عربي وعالمي

أميركي وأردني يقودان الاقتتال في الغوطة الشرقية!

عبدالله سليمان علي

الغوطة الشرقية تحت سطوة المتطرفين من ذوي الرؤوس الحامية، والقرار النهائي بالاحتكام إلى البندقية هو سيد الموقف بين الطرفين المتصارعين «تحالف القاعدة – الإخوان المسلمين» من جهة و «جيش الإسلام» من جهة ثانية، خصوصاً في ظل هيمنة «المقاتلين الأجانب» على توجيه دفة الصراع، فيما تسود في أوساط المدنيين مخاوف من أن يؤدي الاقتتال إلى زيادة معاناتهم، ما دفع العديد منهم للتفكير بالنزوح.

وتجدّدت الاشتباكات، أمس، بين الطرفين بعد هدوء ساد لمدة أسبوع، إثر وساطة قام بها وجهاء المنطقة لفرض هدنة، تمهيداً لعرض قضية الخلاف أمام لجنة يتوافق عليها الطرفان. إلا أن «جيش الإسلام» سارع إلى فتح جبهات القتال، وشنّ هجوماً على بلدات مديرا وبيت سوا والأشعري، مستخدماً أسلحة متوسطة وثقيلة بينها دبابات وعربات مصفحة.

ويأتي هذا الهجوم ليطيح بآخر مبادرة كانت مطروحة لحل المشكلة بين الطرفين، والتي تقدم بها 24 فصيلاً من فصائل «الجيش الحر» في الشمال السوري، والتي أعلن «فيلق الرحمن» ترحيبه بها، كما اعتبرها كبير المفاوضين في «وفد الرياض» عن «جيش الإسلام» محمد علوش أكثر المبادرات نضوجاً.
ويعزز فشل هذه المبادرة من حقيقة أن الغوطة الشرقية باتت على شفا هاوية سحيقة من الاقتتال بين الطرفين قد لا تتمكّن أي مبادرة أخرى من إيقافه. وقد أدت الاشتباكات الحالية إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى من طرفي القتال. وكانت الجولة الأولى من الاشتباكات قبل أسبوعين قد أسفرت عن سقوط مئات القتلى وعشرات الأسرى.

ويلعب الأردنيون من قيادات وعناصر «جبهة النصرة» دوراً كبيراً في التحريض على القتال ضد «جيش الإسلام». ورغم أن «جبهة النصرة» أجرت تعديلاً على قيادتها في الغوطة الشرقية، العام الماضي، بزعم تسليمها إلى سوريين، إلا أن تسريب التسجيل الصوتي للمدعو أبي محمد الأردني، الذي يشغل منصب «رئيس اللجنة الشرعية في نصرة الغوطة»، وهو يتهجم على «جيش الإسلام» بعبارات عنيفة، كشف أن «جبهة النصرة» تبقى هي نفسها مهما غيّرت من جلدها، كما كشف أن الهيمنة على جناحها الغوطاني ما تزال بيد الأردنيين المحسوبين على تيار المقدسي فيها.

وكان الأردني، في تسجيله المسرَّب قبل أيام، قد وصف «جيش الإسلام» بأنه جماعة من «قطاع الطرق والمفسدين والبغاة»، معتبراً أن «قتال هؤلاء أوجب الواجبات لأنهم لم ينزلوا للشرع، وهو أولى من قتال «النظام النصيري»، بل ذهب أبعد من ذلك بقوله إن «القتال ضد جيش الإسلام هو قتال استئصال، فإما أن يستسلم الجيش أو يستمر القتال حتى لو قتل كل مَن فيه».

وعلمت «السفير» من مصادر خاصة أن «جيش الإسلام» أوكل إلى أبي خالد الأميركي مهمة قيادة الهجوم على محور مسرابا. والأميركي، واسمه الحقيقي علي الخولي هو القائد السابق لـ «لواء الرضوان» الذي على الرغم من انحلاله إلا أنه استمر في القيام بدور استخباراتي لمصلحة «جيش الإسلام». وكان الأخير قد قاد هجوماً قبل أقل من أسبوعين سيطر خلاله على مسرابا ومديرا قبل أن يجري الاتفاق على وقف القتال وانسحاب «جيش الإسلام» من مسرابا، وهو ما لم يقم بتنفيذه.
واتّهم المتحدث الرسمي باسم «فيلق الرحمن» وائل علوان «جيش الإسلام برمي جميع المبادرات وجهود المصلحين وراء ظهره في اعتداء جديد وممنهج، وبدأ بعد حشد استمر أياماً عدة هجومه على مديرا». في المقابل طالب رئيس المكتب الإعلامي لجماعة «الإخوان المسلمين» عمر مشوح «فيلق الرحمن» بإصدار ما يؤكد عدم تحالفه مع «جبهة النصرة» في الغوطة، وأن يتبرّأ من كلام «شرعييها»، كما طالب «جيش الإسلام» بالتبرؤ من كلام «شرعييه» أيضاً.

وأدّى القصف التمهيدي الذي قام به «جيش الإسلام»، مستخدماً مدفعيته الثقيلة ودباباته، إلى سقوط ثلاثة شهداء وعدد من الإصابات في صفوف المدنيين، وهو ما دفع «الهيئة العامة للغوطة الشرقية» (مقرّبة من «فيلق الرحمن») إلى إصدار بيان تطالب فيه بـ «تحييد المدنيين وتجنيبهم آثار الخلاف»، وذلك بعد أن حمّلت «جيش الإسلام» المسؤولية عن «النكول عن جميع الاتفاقات والمبادرات واستمراره في سياسة التحريض الإعلامي والتجييش لاقتحام البلدات المأهولة». وذكّرت بأن اثنين من أعضائها، هما عبدالله الشامي وأبو محمد ملص، لا يزالان معتقلين في سجون «جيش الإسلام». في المقابل يتهم الأخير «فيلق الرحمن» باعتقال المئات من عناصره، بينهم قيادات كبيرة مثل نائب رئيس «هيئة الأركان» في «جيش الإسلام» أبو عبدالله.

ويبدو أن أصداء المعارك في الغوطة تردّدت في الرياض، حيث أدلى رئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب بدلوه، مقدّماً مبادرة جديدة لحل المشكلة بين الطرفين. وقد أعلن «جيش الإسلام» ببيان صدر عصر أمس، موافقته على المبادرة، نافياً ما أشيع حول إمكانية عقد لقاء بين قائده وبين قائد «فيلق الرحمن» لصياغة تفاهم جديد. ودعا البيان «فيلق الرحمن لقبول المبادرة وعدم وضع عقبات في طريق الحل». وحول مضمون المبادرة أكد البيان أنها لا تخرج عن روح المبادرات السابقة.

وعلى مقلب الغوطة الغربية، بدأ الجيش السوري عملية عسكرية في محيط بلدة خان الشيح بريف دمشق الجنوبي الغربي، وذلك بعد أن عمدت «جبهة النصرة» وحلفاؤها إلى خرق الهدنة مرات عدة. وقد تمكّن الجيش من السيطرة على كتل عدة من الأبنية على محور الخمارة فيلة السلوم ومعمل الأدوية، وسط اشتداد معارك الكرّ والفرّ بين الطرفين. وتقدّر المساحة التي سيطر عليها الجيش بحوالي كيلومتر وهو ما من شأنه توسيع دائرة الأمان حول اوتستراد السلام الاستراتيجي الرابط بين العاصمة والقنيطرة.

وعلى صعيد آخر، تمكّنت الفصائل المسلحة من السيطرة على ثلاث نقاط في محيط قرية حر بنفسه بريف حماه الجنوبي، وتأتي أهمية هذه الحواجز أنها تؤمن للفصائل طرق التواصل بين ريف حماه وريف حمص.

إلى ذلك تصاعدت الخلافات بين الفصائل المسلحة المدعومة من بعض الدول الغربية والخليجية وبين «قوات سوريا الديموقراطية» المدعومة بدورها من قبل واشنطن. وفي هذا السياق هدد توفيق شهاب الدين القائد العام لحركة «نور الدين الزنكي» بإعلان الحرب على «الأحزاب الكردية إذا لم تنسحب من الأراضي العربية التي احتلتها». وكانت «وحدات حماية الشعب» الكردية المتمركزة في حي الشيخ المقصود بحلب قد قطعت طريق الكاستيلو الاستراتيجي، عبر استهدافه من قبل القناصين والقصف المدفعي، كما عمدت إلى قطع الطريق بين إعزاز ودارة عزة الذي يمر عبر الأراضي التي تسيطر عليها في عفرين ما أدى إلى ارتفاع أسعار مشتقات النفط بشكل جنوني.

وأكدت مصادر إعلامية صحة المعلومات حول حصول عملية تبادل بين الجيش السوري وبين «جيش المجاهدين» تسلّم بموجبها الأخير جثث تسعة من عناصره الذين قتلوا في كمين النفق الشهر الماضي مع 12 معتقلاً من صفوفه نتيجة المعركة نفسها، في مقابل الإفراج عن 20 مختطفاً لديه وثمانية جثث لشهداء من الجيش السوري.

السفير – بيروت

اترك تعليقاً