وقفة عز

كَتَبَة الربيع يهاجمون غسان ووديع – بقلم نضال حمد

في الثامن من شهر يوليو – تموز سنة 1972 إغتيل قلب هجوم منتخب الثقافة والكرامة والمقاومة والانتماء، منتخب كُتاب بالدم نكتب لفلسطين، الأديب المبدع والسياسي المخضرم، والمثقف المشتبك، المُقنِع، سَدادْ الأهداف القوية والمتقنة والجميلة في قلب مرمى أعداء فلسطين والأمة. إغتيل الرفيق المعلم غسان كنفاني بتفجير موسادي صهيوني أودى بحياته في قلب بيروت.

بغياب كنفاني خسرت الثقافة العربية، ثقافة المقاومة الفلسطينية أحد أهم أعمدتها الثقافية المقاومة على الإطلاق. فالصهاينة اتخذوا القرار واتخذته شخصياُ رئيسة وزراء الاحتلال في ذلك الوقت غولدا مائير، التي كانت تردد أن كنفاني بما يكتبه وبثقافته وفكره أخطر على الكيان الصهيوني من كتيبة صواريخ ودبابات.

 كانت غولدا مائير تدرك مدى قوة الأقناع في طرح غسان كنفاني للقضية الفلسطينية وفي تبريراته للعمليات التي كانت تنفذها مجموعات المجال الخارجي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي كان يقودها ويوجهها المعلم الشهيد وديع حداد. وهذا النهج يعتبره المنحرفون والمرتدون في الساحة الفلسطينية نهجاً أهوجاً مدمراً … مع أن بعض هؤلاء المنحرفين كانوا في زمن البطلين الوطنيين، القومييين، العالميين، يتمنون لو يمنحهم كل من الشهيدين وديع حداد أو غسان كنفاني دقيقة من وقتيهما.

 

أحد كتاب صحيفة العربي الجديد القطرية وهي صحيفة د. عزمي بشارة، حيث يتجمع كل أعداء سوريا من الانتهازيين والساقطين والمنتفعين من مال قطر، وهناك يصبون جام غضبهم على كل من ينتمي لسوريا العروبة ويدافع عنها في وجه مشروع الصهاينة والأمريكان وأعوانهم في قطر وتركيا والسعودية وجماعات الارهاب والتكفير والهمجية.

 في العربي الجديد وهو اسم فعلا يناسب هذه المجموعة من العرب العاربة المستعربة… لأنهم عرباً من غير طينة العرب الأصليين، كتب أحدهم مقالة مسمومة عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مستغلاً أسم غسان كنفاني وذكرى استشهاده، ليشن الهجوم الثأري أو الأنتقامي من التنظيم الذي كان في شبابه ومراهقته ينتمي إليه. لم يُشبِع الهجوم على الشعبية شهوته الانتقامية ولم يكتف بذلك إذ عنون مقالته ( غسان كنفاني قتيل السياسة ) …

 تصوروا وتخيلوا غسان قتيل مثل أي قاطع طريق أو فار من العدالة؟..

هل يوجد فلسطيني عاقل ومثقف يستخدم هكذا عنوان للحديث عن أهم ما أنجبت فلسطين ثقافياً؟ ..

فعلاً الذين أستحوا ماتوا كما يقول المثل الشعبي العربي الفلسطيني.

وفي زمن أوسلو حيث جزء من هؤلاء من مدرسة أوسلو وينتمون لمؤسساتها ويتقاضون رواتبهم منها، أصبح من الطبيعي أن نجد أشخاصا وفئات من الناس تمارس العهرين الثقافي والسياسي، وتزايد على غسان كنفاني ووديع حداد وناجي العلي وجورج حبش وطلعت يعقوب وكمال ناصر والخ من شهداء فلسطين.

يمكن لهؤلاء أن يزايدوا أيضا على الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود بطل معركة الشجرة، حيث استشهد وهو يقام العصابات الصهيونية يوم 13-07-1948، والشاعر الفدائي عبد الرحيم محمود الذي استشهد في قرية الشجرة، وهي بلدة الشهيد المبدع العظيم ناجي العلي، والفنان الراحل والكبير ابو عرب .. كان يقاوم المشروع الصهيوني، ترك قلمه جانبا وامتشق البندقية ليقاوم، فاستشهد شاعرنا الفدائي وهو يقاوم بالسلاح قطعان الصهاينة الغزاة. فالمقاومة ثقافة وطنية وقومية تكتب بالقلم وتترجم بالبندقية ..وشاعرنا الفذ هو الذي قال :

سأَحْمِلُ رُوحِي عَلَى راحَتِي

وأُلْقِي بها في مَهاوِي الرَّدَى

فإما حياةٌ تَسُـُّر الصَّـديْقَ

وإمَّـا مَمـاتٌ يَغِيْـظُ العِدا

 

لن أستغرب شخصياُ أن يخرج علينا في إعلام النفط والغاز، اليوم أو غدا أو بعد غد، شخص فلسطيني أو عربي يشوه بكل رموز الثقافة الفلسطينية المقاومة. فنحن في زمن إنحنت فيه قامات وهامات وسقطت فيه أسماء ورموز سياسية وثقافية، اسلامية، مسيحية، قومية، يسارية وفوضوية. كل هؤلاء المنحرفين والساقطين سياسيا وثقافيا سوف ييزولوا فيما ذاكرة غسان ورفاقه الشهداء ستبقى مثل ذاكرة فلسطين، مشعة ومنيرة ومضيئة وخالدة حتى الأبد.

 

 

كراكوف في 19-7-2017