الأرشيففلسطين

لقاء خاص مع عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين

الهجمة على مخصصات الاسرى والشهداء تستهدف نزع الشرعية عن النضال الفلسطيني ضد الاحتلال

قراقع: يدعو الى استصدار فتوى حول المكانة القانونية للأسرى من محكمة العدل الدولية

دعا عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين الى الاسراع في استصدار فتوى من محكمة العدل الدولية حول المركز القانوني للاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال وذلك في ظل الهجمة التي تشنها حكومة اسرائيل على الاسرى لنزع صفتهم القانونية كأسرى حرية ولنزع شرعية النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال.

جاء ذلك خلال لقاء خاص مع صحيفة القدس، وفيما يلي فحوى اللقاء:

س1: العدوان على حقوق الاسرى مستمر انسانيا وقانونيا، ما العمل؟

ج: اصبح من الاهمية الآن في ظل الهجمة الدولية التي تقودها حكومة الاحتلال على الاسرى سواء بما يتعلق بحقوقهم الانسانية بالسجون وبحقوق الاسرى المحررين اجتماعيا او لنزع شرعية نضالهم الوطني ووصمهم بالارهاب، ان نتوجه الى محكمة العدل الدولية لاستصدار فتوى حول الوضع القانوني للاسرى والمعتقلين والمحتجزين لدى دولة الاحتلال الاسرائيلي جراء الصراع العربي الاسرائيلي، والضمانات الواجبة طبقا لقواعد القانون الدولي لحماية حقوقهم ومسؤولية دولة الاحتلال والمجتمع الدولي تجاههم.

إن ذلك يأتي بسبب الحرب القانونية على الاسرى ووضعهم في إطار الغير شرعيين واستمرار عدم اعتراف اسرائيل كسلطة محتلة بمكانتهم القانونية كمحميين بموجب اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة وبموجب قرارات الامم المتحدة المتعاقبة ، وكذلك تنصل دولة الاحتلال من الاعتراف بالشخصية القانونية الجديدة لدولة فلسطين واسرى دولة فلسطين المحتلة بعد اعتراف الامم المتحدة بفلسطين كدولة عضو مراقب فيها.

س2: ما اهمية الفتوى خاصة انها استشارية غير ملزمة؟

الفتوى لها قيمة قانونية وتأثير سياسي خاصة ان الرأي الاستشاري الذي تصدره محكمة العدل الدولية يوجه الى الجهة التي طلبته ليكون بمثابة شرح وتفسير للمسألة القانونية محل البحث حتى تهتدي الجهة التي وجهت السؤال للمحكمة الى الابعاد القانونية والدفاع عن الاسرى وحمايتهم واتخاذ القرار السليم.

وبالرغم من ان المبدأ العام ان الرأي الاستشاري لا يتمتع بالقوة الإلزامية للاحكام إلا انه يعكس التفسير الصحيح للمباديء القانونية المطروحة على المحكمة والإلزام في الاحكام ينصرف الى الجزء التنفيذي في الحكم.

 

س3: هل انت واثق ان الفتوى ستكون لصالح الاسرى ومكانتهم القانونية؟

ج: نعم ، فالفتوى ستكشف وتؤكد القواعد القانونية الامرة التي تسري على جميع الدول مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949 والتي تعتبر احكامها قواعد تلزم جميع الدول، فالقواعد القانونية في هذه الاتفاقيات ملزمة للدول منذ ان انضمت الى هذه الاتفاقيات وقبل تضمينها في الرأي العام الاستشاري ، إضافة ان احكام القانون الدولي الانساني التي تعكس المواثيق الدولية التي تعهدت مختلف الدول باحترامها وهي التزامات اي تسري وتلزم الجميع بغض النظر ان كانوا اطرافا متعاقدة في هذه الاتفاقيات ام لا، فالدول تحت التزام قانوني يوجب احترام هذه الاتفاقيات، والرأي الاستشاري كانت طبيعته كاشفة وليست منشئة لهذه الالتزامات ، مع العلم ان الكثير من الاحكام الاستشارية السابقة لمحكمة العدل الدولية كان لها تأثير كبير في توجيه مواقف الدول في مسائل سياسية لها جوانب قانونية مثل حق تقرير المصير وغيرها.

 

س4: هل الهجمة على مخصصات الاسرى والشهداء تأتي في سياق الحرب القانونية على صفتهم الشرعية؟

ج: نعم، والامر لا يتعلق بالجانب المادي فاسرائيل تريد ان تهرب من مسؤولياتها القانونية عن آثار ونتائج احتلالها للشعب الفلسطيني واسقاطها للآلاف من الضحايا سواء الاسرى او الشهداء او الجرحى والمبعدين ، وتستهدف وضع نضال الشعب الفلسطيني في إطار الجريمة وعدم المشروعية وبالتالي التخلي عن التزاماتها كسلطة محتلة عن كافة القرارات والمعاهدات الدولية والانسانية والتصرف كأنها دولة غير محتلة، واكثر من ذلك فإن اسرائيل كدولة محتلة تسعى الى اخذ البراءة قانونيا وتجنب الملاحقة والمسائلة القانونية عن جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، وكأن ما قامت به من جرائم هو عمل شرعي.

 

س5: هل القيادة السياسية وافقت على التوجه لمحكمة العدل الدولية؟

ج: نعم ، الرئيس ابو مازن اعطى تعليماته لكافة الجهات الفلسطينية بعد تقديم المشروع له من اجل دراسة ذلك من كافة الابعاد القانونية والسياسية ، خاصة في ظل الضغوطات الكثيرة التي تمارس على القيادة الفلسطينية والتي تستهدف المساس بحقوق الاسرى والشهداء القانونية والانسانية والاجتماعية.

 

س6: ما هي الاسس القانونية التي سوف تستند لها الفتوى حسب رأيك؟

ج: هناك ركائز قانونية هامة تستند اليها منها فتوى الجدار لعام 2004 التي اعتبرت ان الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 غير شرعي، وتأكيد على قرارات الامم المتحدة التي اكدت على انطباق اتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب المؤرخة في 12 آب 1949 على الاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيه القدس الشرقية ، إضافة الى تثبيت مشروعية المقاومة الفلسطينية وشرعية نضال الشعوب الخاضعة للاحتلال والاستعمار، وبالتالي قانونية النضال من اجل التحرر و ضرورة احترام الكرامة الانسانية وحظر كل الاساليب اللإنسانية في التعامل مع الشعوب الخاضعة للاحتلال.

 

س7:كيف ستنعكس الفتوى على واقع الاسرى؟

ج: اعتقد ان المحكمة ستصدر رأي ايجابي لصالح الاسرى بالتأكيد على القضايا التالية:

  • تأكيد الوضع القانوني للاراضي الفلسطينية كأرض محتلة تخضع لانطباق وسريان اتفاقية جنيف الرابعة.
  • تأكيد حق الفلسطينيين المشروع بالمقاومة بكافة اشكال النضال للوصول نحو حقهم المشروع في تقرير المصير.
  • تأكيد اكتساب الاسرى والمعتقلين لمركز المحارب القانوني وبالتالي اكتساب فئة من الاسرى وصف اسرى حرب حسب اتفاقية جنيف الثالثة ، و فئة اخرى وهي الغالبية اسرى حرية محميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.
  • تأكيد التزام المحتل الاسرائيلي بالضمانات الوارادة في المعاهدات والاتفاقيات الدولية بشأن الاعتقال والمعاملة والتمتع بالحقوق الصحية والغذائية والمحاكمة العادلة.
  • التأكيد على اهمية تصنيف الممارسات الاسرائيلية تجاه الاسرى ضمن الاعمال والتصرفات المكيفة بكونها جرائم حرب مما يعني اثارة حق الطرف الفلسطيني في الملاحقة والمسائلة الجنائية لدولة الاحتلال افرادا ومسؤولين.
  • التأكيد على التزامات الامم المتحدة تجاه قضية الاسرى وطبيعة الدور والتدخل الواجب عليها لمواجهة ما يتعرض له الاسرى من انتهاكات وانكار لحقوقهم.

 

س8: ما رأيك بقرار اللجنة الوزارية بالكنيست الاسرائيلي بخصم رواتب عائلات الشهداء والاسرى من عائدات الضرائب؟

ج: هي سرقة مكشوفة وتحت غطاء القانون، وتأتي في سياق نزع صفة التحرر الوطني عن الاسرى والشهداء والجرحى الفلسطينيين، وعلينا ان نقاضي اسرائيل على احتجازها لأموالنا، وأن لا نخضع لهذا الضغط والابتزاز، وأفضل رد هو ان نستمر في إعانة عائلات الاسرى والشهداء وان نتخذ مواقف سياسية أخرى للرد على هذه القرصنة المالية، واود الاشارة اننا كشعب تحت الاحتلال لسنا تحت ولاية القوانين الاسرائيلية التعسفية والعنصرية الهادفة الى تكريس وتعميق بل نخضع لولاية القانون الدولي والمعاهدات الدولية والانسانية، وأقول بالنهاية: تستطيع اسرائيل بفعل القوة ان تحتجز اموالنا ولكنها لن تستطيع ان تحتجز كرامتنا.

 

س9: كيف تقيم اضراب الاسرى الاخير؟

ج: كان اخطر اضراب نشهده منذ سنوات، فقد جاء في اصعب الظروف داخل السجون وخارجها، وكان خطوة نحو التغيير العسير والقاسي، ودفع الاسرى المضربين ثمنا صعبا ولازالوا يعانون آثار الاضراب صحيا بسبب ما تعرضوا له من إجراءات قمع غير مسبوقة، وتقييمي للاضراب ليس في نتائجه المادية بقدر ما احدثه من إثارة واسعة لكل ملفات انتهاكات اسرائيل بحق الاسرى على المستوى العالمي والحقوقي، وبقدر ما اعاد الاعتبار لهيبة وقوة الحركة الاسيرة التي تعرضت للتهميش والسلب والتفكيك خلال السنوات السابقة، فصمود الاسرى الملحمي والتفاعل الشعبي الواسع شكل حماية لقضية الاسرى سياسا وإنسانيا وقانونيا ربما سنلمس نتائجه مستقبلا.

 

س10: ها التزمت اسرائيل باتفاقها مع الاسرى المضربين؟

ج: حتى الان غير واضح، واخشى من التلاعب والتنصل من التفاهمات التي جرت مع قيادة الاضراب، ولكن اسرائيل اخذت درسا من هذا الاضراب يقول ان الاسرى جاهزون للدفاع عن حقوقهم وكرامتهم وإنسانيتهم ، وان عدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه قد يفجر الوضع مرة اخرى وفي أي وقت.

 

س11: أنت قلت ان 80% من طلبات الاسرى قد تم الاتفاق عليها ،هل هذا صحيح؟

ج: صحيح، والعبرة في التطبيق والالتزام وعدم التسويف في ذلك، ولهذا شكلت قيادة المضربين لمتابعة عملية التطبيق ، وليس من السهل ان يقف الاسرى صامتين بعد ان قدموا تضحيات كبيرة خلال الاضراب، ولكن يجب ان لا نلقي المهمة فقط على عاتق الاسرى، فالاسرى قاموا بكل ما يستطيعون ووصلوا حافة الموت، وعلى كافة مؤسسات حقوق الانسان الدولية الان ان تتحرك لحماية الاسرى والزام اسرائيل باحترام حقوقهم الانسانية.

 

س12: هناك حديث عن مشروع امريكي للعودة الى المفاوضات اين الاسرى من ذلك؟

ج: اعتقد ان العودة الى المفاوضات يجب ان تبدأ بالاتفاق مسبقا على وضع جدول زمني لاطلاق سراح الاسرى ووفق اولويات نضالية وإنسانية كالأسرى القدامى المعتقلين قبل اتفاقيات اوسلو والنساء والمرضى والاطفال والاداريين وغيرها بحيث تكون عملية اطلاق سراح الاسرى جزء اساسي من عملية التسوية السياسية، وعلينا ان لا نقع في اخطاء الماضي، ولا نخضع للتصنيفات الاسرائيلية ولا للمساومة والابتزاز في ملف الأسرى.

 

س13: ما جوهر التغيير الذي يجب ان نحدثه في قضية الاسرى؟

ج: ان ننطلق قانونيا ودوليا الى محكمة العدل الدولية والى المحكمة الجنائية الدولية وندافع عن حقوق الاسرى ولحمايتهم ولمحاسبة المجرمين الاسرائيليين، وعلينا ان نعلن بوضوح ان اية تسوية او سلام عادل بالمنطقة يبدأ باطلاق سراح كافة الاسرى ، وعلى الحركة الاسيرة داخل السجون ان تتوحد و تتراص صفوفها لمواجهة الهجمة الشاملة على حقوق الاسرى، وعلينا ان نتصدى بقوة للعدوان الاسرائيلي على مخصصات الاسرى وإعاناتهم الاجتماعية فهذا واجب وطني وأخلاقي وإنساني، وان نرفع شعار تحويل ضحايا الاحتلال اسرى وشهداء وجرحى ومبعدين ومختطفين ومعدومين ومطرودين من اراضيهم الى عبء ثقيل جدا على الاحتلال، وان يكتوي المحتلون بنار الاحتلال، فلا يجوز ان تشعر اسرائيل ان احتلالها للشعب الفلسطيني احتلال سهل وبدون ان تدفع الثمن.

عبد الناصر فروانة
أسير محرر، و مختص في شؤون الأسرى
رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين
وعضو اللجنة المكلفة بإدارة شؤون الهيئة في قطاع غزة