وقفة عز

16 أكتوبر تاريخ لنصر لبناني جديد

نضال حمد

اليوم دشن لبنان الرسمي والشعبي، لبنان المقاومة والدولة مشروع الوزاني المثير للجدل والذي يعتبر حلقة جديدة من حلقات التواصل المستمر مع نهج المقاومة في العمل على متابعة السير في طريق التحرير والحرية والعيش بكرامة على أراضي الكرامة اللبنانية المحررة. ومن أجل مياه لبنانية تروي عطش أرض الجنوب اللبناني الذي قام الاحتلال المهزوم والمطرود بتعطيشه وسلبه مياهه من أجل أن يعيد بيعه تلك المياه المسلوبة على أساس أنها من مياه فلسطين المحتلة المنهوبة.

 فقرية الوزاني التي تقع على ضفة النهر ويسمى النهر باسمها هي قرية عطشى، بلا مياه للشرب وللريّ، فالمياه كانت حتى يوم أمس تخضع لسرقة الاحتلال ولابتزازه العدواني، الذي يتعامل مع لبنان على أساس أنه البلد الأضعف، والساحة التي تستطيع (إسرائيل) الطبخ فيها على نار هادئة إما مباشرة عبر تفوقها العسكري الواضح، أو بطرق أخرى عبر عملائها في لبنان والمنطقة.

لكن كل التهديدات الصهيونية لم ترهب لبنان الرسمي والشعبي. لأن خلفه مقاومة هزمت المعتدين. فالاتهديدات لم تزحزحه عن موقفه المتسلح بقوة المقاومة، المدعومة شعبيا، والمجمع عليها وطنيا والمتفق عليها من قبل كافة فئات المجتمع.

وفق القانون الدولي يحق للبنان الذي ينبع النهر من أراضيه أن يستعمل كمية محددة من المياه من أجل استخدامها في الريّ والشرب والمشاريع التي تساهم في ازدهار المنطقة وتطورها. هذا استنادا إلى حقوقه التاريخية والشرعية التي أقرتها الشرائع والقوانين الدولية. ولبنان الذي حرمه الاحتلال الصهيني على مدار سنوات من تلك المياه. فتلك الفترة الطويلة من زمن الاحتلال استمرت منذ احتلال منتصف السبعينات وحتى تحريره قبل عامين على أيدي المقاومة الوطنية والإسلامية اللبنانية، التي ألحقت بالصهاينة هزيمة نكراء وصفعة قوية سيظل صداها مدويا في آذان ومسامع بني اجرام من الصهاينة.

 كانت القوات الصهيونية الغاشمة التي تسيطر على مياه الجنوب عبر احتلالها للمنطقة تمنع المياه عن سكان الجنوب وتقوم بتحويلها إلى فلسطين المحتلة لتصب في بحيرة طبريا. ثم تقوم بإعادة قسم من تلك المياه إلى الجنوب اللبناني لتبيعه للقرى والمناطق اللبنانية الجنوبية المحتلة والعطشى. تلك المناطق التي مُنِعَت من ممارسة حقها الطبيعي في التصرف بمياهها واستثمار أنهارها لخدمة سكانها وتحسين حياتهم وأحياء زرعهم  ومد أراضيهم بالمياه التي تمنح الأرض وما عليها روح الحياة .

قبيل الانتهاء من إنشاء هذا المشروع وبدء العمل به رسميا هذا اليوم… تاحفظوا التاريخ جيداً للتاريخ… كانت الأبواق الصهيونية لا تكف عن إطلاق التهديدات وإنذار لبنان بأنه سوف يتعرض لضربة قوية وقاسية إذا قام من جانب واحد بتحويل جزء من تلك المياه إلى الأراضي اللبنانية، حيث القرى اللبنانية التي تنتظر تزويدها بشريان الحياة الذي يفتحه ويغلقه الاحتلال وقتما شاء وعندما يشاء. ولم يقتصر الأمر على بعض الساسة (الإسرائيليين) لكنه امتد إلى أعلى المستويات حتى وصل إلى رئيس الوزراء شارون، الذي هدد بضرب لبنان وبمنع افتتاح هذا المشروع بالقوة.

حاولت أمريكا التدخل كعادتها في المسألة لصالح وجهة النظر الصهيونية إلا أن الموقف اللبناني كان واضحا ولا مجال فيه للمراوغة. نريد أن نشرب من مياهنا وأن نروي زرعنا وأرضنا العطشى بمياهنا التي لنا الحق في استعمالها واستخدامها. ولا نريد استخدام سوى كمية قليلة من حصتنا المتفق عليها دوليا.

لم يكن الموقف الرسمي للبنان سوى ترجمة حقيقة وواقعية للموقف الشعبي الذي طالب بإكمال عملية التحرير الناقصة، وذلك عبر استثمار مياه نهر الوزاني لما فيه من خدمة للمواطن الجنوبي اللبناني. ومن أجل تحسين أوضاعه واستصلاح أراضيه الزراعية. دخلت المقاومة على خط المواجهة الساخن من خلال تصريحات وتأكيدات قادتها على ضرورة التسريع في العمل والاستمرار به من أجل الانتهاء من مشروع ضخ مياه الوزاني بنجاح.

وقالت المقاومة أنها جاهزة ولديها خطة موضوعة للرد على أي اعتداء صهيوني يستهدف لبنان ومشروع الوزاني. وأكدت أن الرد سيكون قاسيا جدا، وسوف يشمل كافة الأماكن التي تطالها أسلحة المقاومة. ولم تكن المقاومة في تهديداتها الحالية أقل جدية من سابقاتها من التهديدات التي وجهتها للأعداء. لقد كانت كلمة الشيخ حسن نصر الله واضحة وقوية ولم تدع مجالا للشك بعنف وقوة رد المقاومة في حال ارتكبت (إسرائيل) أي عمل عدواني ضد لبنان.

لقد أحسن لبنان اختيار المكان والزمان في مشروع ضخ مياه الوزاني لأنه كان المبادر بتوجيه الصفعة للغطرسة الصهيونية، التي لطالما مارست سلطتها وغطرستها الإرهابية على بلدان الجوار وشعوب المنطقة. فصنعت من مشروع الوزاني لضخ المياه موضوعا جديدا يقلق ليل الصهاينة ويضج مضاجعهم ويربكهم في عقر دارهم. كما أن مشروع الوزاني ومنذ بداية العمل به كان عنوانا واضحا للتحدي ولسلطة لبنان على أرضه ومياهه وأنهاره وحرية التصرف بحقوقه المائية.

لقد دخل اليوم 16 أكتوبر – تشرين الأول التاريخ اللبناني الحديث من بابه الوطني الواسع، بحيث أصبح من الآن فصاعدا يوما وطنيا سوف يحتفل به في لبنان كيوم من أيام الانتصارات والإنجازات الوطنية. فهنيئا للشعب العربي اللبناني انتصاره الجديد على استعلاء وإرهاب (إسرائيل) ولغة القوة العنصرية الصهيونية المسنودة أمريكياً.

إن حرية مياه الوزاني هي من حرية الجنوب اللبناني وحريتهما معا لن تكتمل ما دامت هناك مناطق لبنانية محتلة من قبل الصهاينة. وهذا ما عبرت عنه المقاومة اللبنانية مرارا من خلال تأكيدها على أنها سوف تبقى تقاتل حتى تحرير كامل التراب اللبناني من الرجس الصهيوني.

 

16أكتوبر تاريخ لنصر لبناني جديد

نضال حمد

16-10-2002