الأرشيفوقفة عز

أسعد كعوش وأغنية مارون الرأس – إعداد نضال حمد وموقع الصفصاف


هذه المقالة عمرها أكثر من 15 سنة وكنت كتبتها في شهر تموز- يوليو سنة 2006 في خضم العدوان الصهيوني على لبنان. وتحدث فيها عن بلدة مارون الرأس وتحريرها من قبل الفدائيين الفلسطينيين وحلفائهم في الحركة الوطنية اللبنانية سنة 1977.
ذكرت بالأغنية الشهيرة للفنان والأستاذ الفلسطيني أسعد كعوش، التي أنشدها في ذلك الوقت عن البلدة والفدائيين. فالأغنية وهي بعنوان “إشتعلت النار يا فدائي شعلها” كتبها الأستاذ أسعد في منتصف السبعينيات عندما وقعت تلك المعركة البطولية بين الفدائيين والعدو الصهيوني في بلدة مارون الرأس والتي استمرت ستة أيام متواصلة. لذا لا يمكن أن ننساها فهي الأغنية الشهيرة لأستاذنا في المدرسة الابتدائية وفناننا في المخيم. تلك الأغنية التي رددناها كذلك في المنافي بعد غزو سنة 1982 وخروج الثورة الفلسطينية من لبنان الى المنافي.
في هذه الأيام وأنا أقوم بكتابة ذكريات المخيم (عين الحلوة) وناسه وسيرتهم المشرفة وصلت الى الأستاذ أبو العبد كعوش، والى سيرته المنيرة ودوره الفني والغنائي الكبير في مخيماتنا بلبنان وبالذات غي عين الحلوة والمية ومية. لقد وصل عدد الحلقات التي كتبتها عنه ونشرتها الى ست حلقات وهذه هي الحلقة السابعة، قبل الأخيرة.
أغنية مارون الرأس يتذكرها كل أبناء جيل الخمسينيات الى الثمانينيات في مخيم عين الحلوة وربما في كل مخيمات لبنان الفلسطينية. تلك الأغنية الجميلة والحماسية أعدنا ترديدها في سنة 2006، يوم هُزِم الغزاة الصهاينة من جديد في مارون الرأس على أيدي المقاومة اللبنانية، التي حررت لبنان على مراحل منذ احتلاله سنة 1982. أما الجيل الناشئ فنقول له بأنه في سنة 1977 استطاعت الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية طرد أعوان الصهاينة من مناطق عديدة في الجنوب اللبناني، لتحررها بدماء الشهداء الزكية. من تلك المناطق هناك: العيشية وتلة جاموس وتلة رب ثلاثين ومارون الرأس على حدود فلسطين مباشرة… ويومها أنشد الأستاذ الفنان أسعد كعوش:
“اشتعلت النار يا فدائي شعلها
كرامة جديدة بدمك إنت سجلها
مارون الرأس بعثتت أول برقية
راية التحرير كل فدائي رافعها”.
خلال العدوان الصهيوني على لبنان في تموز سنة 2006 كنت كتبت مقالتي هذه أدناه عن بطولات المقاومة في مارون الرأس، مذكراً ببطولات القوات المشتركة الفلسطينية اللبنانية في النصف الثاني من سبيعينيات القرن الفائت. فالمقاومة الحالية في لبنان هي امتداد لمن سبقوها في المقاومة على أرض لبنان من الفصائل الفلسطينية وأحزاب الحركة الوطنية اللبنانية. أعيد نشرها اليوم ضمن سيرة الأستاذ أسعد كعوش ومخيم عين الحلوة لعلها تفي أستاذنا بعضاً من حقه علينا.
“مارون الرأس بعثت أول برقية… راية التحرير كل فدائي رافعها”
عنوان مقالة لنضال حمد بعنوان: (حرب وليست أزمة). نشرت في 25-7-2006
جاء في مقدمتها:
عندما كنا لازلنا في سن الطفولة وفق معايير أوروبا والدول التي تدعي الحضارة والتقدم والرخو وحرية الإنسان والرأي والتعبير والشعوب والدول، يعني تحت سن ال18 وال 16. في تلك الفترة أنشدنا بقوة ومن قلوبنا وحناجرنا مع الأستاذ أسعد كعوش، أغنيته الثورية الوطنية الشهيرة، التي حيّت بطولات الفدائيين في معارك مارون الرأس سنوات السبعينات من القرن الماضي.
الفنان أسعد كعوش فلسطيني من قرية ميرون الجليلية شمال فلسطين المحتلة، والقريبة من بلدة مارون الرأس في جنوب لبنان المستباح. أما بلدة مارون الرأس فقد كانت خلال الأيام القليلة الماضية تتبادل القصف مع محتلي ميرون الجليلية وجبلها “الجرمق” حيث توجد الآن قاعدة عسكرية “إسرائيلية” ضخمة جداً.
بين مارون اللبنانية وميرون الفلسطينية تظل هناك وحدة مصير ودم وأمة واحدة ومعركة المعذبين والمقاومين في لبنان وفلسطين ضد عدو واحد. فهي معركة الايمان بالحرية والعودة والنصر، التي هي أقوى من جبروت الصهاينة وصهاينتهم من العرب والعاربة.
في الزمن الفلسطيني بالجنوب اللبناني كانت المعارك في جنوب لبنان مع الصهاينة في تلك الفترة على أشدها. بالذات في منطقة الحدود وعند مارون الرأس. أما أسعد كعوش ففي ذلك الوقت كان يعتبر مطرباً محلياً (في المخيمات)، يحيي الحفلات والأعراس والمناسبات الوطنية والقومية في مخيمات منطقة صيدا بالتحديد، وفي مخيمات لبنان ثم توسع نحو الدول العربية مثل سوريا وليبيا وبعض الدول الاوروبية. هذا المطرب هو أيضا أستاذ في مدارس وكالة الانروا لتعليم اللاجئين الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة، الذي يعتبره سكانه عاصمة اللاجئين والمقاومة الفلسطينية في الشتات.
كل طفل وشاب في عين الحلوة والمية ومية عاش تلك الفترة الزمنية، لا بد أنه يذكر الأغنية الشهيرة لأسعد كعوش “مارون الرأس بعثت أول برقية .. راية التحرير كل فدائي رافعها”.
كانت أغنية رائعة جداً وكان ذلك قبل اجتياح الصهاينة لجنوب لبنان في آذار – مارس من سنة 1978، في أعقاب عملية الساحل للشهيدة دلال المغربي ورفاقها، ومنهم الشهيد محمد الشرعان الراجح أحد أعضاء فرقة الأستاذ أسعد كعوش. يومها كنا أطفال صغار كما كنا نسمع عن بطولات الفدائيين الفلسطينيين وشركائهم من الحركة الوطنية اللبنانية، الذين أطلق عليهم في حينه “القوات المشتركة”.
كنا نسمع ببلدة مارون الرأس التي تعلو عن سطح البحر مئات الأمتار، وتطل على الجليل الفلسطيني المحتل. فهناك غير بعيد عن الرأس العربي الصامد كانت توجد تلة أخرى على ما اعتقد اسمها تلة جاموس. بالقرب من مارون الرأس توجد قرى و بلدات لبنانية عاشت زمن الفدائيين والمقاومة وقبله العدوان والاحتلال. بلدات وقرى عرفت كيف تكون بيتاً آمناً لكل من يقاوم الصهاينة.

في تلك البيوت الآمنة تعيش الآن وفي هذه الأيام وفي ظل حرب العدوان الصهيوني على لبنان عائلات لبنانية، بدون أمان، تحت وابل الصواريخ والقذائف والغارات من الطيران والاباتشي والدبابات الصهيونية الأمريكية. لا أحد يسأل عن تلك العائلات، ولا أحد يكترث فعليا بمصير أكثر من مليون لبناني نزحوا، تشردوا وهُجروا أو لازالوا عالقين تحت القصف وفي قلب المعركة. لا أحد يسأل عن تدمير وطن صغير – كبير إسمه لبنان. لكن رجال الله في ميادين الجنوب ومارون الرأس يسألون ويقاومون ويدافعون ويرسلون برقيات جديدة تبشر بالنصر وهزيمة الغزاة الصهاينة وقرب تحرير فلسطين.

نضال حمد في نهاية تموز – يوليو 2006