الأرشيفمن هنا وهناك

إجابات لبنانيّة على أسئلة عراقيّة – ثريا عاصي

طرح علي زميل عراقي أسئلة سأجيب عليها، ليس لأني أدعي خبرة في الشأن العراقي ولكن بصفتي مواطنة لبنانية زادتني الحروب التي توالت منذ سبعينيات القرن الماضي، إقتناعاً ويقيناً، بأن مجالنا الحيوي يساوي المساحة التي تغطيها العروبة، فكلما اتسعت رقعة هذه الأخيرة شعرنا بإرتياح أكبر ! فلولا سوريا لما تحررت بلادنا من المستعمرين الإسرائيليين، ولو كان العراق قوياً لما تجرّأت الإمبريالية الأميركية ـ الأوروبية ـ الإسرائيلية على إعلان الحرب على سوريا، ولو كانت الأوضاع سليمة في سوريا والعراق لما سقط العراق، ولو لم تكن العروبة عليلة لما انزلقت قدم مصر!

يسأل الزميل العراقي كيف أرى الوضع الراهن في العراق؟ هذه مناسبة لكي اقول أني أقيس الأمور في بلادنا بمعيار بسيط للغاية. الرأي عندي، ان المصلحة الوطنية والقومية تقضي بأن نكون دائماً ضد الولايات المتحدة الاميركية، فمن ينضم إلى معسكرها هو على خطأ. لا أذكر، صراحة، ان هناك شواذاً عن هذه القاعدة.

ينبني عليه أننا إذا نظرنا إلى الوضع في العراق من زاوية الموقع الذي تحتله الولايات المتحدة الأميركية في هذه البلاد، تبدى لنا أن هذا الوضع العراقي سيئ جداً. كون الولايات المتحدة الاميركية، تمرح وتسرح، أكاد اقول أنها فتتت العراق. يبدو لي انها فصلت مكوناته عن بعضها البعض ثم راحت تبحث عن موقع لكل مكوّن منها في الجغرافية العراقية بحيث يكون تابعاً لها، في أمنه وفي معيشته !

من البديهي أن الخراب العراقي صار كمثل أحياء البؤساء التي تحيط بالمدن العالمية الكبرى، مرتعاً ملائماً للمرتزقة والمتعاونيين والتجار والمهربين، في مجالات الجريمة والمخدرات والسياسة والدين. ولكل قطاع منها بورصة تتقلب الأسهم فيها بحسب العرض والطلب.

في موضوع حزب الله، يجب أن نأخذ بعين الإعتبار أن التواصل بين المقاومة اللبنانية من جهة وبين سوريا من جهة ثانية بدأ في ثمانينيات القرن الماضي، وهو يندرج في إطار «حرب المقاومة » إذا جازت هذه التسمية، بديلاً عن الحرب التقليدية بين الجيوش، التي صارت مستحيلة بسبب خروج مصر الرسمية، من الصراع العربي – الإسرائيلي، وبسبب الوهن الذي دبّ في أوصال الإتحاد السوفياتي. الذي أدى إلى انهياره في تشرين الثاني 1989. تأسيساً عليه إن سوريا وحزب الله، يخوضان عملياً، «حرب المقاومة » معاً منذ ثلاثة عقود ونيف من الزمن ونيف. أغلب الظن ان الحرب الدائرة اليوم في سوريا هي امتداد لحرب المقاومة. ينجم عنه أن تواجد حزب الله على الساحة السورية في هذه الظرف أمر طبيعي. شاء من شاء !

عن التقسيم، أو بالأحرى عن الإقتسام، يمكن أن نلاحظ أن الأعداء لم يفلحوا في منع حزب الله من القتال دفاعاً عن سوريا. في المقابل انحل الجيش العراقي عندما أمر الحاكم الأميركي بريمر بحله. ما أود قوله هنا، ان الأعداء لا يستطيعون تفرقة الذين يقبلون هذه التفرقة عن وعي أو لا. ليس بإمكانهم أيضاً تقطيع البلاد رغماً عن إرادة أهلها. هذه مسألة وعي وإدراك. لا مفر من السؤال عن الأسباب التي تجعل الإنسان يدافع عن الوطن حتى الشهادة ! في مقابل المبررات التي يتذرع بها بعض الناس الذين فضلوا الهجرة والتخلي عن الوطن !

في موضوع الإنتخابات، والإصلاح السياسي بوجه عام، أعتقد أن الحكومة السورية الحالية هي أكثر تقدمية من جميع خصومها، بل من جميع حكومات العرب. المسألة في سوريا ليست سياسية، وانما هي حرب امبريالية تخفّت بقناع الثورة حيناً، والمذهبية حيناً آخر. في سوريا نفط، وغاز وأرض محتلة، وقضية فلسطينية، بالإضافة إلى أن خطة المستعمرين الإسرائيليين تتضمن التمدد حتى الفرات وضم منطقة الجزيرة.
أما عن آل سعود، فإني على يقين شخصياً بأن هؤلاء لا يقررون شيئاً ولا يرسمون خطة، إنطلاقاً من أن نجد والحجاز والمشيخات الخليجية الأخرى، هي مناطق محتلة. بكلام أوضح إذا طلب الأميركيون من آل سعود أن يرسلوا «عسكرهم» إلى سوريا فهم سيفعلون. مملكلة آل سعود هي كمثل علبة المناديل الورقية ! لايجوز إعادة استعمالها، ويجب استبدالها عندما تفرغ…

وعن الموقف من سياسة دول الخليح : لا يوجد عاقل يقف إلى جانب الدول الخليجية عن إقتناع وعن مبدأ. هناك فئات في بلاد العرب، سوريا العراق فلسطين ولبنان، تعتقد على طريقة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، ان جميع الأوراق في الشرق الأوسط هي بيد الولايات المتحدة الأميركية. بناء عليه، وبصرف النظر عن الحيثيات الوطنية والعقائدية، بل بدافع الإنتهازية والوصولية، تراهم يتسابقون لينالوا رضى آل سعود، لأن آل سعود هم في الحقيقة خدم الولايات المتحدة الأميركية، في هذه الدنيا، أولاً وأخيراً. أنصار آل سعود في البلاد المشار إليها، أسقطوا القضية الوطنية والعربية من حساباتهم، أو أن هذه القضية صارت لا تساوي وظيفة أو منصباً !

استناداً إلى ما تقدم ما من شك في أن الفكر الوهابي هو المحرك الأساس للجماعات الإسلامية، كمثل «داعش». وبما أن الأفعال الشنيعة التي يرتكبها «داعش»تصب جميعها في صالح الولايات المتحدة الأميركية، فإن «داعش» وآل سعود متعاونون مع هذه الأخيرة.

“الديار”

اترك تعليقاً