الأرشيفبساط الريح

أنطون سعاده عام 1937: الوهابية معادية للسنّة والشيعة والتمدّن

(نشر مؤسس وزعيم الحزب القومي السوري الاجتماعي أنطون سعاده مقالًا في جريدة (النهضة) عام 1937 حول ميناء العقبة والأطماع السعودية فيه، وكان سعاده قد تطرق في هذا المقال إلى العصبية الوهابية وخطرها الداهم على شعوب العالم العربي وخصوصًا سورية الطبيعية. ونعيد نشر هذا المقال لأن تحليلات “الزعيم” قد أصابت في وصفه للفكر الوهابي وكيفية انتشار دعوته العصبية.)

المقدمّة لموقع (حركة اليسار الاجتماعي الأردني). وقد جاء العنوان الأصليّ للمقال بعنوان: (العقبة بين سورية والمملكة العربية).

..المقال :

لسورية في أقصى الجنوب ميناء بحري، عظيم الخطورة التجارية والحربية هو ميناء العقبة الواقع «داخل الخليج» المعروف بهذا الاسم. ويقع هذا الميناء بحكم الوضع الجغرافي في أعمال شرق الأردن وهو قريب من المملكة العربية.

وقد اتجهت أنظار الملك السعودي إلى العقبة منذ زمن وحاول كثيرًا أن يتفاهم مع بريطانيا العظمى، لكي ترضى عن وقوعها في يده. ولسبب حربيّ مهمّ فضّلت بريطانيا أن تبقى العقبة السورية ببقائها في إمارة شرق الأردن الضعيفة، وبقاء العقبة في إمارة شرقي الأردن يلقي ستارًا على خطورة هذا الميناء المسيطر على خليج يعدّ أفضل كمين وملجأ للأسطول المستولي عليه. وقد اتجهت أنظار بريطانيا العظمى في الآونة الأخيرة إلى العقبة، وأخذ خبراؤها يدرسون إمكانية هذا الخليج الحربية، خصوصًا بعد أن استولت إيطاليا على الحبشة ووصلت بين البحر الأحمر والمحيط الهندي.

والظاهر أن لابن السعود مطامع كثيرة تجعل استيلاءه على العقبة أمرًا ضروريًّا، وفوق ذلك فابن السعود لا يطمع بالعقبة بل بسورية كلها.

فهو يغدق الإنعام على عدد من الصحفيين في لبنان والشام وفلسطين. ويتجاوز إنعامه هؤلاء إلى عدد من السياسيين الرسميين وغير الرسميين وعدد من أساتذة المدارس، فيقوم هؤلاء بالإذاعة له باسم الوحدة العربية، ودعاته يتزاحمون من هذه الجهة مع دعاة ملك العراق وصنائع السياسة العراقية الذين ترى بعضهم يرتدي شعار العراق (الصدارة).

وقد قويت الدعاوى لابن السعود في سورية حتى إن كثيرًا من السوريين أخذوا ينظرون إليه نظرهم إلى المنقذ المنتظر. ومما لا شك فيه أن هذه الإذاعة القومية لابن السعود تعتبر تمهيدًا جديًّا لفتح عربي سعودي لسورية.

ليست فكرة التوسع العربي خيالًا، بل حقيقة تدعمها الحاجة المادية إلى موارد العيش. وابن السعود يرى أن مملكته تحتاج إلى موارد تثبتها ويليق بها الملك، فإذا لم تحصل على موارد جديدة لم تستطع الثبات في الأزمات السياسية والاقتصادية وأذنت بالتفكك والانهيار، وكما وجدت القبائل العربية لعهد النبي أغراضها المادية في الاتحاد في الإسلام، كذلك تجد القبائل العربية اليوم أغراضها المادية في العصبية الدينية الوهابية، فترمي إلى فتح جديد والاستيلاء على الأمصار المجاورة باسم الرسالة الوهابية المعادية للسنة والشيعة والتمدن المسيحي الإسلامي العام.

وبدهي أيضًا أن فكرة فتح عربي لا يمكن أن تتولد من نظرة فاهمة في الحاجة الاقتصادية والاستعمار، لأن العقل العربي لا يزال على حال من الفطرة بعيدة عن فهم العوامل النظامية المركبة، وهو أمر عرض له ابن خلدون في دراسته أحوال العرب في مقدمته المشهورة. فله فيها فصل [السابع والعشرون] في أن العرب لا يقوم لهم ملك أو سلطة إلا بدعوة دينية.

 والأخبار الواردة حديثًا تفيد أن العصبية الوهابية تنذر الشعوب حول بلاد العرب بخطر حرب مداهمة. فجيوش ابن السعود تتجه نحو حدود شرق الأردن. وقد أحست إمارة شرق الأردن بالخطر المحدق فقامت جيوشها بمناورة على الحدود تمرينًا لها على الدفاع.

إن الحالة من هذه الجهة خطرة، فإذا ذهبت العقبة إلى المملكة العربية زالت من سورية إمكانية حربية تجارية ضرورية جدًّا لها من حيث هي أمة ناهضة لها مصالح واسعة.

 

الزعيم أنطون سعاده مؤسس وزعيم الحزب القومي السوري الاجتماعي 

جريدة النهضة – العدد 2 – 15 أكتوبر 1937

* عن موقع زنوبيا

اترك تعليقاً