عربي وعالمي

مقالات مجلة كنعان العدد 5-2-2015

كنعان النشرة الإلكترونية

Kana’an – The e-Bulletin

السنة الخامسة عشر العدد 3742

5 شباط (فبراير) 2015

في هذا العدد:

كجُفاة الجاهليّة، ثريا عاصي
المقاومة بين ضمير الشعوب وأحكام القضاء، محمد سيف الدولة

الانتقام الإسرائيلي .. والخيارات المتاحة، ليلى نقولا الرحباني

قواعد الاشتباك في الدلالات وتداعيات التغيير ومفاعيلها، أمين محمد حطيط

السعودية: محمد بن سلمان «مهندس» الانقلاب السعودي

السعودية والوهابية، موفق محادين

● ● ●

كجُفاة الجاهليّة

ثريا عاصي

يبدو أن مسألة الثورة والديمقراطية وكفاح الفساد قد أخرجت من الواجهة الدعائية، لتأخذ الصدارة مكانها شعارات جديدة تتصل بالدين وبالحذلقة في التفقه والعلوم النفسانية. سوّق الذين ادّعوا إمتلاك المعرفة والقدرة على توظيفها إيجابيا، ما تعرضت له بلاد كمثل سوريا من التوحش والتدمير والتخريب والتهجير على انه نوع من العصف الثوري الواعد بمحصلة عظيمة على المستوى الوطني والإنساني الشامل. أذكر أني قرأت لأحدهم ذات مرة ما معناه أنه يجب هدم كل ما هو قائم حتى تتجلى القوة الإبداعية في البناء الثوري!
من البديهي القول الآن، وبعد مرور أربع سنوات ونيف على انطلاقة الجرف وسيول الدماء والدموع، أن القوة الإبداعية هي متخيّلٌ. كل ذي عقل يعرف جيدا أن مقومات هذه القوة غير موجودة. لهذا السبب كانت مسألة الثورة التي انطلقت بصورة مفاجئة في بعض بلاد العرب وبحسب نفس السيناريو تقريبا مثيرة للريبة.
أكتفي بهذه التوطئة لأمهد الطريق إلى إبداء ملاحظتين أعتقد أنهما تدلان على معـْلَمِ يشير إلى خطورة الإقتراب من الهوة، المصيدة. التي من المفروض أن الخلاص منها مستحيل:
ـ لفت نظري في المدة الأخير أن أبواق وأضواء الدعاية التي تعهدت «الثورة على الديكتاتورية» راحت تصبغ خطابها بصبغة دينية. إلى حد أن البعض لم يتورع عن اختزال الفاجعة التي تشهدها بلاد الشام والعراق بكونها مصادمة بين نزعة أصولية سنية تعتمد التفسير الحرفي للقرآن من جهة وبين شيعة يفرطون في التأويل من جهة ثانية. المفهوم ضمنيا أن الأولين يلتزمون بنص موجود في حين أن الأخيرين يبدلون نفس النص بواسطة التأويل.
هكذا يحاول الألمعيون أن يغرقوا المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في مستنقع فقهي والعياذ بالله!. أين الثورة ضد الديكتاتورية طلبا للعدالة الإجتماعية؟ نتذرع إذن بالدين. هؤلاء أخطأوا التفسير وأولئك بالغوا في التأويل، فتباغض وتطاعن الناس ! هكذا يغشون على الكذب والخداع في موضوع القدرة الثورية الإبداعية.
ـ في مجال مختلف إضطلع أحدهم بمهمة النيل شخصيا من قادة المقاومة في لبنان من خلال تفسير حرفي «أصولي» لخطاب الأخيرين في استنهاض حماسة جماهيرهم وتجييشها. أوصله ذلك إلى خلاصة تفيد بأن هؤلاء هم «قبضايات». ليس أشد غرابة من تفسيره القول أن عائلات إنضمت إلى صفوف المقاومة. فلقد رأى في هذا، يا للكشف الهائل، دليلا على الذهنية الذكورية ! وبما أن الكاتب في الصحف والمواقع التي تتغذى من النفط والغاز لا يحتكم إلى منطق، فلم يقارن صاحبنا عائلات المقاومة اللبنانية بمثيلاتها التي قدمت أبناءها في المقاومة الفلسطينية، بل استنسب أن تكون شبيهة بعائلات السلطة. تأخذك الدهشة أخيرا من الصلف والإستهزاء اللذين يرشحان من اتهام المقاومة اللبنانية بأن ثنائيتها «الله والعائلة» ينقصها «الوطن» بعكس ثلاثية حزب الكتائب.
مجمل القول في الختام أن خطاب المقاومة اللبنانية هو في لبه خطاب داخلي، يتوجه إلى جماهير المقاومة من أجل تحشيدها في معركة دفاعية عن نفسها. بالضد من خصومها الذين يروجون خطابا هجوميا الغاية منه تشويه صورتها وإضعافها معنويا، وإنكار تضحيات مناضليها. لا يحتاج خصوم المقاومة إلى جماهير. توكل بأمر الأخيرة المستعمرون والرجعيون العرب في بلاد النفط!.

● ● ●

 

المقاومة بين ضمير الشعوب وأحكام القضاء

محمد سيف الدولة

 

Seif_eldawla@hotmail.com

هناك قاعدة إعلامية شهيرة تقول ان “كلبا عض رجلا” ليست خبرا، وانما الخبر هو ان “رجلا عض كلبا”. والخبر اليوم ليس ان كتائب القسام جماعة ارهابية، وانما ان محكمة مصرية هى التى قضت بذلك، وليس محكمة اسرائيلية.

1)   فحين تقضى محكمة القاهرة للأمور المستعجلة فى 31 يناير 2015 بأن كتائب القسام هى جماعة إرهابية، فهى تسجل سابقة لم تحدث من قبل فى تاريخ المحاكم المصرية والعربية منذ بداية المشروع الصهيونى منذ ما يزيد عن قرن من الزمان، حتى فى أشد لحظات التوتر بين الأنظمة المصرية وبين الفلسطينيين. فمحاكم السادات لم تفعلها فى عز اتفاقيات كامب ديفيد.

2)   كما أن صدور حكم قضائى مصرى بهذا الشكل فى تماهى كامل مع مواقف وادعاءات وحملات العدو الصهيونى ضد الأخ والصديق الفلسطينى، يحمل إساءة بالغة لمصر كلها وليس لقضائها فقط.

3)   وهو حكم متناقض مع تاريخ قضاء مجلس الدولة المشرف فى قضايا الصراع العربى الصهيونى، الذى أصدر عديد من الأحكام لصالح القضية الفلسطينية وضد اسرائيل وضد العلاقات المصرية الاسرائيلية، مثل حكمه فى قضية تصدير الغاز لاسرائيل، وحكمه الأخير بإلغاء مولد أبو حصيرة، وحكمه فى 2009 بحق قوافل الإغاثة المصرية فى الذهاب الى رفح ومناصرة الشعب الفلسطينى فى مواجهة الحصار.

4)   وهو حكم متناقض أيضا مع الثوابت الوطنية المصرية والعربية، التى لا تزال تعتبر ان اسرائيل هى العدو الرئيس لمصر وللأمة العربية، وترفض الاعتراف بمشروعيتها، وترفض المعاهدات التى وقعتها بعض الأنظمة العربية معها فى كامب ديفيد واسلو ووادى عربة. وتصر على تحرير كامل التراب الفلسطينى. وبأنه واجب على كل الشعوب العربية، وان المقاومة هى رأس حربة، تقف وحدها فى الصفوف الأمامية لمواجهة آلة الحرب العسكرية الاسرائيلية للدفاع عنا الأمة كلها وليس عن فلسطين فقط. وأن دعمها بكل السبل والإمكانيات هو واجب على الجميع. وان الملاحم البطولية التى سطرتها المقاومة على مر العقود هى وسام شرف على صدر كل الشعوب العربية، ودليل على أننا أمة حية لم تمت ولن تستسلم.

5)   وهو حكم معكوس، يصدر ضد أهلنا وإخوتنا فى فلسطين. وكان الأولى أن تصدر عشرات الأحكام القضائية المماثلة ضد مذابح إسرائيل وإرهابها، ضد كل هذه الاعتداءات الإجرامية التى شنتها على فلسطين ولبنان فى السنوات الماضية وآخرها عدوان الجرف الصامد، الذى أودى بحياة أكثر من 2000 شهيد فلسطينى ربعهم من الأطفال .

6)   وهو حكم متجاوز حدود الاختصاص، حيث درج مجلس الدولة على الحكم بعدم الاختصاص فى كل ما يتعلق بأعمال السيادة، وهو ما حدث بالفعل فى عدد من الدعاوى التى طالبت بالغاء معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية، والتى حكم برفضها من حيث انها من الأعمال السيادية التى ليس لمجلس الدولة حق التعقيب عليها.

7)   وهو حكم متجاوز ايضا من حيث عدم توفر شرط الاستعجال فى نظر مثل هذه الدعوى امام القضاء المستعجل، ولقد سبق بالفعل منذ بضعة أيام أن قضت محكمة القاهرة للامور المستعجلة برفض دعوى مماثلة بسبب عدم الاختصاص.

8)   ولا يشفع  للحكم، صدوره فى  اجواء سياسية واعلامية محتقنة ومعبئة ضد الجريمة الارهابية فى العريش، فالقضاء يجب أن ينأى بنفسه عن أى مؤثرات سياسية أو اعلامية.

9)   كما أن حملات التشهير الاعلامية الموجهة ضد كل ما هو فلسطينى، والتى لم تتوقف منذ أكثر من عام هى حملات مضللة، اذ انها تتهم أطرافا فى غزة فى الضلوع فى الأعمال الإرهابية فى سيناء مع تجاهل تام لأى إشارة لأى دور محتمل لاسرائيل فيها. رغم أنه لم يثبت أبدا تورط المقاومة الفلسطينية فى أى منها، ورغم أن بوصلة المقاومة الفلسطينية كانت الدوام فى مواجهة العدو الصهيونى فقط. ورغم ان الحدود المصرية الغزاوية لا تتعدى 14 كم، بينما حدودنا مع (اسرائيل) تزيد عن 200 كم. ورغم أن الأنفاق تم هدمها، ومعبر رفح مغلق معظم الوقت امام الفلسطينيين، بينما معبر منفذ طابا مفتوح لدخول مئات الاسرائيليين يوميا بدون تأشيرة.

10) صحيح أنه أصبح واضحا للجميع الآن، ان النظام المصرى الحالى بقيادة السيد عبد الفتاح السيسى، قد قرر أن يبحث عن بوابة الاعتراف الامريكى الاوروبى والدولى، عبر بوابة اسرائيل، وانه فى سبيل ذلك انتهج سلسلة من المواقف التى لم يجرؤ مبارك ذاته على انتهاجها، بهدم الأنفاق تحت الارض مع اغلاق المعبر فوق الأرض لإحكام الحصار على غزة، وإزالة مدينة رفح من الوجود لإقامة المنطقة العازلة التى كانت تطلبها اسرائيل منذ سنوات، ورفع درجات التنسيق الامنى معها بشكل غير مسبوق، والتصريحات المستمرة بأن السلام اصبح فى وجدان كل المصريين، وبأهمية الدفاع عن الأمن المصرى الاسرائيلى المشترك والتصدى للعدو المشترك…الخ

كل هذا صحيح، ولكن لا يجوز بأى حال من الأحوال أن يتورط القضاء بصفته سلطة مستقلة، فى أى توجهات وسياسات، للسلطة التنفيذية.

ولكن للأسف هناك من يصر على تسييس القضاء المصرى وأحكامه، ليس فقط فى ملف فلسطين، وانما فى عديد من الملفات والقضايا الداخلية الأخرى.

11) وأخيرا وليس آخرا يجب التأكيد على أن تقييم حركات التحرير والمقاومة لا يتم فى ساحات القضاء المصرية أو الاقليمية أو المحاكم الجنائية الدولية، وانما يتم فى وعى وضمائر الشعوب وفى ساحات المعارك والفداء والاستشهاد وسجون الاحتلال وقبور الشهداء.

***

وفى الختام أقول لأهلنا فى فلسطين، لا تحزنوا، فهذا الحكم لا يعبر عن الشعب المصرى، بل لقد وقع علينا جميعا كالصاعقة. ونصيحتى اليكم أن تتجاهلوه قدر الإمكان، فلقد صدر من محكمة غير مختصة، حكمها غير نهائى، وسيتم وتصحيحه باذن الله فى درجات التقاضى الأعلى.

ورغم كل حملات التحريض الإعلامية الموجهة، الا انه لم يصدر اى اتهاما رسميا ضد اى من فصائل المقاومة الفلسطينية من الجهات المعنية بهذا الملف فى مصر. وليس لنا أى مصلحة فى زيادة درجة التوتر القائمة الآن بين مصر وفلسطين، فصبرا جميلا.

● ● ●

الانتقام الإسرائيلي .. والخيارات المتاحة

د. ليلى نقولا الرحباني

إنه لبنان فقط، الذي شكّل – وما يزال – استثناءً في الصراع العربي مع “إسرائيل”؛ فمع استمرار المقاومة في الجنوب بعد توقيع اتفاق الطائف، وقدرة اللبنانيين على إجبار العدو على الانسحاب من أراضٍ عربية بالقوة لأول مرة من دون توقيع اتفاقية سلام أو استسلام، ودون تنازلات، كانت “إسرائيل” دائماً تضع نصب عينيها حاجتها لإخضاع اللبنانيين وإذلالهم عبر الحديد والنار، إلى أن كانت حرب تموز، ففرض اللبنانيون بدمائهم “معادلة الردع” المتقابل لأول مرة في تاريخ الصراع. أما الردع فهو يعني “محاولة طرف منع الطرف الآخر من القيام بعمل يرى فيه ضرراً له، أو على الأقل منعه من التفكير بالقيام بما يهدد له مصالحه أو مكانته”، ويرتكز على عنصرين حاسمين: الحرب النفسية، أي منع العدو من مجرد التفكير بالفعل، والثاني عسكري، وهو يرتكز على امتلاك القدرة على الردّ بالمثل، أو الانتقام وإيقاع الضرر.

منذ حرب تموز ولغاية مطلع عام 2015، ما انفك “الإسرائيليون” يحاولون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أي تثبيت الردع من جانب واحد؛ باستعادة الهيمنة والتفوق “الإسرائيلييْن”، إلى أن حصلت حادثة اغتيال قياديي حزب الله في القنيطرة، والرد الموجع الذي قام به “الحزب” في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.

لقد أرست تلك العملية وما تبعها معاييرَ جديدة في الصراع العربي – “الإسرائيلي”، مفادها ما يلي:

1-     إن انتقال المعادلة القائمة بين لبنان و”إسرائيل” من الردع بالتكافؤ، إلى الردع بالتفوق الكاسر للتوازن، يعني هذا لأول مرة أن الهيمنة “الإسرائيلية” على المنطقة باتت في خبر كان، وأن ردع “إسرائيل” عن العدوان على لبنان لن يكون فقط من خلال تهديدها بردٍّ مقابل، بل إن التفوُّق العسكري بات يعطي المقاومة قدرة على تهديد العدو بالذهاب إلى حرب وربحها، وتهديد “الكيان والأمن والاقتصاد الإسرائيلي”، كما صرّح السيد حسن نصرالله.

2-     إن شعار المرحلة المقبلة “وحدة الساحات والميادين” لا تعني فقط أن أي اعتداء على أي مكوّن من محور المقاومة سيُرَدّ عليه في أي زمان ومكان فحسب، بل يعني أن الانتصار أيضاً سيوظَّف في الساحات والميادين الأخرى، وهذا إن دلّ على شيء فهو يدلّ على أن باستطاعة اللبنانيين والسوريين استثمار هذا الانتصار في المعركة الدائرة في سورية اليوم عسكرياً ودبلوماسياً، كما الإيرانيين في مفاوضاتهم الإقليمية والدولية، وقد يمتد إلى إراحة الروس في حربهم الجديدة مع الغرب، خصوصاً أن رد المقاومة والتراجع “الإسرائيلي” أتى في وقت متزامن مع انتصار اليسار اليوناني في الانتخابات، وقيامه بكسر الإجماع الأوروبي المطلوب لإعادة فرض العقوبات على روسيا.

3-     إن لجم “إسرائيل” بهذا المعنى، يعني التفرُّغ لقتال العدو التكفيري الذي يقاتل في الداخليْن اللبناني والسوري، فالصراع مع العدو “الإسرائيلي” يعني التخلص من أدواته التكفيرية التي تطرح شعارات “إسلاموية” للتغطية على عمالتها المفضوحة لـ”إسرائيل”، وكونها وكيل عن “إسرائيل” في هذا الصراع، وبهذا المعنى فإن الحرب التي يخوضها الجيش اللبناني مع الإرهابيين هي جزء لا يتجزأ من معادلة “جيش وشعب ومقاومة”، والتي أثبتت نجاعتها في قتال العدويْن التكفيري و”الإسرائيلي” معاً.

 من هنا، فإن لبنان الذي كسر التوازن مع العدو “الإسرائيلي” وحقق التفوق، سيكون أمام رغبة “إسرائيلية” جامحة بالانتقام، وبما أن الانتقام المباشر بالحديد والنار غير متاح لـ”الإسرائيليين”، فماذا يمكن أن يكون في جعبة “الإسرائيلي”؟

أ- أن يكون الردّ على الإيرانيين بعرقلة الملف النووي، وهو أمر يدرك نتنياهو أنه صعب جداً، لحاجة الأميركيين إلى هذا التفاهم، أو عبر عملية عسكرية واسعة في سورية، وهو أمر لا يبدو أنه متاح للأدوات “الإسرائيلية” في سورية.

ب- أن يأتي الردّ العسكري بحرب على لبنان بعد انتهاء الانتخابات “الإسرائيلية”، وهذا أمر صعب، لأن الحرب دونها مخاطر كثيرة على “إسرائيل”، خصوصاً بعدم اليقين “الإسرائيلي” من الانتصار، في ظل تفوق المقاومة العسكري البرّي.

ج- أن يقوم العدو “الإسرائيلي” بتحريض أدواته الإرهابية التكفيرية لشنّ عمليات واسعة ضد الجيش اللبناني والمقاومة في لبنان، ومحاولة الوصول إلى القرى الشيعية أو المسيحية للانتقام والتفظيع، وهذا الخيار هو الأسهل بالنسبة لـ”الإسرائيليين”، حيث يتمّ استنزاف المقاومة بأدوات أخرى، وهو ما يجب أن يتحسب له اللبنانيون، فيعملوا على تحصين الجبهة الداخلية، وإمداد الجيش اللبناني بما يحتاجه من أسلحة وعتاد لجولة جديدة من المعارك قد تقترب كلما اقترب موعد الانتخابات “الإسرائيلية”.

● ● ●

قواعد الاشتباك في الدلالات وتداعيات التغيير ومفاعيلها

العميد د. أمين محمد حطيط

في اللحظة التي أعلن فيها السيد حسن نصر الله قرار المقاومة المتعلق بقواعد الاشتباك مع العدو الإسرائيلي، خلطت الأوراق واضطر كل معني أو ذو علاقة ما بالصراع مع العدو، اضطر للبحث في تداعيات القرار ونتائجه، فضلا عن أهمية اتخاذه في هذه الفترة بالذات.

وقبل البحث في المسائل تلك، نرى من الفائدة بمكان، التذكير بان القرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة إثر الحرب الإسرائيلية على لبنان في العام 2006، كان مرجعا لفئتين من قواعد الاشتباك، الأولى قواعد الاشتباك أو السلوك الميداني لقوات اليونيفيل ذاتها، والثانية قواعد الاشتباك الناظمة لتصرف القوى المتحاربة التي خاضت الحرب وجاء القرار 1701 ليوقف الأعمال القتالية التي كانت قائمة في سياقها.

فبالنسبة للأولى، نذكر بان قوات اليونيفيل وفي الأسابيع الأولى لوصول التعزيزات لها في العام 2006، حاولت، وبضغط من قوات الأطلسي المنضوية فيها، حاولت أن تضع لنفسها قوعد سلوك أو قواعد اشتباك تتخطى القرار 1701 وتعطي تلك القوات الحق بإقامة الحواجز وتسيير الدوريات وتنفيذ المداهمات من غير إعلام الجيش، أو حتى خارج منطقة عمليات القوات الدولية المحددة بالمنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والحدود الدولية مع فلسطين المحتلة، أو كما يحلو لهم القول بالخط الأزرق. وهنا نذكر كيف أن المقاومة ومعها القوى والشخصيات الوطنية رفضت هذا الانحراف وأصرت على التقيد بالقرار 1701، (يمكن العودة إلى بيان تلك القوى الذي ألقيته شخصيا في نقابة الصحافة ككتاب موجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة) وبنتيجة ذلك عادت اليونيفيل عن تجاوزها والتزمت القوات الدولية بتلك القواعد، ما أنتج بيئة من الهدوء والثقة بينها وبين أهل الجنوب عامة والمقاومة خاصة. وفي هذا الصدد فان قرار المقاومة بتخطي قواعد الاشتباك لا يعني لا من قريب أو بعيد   هذه الفئة من القواعد، ولا أي فقرة أخرى تتصل بها من القرار 1701.

أما بالنسبة للفئة الثانية، فنذكر أيضا بطبيعتها ومفهومها. حيث أن قواعد الاشتباك أو قواعد السلوك الميداني تعتمد لتكون ناظمة لتصرف قوى خاضت مواجهة عسكرية لم تنته إلى تدمير أحد الطرفين أو استسلامه، كما أنها لم تفض إلى حل سلمي للصراع، ما يعني اضطرار المتحاربين للبقاء في الميدان محتفظين بسلاحهم، دونما اللجوء اليه في عمل عدائي ضد الآخر حتى لا تندلع الحرب مجددا. أما إذا غامر أحدهما بعمل عدواني فيكون للآخر أن يبادر إلى ممارسة حق الدفاع المشروع عن النفس ضمن الضوابط لقانونية فاذا سقطت شروط الدفاع عن النفس ـيكون للمعتدى عليه فقط أن يشتكي أمام المرجعية المعتمدة من قبل الطرفين. ما يعني أن قواعد الاشتباك بين الأعداء في الميدان تعتمد لضبط تصرف الأطراف في المكان والزمان مع تحديد الوسائل المستعملة على قاعدة التناسب والضرورة، وتحديد مرجعية لمراقبة التنفيذ والاحتكام لها لفض النزاع عند التجاوز.

وفي الحالة اللبنانية وتطبيقا لما ذكر، نجد أن الأمم المتحدة وبموجب القرار 1701 هي المرجعية التي ارتضاها الطرفان (لبنان بمقاومته، وإسرائيل) وأن جوهر القواعد يتمثل بقرار وقف الأعمال العدائية أو القتالية مع الاحتفاظ بأمرين، حق الدفاع المشروع عن النفس وحق لبنان بالمقاومة لتحرير ما تبقى من ارض محتلة له في مزارع شبعا لان هذا الحق لم يسقطه القرار 1701 خاصة وانه من قبيل الحقوق غير القابلة للسقوط أو التنازل.

لكن في الممارسة ظهر جليا أن إسرائيل لم تحترم القرار 1701، ولم تتقيد بقواعد الاشتباك المبنية عليه، وخلال اقل من تسع سنوات اعتدت إسرائيل أو انتهكت أو خرقت الحقوق اللبنانية في السيادة والأمن واستثمار الثروة، ما يربو على 3820 مرة وفقا لما هو مسجل لدى الأمم المتحدة، ولم يكن أمام لبنان الرسمي إلا أن يتقدم بالشكاوى أو الاعتراض أمام الأمم المتحدة التي لم تفعل شيئا مؤثرا لمنع إسرائيل من متابعة العدوان عليه.

لكن الأخطر في اعتداءات إسرائيل و تجاوزها لقواعد الاشتباك برمتها ، هو ممارستها لعمليات الاغتيال ضد المقاومة من كل مستويات المسؤوليات و الاختصاص للمستهدفين ، فضلا عن أعمال التجسس البشري أو التقني أو المركب ، كما و استهداف مصالح المقاومة في لبنان و خارجه ، مارست كل ذلك معتقدة بان المقاومة لن تجرؤ على الرد لسبيين ، سبب ذاتي عائد لوضعها بعد أن دخلت في الحرب الدفاعية عن محور المقاومة في سورية ما شغلها و اضعفها حسب الظن الإسرائيلي ، و سبب داخلي لبناني تثق إسرائيل عبره بقوة ضغط اطراف سياسية لبناية لمنع المقاومة من الرد خشية “أن يتضرر لبنان بردة فعل إسرائيلية تدميرية  عنيفة ” ، كان يصفها المسؤولون الإسرائيليون بانها ستعيد لبنان إلى العصر الحجري أو مئات السنين إلى الخلف .

حيال هذا المشهد ، و مع تعاظم الاعتداءات الإسرائيلية ومخاطرها و وقاحتها في ارتكاب الجرائم ، وجدت المقاومة نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما ، الأول تخطي قواعد الاشتباك التي تقيدها و معاملة إسرائيل بالمثل أي حرية العمل الميداني الأمني و العسكري بغية تثبيت معادلة توازن الردع ، و وضع حد لمسلسل قتل القيادات و الكوادر و الاعتداء على لبنان ، و الثاني الاستمرار وحدها بالتقيد بقواعد الاشتباك و البقاء مع الأيدي المكتوفة أمام جرائم إسرائيل و تقبل تساقط المقاومين في منازلهم و على الطرقات و في أي مكان تختاره إسرائيل لتصفيتهم ، ثم تقبل فكرة انهيار المكتسبات الاستراتيجية التي حققتها المواجهات السابقة مع إسرائيل و في طليعتها معادلة توازن الردع .

أمام هذين الخيارين كان منطقيا أن تختار المقاومة خيار العقلاء الشجعان، وأن تقرر اعتماد الخيار الأول، خاصة وأن العالم كله يعرف ويشهد أن إسرائيل لا تحترم قانونا أو شرعا أو حكما أو قرارا دوليا وهي لا تصغي إلا لصوت القوة التي تنزل بكيانها القتل والإصابة والتدمير والتعطيل، ولهذا اتجهت المقاومة إلى اعتماد السلوك الناجع من اجل ردع إسرائيل عن جرائمها، وحماية لبنان وشعبه وجيشه ومقاومته من اعتداءاتها. ولم يكن في هذا الخيار تجاوز للقواعد القانونية المكرسة في القانون الدولي، لا بل إننا نرى فيه تطبيقا وممارسة لحق الدفاع المشروع عن النفس.

لقد أدى هذا القرار الجريء و الذكي و العاقل و فور اتخاذه ، إلى إحداث زلزال لدى إسرائيل و حماتها ، و لم تكن مسارعة أميركا إلى تبرئة إسرائيل من المسؤولية المركزية أو القيادية في اغتيال الشهيد عماد مغنية ، إلا نتيجة مباشرة لتداعيات هذا القرار دون أن يكون  هذا الأمر نهاية المطاف حيث  سنشهد الكثير من السلوكيات التي ستشكل في مجموعها منظومة رادعة لإسرائيل عن الإجرام بحق لبنان و تكون المقاومة في قرارها قد ضربت ضربة معلم لا بد من الإقرار لها بفعاليتها في اتجاهات ثلاثة حيث أنها  حمت المقاومة و أقامت فوق قيادتها و كوادرها و مجاهديها مظلة أمان فاعلة ، و أثرت في حرب الاستنزاف الخلفية التي تستهدفها و محورها ، و وسعت نطاق تطبيق معادلة الردع بعد تثبيتها .

يبقى كلمة توجه لبعض تجار السياسة في لبنان ومرتزقتها الذين رفضوا قرار المقاومة وتباكوا على القرار 1701، فأننا نقول لهم أولا افهموا القرار وراجعوا السلوك الإسرائيلي قبل أن تتخذوا موقفا لأنكم إن عرفتم مضمونه وكنتم صادقين تراجعتم عن تلك المواقف الكيدية إن كنتم موضوعين، ثم إننا نسألكم هل تريدون الإمعان في الاستمتاع بجرائم إسرائيل بحق المقاومين ثم الإجهاز على المقاومة وانكشاف لبنان؟ فان ابيتم الفهم واصريتم على تلك المتعة الإجرامية فلن تجدوا عاقلا يصغي اليكم وجل ما يمكنكم فعله هو الانتحاب مع إسرائيل على خسائرها وليس غريبا أن نرى مجددا   دموعا سال مثيلها من عيونكم في العام 2006 حزنا على هزيمة إسرائيل.

:::::

“البناء”، بيروت

● ● ●

محمد بن سلمان «مهندس» الانقلاب السعودي

استدرج التغيير الذي أحدثه الملك السعودي سلمان الكثير من الأحاديث عن «جرأته» التي ظهرت من خلال الانقلاب الذي أحدثه في السلطة وإطاحة مفاتيح قرارات كثيرة في الإدارة السعودية. ولكن ما بدأ يتسرّب في إعلام الحليف الأميركي المقرّب جداً من السعودية، كشف عن أن وزير الدفاع الجديد، محمد بن سلمان، هو الذي كان وراء هذا التغيير. وإن كان هذا الأخير في أحد تقارير مجلة «فورين أفيرز» الأميركية هو ثاني أقوى رجل في المملكة، حالياً، إلا أنه في صحيفة «ذي واشنطن بوست» هو «الرأس المدبر» الذي يقف وراء التغيير الذي قام به والده.
فقد كشف الكاتب الأميركي، ديفيد إغناطيوس، أمس عن أن «مهندس» التغيير الحكومي السعودي، كان «الابن العدائي وذا التوجه الغربي للملك سلمان، الذي عُيّن وزيراً للدفاع ورئيساً للديوان الملكي».

وبحسب إغناطيوس، فقد أفيد بأن محمد بن سلمان «خطّط بتأنٍّ لهذه التغييرات، قبل أسبوعين على وفاة الملك عبدالله، تحديداً في 23 كانون الثاني، ونفّذها بسرعة»، لمنع أي اعتراضات من ضمن العائلة المالكة.

واستشعر إغناطيوس أن هذه التغييرات تأتي لتعمّق العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة، وتجعل هذه الأخيرة شريكاً أمنياً موثوقاً به أكثر من السابق بالنسبة إلى المملكة. فأشار إلى اختيار وزير الداخلية، محمد بن نايف، الحليف المقرّب من الولايات المتحدة، ليكون الثالث على خط الوصول إلى التاج الملكي، بعد الأمير مقرن (69 عاماً)، ذاكراً أن هيئة البيعة هي التي اتخذت هذا القرار، غداة وفاة الملك عبدالله، الأمر الذي يشير إلى إجماع عائلي على أن الجيل الانتقالي المقبل، سيكون بقيادة محمد بن نايف.
وليكون إغناطيوس أكثر تعمّقاً في شرح تأثير التغييرات الأخيرة على العلاقة الأميركية – السعودية، لفت إلى أنه جرت «تقوية سيطرة محمد بن نايف على الاستخبارات السعودية، من خلال طرد الأمير خالد بن بندر، الذي ناضل من أجل تطوير خدمة التجسس السعودية في الخارج». وأوضح أنه «استبدل بخالد بن علي الحميدان، الذي لا ينتمي إلى العائلة المالكة، والذي خدم كنائب لمدير الاستخبارات الداخلية السعودية (النسخة السعودية من الـ«إف بي آي» وفق تعبير إغناطيوس)، التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة»، ليخلص إلى أن نتيجة هذا التغيير «ستكون توثيقاً للروابط بين الاستخبارات الداخلية والخارجية، وبالتالي تطوير صلة الجهازين مع واشنطن».
أما التغيير الأبرز، وفق إغناطيوس، فهو دمج وزارتي تعليم في وزارة واحدة كلّف بها، عزام الدخيل، «وهو تكنوقراطي حائز شهادات من الولايات المتحدة وبريطانيا، فقيادة جيدة في التعليم تعد أساسية في مواجهة التطرف بين الشباب السعودي».
وفيما أشار الكاتب الأميركي إلى أن الرسالة من وراء كل ذلك هي، بعبارات بسيطة، القول إن «الدائرة السعودية الداخلية أدركت أن المملكة كانت تساعد على تطوّر المشاكل في الإدارة في ظل القيادة العجوز، وتحركت بطريقة حاسمة وغير سعودية، لإصلاح ذلك»، إلا أنه لفت إلى أن «إبقاء عبد الفتاح الجبير، الذي كان مبعوث الملك عبدالله الموثوق به إلى واشنطن، والذي سيبقى سفيراً، يعد الإشارة الوحيدة على استمرارية»، ما كان قد بناه عبدالله مع الولايات المتحدة.
وبرغم ما كشفته صحيفة «واشنطن بوست»، كانت مجلة «فورين أفيرز»، من أبرز من تحدث عن أهمية ظهور محمد بن سلمان، الذي وصفته بثاني أقوى رجل بعد محمد بن نايف (55 عاماً). وإن رأت المجلة في تقرير للخبير الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، غريغوري غوز، أن اختيار بن نايف لم يمثل مفاجأة، لكنّها أشارت إلى أن اختيار محمد بن سلمان كان مفاجئاً و«مثيراً للقلق» نظراً إلى صغر سنه وعدم خبرته.
فمحمد بن نايف «أصبح مع الوقت، الرجل الأساسي في إطار تبادل المعلومات الاستخبارية حول الإرهاب مع الولايات المتحدة، كما يُنظر إليه على قدر عالٍ من الأهمية في واشنطن»، وفق غوز. وإضافة إلى كونه ولياً لولي العهد، فقد سمى الملك سلمان، الأمير محمد بن نايف، ليرأس مجلس الشؤون السياسية والأمنية الذي أنشئ أخيراً، الذي يعدّ واحداً من مجلسين جامعين، هدفهما التنسيق السياسي وإدارة العملية السياسية. أما المجلس الثاني، وهو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية، فيرأسه محمد بن سلمان، الذي سلّمه والده «قدراً كبيراً من السلطة»، يضيف الخبير الأميركي.فالأمير الذي لا يتخطى عمره 34 عاماً، «لم يتولَّ أي منصب حكومي سابقاً، ولكنه كان مسؤولاً عن مكتب والده عندما كان سلمان ولياً للعهد»، يضيف غوز مشيراً إلى أنه «شاب لم يُختبر سابقاً ومع ذلك لديه ثلاث وظائف مهمة، فهو وزير للدفاع، يرأس القوات المسلّحة السعودية ويدير واحدة من أضخم الموازنات في المملكة». وهو أيضاً رئيس للديوان الملكي، أي بحسب غوز، «البواب الذي يقرّر من سيلتقي والده، ومن لن يلتقيه».

“الأخبار”

● ● ●

 

السعودية والوهابية

د.موفق محادين

بعد رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز، انشغل العالم بتركيبة العائلة والآفاق التي تنتظر هذه المملكة، وغابت عن كثيرين مسائل مهمة أو لا تقل أهمية عن حكاية الأجيال، والفرع السديري من العائلة، (نسبة إلى حفصة السديرية وأولادها الأقوياء السبعة الذين رحل معظمهم “فهد وسلطان ونايف وعبد الرحمن وتركي”) وبقي منهم الملك الجديد، سلمان وشقيقه، أحمد….

فعلى أهمية هذا الفرع والمواقع الأساسية له في الدولة فلم يتوج بالعرش منهم سوى الملك فهد ثم الملك الجديد، سلمان، بينما كان العرش من نصيب الأمراء الآخرين مثل فيصل (والدته من آل الشيخ) وعبد الله (والدته من شمّر) وغيرهم…

ثمة ما يقال حول تاريخ هذه الدولة وتشابكاتها الداخلية والخارجية، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهي معروفة للجميع، ولكن ما ظل ولا يزال موضع قلق فيها وعند تحالفاتها.. شراكاتها الاقتصادية ولعبة الأمم من حولها، بل حساسيتها لشريكها الايديولوجي التاريخي، وما اعتور هذه الشراكة من محطات وانعكاسات محلية واقليمية.

ولا يخفى على أحد، أن من جملة ذلك، الشكل الذي انتقلت فيه السلطة لأول مرة من سعود إلى فيصل، وما رافقها آنذاك من (حضور) قوي لحليفها الاقليمي العربي ضد بغداد ونوري السعيد، والمقصود القاهرة الناصرية.

وهو الأمر الذي تجلى في حركة (الأمراء الأحرار، ومنهم طلال)، كما في حزب اليمين بعد الانقلاب الناصري فيها، وهزيمة الاماميين المقربين من السعودية (اسلاف الحوثيين الحاليين المقربين من إيران)…

كما شهدت المملكة محاولة انقلاب عسكري 1969 شارك فيها عدد من الطيارين (القوميين) ، وخسرت أهم رجل في تاريخها (الملك فيصل) باغتياله عام 1974.

بَيد أن كل هذه المحطات كانت أقرب إلى تداعيات (حالة الوحدة والصراع) مع الشريك الايديولوجي، ممثلا بالوهابية، التي رافقت المملكة منذ تأسيسها وعلى مدار حقباتها المختلفة، التي سقطت أول مرة على أيدي المصريين (محمد علي وابنه ابراهيم باشا) وبدعم تركي ابان الخلافة العثمانية وسلاطينها من أسلاف اردوغان…كان الإشكال الأول الكبير بل الصدام المسلح الأول بين العائلة و الوهابية قد وقع في نهاية عشرينيات القرن الماضي وانتهى بهزيمة (الاخوان) وقبائلهم العتيبية، والمسيطرة بزعامة فيصل الدويش، ويحفل كتاب أمين الريحاني (ملوك العرب بتفاصيل مهمة للمهتم بهذه المعركة وتداعياتها…

ولعل الدرس البارز منها، أن العائلة لم تكن معنية أبدا بتصفية الوهابية، بل بإعادة إنتاج الشراكة معها وتطويق ونزع أظافرها ودمجها في السياسة الجديدة للمملكة.

والجدير ذكره هنا أن هذا الصدام جاء في سياق (موديل) أو (نموذج تاريخي) عرفته ممالك عديدة استغنت عن الفرق والمليشيات غير الحكومية، واستبدلتها (بجيوش) من نمط جديد، كما حدث مع العثمانيين عندما انهوا الانكشارية، ومحمد علي في مصر عندما أنهى المماليك…

وسيمر وقت طويل، قبل أن يتكرر الصدام المسلح على نحو مختلف تلك المرة ، وذلك عام 1979 ومع عتيبي آخر هو جهيمان العتيبي ، الذي هزم وأعدم مع مريديه وبات مؤكدا أن المملكة راحت تفكر بطريقة جديدة ازاء المناخات العامة للتشدد الوهابي، الذي سرعان ما وجد نفسه في ساحة أخرى هي افغانستان (فالعدو الاشتراكي) صار أولى من الشركاء الأقل حنبلية منه، وما هي إلا سنوات، حتى اكتشفت المملكة أن الافغان السعوديين واليمنيين لم ينسوا أبدا اعلاء رايات الوهابية من دون أدنى لبس في الديار المقدسة..

وبين تضارب الاجتهادات والمصالح وتقاطعها بين الداخل وحلفاء الخارج، خاصة الولايات المتحدة تكررت المناخات الافغانية حيثما كان شركاء اليسار الافغاني في السلطة في سورية والعراق وليبيا .

فوجد الافغان السعوديون طريقا جديدا يجنب المملكة تداعيات مشابهة ولكن الى حين كما حدث في افغانستان أيضا.

:::::

“العرب اليوم”

______

تابعوا مجلة “كنعان” الفصلية على الرابط التالي:

http://kanaanonline.org/quarterly

 

تابعوا “كنعان اون لاين” Kana’an Online على:

  • ·       “كنعان” بالعربية:

http://kanaanonline.org/ebulletin-ar

  • ·       “كنعان” بالانكليزية:

http://kanaanonline.org/ebulletin-en

  • ·       “فيس بوك” Facebook:

http://www.facebook.com/pages/Kanaan-Online/189869417733076?sk=wall

  • ·       “تويتر” Twitter:

http://twitter.com/#!/kanaanonline

 

  • ·       موقع “كنعان” من عام 2001 الى 2008:

اترك تعليقاً