من هنا وهناك

إبداعات الجيش السوري .. – علي حتّر

كلما شن العدو الصهيوني غارة لإبعاد الجيش السوري عن الساحة الداخلية، حيث يخوض معارك لم يتعرض غيره لها في التاريخ، وينجز فيها انتصارات مذهلة ومفاجئة للجميع.. تخرج أبواق المتحالفين مع العدو الأمريكويهودي لتصرخ، “لماذا لا ترد سورية على الغارات الإسرائيلية”..

لإسرائيل هدف واحد  من الغارتين الأخيرتين على دمشق، جر الجيش السوري بعيدا عن داعش وجبهة النصرة وما يسمى بالجيش الحر.. وغيرها من المنظمات الإرهابية.

والنابحون لتأييد هؤلاء، يريدون أن يساعدوهم في تحقيق أغراضهم..

ليس من عادتي أن أستخدم  كلمات مثل كلمة “النابحين”، لكنني لم أجد افضل منها لوصف هؤلاء.. كان يمكن أن أفهمهم قبل أربع سنوات، حين لم يكونوا قد عرفوا سورية، أي  قبل المعارك.. رغم انني أتناقض معهم في كل ما يفعلون ويقولون..

الجيش السوري اليوم.. يتعرض لهجمة كونية.. ويقدم صمودا خارقا للطبيعة، وعلما لم يكن العسكريون المحترفون، ولا المقاتلون المتمردون يعرفونه..

إذا تابعنا أخبار المعارك، نتعب ونحن نقرأ الجبهات المختلفة التي تدور فيها المعارك في نفس الوقت… من الرقة وحتى درعا ومن حدود العراق وحتى البحر الأبيض وحدود لبنان..

وعدد الأعداء المنخرطين في القتال ضده لا يُحصَوْن، من مقاتلي داعش والنصرة والجيش الحر وووووو، ومعهم المُموِّلون والمُدَرِّبون والمسلِّحون وما أكثرهم..

ولم يستدع هذا الجيش الاحتياط..

إنه  يواجه الجيوش الغربية.. التي تعتقد أنها لا تقهر.. ويواجه أدواتها.. وللعلم إن مواجهة مثل هذه الأدوات مسألة في غاية التعقيد.. وربما يفوق تعقيدها مواجهة الجيوش نفسها..

عندما قام جيفارا وكاسترو ورفاقهما بالثورة ضد الدولة الكوبية المحمية أمريكيا، كانوا مع ثوارهم القليلين.. لم يتمكن جيش باتيستا من الصمود أمامهم وسقطت الدولة الكوبية أمامهم..، رغم أن الثوار كانوا يخوضون المعارك واحدة واحدة مع هذا الجيش.

 وعندما قاوم الفيتناميون أقوى جيوش العالم وهو الجيش الأمريكي.. انهزم الجيش ولم يكن يخوض ألف معركة في نفس الوقت.. وكانت صناديق العالم مفتوحة له لينهب ما يريد.. وانهزم هذا الجيش الكبير  رغم ذلك..

عندما انضممنا للعمل الفدائي في الستينات، كانوا يدربوننا على أن حرب العصابات تهزم أي جيش.. ولو كنا نفتح في الغيب لقلنا “عدا جيش سورية!!!!” فعصابات كل العالم لم تجبره حتى على دعوة الاحتياط..

لماذا؟؟؟

المسألة تُناقض المفاهيم السائدة.. ورغم أنني منذ البداية كنت أدافع عن سورية.. وأومن بحتمية انتصارها.. لكنني مثل غيري فوجئت بالمفاهيم الجديدة.. التي علمني إياها هذا الجيش.. وفرضها على أرض الواقع.. ورحت أبحث وأبحث وأبحث..

لو قسمنا عدد الجيش السوري على عدد الجبهات المفتوحة على الأرض السورية.. نجد أن كل جندي سوري في حالة اشتباك..

إن بسطار هذا الجيش صناعة سورية.. وليس صناعة غربية.. تلك هي المسألة الأولى..

ويعرف الجنود أن مسؤولية بساطيرهم تفوق قدرة خوذات الناتو والعُقُل العربرسمية المقصبة..

وقيادة هذا الجيش التي تؤمن بما يؤمن به، هي جزء منه ولا تتسلم التعليمات من غرف عمليات أمريكية أو إسرائيلية..

وشعبه يحتضنه ويعتمد عليه ويهتف له..

وهو جيش يؤمن بقضيته إيمان جيفارا بقضيته في كوبا، والعصابات هنا هي الدخيلة المرتزقة العميلة المعتمدة على أمريكا وإسرائيل.. مع بعض النابحين هنا وهناك..

وقيادة هذا الجيش هادئة واثقة حكيمة غير مهتمة بالنابحين.. تقرر ما تقرر هي، ولا تأبه بنباح من يهاجمها وكلابه..

إنه وقادته يؤمنون بالأرض وبالشعب.. وأن المعركة معركة سيادة وأرض ومستقبل.. ومطالب وحياة وكرامة..  ومسؤولية تجاه الوطن والإنسانية.. وكل غطاء يستخدم لستر هذه الحقائق.. غطاء غير كاف لخداع أي جندي في هذا الجيش..

لا أتكلم عن التحالفات الاستراتيجية.. لكن أتكلم عن الجندي الذي يزحف ويهجم ويطلق النار.. ويتلقى الرصاص بصدره..

في الحربين العالميين انهارت دول من أكبر الدول في خمسة أعوام..

وسورية لا زالت تقاتل ولم تغير حتى برامج فضائياتها..

الليرة السورية صامدة صمودا نسبيا مذهلا.. والغذاء موجود.. والعلاج مجاني.. والتعليم مجاني..

ورغم كل التحالفات العربرسمية.. والناتوية.. وتركيا وإسرائيل.. بدأت قيادات هذه التحالفات الدولية والإرهابية تتراجع.. وتعترف بالهزيمة..

والعدو اليهودي يتخبط.. وأوباما يطلب العفو بطرق دبلوماسية.. من سورية وعيد حساباته مع حلفائها  بسببها.. والأذناب العربرسميون يتساقطون.. وتركيا تخضع وتعود لترجو إقامة علاقات مع روسية وإيران.. وكل الغرب يعود لدراسة الإرهاب الذي أوجده دون نتائج..

ودول العالم بدأت تعود، واحدة تلو الأخرى،  لتفتح سفاراتها في دمشق.. هذا إذا قبلت دمشق عودتهم.. وهي قد بدأت تفرض شروطها..

المجد للمقاتلين ضد الظلام..

والمجد لشعب سورية الذي أنتج مثل هؤلاء..

والتحية لكل حلفائها..

اترك تعليقاً