الأرشيفعربي وعالمي

من النكبة الى النكسة وصفقة القرن – أكرم عبيد

اهداف صهيوامريكية لتصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني..!

عندما تصبح الحقيقة من لحم ودم لا يمكن للدعاية والتظليل الصهيوني طمس معالم          

هذه الحقيقة مهما بلغ حجم الإجرام والإرهاب الصهيوني مداه .

لذلك فالحركة الصهيونية حركة سياسية عنصرية استيطانية توسعية اعتمدت جملة من المفاهيم العلمية والسياسية والفلسفية والدينية لتشكل سلاحاُ أيديولوجياُ خرافياُ أسطوريا مزيفاُ لتحقيق أهدافها الاستعمارية في اغتصاب فلسطين بالقوة الإجرامية الدامية بدعم ومساندة القوى الاستعمارية وفي مقدمتها بريطانية سابقاُ والإدارة الأمريكية لاحقاُ.        

لذلك كانت الحركة الصهيونية وما زالت مشدودة باستمرار لتحقيق أهدافها من خلال صياغة حركتها المرحلية دون المساس أو التفريط بثوابتها الاستراتيجية المزعومة لأن الحكومات الصهيونية المتعاقبة منذ إعلان قيام الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين عام 1948 حتى اليوم لا تفكر في حلول سياسية للقضية الفلسطينية من اجل سلام عادل وشامل وخاصة بعدما تنكرت لكل قرارات الأمم المتحدة والمبادرات والحلول المطروحة بدءاُ من القرار الدولي /   181/ إلى القرار /   194/ والقرار /   242/  و/    338/ وغيرها الكثير من القرارات والمبادرات السلمية التي تم اغتيالها في مهدها والسبب في ذلك أن حكومات مجرمي الحرب الصهاينة المتعاقبة لا تنظر للمبادرات والحلول السياسية إلا من خلال تحقيق أهدافها التي تسند بالأساس لقاعدة التزاوج بين التعاليم اللاهوتية اليهودية الخرافية المزيفة والفكر السياسي الصهيوني بإبعاده الأمنية الاستيطانية الإجرامية .

اعادة صياغة اختصار

 وانطلاقا من هذه القاعدة تمادى مجرمي الحرب الصهاينة في غيهم وطغيانهم وعدوانهم الذي استهدف الشعب الفلسطيني البلدان العربية المجاورة ليستكمل احتلال فلسطين بالكامل واجزاء من الاراضي العربية في الخامس من حزيران عام 1967

وهذا ما يثبت بالدليل القاطع أن خيار المقاومة والصمود هو الطريق الصحيح لاستعادة كامل الحقوق الوطنية والقومية المغتصبة وفي مقدمتها حق العودة  لذلك فقد  تنبه مجرمي الحرب الصهاينة لمخاطر شعارات الثورة الفلسطينية المسلحة المعاصرة والانتفاضات والهبات الجماهيرية المتلاحقة من انتفاضة يوم الارض الجليلية في ال 30 من اذار عام 1976 الى انتفاضة الحجارة عام 1987 التي استمرت اكثر من خمس سنوات ثم انتفاضة الاقصى عام 2000 الى مسيرات العودة المستمرة حتى اليوم والتي افقدت سلطات الاحتلال الصهيوني توازنهم وعمقت مأزقهم وهددت وجودهم واستقرارهم الأمني والاقتصادي والاجتماعي بشكل جدي لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني لكن انتفاضة الحجارة السلمية العظيمة تم ذبحها على مذبح اوسلو عندما استجابت بعض القيادات الفلسطينية المتنفذة في منظمة التحرير التوقيع على اتفاقيات اوسلو الخيانية عام 1993 وقدمت التنازلات المجانية للعدو الصهيوني عن / 78 % من ارض فلسطين التاريخية بموجب وثيقة الاعتراف بالكيان الصهيوني من طرف واحد مقابل قيام دويلة وهمية مزعومة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام1967لكن أحلام واوهام فريق أوسلو سرعان ما تبخرت في حدود معازلهم التي لم تتجاوز حدود جدار الفصل العنصري الغير قابل للتفاوض أو النقاش بالعرف الصهيوني

 وغلبت نهج المفاوضات العبثية على نهج المقاومة والصمود وفرطت بوحدة الارض والشعب والمقاومة مقابل وعود صهيوامريكية ما زالت حتى اليوم اضغاث احلام وهمية بعد اكثر من ربع قرن من المفاوضات العبثية التي وصلت للطريق المسدود استثمرها العدو الصهيوني في التهام المزيد من الاراضي المحتلة في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة لإقامة المستعمرات وجدار الفصل والعزل العنصري واغراقها بقطعان المستوطنين الذين تجاوزت اعدادهم اكثر من 650000 مستوطن معظمهم م اليمين الصهيوني العنصري المتطرف .وبالرغم من حالة المد والجزر التي شهدتها الساحة الفلسطينية ما زال الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة يراهن على استمرار مقاومة الاحتلال بكل الاشكال والوسائل الكفاحية وفي مقدمتها الكفاح المسلح لتحقيق كامل اهدافه الوطنية في التحرير والعودة لأرض الاباء والاجداد التي شرد منها بقوة العصابات الاجرامية الصهيونية عام 1948وهذا ما يقلق العدو الصهيوني بعدما أصبح حق العودة شعارا وطنيا استراتيجيا إلى جانب حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .

واستنادا لهذا الفهم فإن هناك إجماعاُ صهيونياُ يرفض بشكل قاطع الاعتراف بهذه الحقوق الوطنية والتاريخية الفلسطينية وإقرارها لأنها ستشكل إدانة مباشرة لمجرمي الحرب الصهاينة الذين سيتحملون المسؤولية المباشرة أمام مشكلة اللاجئين الفلسطينيين كقضية سياسية وقانونية أولاً وإنسانية وأخلاقية ثانياُ وكل ما ترتب على هذه الجريمة من نتائج وجرائم حرب لا أخلاقية منذ اغتصاب فلسطين عام 1948 حتى يوم العودة .

 لذلك ليس غريباُ ولا مستغرباُ أن يتوافق مجرمي الحرب الصهاينة بمختلف تياراتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية على رفض الاعتراف بقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم بالعودة والتعويض عليهم كما نص القرار الاممي /  194/ ولدليل على ذلك في هذا السياق ما قاله المجرم شلومو غازيت رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الصهيونية الأسبق والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية جافي ( إن إسرائيل ترفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين لأنه من الناحية المبدئية ينطوي على الاعتراف بمسؤوليتها عن هذه المشكلة وستتحمل تبعاتها وإسرائيل لا تعترف بمسؤوليتها عن حرب عام /  1948/ بل تحمل العرب والفلسطينيين هذه المسؤولية كاملة عن نتائج هذه الحرب ويضيف لذلك إنه لا إمكانية عملية لعودة اللاجئين إلى أرضهم وممتلكاتهم من دون تقويض نسيج الشعب والمجتمع الإسرائيلي وهذا سيؤدي حتماُ إلى اقتلاع مئات الآلاف وربما أكثر من الإسرائيليين من أماكنهم و سيلحق هزة عنيفة ومدمرة بالنسيج الاجتماعي في إسرائيل)

وبالرغم من ذلك لم يتغير موقف الحكومات الصهيونية المتعاقبة من قضية اللاجئين وحقهم بالعودة وقد تجسد ذلك بشكل مباشر في اتفاق أوسلو سيء الذكر الذي تنكر لحق اللاجئين بالعودة وقال المجرم مردخاي غور في تلك الفترة موضحاُ أن اتفاق أوسلو لا علاقة له بحق العودة وقال ( لا يمكن أن نوقع اتفاقا مع الفلسطينيين يمكّن اللاجئين من إغراق دولة إسرائيل)

كما أكد هذا الموقف المجرم يوسي ساريد زعيم حزب ميرتس الصهيوني في مقابلة مع فضائية أبو ظبي نهاية نيسان عام/ 2000/ وقال ( إن عدم الخوض في عودة اللاجئين الفلسطينيين شرط أساسي لأي سلام معهم )

كما تبنت هذا الموقف مجموعة من النخب الصهيونية المثقفة في رسالة للمرحوم الرئيس ياسر عرفات قبيل اغتياله وأهم ما جاء فيها على حد زعمهم

( لن نوافق على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ارض إسرائيل لان ذلك يعني القضاء على الدولة وهذه العودة الفلسطينية الشاملة تتناقض مع مبدأ حق تقرير المصير للشعب اليهودي وإن تمسك الفلسطينيين بهذه القضية سيمنع أي اتفاق للسلام )

وقد تعمد الطرف الصهيوني استعراض هذه المسألة في مفاوضات كامب ديفيد الثانية لتجاوزها والحديث فقط في حدود لم شمل إنساني كما يزعمون لبضع ألاف من الفلسطينيين ممن ولدوا قبل النكبة في فلسطين عام / 1948/ وعودة البعض الآخر من اللاجئين إلى معازل سلطة أوسلو  وتوطين أغلبية اللاجئين في البلدان التي يقيمون فيها والتعويض على هذه البلدان مقابل إعادة تأهيلهم  أو استيعاب أعداد كبيرة منهم في البلدان الأوروبية

وهذا ما يثبت بالدليل القاطع أن خيار السلام المزعوم لم يكن في الحقيقة سوى وهم لذر الرماد في العيون العربية والعالمية حتى يتمكن مجرمي الحرب الصهاينة من استثمار عامل الوقت لفرض وقائع استيطانية تلتهم المزيد من الأرض الفلسطينية والعربية المحتلة وخاصة في القدس لتهويدها وتدمير المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه وإعلان قيام الدولة اليهودية العنصرية التي بشرنا بها زعيم الإرهاب العالمي المجرم ترامب في فيما يسمى صفقة القرن سيئة الذكر والتي تشكل خطراُ جدياُ يهدد القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة ولم يكتفي بهذه الجريمة بل تمادى في وقاحته ليضغط خلال زيارته الأخيرة للمنطقة على الأنظمة العربية المتصهينة وفي مقدمتها النظام السعودي لشطب وتصفية حق العودة وفتح بوابة التطبيع على مصرعيها ولعمل على تصفية معادلة الصراع العربي الصهيوني لتحويلها الى صراع عربي ايراني .

وبالرغم من ذلك ان ما يؤرق شعبنا وقواه المقاومة وكل شرفاء الامة هو الرهان الخاسر على المفاوضات العبثية التي تشدق بها رئيس سلطة الحكم الذاتي المحدود محمود عباس في كلمته خلال افتتاح ما يسمى أعمال المجلس الوطني المنتهية ولايته في رام الله وموقفه المشبوه الذي عبر عنه حول ما يسمى ” السلام” المزعوم الذي قدمه أمام مجلس الأمن الدولي يوم 20 شباط الماضي وأعلن تمسكه بنهج المفاوضات “والسلام” مع العدو ودعا فيها لعقد مؤتمر دولي “للسلام” برعاية دولية.

وهذا يعني بصريح العبارة العودة إلى المربع الأول من اتفاقات أوسلو الكارثية وملحقاتها والتزاماتها” والذي يمثل خروجا وتحديا صارخا لإرادة شعبنا الفلسطيني المقاوم وقواه المقاومة وللتوافق الوطني ونتائج الحوارات التي جرت بين مختلف الفصائل الفلسطينية في القاهرة وبيروت وتجاهل متعمدا لمسيرة شعبنا الكفاحية الطويلة التي قدم خلالها التضحيات الجسام والتي  يعبر عنها اليوم من خلال مسيرات العودة داخل وخارج الوطن المحتل والتي توجت بمسيرة العودة الكبرى في غزة ومازالت هذه المسيرات مستمرة والتمسك بنهج المقاومة والانتفاضة والصمود بدعم ومساندة حلفائه في محور المقاومة والصمود وخاصه سورية وايران وحزب الله لتحقيق كامل اهدافه الوطنية في التحرير والعودة الى فلسطين كل فلسطين والاراضي العربية المحتلة .

akramobeid@hotmail.com