وقفة عز

يحق للاحتلال اليهودي الصهيوني ما لا يحق لغيره

نضال حمد

 الكتابة عن الإرهاب (الإسرائيلي) اليومي والمتواصل ضد الفلسطينيين في السجون الصغيرة والأخرى الكبيرة لا يمكن الانتهاء من وصفه وعده وتدوينه. فهو كالسلسلة الطويلة الممتدة إلى ما لا نهاية. إذ لا يخلو يوم في حياة الفلسطينيين من قصة عن معاناة إنسان فلسطيني من ظلم الاحتلال وغطرسته وعنصرية ناسه وهمجية جنوده ودموية وسادية جلاديه وسجانيه. ولا يقتصر الأمر في المعاناة على الرجل والمرأة لأنه يشمل أيضا العجزة والأطفال، بالإضافة أيضاً للشجر والحجر والخبر.

  لقد تفوقت (إسرائيل) الصهيونية في وحشيتها على دولة الابارتهايد التي كانت قائمة في جنوب أفريقيا وناميبيا، وصارت مثلها مثل الذين أبادوا الهنود الحمر في أمريكا الحرية، وكذلك مثل الذين ذبحوا اليهود ونكلوا بهم في الحرب العالمية الثانية، مع فروقات لا بد من ذكرها، (فإسرائيل) تستخدم في إرهابها هذه الأيام أحدث ما توصلت له التكنولوجيات العالمية سواء كانت أمريكية بريطانية ألمانية فرنسية أو محلية.

 تستمر المعاناة الفلسطينية ويسير الشعب الفلسطيني كالناصري الأول على درب الآلام متحملاً كل أنواع الذل والهوان، مواجها وصامدا وصابرا ومقاوما بكل السبل. لكن التقارير التي تتكشف عبرها الحقائق الميدانية واليومية عن سادية الاحتلال، تجعل العالم المتحضر والمتمدن والحر مطالباً بمحاسبة كيان الاحتلال (الإسرائيلي) على جرائمه بحق الأرض والشعب والإنسانية. ففي منطقة الخليل اقتحم الجنود عدة منازل لفلسطينيين وأقاموا فيها حيث شاهدوا مباريات كرة القدم المحلية والدولية، وأحدث تعدياتهم كانت في منزل احد المواطنين الفلسطينيين حيث سألوه إذا كان عنده جهاز تلفزيون و”سيتي لايت” وعندما كان رده إيجابيا اقتحموا منزله وجلسوا يشاهدون مباراة كأس أوروبا بين فريقي ميلان الإيطالي وليفربول الإنكليزي بعد انتهاء المباراة خرجوا تاركين خلفهم عفش البيت مدمراً والشبابيك مكسرة.

  أما في سجن هشارون الصهيوني حيث يعتقل مئات من الأطفال الفلسطينيين تقوم إدارة السجن بتصوير الأسرى الأطفال وهم عراة كما خلقهم ربهم. وتعتدي عليهم بالضرب المبرح ويتحرش بهم جنسيا ويتعرضون لمضايقات وتهديدات بالاغتصاب والاعتداء الجنسي. أما حال الأسيرات الفلسطينيات في سجن تلموند فليس أفضل حالاً إذ كشف تقرير عن سجن تلموند حيث تعتقل 123 أسيرة فلسطينية عن فظائع وممارسات بشعة وغير إنسانية ولا أخلاقية بحق الأسيرات يقوم بها بانتظام السجانون والسجانات الصهاينة. وتقوم إدارة السجن الغوانتاناموي الصهيوني بالتفتيش العاري على السجينات بشكل يومي ومنتظم في الليل في النهار كوسيلة لإذلالهن والحط من عزيمتهن والمس بكرامتهن. ففي سجن تلموند الصهيوني الشبيه بمعتقل اوشفتس النازي في بولندا تمتهن الكرامات وتهان الإنسانية وتمارس البشاعة باسم الديمقراطية الصهيونية المسنودة أمريكيا وأوروبيا. كما يوجد في السجن المذكور إهمال طبي منظم بحيث العلاج الوحيد لكل حالات المرض هو الماء، ولا يوجد بحسب الأسيرة آلاء حسين ومحاميتها الخطيب أطباء أخصائيون داخل السجن، بالرغم من أن هناك حالات مرضية بحاجة لعناية كحالة الأسيرة لطيفة أبو ذراع التي تعاني من فقر الدم وهبوط حاد في السكر، ولينا هنداوي التي تعاني من قرحة في المعدة وآلام في العمود الفقري، وكذلك الأسيرة هالة جبر التي تعاني من ديسك في الظهر، وأمل جمعة وتعاني بدورها من الكلى وأزمة في التنفس.

هذا وتتعرض الأسيرات لتعذيب عبر الضرب على أماكن حساسة بأجسادهن، كما ويتم عزلهن في زنازين ومنع الزيارات عنهن وتغريمهن بمبالغ كبيرة لأتفه الأسباب كعقاب فردي وجماعي. ولا يكفي الأسيرات عذاب الاحتلال وسجانيه فقد شكت الأسيرة أحلام عارف التميمي المحكومة 1584 عامًا (16 مؤبدًا) وهي ابنة (23 عامًا)، بعد إدانتها بمساعدة ونقل استشهادي فلسطيني نفذ عملية في مدينة القدس المحتلة. شكت بدورها من إساءة تعرضت لها من وزيرين فلسطينيين مكلفين بملف الأسرى في سلطة أوسلو كانا قد زاراها في السجن حيث قاما بتوبيخها لأنها أرسلت رسالة لقائد تنظيمها تشكو فيها من مشكلة مع أسيرة أخرى تابعة لتنظيم الوزيرين. ولم يكتفيا بالتوبيخ بل شنا هجوما حادا ولاذعا على تنظيم أحلام والقائمين عليه بحسب مصادر إعلامية فلسطينية كانت نشرت النبأ.

 أما مسلسل تعذيب الأطفال وإذلالهم ومحاكمتهم بتهم مزورة ومزيفة فلازال مستمراً. وفي آخر بدعة خرجت بها محكمة سالم الصهيونية فقد حكمت على الطفلين همام برهان دراغمة وناصر محمد دراغمة بالسجن الفعلي لمدة عام وثلاثة أعوام أخرى مع وقف التنفيذ. ويبلغان من العمر أربعة عشر ربيعاً. وهما من مدينة طوباس شمال الضفة الغربية المحتلة. كما تعرض الاخوان سفيان وايمن أبو جزر من منطقة رفح للتعذيب السادي والتنكيل الهمجي أثناء اعتقالهما من قبل جنود الاحتلال في المنطقة حيث تمت تعريتهما وتهديد احدهما بقطع عضوه التناسلي، كما تم ضربهما بشكل مبرح، ثم وضعوا مكبرات الصوت في أذنيهما واخذوا يصرخون مما أدى إلى فقدان احدهما حاسة السمع. وكانوا أيضا يضغطون بشكل متواصل على مثانيهما في تجاهل تام لأوامر طبيب جيش الاحتلال الذي أوصى بعدم التحقيق مع الطفل المريض.

 على صعيد آخر بثت مؤخرا القناة العاشرة في التلفزيون (الإسرائيلي) صورا لقوة عسكرية (إسرائيلية) وهي تستعمل طفلا فلسطينيا كدرع بشري في إحدى مهماتها الميدانية في بلدة دورا بقضاء الخليل. وعلق على ذلك يوسي سريد عضو الكنيست قائلا: ان أخلاقيات الجنود (الإسرائيليين) تدهورت بشكل غير مسبوق وتصرفهم يعتبر جريمة حرب ويجب معاقبة المسئولين عن هذه الممارسات. جميل أن نسمع هذا التعليق من جنرال (إسرائيلي) سابق لكننا نذكره بان جيش الاحتلال الصهيوني لم يتبدل بل أن يوسي سريد هو الذي تبدل.

 هذا وقالت منظمة العفو الدولية “أمنستي” في تقريرها للعام 2004 الذي نشر يوم الأربعاء الماضي في الخامس والعشرين من أيار / مايو الجاري أن غالبية  الفلسطينيين وهم أكثر من 700 شخص كانت قتلتهم القوات (الإسرائيلية) ومن بينهم 150 طفلا، قد تم اغتيالهم أو إعدامهم بدون محاكمة أو نتيجة القتل والقصف العشوائي (الإسرائيلي) ونتيجة أيضاً للاستخدام المفرط للقوة. وتحدث التقرير نفسه عن مئات المنازل والبيوت التي هدمها الاحتلال، وعن استخدام المدنيين الفلسطينيين دروعا بشرية لحماية جنود جيش الاحتلال. وهو ما يعتبر مع الإعدامات والاغتيالات والتصفيات جرائم حرب ضد الإنسانية. هذا ولازالت قوات الاحتلال (الإسرائيلي) تمنع العاملين في منظمات إنسانية وأخرى تضامنية ونشطاء حقوق الإنسان ودعاة السلام من دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ختاما نترككم مع بعض مما نقله عن معاناة أهل الخليل وكان شاهده ورآه بأم عينيه الكاتب والصحفي البريطاني، جوهان هاري ونشرته صحيفة الاندبندت البريطانية:

” حياة المواطنين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكلٍ عام، وفي مدينة الخليل في الضفة الغربية بشكلٍ خاص، أقرب إلى الجحيم، بسبب سياسة القمع والإغلاق التي تمارسها سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) بحقهم”.

شاهد هاري بأمّ عينيه خلال أسبوعين أمضاهما في مدينة الخليل كيف يعيش نحو 130 ألف فلسطيني محاصرين داخل بيوتهم في المدينة لكي ينعم 450 مستوطناً بحريّة التنقّل والعيش الرغيد فيها.

وأكد كذلك بأن الفلسطينيين يمضون معظم أيام السنة مسجونين داخل بيوتهم، حيث لا تسمح سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) لهم بمغادرتها لأيّ سببٍ، وإذا فعلوا وغامروا بالمغادرة فإنهم غالباً ما يتعرضون لإطلاق النار عليهم من قبل جنود الاحتلال. 

وأضاف هاري: نقلاً عن أحد العاملين في منظمات الإغاثة الدولية في المدينة أن سكّان الخليل يواجهون اضطهاداً مزدوجاً من قبل سلطات الاحتلال، والمستوطنين الذين لا يتورّعون عن توجيه شتّى أنواع الإساءات والشتائم دون رادع أو رقيب.

 

يحق للاحتلال اليهودي الصهيوني ما لا يحق لغيره

23-05-2005

 نضال حمد