الأرشيفعربي وعالمي

ابتلاع المنظمة … طبيعي لدى كل ذي عقل – عادل سمارة

الجدل القانوني تمرين ذهني جميل – توهمات د. عبد الستار قاسم

مع كل الإحترام للذين انفعلوا وطنيا وقانونيا وحتى شخصياً وكتبوا نقداً لقرار وضع م.ت.ف ضمن دوائر سلطة الحكم الذاتي، أعتقد بأنهم وقعوا في خطأ واضح.
فالخلط بين القانون والحق الوطني كارثي بكل المعاني. أما تسويد القانون على الحق فهو ذنب ما بعده ذنب.
بداية، لا يوجد أساس حقيقي لقانون فلسطيني تحت الاحتلال لأن السيادةللاحتلال وإعلان مبادىء أوسلو يقبل هذا بأريحية.
صحيح أن هناك تطبيقات لهذا القانون على الناس بمختلف الأشكال، ولكن كل تلك التطبيقات لم تتعارض مع كون السيادة للاحتلال، بمعنى: “دعهم يديرون امورهم اليومية وحتى المالية ويتناوشون ويأكلون لحم بعضهم بعضاً…ويبقى التراب بايدينا-هكذا يرى الاحتلال المسألة”.
الحق الفلسطيني في الوطن هو الحق الثابت، وبالتالي، وعلى ضوء أوسلو، يصبح إنشاء مكتب في دوائر السلطة اسمه “دائرة أو مكتب منظمة التحرير الفلسطينية”هو أمر إداري لا أكثر، ولا استبعد أن هناك لغويين يبحثون عن مفردة غير “التحرير” وقد نصل إلى تذنيب من يكتب هذه الكلمة.
ذلك لأن هذه المنظمة ولدت السلطة وشاخت الأم وورثتها الإبنة ووصلت العلاقة حد ما يقوله الإبن لأبيه: “أقعد يا ختيار أنت شو بيعرفك”. أو مثلا، علاقة بريطانيا الأم التي ولدت الولايات المتحدة الأمريكية، من الذي يقود!
لقد قبل بالسلطة ، طوعاً أو كُرهاً، كل من تعاطى معها على حساب المنظمة بدءاً من:
المجلس الوطني، المجلس المركزي، اللجنة التنفيذية، النقابات، النساء، الطلاب، العمال ، وحتى المخبرين. وبالتالي من قبل بكل هذا، لا يحق له الاعتراض والبكاء اليوم لأن المآل الطبيعي للمنظمة بعد “إعلان المبادىء اي اوسلو” هو انتهاء دور المنظمة. وكوْن هذا الانتهاء قد أخذ قرابة 30 سنة، فلا يعني أنه لم يحصل.
وإذا كان هناك من لم يفهم هذا خلال ثلاثين سنة، فالله في عونه.
وطالما ينقسم معظم الفلسطينيين إلى من يطالب بدولة مؤدبة في حدود 1967، أو دولة واحدة تحت راية الاحتلال وحتى مع المستوطنين، فهؤلاء يلغون ويشطبون م.ت.ف سواء منذ المطالبة بسلطة وطنية 1973 أي قبل أوسلو وقبل قرار السلطة الأخير.
بكلام مختصر، قرار ابتلاع المنظمة يمكن اختصاره في نقطتين:
الأولى: يقول للذين يطالبون بمجلس وطني وانتخابات، بأن هذا مجرد تمرين ذهني وحرام على إنفاق الفلوس وتعب القانونيين والمثقفين والمحللين…الخ. وبالتالي برأيي الشخصي لا قيمة لمن كانوا “بالفلاحي يتحلَّفون للفوز في انتخابات هذين المجلسين”.
والثانية: يقول لكل العرب والعالم التطبيع والاعتراف بالكيان أمر مباح.
بالمقابل، لم يقف مع الحق الفلسطيني سوى من رفض أوسلو رفضاً حقيقيا تطبيقيا أي قاوم الاحتلال مقاومة مسلحة ومن انتهى بالاستشهاد أو مارس العمل السري، أو التفكير الثقافي الذي لم يفك القضية عن عروبتها أو حتى من ناضل على الأساس النفسي…الخ.

عبد الستار قاسم

حينما رشح الراحل عبد الستار قاسم نفسه لرئاسة السلطة في الإنتخابات السابقة، طلب مني أن أدير حملته الإنتخابية. ضحكت، وقلت له أحدنا مجنون أنت أو أنا. فلو آمنت بهذا لرشحت نفسي، أنت بهذا تخدم أوسلو أكثر من اي طرف آخر. وحينها صارت مكاتبات نقدية بيننا، وكما اذكر كتب يعاتبنا د. حسن حميد أو محمد عادل من الشام.
وواصل عبد الستار توريط نفسه في شباك لم يكن بيده مِقصَّا لقطعها وتخليص نفسه حيث تقيَّد بما يسمى “القانون النضالي لمنظمة التحرير الفلسطينية” وطالب بمحاكمة ابو مازن.
لم ينتبه عبد الستار أن قانون المنظمة هو حبر على ورق يمكن تجاوزه بلا جهد يُذكر. وكما قال ماوتسي تونغ” العبرة ليست في القانون بل في تطبيقه”.
وكانت النتيجة أن التعريف الصحيح من عبد الستار لقانون م.ت.ف لم ينفعه وحوكم، ورحل وقضيته معلقة.
ومع أن عبد الستار، كما قال لي، علَّم أكثر من اربعين ألف طالب لم يحضر جلسات محاكمته سوى طالب واحد من قطاع غزة ولم يحضرها ولم يهتم بها أي فصيل قطعياً ولا اية نقابة ولا اي اتحاد عمالي طلابي نسائي…الخ. كان رحمه الله يتذكر ذلك ويضحك.
لم يحضر جلسات محاكمته سوى بضعة أشخاص منهم إحسان سالم/ابو عرب، ومحمود فنون ومحمد غنايم، وطبعا أم محمد/زوجة عبد الستار وأنا، وربما شخصين لا أعرف اسميهما.
أما، ولكي يبتسم القراء: فقد ابتهج جميع دُعاة الدولة والدولتين لمحاكمتي ضد التطبيع. لقد أغضبتكم منذ 1963 ، فلا باس أن أُبهجكم اليوم.