الأرشيفوقفة عز

معهد الشرق الأوسط والأدنى في كراكوف صوت (اسرائيل) هناك

نضال حمد

يحتفل الصهاينة وأعوانهم في معهديّ (الشرق الأوسط والأدنى) و ( الدراسات اليهودية ) في جامعة ياغيلونسكي البولندية العريقة في مدينة كراكوف أعرق مدن بولندا بيوم قيام الكيان الصهيوني على أنقاض وجماجم شعبنا العربي الفلسطيني. وذلك عبر مؤتمر كبير في المعهد سيشهد النور في منتصف أيار – مايو القادم. ونشرت الاعلانات عنه في صفحات الفيسبوك منذ الآن.

يسمون احتفالهم مرور 70 سنة على تأسيس (إسرائيل)، أي مرور سبعون عاما على نكبة وتشرد الشعب الفلسطيني واحتلال فلسطين من قبل اليهود الصهاينة العنصريين الفاشيين، أمثال بنغريون وبيغن وشامير وشترن وهؤلاء جميعهم من الصهاينة العنصريين والدمويين من يهود بولندا، الذين هاجروا الى فلسطين الانتدابية بمساعدة بولندية وأوروبية. كما أنهم من القادة الصهاينة الأوائل ومن مؤسسي (إسرائيل) ومرتكبي المجازر البشعة في فلسطين قبل وبعد النكبة سنة 1948. هم وغيرهم من اليهود الغرباء والغزاة الذين قدموا الى بلادنا بمساعدة الانتداب البريطاني مسلحين وإرهابيين من بولندا وأوروبا الشرقية وكل العالم الغربي. وصلوا بلادنا فلسطين التي كانت تخضع للاستعمار والانتداب البريطاني بمساعدة أوروبية وأمريكية وبريطانية..

للأسف بعض البولنديين يتباهون كما قرأت في تعليقات بولندية بالصحافة المحلية وفي مواقع التواصل الاجتماعي بأن بُناة الكيان الصهيوني هم من يهود بولندا. مادام الأمر هكذا لما لم تتركوهم يبنون معكم بولندا التي كانت تعاني من الاحتلال والحروب والدمار قبل وبعد الحرب العالمية الثانية؟

بعضهم مثل باتريك جاكي نائب وزير العدل الحالي في الحكومة الذي قال اليوم 30-01-2018 للصحافة على خلفية التوتر بالعلاقة بين البلدين بعد اقرار برلمان بولندا قانون يعاقب بالسجن 3 سنوات كل من يقول أن ما يعرف بمعسكرات الابادة والأفران بولندية.

قال نائب الوزير إن البولنديين وحكومتهم يأخذون من الكيان الصهيوني مثالا (قدوة) خاصة في استخدام القانون وسن القوانين والفوز بالقضايا القانونية في المحاكم حتى الدولية، ونيل تعويضات بالملايين.

هذا شيء مُحيّر فعلاً لأن البولنديين بغالبيتهم يكرهون اليهود لمجرد كونهم يهودا. كنت أعطيت أمثلة عن ذلك في مقالتي أول أمس بعنوان (توتر في العلاقة بين بولندا والصهاينة)… والحقيقة بينما نحن الفلسطينيين ضحايا عصابات اليهود الصهاينة نعادي الصهيونية و(لقيطتها إسرائيل). نعادي ونقاوم هؤلاء الذين احتلوا وطننا وسرقوا أرضنا وتراثنا وعاداتنا من اللباس حتى الطعام والغناء. فمطاعم كراكوف اليهودية و(الإسرائيلية) التي تقدم الفلافل والحمص وهي وجبات فلسطينية عمرها مئات السنين على أساس أنها وجبات يهودية و(إسرائيلية). مثال حي على ذلك. نقاومهم تماما مثلما فعل البولنديون في مقاومة الاحتلالات التي شهدها بلدهم خلال التاريخ. من الاحتلال البروسي والروسي والنمساوي الهنغاري والألماني النازي. 117 عاما كانت بولندا تحت الاحتلالات المختلفة وفيما بعد عادت وتحررت. إذن من المفترض بشعب عانى الويلات أن يتفهم شعب آخر مثله تماما منذ سبعون عاما يعاني الاحتلال والويلات.

بصراحة هذا الإعلان عن الحفل في معهد الشرق الأوسط والأدنى وهو معهد متصهين بالقائمين عليه والعاملين فيه، ويبدو أنه يتلقى دعماً ماليا سخيا من أطراف (إسرائيلية) ويهودية صهيونية، تحرص بدورها على السيطرة على هذا الفرع في الجامعة وتصفيته من أي عامل أو موظف أو صوت متعاطف ومتضامن مع الفلسطينيين. وتنصيب متصهينين بولنديين على رأسه، وتعيينهم في مجلس إدارته وفي هيئته التدريسية. كل ذلك لضمان بقاء المعهد في أيدي صهيونية تؤسس لطلبة وباحثين ودارسين ومستشرقين تتم صهينتهم منذ سنوات الدراسة الأولى في المعهدين. وفي ذلك خدمة كبيرة جدا للصهيونية وللكيان الصهيوني. وأيضا فيه ضرر كبير جداً للفلسطينيين وللقضية الفلسطينية، عداك عن الانحياز والنفاق الواضحين من قبل القائمين عليه وصمت السلطات على ذلك.

هؤلاء الناس منحازون بلا تأنيب ضمير الى جانب الصهاينة ويتوجب علينا مواجهتهم وفضحهم وتعريتهم، بالنشاطات والعمل وتقديم الواقع كما هو. فهم لا يملكون الحجة ولا الانتماء لأنهم يقومون بذلك مقابل مكاسب وامتيازات شخصية، بينما نحن الضحية وهم أتباع الجلاد. كذلك يجب أن ننشط ضمن ما يتوفر لنا من امكانيات قليلة وشحيحة من أجل تعريف الناس بالحقيقة وباحتلال فلسطين وبنكبة الشعب العربي الفلسطيني على أيدي عصابات الصهاينة… وبالذات تلك منها التي جاءت من بولندا الى فلسطين الانتدابية في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الفائت.

في بولندا هناك فلسطينيين وهناك مناصرين للقضية الفلسطينية لكنهم ليسوا بحجم وقوة ونفوذ اللوبي الصهيوني اليهودي الذي يمتد في بولندا الى مئات السنين من التواجد التاريخي اليهودي في البلد. ويتمتع بدعم وسائل الاعلام والسياسيين والأحزاب والمؤسسات المالية والاعلامية والاقتصادية والسياسية، التي له فيها حضور قوي ورهيب. لكن أصدقاؤنا ينشطون بين الفينة والأخرى وبدون دعم وميزانية وأموال، فيقيمون ندوات ومحاضرات عن فلسطين على نفقتهم الخاصة. ويترجمون كُتُباً هامة تخص صراعنا مع الصهاينة. منها لِكُتاب ومفكرين يهود بعضهم معادون للصهيونية، مثل مؤلفات آلان بابيه وفرنكلشتاين وساند وغيرهم. وعلى رأس الأصدقاء البولنديين الأوفياء لفلسطين يأتي السيد بشيميك فيلغوش، رئيس تحرير شهرية لوموند ديبلوماتيك النسخة البولندية. إذ له شخصيا مجهودات كبيرة في إنجاح وترجمة وطباعة تلك الكُتُب.

لدينا أصدقاء وصديقات لكن يلزمنا إطار جامع لتأطريهم وتجميعهم وتنظيمهم وتوجيههم لما فيه خدمة فلسطين. ومن أجل الوقوف بوجه الدعاية الصهيونية في هذه البلاد.

بالمناسبة تقام اليوم 30-1-2018 الساعة السادسة مساءا في كراكوف ندوة للدكتور البولندي ياجي فويتشيك المناصر للكيان الصهيوني تحت عنوان “علاقة الاتحاد الأوروبي (بإسرائيل)”، ومعروف أن فويتشيك درس السياسة في معهد الشرق الأوسط والأدنى في جامعة كراكوف. وينسق عمله مع مركز أبحاث الهولوكوست ومتحف معسكر اوشفيتز – بيركناو. ويهتم بسياسة الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وعلاقات بولندا والكيان الصهيوني، وكما يدعي بعملية السلام الفلسطينية (الإسرائيلية).

بعد متابعتي للنشاطات المناصرة للصهاينة تبين لي أن عدة ندوات أقيمت هذا الشهر فقط في أماكن مختلفة من كراكوف. فيما لم تقم أي ندوة عن فلسطين أو من مناصرين للقضية الفلسطينية في هذه المدينة. يبدو أنها عملية استبعاد منظمة ويبدو أن الجهات وخاصة مركز الشرق الأوسط والأدنى ومن يوجهونهم يتبعونها ضمن برامج محددة.

لا يمكن أن أحمل الفلسطينيين في بولندا مسؤولية لأنهم مثل كل الفلسطينيين في كل العالم غير موحدين ومشرذمين ومختلفين فيما بينهم وامكانياتهم متواضعة.

للأسف وضعنا ضعيف وبنفس الوقت أصدقاؤنا ليسوا بقوة اللوبي اليهودي الصهيوني في بولندا. والموجودين منهم تنقصهم الميزانية للقيام بنشاطات دائمة. ومع هذا لهم كل التحيات والاحترام على ماقاموا ويقومون به لأجل قضيتنا وعلى مناصرتهم لفلسطين شعباً وقضية.

 

معهد الشرق الأوسط والأدنى في كراكوف صوت (إسرائيل) هناك

نضال حمد

30-01-2018

رابط :

https://web.facebook.com/events/1639320702793600