الأرشيفالجاليات والشتات

نحفْ تسأل عن وجيه مطر! – محمد عادل

الذي يعرف وجيه مطر عن قرب يرى فيه ذلك الفلسطيني الذي يجمع كل فلسطين من البحر إلى النهر لم يتغير، لم يتبدل ظل معاديا ً ومتصديا ً لكل من ناور أو انحرف عن مسار القضية الفلسطينية التي ظل وجيه مطر حتى آخر لحظة وفيا ً لها بإخلاص لا يتصوره احد رغم كل المتغيرات والظروف والحصار والتهديد والتجويع!
أعرفه منذ أن كان طالبا في جامعة بغداد الطالب الفلسطيني الذي لا تغيب فلسطين عن باله لحظة واحدة عن حديثه أو مقالاته.. لا تمر ندوة أو محاضرة عن فلسطين إلا ويكون وجيه هو المدافع عن فلسطين لا يقبل الجدال حول كيف ومتى، بل يؤكد نحن وُجدنا لتحرير فلسطين ليس مهما أن نقيّم الظروف،بل كيف نخلق الظرف المناسب لنزيد منعة وقوة لا ان نجد التبرير.. للهروب !
كثيرة هي القيادات التي تصدى لها، حاورها وأثبت أن كل ما يطرح عن حلول وتسويات هي ضربة في قلب القضية.. كان يقول وبشجاعة ما أتينا لنسمع منكم عن تسويات أو ظروف إقليمية ودولية.. نحن جئنا لنسمع كيف الطريق إلى فلسطين بالقتال والنضال والسلاح.. كان البعض يتعجب كيف لا يتعب هذا الرجل، يحاور، يقاتل، يتصدى،يكتب، يجوع.. ويبحث عن أيام مجيدة يرفع فيها علم فلسطين فوق روابي بلدته الحبيبة..نحف..يرى فلسطين كل فلسطين التي أحب والتي ظ حاملا ً حلمها الكبير في التحرير والعودة إلى ارض تنتظر عودة الآباء والأبناء
كنا في الاتحاد نقول له يا وجيه ألا تتعب وأنت تتابع كل صغيرة وكبيرة وترد على الجميع ولا تخشى وتهاجم.. كان يبتسم من أجل فلسطين.. أنسى كل التعب!
كان يحزن ويتألم عندما يستشهد مواطن ولا يكتب عنه أحد.. كان يقول هذا الشهيد أو الجريح أو المهَجّر هو أخي وأبي وجاري ومعلمي أنا أكتب عنه وأدافع عنه فلا يوجد لدينا الآن ما يجمع شعبنا.. منظمات تكتب عن قادة ولا تكتب عن أبطال من شعبنا سطروا الملاحم والصمود ورووا بدمهم أرض فلسطين.. كان على الدوام حاملا ً قلمه، وأوراقه، صرخاته.. فلسطين لنا جميعا لا يحق لأحد أن يتحدث عن الضفة والقطاع وينسى حيفا وعكا، والناصرة وبئر السبع وكل ذرة من ترابنا المقدس…
لم يبحث عن مجد أو شهرة أو منصب في المنظمات.. كان يبحث دائما ً عن طاقات تجمع شعبنا في إطار واحد موحد من أجل فلسطين.. الوحدة الوطنية الفلسطينية الشاملة هي أولى خطوات طريقنا إلى فلسطين لماذا يمنع شعبنا من الوحدة ! لماذا يمنع شعبنا من التعبير عن رأيه في مستقبل ومصير القضية، لماذا يتكلم البعض بمصير شعبنا العظيم ويضعوا أنفسهم أوصياء على هذا الشعب.. كانت هذه الكلمات تتردد على لسان الشهيد الكبير والمناضل الوطني وجيه مطر.. كان على الدوام يصرخ أين كتابنا! أين مثقفينا مما يجري لماذا لا يكونوا هم على الدوام من يفضح ويعري كل من ساوم وأساء لشعبنا.. لماذا لا يكونوا حراس القضية الأوفياء للشهداء والصامدين في أرضهم.. لماذا!
كان يصرخ في وجه ممثلي المنظمات وهم يجتمعون كل واحد ٍ منهم له موقف و رؤيا.. حرصا ًعلى القضية؟ وكان يرد عليهم عندما تتحدثون باسم المنظمات وتتمسكون بها تنسوا فلسطين.. ضعوا فلسطين أمامكم إنها حلمنا، وبيتنا، وأملنا.. هي أمنا و أبونا.
هذا قليل ما تقوله عن وجيه مطر.. الذي عرّفنا على نحف.. وجعلَنا نحب “نحف” التي أنجبت وجيه ونحب كل أهل نحف الصامدين في أرضهم ووطنهم بانتظار يوم لابد أن يأتي يرفرف فيه علم فلسطين ليعلن عودة الأحبة إلى الأرض التي ظلت تنتظرهم!
اليوم ما أحوجنا إليك يا وجيه.. كم نحن بحاجة إلى الشجعان أمثالك.. ليدافعوا عن فلسطين، عن فقراء فلسطين، عن الصامدين الذين لم يتبدلوا ولم يتغيروا، الذين ظلوا على الدوام ينشدون فلسطين لنا.. كل فلسطين.. من البحر إلى النهر.