الأرشيفالجاليات والشتات

أبو الجالية الفلسطينية في السويد !- خالد عيسى

في مثل هذا اليوم فقدت الجالية الفلسطينية في السويد عبد المعين عيسى ” ابو حسان ” ، توقف قلب الرجل الذي لم يتوقف صاحبه عن العطاء لفلسطين في غربته الاسكندنافية الباردة !

مر عام على رحيل الرجل الذي وزّع قلبه على أبناء شعبه في المنفى وجعل منه وطنا يلوذ به من لا وطن لهم !

في المستشفى السويدي الأشقر مات عبد المعين بلا ترجمة ، لا يحتاج الموت الى مترجم ليقبض على أرواح الغرباء ويمضي !

هل مات الغريب بلغته الام ؟ ام مات بلغة المنفى السويدية الشقراء ؟ هل مات من اليمين الى اليسار كما يكتب لغته العربية ؟ ام من اليسار الى اليمين كما تعلم السويدية في مدارس تعليم اللاجئين ؟

موت الغرباء يضيف لغموض الموت غموضا جديدا ، مثل تلك الممرضة الشقراء التي تغمض عيني هذا الفلسطيني اغماضتها الاخيرة وتمضي !

موت عبد المعين موت الغريب في غربة مزمنة لا تموت ، سألني اكثر من مرة عن امكانية ان يدفن في فلسطين ؟ 

قلت له : من لا وطن له لا قبر له ، يموت اللاجئ لاجئا بين المخيم والقبر .. يموت الفلسطيني ويشهق آخر أنفاس البلاد ولا اعرف ماذا يحدث بعد !

عمر هذا الرجل من عمر النكبة ، ولد على طريق التشرد بين الشجرة في الجليل وبنت جبيل في جنوب لبنان ، هو روزنامة النكبة ، قطف الموت ورقتها الاخيرة في مثل هذا اليوم في مستشفى سويدي في جنوب السويد مزين بشجرة أعياد الميلاد ، وبممرضات شقراوات يضعن على رؤوسهن قبعة بابا نويل ، ويخططن للاحتفال بالعام الجديد ، وعبد المعين الذي خذله قلبه ولم ينتظره لكي يزور فلسطين كما اتفقنا ! ومات وهو يعض بأسنانه على حلم حياته بزيارة للوطن الذي ولد به على طريق التشرد ، ومات غريبا في المستشفى السويدي الأشقر !

حين زرت فلسطين في نيسان الماضي ، بحثت في أنقاض قريتي وقرية ” ابوحسان ” الشجرة عن بقايا مقبرة لكي ندفن حلم الرجل فيها ، وزرعنا على قبره المفترض شجرة زيتون لتضلل روحه ولعل الغياب يعيد الحضور ، وبين شجرتين واحدة ولد تحتها ابو حسان في طريق النكبة عام 48 في طريق التشرد الى بنت جبيل في لبنان ، وشجرة فتية زرعناها فوق قبره المفترض في الشجرة التي عاد اليها روحا هائمة ، تركت جسدها في المقبرة السويدية الباردة هي حكاية الفلسطيني بين المنفى والوطن وحكاية ملايين الفلسطينيين الذين يعودون الى أوطانهم أرواحا هائمة !

في الذكرى السنوية الأولى لرحيل ” ابو الجالية ” الفلسطينية في السويد وبين شجرتين يحتفل العالم بتزيين شجرة عيد الميلاد ويتفرج على آخر شعب في الدنيا يعيش غريبا ، ويموت غريبا ، ونحمل حلم عودته ونزرعه شجرة زيتون في بلاده !

لروح الرجل السلام !

اترك تعليقاً