وقفة عز

مطلوب علاج شعبي لوقف التنازل عن حق العودة

نضال حمد

من جديد وبلا ندم أو خوف من أحد يعود السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية لإشهار موقف علني جديد مخالف لتطلعات شعبه، ولقرارات الشرعية الدولية التي تدعو الاحتلال الصهيوني للالتزام بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم التي شردوا منها بالقوة على ايدي الاحتلال الصهيوني.

في موقفه الساداتي الجريء بالرغم من سلبيته يعلن أبو مازن عبر صحيفة هآرتس الصهيونية:

(( أقبل بعودة جزئية للاجئين الى ” اسرائيل”))…

هذه ال ” اسرائيل” لا ترد كثيراً على ألسنة غالبية الشعب الفلسطيني، بل فقط عند الذين ارتضوا ب12% من أرض فلسطين دويلة لهم ولمن قبل بهم وبنهجهم السياسي العدمي.

منطق السيد ابو مازن هو منطق المهزوم والضعيف والمنكسر، ومنطق العاجز والغير مُستطيع والمُسَلِم بما آلت اليه النهايات التفاوضية. فالحل الجزئي لقضية اللاجئين يعني ضمن ما يعنيه تسليم آخر وأهم ورقة بيد المفاوض الفلسطيني.

منطق أبو مازن يعني أنه يقبل بحل جزئي لقضية اللاجئين على أساس الطرح المقبول (اسرائيلياً) للتفاوض عليه وهو عودة عدد معقول من اللاجئين الى فلسطين المحتلة سنة 1948 (كبادرة انسانية صهيونية). والتي يسميها رئيس السلطة كما اخوانه القادة العرب والمسلمين ” اسرائيل”. فيما الملايين المتبقية من اللاجئين يتم توطينها في الضفة والقطاع ودول الشتات العربية والأجنبية. مع تقديم تعويضات لهم بحسب رؤية ابو مازن. (فاسرائيل) لا تعترف بمسؤوليتها عن تشريدهم ولا ترضى دفع تعويضات لهم.

يلعب السيد أحمد الطيبي عضو الكنيست الصهيوني دور المعلم للمرتبكين بحسب وصف هآرتس، لكنه حقيقة يلعب دور الناصح لفريق غير المُستطعين (كما وصفه الزميل رشاد ابوشاور في مقالة له عن حق العودة).. فريق غير المستطعين، أي المعزولين من قبل شعبهم، والمنزويين في مكاتبهم ومقارهم، بعيداً عن الحياة اليومية والواقع المعيشي الصعب للشعب الفلسطيني، الذي يقدم التضحيات لأجل الحرية والاستقلال والعودة منذ نحو  100 عام. فهذا الفريق لا يهمه ماذا يقول الشعب لأنه من كوكب والشعب الفلسطيني من كوكب آخر.

وللتاكيد على ذلك فأن قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في الضفة الغربية ” ذياب العلي” يعلن وبكل صلف عبر صفحات جريدة هآرتس الصهيونية أن السلطة الفلسطينية تفكر باستعادة قطاع غزة بالقوة من أيدي حماس. وبعد التنسيق وأخذ الأذن من الكيان الصهيوني والأردن ومصر.

شيء عجيب رئيس يتنازل عن حق شعبه بالعودة، وأحد جنرالاته من الذين لا يستطيعون حماية أنفسهم ولا قواتهم، ويقفون متفرجين على جيش الاحتلال عندما يهاجم ويقتحم الضفة الغربية، يهدد باجتياح غزة واستعادتها من حماس بالقوة العسكرية.

أبو مازن لم يكتفِ بتوضيح موقفه للذين لم يفهموه أو لم يودوا فهمه حين صرح من لبنان لجوزيل خوري عبر فضائية العربية بتنازله عن حق العودة. لذا عاد الرجل وأوضح رؤيته وموقفه بما لا يدع مجالاً للشك. العودة يفهمها عباس مجتزأة ومنقوصة ومحدودة وبحسب الموافقة الصهيونية. ولا يهمه رأي شعبه، فهو يظن أنه خلق لهذه المسألة وأنه وريث شرعي لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تم بناء كيانها بتضحيات الشعب الفلسطيني على مدار نحو 50 سنة. فيما عباس لم يضحي خلال الخمسون سنة بأي شيء.

لقد أبيدت مخيمات في خضم النضال وفي الحروب لأجل العودة الى فلسطين. وأستشهد عشرات الآلاف وجرح وأسر وهجر وشرد ملايين من أبناء فلسطين. وظل هؤلاء طوال السنوات الماضية ومازالوا حتى يومنا هذا يتمسكون بحق العودة. ويرفضون التنازل عنه أو المساومة عليه كما يفعل السيد أبو مازن وفريقه التفاوضي أحمد قريع، صائب عريقات وياسر عبد ربه.

أبو مازن تعهد أيضاً بمنع حدوث انتفاضة ثالثة وكأنه هو الذي يحدد موعد الانتفاضة، وكأن الانتفاضة الثانية، انتفاضة الأقصى والاستقلال لم تكن في جزء كبير منها ضد الاستسلام والفساد والإذلال. فالاستسلام باسم السلام هي نظرية السيد ابو مازن. والفساد جاءت به السلطة التي ولدت من رحم عملية سلام ابو مازن. أما الإذلال فقد كان موجوداً منذ ما قبل عودة السلطة لكنه تزايد وتفاقم مع وجود السلطة.

. إن استمرار هؤلاء التلاعب والمساومة على حق العودة والتملق للاحتلال وتقديم التنازل تلو الآخر، في ظل صمت وعجز الفصائل ومؤتمرات العودة والجاليات عن مواجهة واضحة وصريحة معهم. لهو بالفعل شيء مزعج وخطير… شيء يستحق من الفصائل الفلسطينية وقفة لائقة ومواقف جريئة، لا الصمت ولا المهادنة لأن الذي يقبل بالتنازل عن هذا الحق وبالتلاعب بمصير وحقوق ملايين الفلسطينيين يستحق أكثر من الاستنكار والادانة. وفي أضعف الايمان العزل والمحاسبة.

إذا كانت الفصائل عاجزة عن العزل فلتحاسب كما كانت تحاسب في قديم الزمان الثوري الفلسطيني. فالذي يقوم به معسكر سلطة أوسلو أسوأ بكثير مما قام به السادات ومما قامت به روابط القرى وبعض رؤساء البلديات في الضفة والقطاع. نقول هذا لأنه لم يعد ينفع مع هؤلاء سوى العلاج الشعبي ( الكيّ بالنار ) معهم ومع وباء المفاوضات العدمية وتقديم التنازلات المجانية.

 

مطلوب علاج شعبي لوقف التنازل عن حق العودة

28-09-2008

  نضال حمد