الأخبارالأرشيفعربي وعالمي

ما هي مخاطر صفقة القرن على القضية الفلسطينية؟ – احسان عطايا

ما هي مخاطر صفقة القرن على القضية الفلسطينية؟ وما هي سبل مواجهتها؟

صفقة القرن هي مشروع أميركي صهيوني يراد منه تهويد فلسطين، وتصفية القضية الفلسطينية، وإلغاء كل حقوقنا التاريخية. وقد جاءت ضمن مسار سياسي تآمري طويل، من قبل إدارات أميركية سابقة، تولى ترامب تنفيذها بعد تسلمه زمام الرئاسة، التزامًا منه بتعهداته للصهاينة. وهي لا تستهدف فلسطين وحدها، بل تطال دولاً أخرى في المنطقة.

وقد تجلت مخاطر هذه الصفقة، بتاريخ 6 كانون الأول 2017، عند إعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وقراره نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وإعطائه التوجيهات لوزارة الخارجية لـ”بدء التحضيرات لنقل السفارة الأميركية من “تل أبيب” إلى القدس”، حيث تم نقلها بالفعل في 14 أيار 2018، وبذلك تكون قد دخلت هذه الصفقة خطواتها العملية الأولى.

وبالرغم من أن ترامب لم يتجرأ على الإعلان عن تفاصيل هذه الصفقة، بل أبقاها طي الكتمان، غير أنه سعى جاهدًا مع نتنياهو لتمرير خطوات عملية؛ منها على سبيل المثال:

– تصويت ما يسمى بالكنيست على قانون “القومية اليهودية” في فلسطين، ومنح العدو حرية تهويد الأرض، الذي تكمن خطورته في تهجير من تبقى من الشعب الفلسطيني من داخل فلسطين المحتلة.

– إيقاف المساهمة المالية الأميركية التي تقدم لوكالة الأونروا، وممارسة الضغط عليها وعلى الدول المانحة لإيقاف مساعداتها، بغية التخلص منها، لكونها أحد الشهود الأساسيين على المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، وعلى لجوئه وتشتيته، من جهة، ومن جهة أخرى لمحاولة شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين، وتوطينهم حيث يتواجدون، أو منحهم جنسيات دول أجنبية، والتخلص من فكرة العودة إلى فلسطين بشكل نهائي.

وإذا أردنا أن نستعرض أبرز مخاطر ما يسمى بصفقة القرن على القضية الفلسطينية، فإنني أوجزها بالآتي:

– تهويد مدينة القدس، وتثبيتها عاصمة للكيان الصهيوني، وتهويد فلسطين كلها، مع تكريس الاحتلال وتشريعه.
– السيطرة الكاملة على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والتحكم بها، ولا سيما في القدس، وفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى.

– ضم الضفة الغربية تحت السيادة الصهيونية، والسيطرة الفعلية على المساحة الأكبر منها.

– إلغاء صفة اللجوء عن اللاجئين الفلسطينيين، وتحويل قضيتهم إلى قضية إنسانية، وشطب حق عودتهم إلى ديارهم التي طردوا وهجروا منها.

– إنهاء فكرة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وتهميش الوجود الفلسطيني، وإسقاط أي دور لهم مستقبلاً. وتكريس سلطة فلسطينية تحكم بصلاحيات محدودة جدًّا، مدعومة بأجهزة أمنية ملحقة بالكيان الصهيوني، لحماية أمنه وأمن مستوطنيه.

– ترسيخ الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

– زيادة الحصار المفروض على قطاع غزة، وتشديد الضغوط الاقتصادية والمعيشية على الشعب الفلسطيني، لاحتواء المقاومة وخنقها.

– تشويه صورة المقاومة في غزة ومحاصرتها، وتفريغها من مضمونها، ومحاربة كل من يدعمها.

– تسريع وتيرة تطبيع العلاقات الرسمية بكافة أشكالها بين الكيان الصهيوني والدول العربية.

– تثبيت الهيمنة الصهيونية على الدول العربية والإسلامية في منطقة الشرق الأوسط.

– التخلص من المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها، وعلى رأسها الكفاح المسلح، وتلاشي حلم تحرير فلسطين والعودة إليها.

أما عن سبل مواجهة ما يسمى بصفقة القرن، فهي عديدة ومتنوعة، أبرزها:

– إصرار الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية بكافة مكوناتها على رفض هذه المؤامرة المسماة بصفقة القرن، والصمود والثبات أمام الضغوط الهائلة، والتمسك بالحقوق وعدم التنازل عن ذرة من تراب من فلسطين بأي شكل من الأشكال.

– إنهاء الانقسام الفلسطيني، والإسراع بالمصالحة، وتعزيز الوحدة الوطنية.

– ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، بعقد لقاء قيادي فلسطيني رفيع المستوى يضم كافة فصائل المقاومة الفلسطينية، للاتفاق على برنامج نضالي مشترك، وإعادة بناء هيكلة منظمة التحرير على قاعدة الشراكة السياسية والثوابت الوطنية.

– التحلل من كافة الالتزامات المتعلقة باتفاق أوسلو.

– تطوير قدرات المقاومة في غزة، وزيادة التنسيق بينها وبين كل حركات المقاومة في المنطقة، والدول الداعمة والحاضنة لها.

– تفعيل المقاومة في الضفة الغربية وتطويرها.

– المحافظة على استمرار مسيرات العودة في غزة التي كانت انطلاقتها سببًا في هدم المدماك الأول من صفقة القرن وإعاقة تمريرها كما كان مرسومًا لها.

– تعزيز دور الشعب الفلسطيني ومشاركته الفاعلة في المقاومة، بالشكل الذي يتسنى له، وابتكار الوسائل الإبداعية التي يراها مناسبة.

– إعادة البوصلة إلى القضية المركزية للأمة، وتسليط الضوء على قوة الإرادة لدى الشعب الفلسطيني المنتفض، والإرباك الذي سببه للعدو الصهيوني التي فشلت كل محاولاته لإجهاض مسيرات العودة، وتعطيل الفعل المقاوم.

– توسيع حملات المقاطعة للبضائع الأميركية والصهيونية، وكل من يدعم الكيان الصهيوني.

– رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني بكافة الأشكال، والضغط من قبل الشعوب على الدول المطبعة، والعمل على منعه، وإعاقة حصوله بكافة الوسائل المتاحة.

– زيادة وتيرة التحركات والمسيرات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية في البلدان العربية والإسلامية، والدول التي تتواجد فيها جاليات فلسطينية، والدول الصديقة والحرة، رفضًا لقرارات الرئيس الأمريكي المجحفة بحق القضية الفلسطينية.

– تكاتف كل شعوب العالم العربي والإسلامي والشعوب الحرة في العالم، والوقوف صفًّا واحدًا لدعم القضية الفلسطينية، والتضامن الحقيقي مع الشعب الفلسطيني، لتعزيز صموده في مواجهة كل المؤامرات، حتى تحرير أرضه والعودة إلى دياره.

– تجييش الرأي العام ضد الجرائم الصهيونية البشعة، وبث الروح الثورية في نفوس الشعوب المغيبة عن دعم القضية الفلسطينية.

– حثّ المؤسسات الدولية الحرة على القيام بواجبها تجاه القضية الفلسطينية، وعدم السماح بتمرير هذه الصفقة.

– السعي الحثيث لطرد سفراء العدو الصهيوني، وممثليه، ومندوبيه، ووفوده، من البلدان العربية والإسلامية.

– عقد مؤتمرات موسعة ومتخصصة، تنبثق عنها ورشات عمل بحثية، لوضع إستراتيجية شاملة، في مواجهة هذه الصفقة. يتم من خلالها تشكيل لجان عمل جدية، تؤدي أدوارًا محددة وواضحة لتفعيل النشاطات، وتكثيف الفعاليات، ومتابعة المقررات والتوصيات التي تصدر عن هذه المؤتمرات.

وكما بات معلومًا لدى الجميع بأن ترامب قد قام بتأجيل الإعلان عن تفاصيل هذه الصفقة عدة مرات، وحتى هذه اللحظة لم يجرؤ أحد على الإفصاح عن مضمونها. وكما يبدو للجميع فإن الأرضية لتمريرها بسلاسة على حساب الشعب الفلسطيني ليست جاهزة بعد، ولا سيما أن أسباب إعاقة تمريرها عديدة ومعروفة للقاصي والداني. لذلك أعتقد اعتقادًا جازمًا بأن ما يسمى بصفقة القرن قد تعثَرت وفشلت فشلاً ذريعًا، وما المحاولات المحمومة التي نراها لتسريع عمليات التطبيع بما يتسنى من أشكال بمظاهر خداعة، إلا من أجل إبقاء رمق الحياة الأخير فيها.

وعلى الفلسطيني اليوم ألا يقف مكتوف الأيدي، وأن يقول كلمته الفصل، وينهي هذه الصفقة بالضربة القاضية، كي يستطيع أن يتابع نضاله حتى تحرير فلسطين كل فلسطين.

إحسان عطايا
ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان
13/6/2019