بساط الريح

نداء إلى الكتاب والأكاديميين والمثقفين والإعلاميين العرب

بروفيسور عبد الستار قاسم

 

هذا نداء أشبه ما يكون بالاستنجاد والاستغاثة يوجهه أكاديمي فلسطيني يتفاعل بقوة مع أمته العربية وقضيته الفلسطينية ومختلف القضايا العربية.  وهو من الحريصين على وحدة الأمة وبناء قدراتها في مختلف المجالات وصون كرامتها وعزتها وحجز مكان لها بين الأمم المبدعة المساهمة في بناء الحضارة الإنسانية. وهو أكثر الأكاديميين العرب تعرضا للملاحقات من قبل الكيان الصهيوني والحكومات العربية والسلطة الفلسطينية، لكنه ما يزال صامدا ومصمما على المضي ما دام هناك بصيص أمل.

الأخوة الكتاب والمثقفون والأكاديميون والإعلاميون العرب:

لا يخفى عليكم حال الأمة العربية المتدهور باستمرار، ولا يخفى عليكم تدهور مكانة القضية الفلسطينية على مختلف الساحات المحلية والإقليمية والدولية. لقد جرّتنا الأنظمة العربية إلى الكثير من الانهيارات في مختلف مجالات الحياة بسبب استهتارها وعبثها بمقدرات ومصالح الأمة. وهي أنظمة تنشغل فقط ببقائها في الحكم حتى لو تدمرت العواصم العربية، ومستعدة دائما لخوض الحروب وافتعال الأزمات البينية التي تتغذى على الثروات والمقدرات والتماسك الاجتماعي والنهوض الاقتصادي والعلمي والأخلاقي. إنها أنظمة فاشلة على مدى عشرات السنوات، وتقود الأمة العربية إلى المزيد من الفشل والخسران والإحباط واليأس والتراجع. الحروب العربية الداخلية تتغذى علينا. إنها تأكل من لحمنا وتقتل أبناءنا وتهدم منشآتنا وتحرق مزارعنا وتهدم بيوتنا وتنشر الجهل والفقر والأمراض وتنشر الأحقاد والبغضاء والكراهية بين أبناء الأمة الواحدة. الأمم تتقدم وتنهض وتبني وأبناؤها يشاركون في البناء والإعمار، إلا من أمة العرب التي تهمش كفاءاتها وعلماءها وخبراءها وعباقرتها ومبدعيها، وتلاحقهم في كل مكان يعترضون فيه على سياسات الحكام الطغاة البغاة. برزت عندنا تنظيمات تتحدى الواقع، لكنه ثبت أنها أكثر طغيانا وجهلا وعبثا وبغيا من الأنظمة العربية.

حال القضية الفلسطينية بائس جدا، والحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطينية تنتهك وتهمل لصالح الدفاع عن الكيان الصهيوني. منظمة التحرير الفلسطينية أدارت ظهرها لقضية فلسطين واعترفت بالصهاينة وهي تنسق معهم أمنيا وتلاحق المقاومة الفلسطينية وتحرص على أمن الكيان الصهيوني أكثر مما تحرص على أمن الشعب الفلسطيني. لقد أضاعت المنظمة البوصلة إلى درجة أن أحد أركانها قد منح الصهاينة حائط البراق المقدس (هو الجدار الغربي لساحة المسجد الأقصى، وهو الجدار الذي ربط الرسول محمد صلى الله عليه وسلم دابته البراق عليه عندما أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) ومن يفرط بالبراق سيفرط بالأقصى مستقبلا خاصة إذا كان يطمع بمنح مادية في المقابل من الصهاينة. أما الأنظمة العربية فالعديد منها يتحالف مع الصهاينة، ومنها من يعترف بالكيان الصهيوني ويقيم معه علاقات ديبلوماسية ويقيم سفارات له على الأرض العربية. الأنظمة العربية لم تعد مشغولة بقضايا الاحتلال والاستعمار ونهب الثروات والهيمنة الأجنبية علينا. همها منصب فقط على استمرار أنظمة الحكم مهما كلف ذلك من تضحيات على حساب أبناء الأمة وثرواتها واستقلالها. حتى في مؤتمر ترامب الأخير في الرياض، تحدث ترامب ضد المقاومتين الفلسطينية واللبنانية ووصفهما بالإرهابيتين، والجانبان الفلسطيني واللبناني  الحاضران في المؤتمر لم يسجلا أي ملاحظة، ولم يبديا أي اعتراض.

نحن بحاجة إلى كل الأقلام العربية والخطاب العربي العلمي والأخلاقي لتصحيح الوضع على الساحة. إذا انبرت الأقلام العربية في مختلف البلدان العربية للسهر على مصالح الأمة وتشكيل رأي عام عربي بخاصة من خلال وسائل الإعلام فإننا نستطيع التأثير على الأنظمة والحكام، وعلى الأقل نستطيع صناعة أجواء جماهيرية شعبية تختلف جذريا عن الأجواء الاستسلامية المتخاذلة التي تصنعها الأنظمة. نحن نتحمل مسؤولية أخلاقية بالدرجة الأولى، ومسؤولية وطنية وقومية ودينية وتاريخية، والأمر بأيدينا. ستكلفنا المواقف العربية الصادقة والحريصة على مصلحة الأمة الكثير من الملاحقات من قبل أجهزة الأمن العربية، لكن الأمة تستحق كل التضحيات، أو أبناؤنا يستحقون أن نسلمهم الأمانة ونحن مطمئنين. وكم من أمة استفاقت ونهضت واستقامت أمورها بجهود مفكريها وفلاسفتها ومثقفيها.

نحن مستعدون لتزويدكم بمختلف المعلومات التي قد تحتاجون إليها لتقديم الدعم لكل القضايا العربية وعلى رأسها قضية فلسطين، وهذا هو العنوان:

sattarkassem@hotmail com 

14-6-2017