم تعمل كوسيط شريف وغير منحاز.

ويسعى ترامب اليوم عقد صفقة القرن لتخليد وجود (إسرائيل) في قلب المنطقة العربية الإسلامية وتطبيع العلاقات وتسخير السعودية ودول الخليج لممارسة المزيد من الضغط على المفاوض الفلسطيني المصنّع والمروّض وإقامة التحالف الجديد بين إسرائيل ودول الخليج واستبدال العدو (الإسرائيلي) بإيران الجارة الصديقة والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني وتحرير القدس من الاحتلال (الإسرائيلي) البغيض.

وتحمِّل جميع الشعوب في العالم الولايات المتحدة و(اسرائيل) والسعودية وقطر والإمارات مسؤولية انتشار الإرهاب الناتج عن التطرف الديني اليهودي والإسلامي والمسيحية الصهيونية وعن حل المسألة اليهودية في أوروبا على حساب الشعب الفلسطيني وعن النكبة المستمرة والهولوكوست والظلم الفادح الذي لحق بالشعب الفلسطيني وتدمير بلدان الشرق الأوسط وتعريض السلم العالمي لأفدح الأخطار.

وتعمل الولايات المتحدة و(اسرائيل) على تحويل الصراع من صراع سياسي إلى صراع ديني من خلال تهويد المسجد الإبراهيمي في الخليل ومسجد الصحابي بلال بن رباح في بيت لحم وقبر الشيخ يوسف في نابلس وتهويد المسجد الأقصى المبارك وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه والاعتراف بيهودية الدولة لتبرير إقامة الدول على أسس طائفية ومذهبية وعرقية لتفتيت وتقسيم البلدان العربية.

لذلك تكره الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم التحالف الشيطاني بين الولايات المتحدة الأمريكية و(اسرائيل) والمملكة السعودية الذي ادى الى تهويد فلسطين .

كيف جرى ويجري تهويد فلسطين؟

د. غازي حسين