عربي وعالمي

نيولوك ارهاب جديد نتاج للتكويع السياسي لأمريكا – المحامي محمد احمد الروسان

 

فعلاً كما الضباع لا تستطيع العيش بمكان لا يحوي جيفاً تجتمع عليها، هي كذلك وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، خاصة بعد اعادة هندرتها، بمثابة مخابرات تبرير وفبركة لسباق تسلّح محموم، والولايات المتحدة الأمريكية تعمل على( استغبائنا واستغفالنا) كعرب ومسلمين، فهي تعمل هذا الأوان على إعادة إنتاج مفهوم الخطر الإيراني من جديد وقولبته توليفاً وتوظيفاً، وبصورة غير مباشرة وتحت عنوان مفاوضات خمسه زائد واحد(جنيف ايران النووي)، وعلى شيطنة حزب الله اللبناني وبالتعاون والتنسيق مع الدولة العبرية(الطارئة على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة) ومع الأدوات القذرة في الداخل اللبناني وبعض الدواخل العربية من جماعات تكفيريّة وغيرها، مترافقاً مع شحن طائفي ومذهبي واثني عرقي، وذلك عبر اسطوانات إعلامية “بروبوغنديّة”مشروخة، وتحت يافطة المحافظة على السلم والأمن الدوليين على المستوى الإقليمي والأممي، بشكل يتزامن في تصعيدات لمستويات الأرهاب المدخل الى الداخل السوري من دول جواره العربي وغير العربي، في استهداف الدولة الوطنية السورية وموردها البشري.

إنّ مسألة نشر القدرات العسكرية الأميركية الإضافية المتطورة في بعض دول الخليج ومياهه، تأتي متزامنة مع برنامج نوعي وحقيقي لحكومة الرئيس حسن روحاني، لم يرشح منه الاّ القليل والمسرّب بذكاء من قبل مجتمع المخابرات الأيراني، هذا النشر لقدرات الأمريكي العسكرية لمنعها من الأعلان إلى ما توصل إليه العقل الإيراني الحر من إبداعات، اختراعات، ابتكارات، وانجازات في مختلف قطاعات الدولة الإيرانية.

وبخلفية عدائية مستحكمة رافضة، واشنطن لا تريد وبشكل قاطع للرئيس روحاني، أن يعلن مثلاً قدرة إيرانية ذاتية، ذات تقنيات جديدة على تخصيب اليورانيوم عالي الجودة والنقاء بنسبة 20 %، وقدرة ايران على العودة الى ذلك وأكثر اذا ما أرادت لاحقاً، في حال فشل جنيف ايران النووي وعدم التوقيع عليه من قبل الكونغرس الأمريكي، كما لا تريد لطهران أن تعلن أي انجازات جديدة لها في مجال ترسانتها وقوّتها العسكرية الصاروخية البالستيّة، وواشنطن لا تريد لروحاني والذي تعتبره أخطر من الرئيس السابق نجاد، أن يعلن مثلاً: إبداع علماء الفضاء الإيرانيون المسلمون بإطلاق مزيد من الأقمار الأيرانية لغايات الاستخبار، أقمار نوعية وجديدة من سلسلة أقمار” تولوو” بمساعدة قواعد المشتركات مع كل من روسيّا والصين.

والولايات المتحدة الأمريكية عسكريّاً ومخابراتيّاً واقتصاديّاً لم تغادر العراق الذي احتلته لكي تعود اليه من جديد أصلاً، فهي تملك أكبر سفارة في الشرق الأوسط والعالم فيه، ولها قواعد عسكرية ذات حواضن في الجغرافيا والديمغرافيا العراقية، وهي عملت على هندرة وجودها الشامل فيه عبر الأتفاقية الأمنية الموقعة في العام 2008 م. أمريكا صنعت الأرهاب وأحياناً تحاربه تكتيكيّاً وأحياناً كثيرة تتحالف معه وتوظفه وتولفه خدمةً لمصالحها ورؤيتها، صنعت القاعدة بالتعاون مع السعودية في أفغانستان وفيما بعد حاربتها ثم تحالفت معها وما زالت في الحدث السوري، وصنعت داعش وأحسنت وتحسن توظيفه في الداخل العراقي وبالتنسيق والتعاون مع الأستخبارات السعودية والقطرية والتركية، انطلاقاً من استغلال الساحة العراقية للضغط ومزيد من الضغط على ايران لتقديم تنازلات في موضوعة تفاوضها المباشر الآن مع واشنطن، ثم لأستخدامه لاحقاً لأستنزاف ايران نفسها عسكريّاً، وكذلك لأضعاف تركيا لاحقاً.

 والأتراك شعروا الآن أنهم تورطوا بالتحالف مع جبهة النصرة وداعش وفتحوا لهم معسكرات تدريب في الداخل التركي في استهدافاتهم لسورية، وكيف استطاعت القاعدة وداعش من اختراق جهاز الأستخبارت التركي والمخابرات التركية عبر الضبّاط الذين أفردوا للتعامل والتنسيق مع جبهة النصرة وداعش في الحدث السوري، حيث انتقل الوباء العقائدي والأيدولوجي لهم، وتقارير المخابرات الأيرانية الى مجتمع المخابرات التركي لم تنقطع حيث مفادها: أنّ جبهة النصرة وداعش صارتا تشكلان خلايا نائمة في الداخل التركي وتخترقان الأجهزة الأمنية التركية نتيجة التنسيق الأمني المشرّع معهما عبر حكومة أرودوغان لأستهداف الدولة الوطنية السورية، ومنذ بل قبل بداية الحدث السوري بعام، وأن ايران وواشنطن ونتيجة للقاء غير معلن وضعت الدولة الوطنية الأيرانية ما في جعبتها من معلومات استخبارية على طاولة اللقاء مع واشنطن، وعلى أثر ذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية بارسال وفد أمني عالي المستوى معه مسؤولين من الأف بي أي الى تركيا، وطلبت واشنطن من أنقرة وقف التنسيق مع جبهة النصرة وداعش، فقامت تركيا في حينه بوضعهما على قوائم الأرهاب الأممي والأقليمي وقبيل الطلب من داعش في تحركاتها السريالية في المنطقة.

و(آفة جبل أحد) ما زالت تعاني منها المؤسسات الأمنية والمدنية في العراق ومؤسسة الجيش العراقي وجهاز مكافحة الأرهاب، حيث الفساد في المؤسسات الأمنية وعن المال القطري والسعودي ودفع الرشى لتسهيلات مهمات داعش وفاحش وعائلة القاعدة كلّها، وكيف فعل فعله المال في تقدم داعش كما فعل فعله المال السعودي في تقدم حركة طالبان أفغانستان وطالبان الباكستان في حينه، وعن تساوقات السياسة الخارجية السعودية مع واشنطن ازاء المنطقة، حيث خلاصة السياسة السعودية هي: سورية فلنخرّبها، وبغداد فلنفجّرها، لبنان فلنعطّلها، واليمن فلنصفعها، وايران فلنضعفها ومصر فلنهيكل دورها على أن لا تستعيده.

لذلك ما يجري في العراق هو عمليات كر وفر استخباراتية دولية واقليمية بأدوات عراقية محلية نتيجةّ لفعل استخباراتي قذر وقذر على الأرض، سرّعت من خلاله واشنطن من تفعيل وجودها في الداخل العراقي وتهيئته لفعل قادم ازاء ايران وازاء سورية ولاحقاً ازاء الدور التركي والسعودية نفسها، فأعلن روحاني وعلى وجه السرعة أنّ ايران ستحارب الأرهاب في الداخل العراقي والمنطقة والعالم، وهذا الأعلان الأيراني هو نتيجة لمعرفة مجتمع المخابرات الأيرانية بخطط ونوايا الولايات المتحدة الأمريكية نحوها ونحو سورية ولاحقاً تركيا والسعودية نفسها أيضاً، انّ ما يجري في العراق لعبة أمم بأدوات عراقية محلية وبعض عربية وبعض غربية فالى أين المفر؟.

لماذا أينما وجد النفوذ الأمريكي ونفوذ حلفائه الغربيين وجدت القاعدة ومشتقاتها وجلّ الزومبيات الإرهابية؟ من الذي جعل القاعدة وعائلتها في سورية والعراق أخطر وأعمق اللاعبين في المنطقة؟ من المنتج والأب الروحي لها؟ لماذا تقدّم العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي المجهود الحربي والمجهود الأستخباري كدعم لمحاربة القاعدة وداعش في العراق ولا تقدمها للدولة الوطنية السورية؟

 ولماذا تفتح خزائن السلاح الأمريكي للعراق في محاربته للقاعدة وداعش ولا تفتح لدمشق الرسمية، والأخيرة تحارب ذات الجذور القاعديّة الإرهابية المدخلة؟ ولماذا تقدّم صور الأقمار الصناعية التجسسية الأمريكية للعراق، كنوع مساند للدعم اللوجستي لأماكن تواجد القاعدة وداعش وجلّ زومبيات تلك العائلة الإرهابية، ولا تقدّم لسورية الرسمية، بالرغم من أنّ الأخيرة تحارب ومنذ ثلاث سنوات جذور القاعدة وما تفرّع ويتفرّع عنها؟ لماذا يدفع بتمنهج مجتمع المخابرات الأمريكي داعش والزومبيات الأخرى بالتوجه إلى الشمال اللبناني تحديداً الآن وبعض المخيمات الفلسطينية وكذلك نقل داعش الى الداخل الأردني عبر ما يجري في العراق؟

 هل صارت طرابلس لبنان حواضن اجتماعية لتلك الزومبيات الإرهابية حيث لا سلطة قانون فيها وتعاني من عنف؟ وهل هي كذلك مخيمات اللجوء الفلسطيني في الشتات غدت حواضن للقاعدة ومشتقاتها؟ هل يدفع ذات المجتمع الأستخباري الأمريكي داعش وإخوانه والقاعدة وأبناء عمومتها بالتوجه والتغلغل في الداخل الأردني، وعبر تنشيط بعض الحواضن الجاهزة لاستقبال القاعدة وزومبياتها لخلق المشاكل واللعب بورقة الديمغرافيا السكّانية، مع بدء محاولات جديدة وجادة لأنطلاق مفاوضات التقريب على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي كجزئية مهمة من جلّ الصراع العربي الإسرائيلي، وتمّ اختزال الأخير فيه كمسار ثنائي ومسألة ثانوية بحته تحل فقط بين رام الله وتل أبيب، بالرغم من قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، بوقف كافة أشكال التنسيق الأمني مع(اسرائئيل)؟

الموقف الأمريكي في ظاهره مرتبك ومتناقض بشكل واضح وصريح وعميق، وحسب منطق البيت الأبيض الأعوج والمعوّج أنّ القاعدة وزومبياتها من داعش وغيره خطر كبير في العراق يجب إسقاطه، بينما في سورية الخطر ليس القاعدة وزومبياتها والدواعش، بل النظام الحاكم والحكومة والنسق السياسي، فأيّة صفاقة ووقاحة أمريكية هذه؟! لا بل تبلورت تلك الصفاقة والوقاحة للولايات المتحدة الأمريكية في أنّها تسلح الطرفين في العراق القاعدة ومشتقاتها وداعش ومشتقاته وكذلك الحكومة.

من الزاوية الأمريكية الصرفة، مسألة تسليح القاعدة وجلّ أفراد عائلتها من جهة والحكومة وجيشها من جهة أخرى في العراق لا يعتبر تناقض ؟! بل هو وكما أسلفنا صفاقة وبمثابة هبة حقيرة لصناعة الأسلحة الأمريكية وعبر المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي.

فالبنتاغون والسي أي إيه ووكالة الأمن القومي الأمريكي يضعون تصوراتهم على الورق بعد تلقيهم التعليمات من إدارة المجمّع الصناعي الحربي، حيث تعليمات الأخير من البلدربيرغ وقلبه المعتم(جمعية الجمجمة والعظمتين)، ثم ينفذونها على أرض الميدان وعبر أدواتهم المحلية والإقليمية فيخلقون مشكلة إرهابية، ثم يقومون وعبر الكونغرس بتشريع تشريعات تسمح للحكومة الأمريكية بتزويد السلاح لكل الأطراف المتصارعة، للتعامل مع ذلك المشكل الإرهابي وهذا يعني الربح السريع وبدون خسارة.

ولأنّ القاعدة وزومبياتها وداعش ودواعشه الأخرى(عائلة الأطفال الأمريكية المدللة)، والأخيرة تخدم كإطار أيديولوجي متلون متحوّل كالحرباه، ومستعد للتدخل الأمريكي الإمبريالي في الشرق الأوسط وما وراء الشرق الأوسط، وقد مرّت وتمر تلك العائلة الإرهابية الأمريكية بعمليات استنباط وتحولات كثيرة، مع تغيرات مخادعة وماكرة إن لجهة الاسم وان لجهة الطريقة، وهي في الحقيقة صنيعة واشنطن وبعض مشيخاتها العربية، وتتقلّب بين كونها عدواً لما هو ملائم لمصالح البلدربيرغ وقلبه المعتم(جمعية الجمجمة والعظمتين) في بعض الدول، ووكيلاً لا يرحم لذات البلدربيرغ وقلبه المعتم في دول أخرى، من أجل القيام بتفجير الأنسقة السياسية القائمة من الداخل( سورية مثال)، ليصار لتغييرها والتي لا تتلائم مع مصالح محور واشنطن –تل أبيب ومن ارتبط به من بعض العربان والعرب.

ولأنّ مشروع الطاقة الأمريكي الضخم( ترياق البلدربيرغ الأمريكي وقلبه المعتم جمعية الجمجمة والعظمتين) على سواحل سورية ولبنان وفلسطين المحتلة، قد اعتراه وأعاقه صمود الدولة الوطنية السورية وتماسك جيشها العربي العقائدي وتماسك القطاع العام السوري، كل ذلك بإسناد روسي كبير مدعوماً بإسناد صيني نوعي وعميق أيضاً ولكن بنعومة، وإسناد إيراني استراتيجي، فانّ الولايات المتحدة الأمريكية أصابها التكويع السياسي وعلاقاته بالطاقة وعجلة الاقتصاد، فانّ العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي بدأت (تتكوكب) من جديد، حول القاعدة ومشتقاتها وداعش ودواعشه وتدفع بعائلتها الإرهابية هذه نحو لبنان والأردن وفلسطين المحتلة، وحتّى إزاء ” إسرائيل ” نفسها والتي غدت عبء على جنين الحكومة الأممية( البلدربيرغ)، ليصار لمحاولة اعادة إنتاج الأخيرة من جديد عبر الأنتخابات المبكرة القادمة(نتنياهو سينجح بها)وهندسة منظومة حكم جديدة في ” إسرائيل”، لذلك تسارع دائماً بعض وسائل الميديا الأسرائيلية الصهيونية للقول: أنّ ما يجري في العراق سينتقل الى الأردن وهذا يؤكد وجهة نظر حكومة دولة “اسرائيل” على اصرارها على التواجد العسكري في غور الأردن.

والسؤال المتعدد المعاني هنا هو: هل نتائج الأنتخابات القادمة وقريباً في(اسرائيل) ستعرقل وصول ترياق الغاز والنفط الطبيعيين للقلب المعتم(جمعية الجمجمه والعظمتين) للبلدربيرغ الأمريكي( جنين الحكومة الدولية) رغم أنّه جزء من ذات المحفل، ولحين نضوج الظرف الدولي والإقليمي للحل في المسألة السورية والمسألة الفلسطينية، وإنجاح الفوضى الخلاّقة على الساحة الأردنية عبر الولايات المتحدة الأمريكية مخرجات تنفذ على الأرض لساحات أخرى؟!.

والمفارقة إنّ كل شيء يتم تحت عباءة جون كيري وادارته الخرقاء ومساعي إحلال ما يسمّى بالسلام، الذي صار شبه مستحيل بوجود انحياز أميركي سافر “لإسرائيل”، ومع عودة لحكومة يمينية متطرفة بعد الأنتخابات المبكرة القادمة حكومة بنيامين نتنياهو، تشي باستحالة وجود شريك إسرائيلي حقيقي قد نقبل به لحين على مضض وعلى غير إرادتنا!.

من جهة أخرى، هناك تقارير المستوى الأمني – الأستخباري الأمريكي، تتحدث بأن الدولة العبرية قد اتخذت قراراً على المستويين السياسي والعسكري – الأمني، لجهة القيام بتنفيذ عملية عسكرية في الشرق الأوسط وضد إيران وحزب الله بعيداً عن واشنطن، لتبرّر الأخيرة بتقاريرها الأستخبارية” المسرّبة أمريكياً”لوسائل الميديا الأممية، نشر هذه القدرات العسكرية الإضافية في الخليج على قاعدة ردع إيران ومنعها لتقديم المساعدات لحلفائها بالمنطقة، ومن أجل شل أذرع وأدوات هجومها ودفاعاتها في حالة بدء حدوث الخيار العسكري الثنائي / الأمريكي – العبري ضدها.

ولأنّ إيران بحرسها الثوري، الجناح العسكري والأستخباري والأمني والبحري لقواتها المسلحة، على حد تبريرات وكالة الأستخبارات الأمريكية لنشر ما نشر من أسلحة وقطع حربية أمريكية في الخليج، قد أنهت (أي ايران) للتو عبر قوّاتها البحرية من برنامج تدريبي تقني عملي لعناصر بحرية من حزب الله، بحيث اكتسبت علماً ومعرفةً وتقنيةً بحريةً، من أجل استهداف منشآت بحرية عبرية جاثمة على طول شواطئ فلسطين المحتلة وفي عرض البحر الأبيض المتوسط“المتعبرن” بفعلها.

وبسبب تقارير المستوى الأمني – الأستخباري لمجمّع المخابرات الأمريكية، حيث تحدثت بإسهاب عن أنّ إدارة أوباما ملامة كونها لم تتخذ إجراءات حماية كافية لمصالح الأمن القومي الأميركي، فبات ظهر أمريكا الأمني مكشوفاً للخطر، لذلك ولهذا وذاك من التبريرات المفبركة مخابراتياً، تم نشر هذه القدرات العسكرية الإضافية المتطورة في منطقة الخليج وتحديداً في أربع دول معروفة.

وكما قلت آنفاً، لإعادة إنتاج مفهوم الخطر الإيراني من جديد، لكي تشهد المنطقة الشرق الأوسطية سلسلة لا متناهية من عمليات سباق التسلح، مما يمنح الشركات الأمريكية ومجمّع صناعاتها العسكرية الحربية، تحقيق المزيد من الأرباح والعائدات المالية الإضافية، للتغلّب على ضغوط الأزمة المالية الأميركية.

كما تسعى واشنطن(ليس الآن بل لاحقاً)بثبات إلى حرب ما أو حتّى حرب باردة بين إيران ودول جوارها بما فيها إسرائيل، كي تشعل من جديد ارتفاع أسعار الذهب الأسود عالميّاً، بعد انخفاضات لها على مدار الشهور الماضية، حيث الارتفاع بسعر النفط يمنح أمريكا فرصاً ذهبية وفضية وبرونزية وحديديّة، لزيادة مستوى الإيداعات الأممية وخاصةً العربية الخليجية في خزائن البنك المركزي الأمريكي، ليقود هذا السيناريو إلى زيادة الاحتياجات النقدية الأميركية، مما يوفر للدولار$ الأميركي من مكانة مرموقة كعملة أممية صعبة بين أقرانه من العملات الصعبة الأخرى، وخاصةً اليورو والجنيه الإسترليني وغيرهما، وليعيد أيضاً إلى الدولار الأميركي $ قيمته ويخفّف من ضغوط الأزمة المالية على البنوك والمصارف الأميركية.

إذا الولايات المتحدة الأميركية تسعى إلى حرب ما و/ أو حرب باردة بين دول المنطقة من أجل ذاتها ومصلحتها، وليس من أجل السلم والأمن الدوليين وحقوق الأنسان ونشر الديمقراطية والحاكمية الرشيدة، وهذه صارت بمثابة سلع تجارية تباع في مولات السياسة ومتاجر الأستخبارات الدولية، وكما تقول وتدعي وتسوّق ذلك عبر وسائل الميديا العالمية.

إنّ التساوق العبري مع هذه اللحظة الأميركية متفق عليه مسبقاً، حيث تعمل تل أبيب على “شيطنة”قطاع غزّة المنكوب بفعل حصار إسرائيلي وعربي، وتخلق ذرائع عديدة من نشر تقارير مخابراتية مفبركة تضخم من وجود عناصر الجهادية السلفية التكفيرية، وعناصر من القاعدة، لدفع دول جوارها العربي لكي تنخرط معها في جهود ما يسمّى بمكافحة الإرهاب الأممي، ولتشكل رأي عام إقليمي ودولي بضرورة شن حرب أخرى عليه، والآن تجري عمليات سريّة اسرائيلية ضمن هذا السياق لاستفزاز حماس لكي تقوم بالرد العسكري، وفي حالة تمنّع حماس لسبب ما أو تأجيل الرد مثلاً، فسوف تقوم إسرائيل نفسها بعملية تفجيرية ضد أبنائها أو مصالحها في الداخل الفلسطيني المحتل أو في أي بقعة من العالم، ليظهر من خلالها أن ورائها حماس أو الجهاد أو حتّى حزب الله بنسخه المتعددة، لجهة استهداف قطاع غزّة المنكوب وبعمق الآن، بسبب الجدار الفولاذي العربي المزروع بأحشاء أرض عربية.

واشنطن تعلم أنّ إسرائيل هي أول من أدخل السلاح النووي إلى الشرق الأوسط، وهي(أي إسرائيل) من أدخلت وتدخل دول المنطقة في سباق تسلح نووي وكيماوي وتقليدي وليس إيران، وما زالت هذه الدولة ” المسخ والمشوّهة” ترفض توقيع معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي، وبصوت ونفس أمريكي “كح”خالص.

وفي المعلومات والخلفيات التاريخية، يعد السيد “زبيكنيو برجينسكي” هو مصمم مشروع “العرب الأفغان الجهاديين”، والأخير كمشروع ناجح قاد إلى النمو المتفاقم للبنى التحتية لأفاق الأصولية الإسلامية المتطرفة وتحركاتها، عبر حركة طالبان في مواجهة السوفيات في أفغانستان وقبل نهاية الحرب الباردة.

لقد جرت جلسات عصف ذهني في زمن غابر، حول ما هو الشيء المهم أكثر من أي شيء أخر في العالم؟ حركة طالبان أم الإمبراطورية السوفيتية في وقتها؟ تحريك وتحريض المسلمين، أم تحرر أوروبا المركزية ونهاية الحرب البادرة بين المعسكرين الغربي والشرقي؟ في زمانه ووقته.

طبعاً بالنسبة للأشخاص الذين تعوّدوا أن يدفعوا نفقات سياساتهم من جيوب الآخرين، هناك خطر ماثل لتكرار حدوث هذا الأمر كل أكثر من نصف قرن، لكن بالنسبة للشعوب التي تعيش في المنطقة، هي من تقوم بشكل يومي جراء انتهاج هذه السياسات بدفع نفقاتها الباهظة، من موردها البشري ونطاقات تطورها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الفكري.

وخلال نصف قرن تقريباً، دفع الشرق الأوسط  لمرتين متتاليتين الفاتورة الباهظة للصراع في أوروبا، وتمثل هذا الأمر أولاً في احتلال فلسطين كل فلسطين التاريخية، وتشكيل “الدولة الإسرائيلية” “كديّة” عن دماء الضحايا اليهود الذين سقطوا في الحرب العالمية الثانية، وثانياً إيجاد مشروع جهادي “العرب الأفغان” الذين كان هدفهم النهائي إسقاط سلطة الروس في الشرق ومركز أوروبا.

الفيروس الذي زرعه برجينسكي، مفتخراً بأنه أحد أهم الإنجازات التي تمت خلال توليه مسؤولية مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، فبعد اجتثاث نفوذ الإمبراطورية السوفيتية في أوروبا سرعان ما تحول إلى مرض فتّاك مزمن، ويشكل زعماء القاعدة “الملا عمر” “أيمن الظواهري” و”أسامة بن لادن” قبل قتله أول إصدار من هذا الفيروس، يكفي أن نستذكر جرائم طالبان فقط في وادي “باميان” الواقع في منطقة “هزارهجات” في أفغانستان، حتى ندرك الطبيعة الخطرة لهذا الإصدار من فيروس الأصولية الإسلامية المتطرفة.

لم يمضِ الوقت طويلاً حتى أخذ فيروس برجينسكي يحصد أرواح المواطنين الأمريكيين – أحداث أيلول 2001 م، التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى وهذه المرة مع الجيش الأمريكي الأحتلالي، الذي دخل إلى أفغانستان مكان الجيش الأحمر  لمواجهة العدو الذي صنعته أمريكا نفسها .

لقد كان لمشروع مكافحة الإرهاب تحت الشعار المعروف: “من ليس معنا فهو ضدّنا” إصدارات وأجيال جديدة من فيروس الأصولية الإسلامية المتطرفة، ظهرت هذه الإصدارات في العراق بعد الغزو العسكري الأمريكي له تحت عنوانين الجهاد ضد المحتلين والكفّار، حيث قتل عشرات آلاف العراقيين الأبرياء، وهجّروا الملايين منهم  في كل إنحاء المعمورة .

الإصدارات الجديدة من فيروس الأصولية الإسلامية المتطرفة خطيرة جداً أكثر من السابقة، ويكفي أن نقارن إصدار نسخة “أبو مصعب الزرقاوي” مع إصدار نسخة “أيمن الظواهري”، عندها سندرك كم تحول وتطور هذا الفيروس بعد دخوله إلى العراق إلى فيروس فتّاك مزمن متنقل بحريّة، وما يجري في العراق من تفجيرات إرهابية بشكل يومي خير دليل على ذلك، وكيف فعّلت وتفعّل الاستخبارات السعودية والتركية أدواتهما في الداخل العراقي.

طبعاً يجب الاعتراف أن مشروع المجاهدين العرب، حاول امتطاء القوالب والأيديولوجيات الفكرية المتجذّرة عميقاً في التاريخ الإسلامي، لشخصيات أمثال ابن تيمية، والذين يعتبرون أن كفر الشيعة أكبر وأخطر من الكفّار المسيحيين واليهود ويحكمون عليهم بالموت! وهل نمط تفكير شخصيات مثل الزرقاوي مختلف عن بعض فقهاء إسلاميين من السنّه والذين يعلنون أن كل الشيعة كفّار!

أليس هذا هو اللحن نفسه – تكفير كل الشيعة – الذي يسمع من فقهاء الوهابية، الذين يعلنون أن قتل الشيعة والمسيحيين والعلويين أمر مباح، وأنّ المجاهدين الذين يقتلون في هذا الطريق يصبحون جلساء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الجنة!؟

الممتع في هذا أن هؤلاء المجاهدين في سبيل الله، حتى الآن لم يفعلوا فعلهم في فلسطين المحتلة فلا قاعدة ولا داعش هناك، لم يرموا ولو حجراً واحداً على جدار السفارة الإسرائيلية الصهيونية في بلدين عربيين، وهذا يظهر ماهية قياداتهم التي تتحكم بهم وتسيطر عليهم، عن طريق أجهزة استخبارات الدول التي تتعهد أنظمتها السياسية الحاكمة وتفعيلاً لمعاهدات موقعة، بالحفاظ على آمن الكيان الصهيوني الطارئ على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة.

أي فيروس يحتاج إلى ظروف مناسبة وبيئة حاضنة لاستمرار بقائه، والبيئة الحاضنة لفيروس التكفيريين تكمن في الحروب، وحسب ما يدّعون “الجهاد” في سبيل الله، وهذا ما صارت تستثمره أجهزة الاستخبارات المختلفة والمتحالفة بصورة مباشرة وغير مباشرة، مع محور واشنطن – تل أبيب ومن ارتبط به من بعض العرب المتخاذل، إزاء الحدث السوري الآن، لكي تكون كل سورية محرقة لهؤلاء التكفيريين، وحتّى تتخلص تلك الدول المصدّره لهم بما فيها بعض دول الجوار السوري من عبء استضافتهم، والآن سيصار الى استخدامات قديمة جديدة في الداخل العراقي والداخل التركي والسعودي لاحقاً، ضمن رؤية واشنطن الجديدة لأستنزاف ايران وتركيا والسعودية ومزيد من استنزاف سورية.

  www.roussanlegal.0pi.com

  Skype: mohammed.alroussan

mohd_ahamd2003@yahoo.com

هاتف منزل \ عمان : 5674111   خلوي:0795615721

سما الروسان في 8- 3 – 2015 م.

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

اترك تعليقاً