الأرشيفوقفة عز

ورد الشيخ خليل – نضال حمد

خرجت من النار لتشهد على العار العالمي والإجرام الصهيوني.

لم تقتلها القنابل الحارقة التي أحرقت الخيمة والأهل، فقتلت أمها واخوتها وأصابت واتلدها بجروج وحروق خطيرة جداً. تصوروا ماذا كان سيفعل العالم المنحاز والمنافق لو أن ورد كانت طلفة يهودية “اسرائيلية” أو حتى أوكرانية. تعرفون الجواب … فحياة الأطفال الفلسطينيين ليست ذات قيمة للأنظمة الغربية التي ترى في “اسرائيل” الضحية الأبدية.

الطفلة ورد عمرها لم يتجاوز الـ 6 سنوات، ولدت وعاشت في الحروب والحصار منذ يومها الأول في الحياة، وقبل ايام عاشت كابوساً لا يتحمله أحد لا كبير ولا صغير. شاهدت بأم عينيها أمها واخوتها وهم يحترقون ويتفحمون جراء قصف الصهاينة لمدرستهم حيث مركز الايواء.. وشاهد العالم كله “ورد” الصغيرة وهي تسير وسط النيران باحثة عن ملاذ آمن. ونحن شاهدنا بدورنا في مواقع التواصل الاجتماعي، المحرقة التي لا يتحملها أحد على وجه الأرض. هي رأت جميع أفراد أسرتها تأكلهم النيران لتخرج وتكون شاهدة على ذلك.

ورد الصغيرة مع فجر يوم الاثنين الفائت ٢٩ أيار ٢٠٢٥، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة بشعة باستهدافها مدرسة فهمي الجرجاوي التي تُؤوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة، أسفرت عن مقتل 31 نازحاً ونازحة، بينهم 18 طفلاً و6 نساء، وإصابة العشرات بجراح متفاوتة.

كل من شاهد فيديو ورد وهي بين ألسنة النيران ورائحة الأجساد المحترقة تبحث عن مخرج لها من أحد الصفوف في المدرسة التي قصفت وأخرقت سوف يتذكر ذلك المشهد طيلة حياته. فهناك أحرق العدو بقنابله عائلتها التي كانت تنام في المدرسة.

بحسب ما قرأت فإن ورد لحظة الاستهداف الهمجي كانت تبيت إلى جانب والدتها، تحتضن يد أمها أصبعها الصغير، لكنها أفلتته قبل الانفجار الكبير بلحظات، وكأنها آثرت البقاء على الرحيل معها، فكان مشهد احتراق العائلة صورة طُبعت في مخيلتها كي تحكي ما جرى من بطش “إسرائيلي” لا يرحم صغير ولا كبير. بحسب ما ذكرت الصحافية الفلسطينية مدلين خلة من وكالة صفا الفلسطينية للأنباء.

يؤكد عمها الذي تبناها فوراً أنه سوف يعتني بها ويضمها في كنف أسرته ليعوضها شيئاً مما فقدت، قائلًا لوسائل الاعلام: “سأشرف على تربية “ورد” بين أطفالي وزوجتي، لتبقى تشعر بجو الأسرة، وأنها لم تُحرم منه للأبد”.

وفي معرض وصفه لحالتها قال: “لا تبدي الصغيرة أي ردة فعل كأنها تعيش بيننا جسداً، أما روحها فقد حلقت حيث والديها وإخوانها… لم تكن ورد تفارق والدتها، كانت لها الأمان الذي خلت منه غزة، كانت دائماً معها في أي طريق تذهب إليه، أما الآن فهي وحيدة تجدها ترتجف لأي صوت قصف ولو كان بعيداً”.

في معرض حديثه عن ورد قال العم أنها منذ الفجر تُردد كلمات محددة فقط “ماما استشهدت وبابا كمان وعبد وسلوان ومحمد وأمل، (اخوتها واخواتها) كلهم بالجنة.. الاحتلال قتلهم، تركوني وراحو”.

ويبين أن الاحتلال استخدم أسلحة تذيب أجساد الغزيين، مضيفًا “بصعوبة بالغة استطعنا التعرف على عائلة أخي، لأن الملامح أُذيبت والأجساد تفحمت، والنار أكلت كل ما يدل على الحياة”.

نضال حمد

موقع الصفصاف – وقفة عز

٣٠ مايو – أيار ٢٠٢٥