الأرشيفوقفة عز

الأستاذ كايد ميعاري -أبو وائل- إعداد نضال حمد وموقع الصفصاف

في الفترة التي درست فيها في المدرسة المتوسطة بمنتصف السبعينيات من القرن الفائت كان مدير مدرسة حطين التكميلية الأستاذ كايد ميعاري – أبو وائل – رحمه الله. عرفناه إنساناً هادئاً وأستاذاً محبوباً من التلاميذ وإخوته في الهيئة التدريسية في مدرسة حطين. ومن جيرانه وأصحابه في المخيم.

الأستاذ أبو وائل – كايد ميعاري من مواليد بلدة عكبرة قضاء صفد في الجليل الأعلى الفلسطيني المحتل. لجأ مع عائلته الى لبنان عقب سقوط عكبرا والجليل بيد الغزاة الصهيانة سنة 1948.

في لبنان أكمل مسيرة حياته وتابع تعلمه ودراسته ثم أصبح مدرساً يدرس التلاميذ والطلبة في مدارس مخيم عين الحلوة. بالذات في مدرسة حطين بمقريها القديم في حي الجميزة وعرب غوير وحطين، ثم في مقرها الجديد مقابل طلعة جبل الحليب على الشارع الفوقاني، هناك درست أنا في مدرسة حطين الجديدة، ففي فترة دراستي كان الأستاذ كايد ميعاري هو المدير.

سكن أستاذنا في منزل كان يقع في حي عكبرا بالقرب من بستان اليهودي ومن عين ماء أقامتها -الإنروا- وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، في الحي المذكور. إذ جرت العادة عند بداية تأسيس المخيمات أن أقيمت عيون المياه للشرب والحمامات العامة لقضاء الحاجة في كل حي من أحياء المخيم. أذكر من طفولتي أن الحمامات في حارتنا كانت بالقرب من بيوت دار “الخرسان” ودار “الطافش” يعني أنها لم تكن تبعد كثيراً عن بيت عائلتي.

بالعودة لبيت الأستاذ –المدير- المرحوم كايد ميعاري فقد كان في حي عكبرا قرب بيت ابو غالب الصالح وغير بعيد أيضاً عن مخيطة القاضي وبيت هربجت ومحل والدي المرحوم أبو جمال حمد. المحل الذي كان مقراً ونادياً يتجمع فيه شباب مخيم عين الحلوة وبالذات شباب الشارع الفوقاني والأحياء المجاورة له في المخيم، كذلك شباب كمب العتيق مخيم الطوارئ.

في تعليق له عن أبي وائل قال لنا الأستاذ عبد سرحان – أبو نزار:

(كنا زملاء في مدرسة حطين القديمة ومديرها كان المرحوم الصديق علي فرهود، كنا أنا والأستاذ كايد نتقاسم حصص الرياضيات للصفوف المتوسطة، وكان جاراً عندما سكن في بناية فوق مركز الاعاشة، وكان يقيم في نفس البناية الصديق الأستاذ محمد يوسف رحمه الله، ثم انتقلت مدرسة حطين الى مبناها الجديد، وأصبح الأستاذ أبو وائل مديرها، وربطتني به علاقة احترام وتقدير متبادلة، وأذكر في هذه المرحلة أشرفت أنا والأاستاذ الصديق حسن زيدان على مجلة مدرسية بإسم “حطين”، كان يكتب فيها بعض الزملاء المعلمين بالاضافة الى الطلبة، وكانت مبادرة ايجابية ولاقت دعماً من مدير المدرسة الصديق أبو وائل).

عرفت المدير كايد ميعاري معلماً هادئاً وخلوقاً ومدرساً محترماً كان له احترامه وتقديره بين أبناء جيلي من الطلبة في مدرسة حطين التكميلية. لازلت أذكره وهو يأتي حاملاً المؤشر، الذي جرت العادة أن يحمله بعض الأساتذة وأن لا يتعامل به أساتذة آخرين. مثلاً المرحوم الأستاذ ديب أبو حمدة كان يفصل عصاه على مزاجه وحسبما يريد، عند النجار الذذي هو والد صديقي وزميل المقاعد الدراسية المهندس زياد الخطيب من الرأس الأحمر. كان المرحوم الأستاذ ديب يُدلع عصاته بتسميتها “أم الفهود” والعصا الثانية “أم جرجوة”.

في إحدى السنوات أقمنا في المدرسة حفلاً بمناسبة عيد المعلم وكان حفلاً مشتركاً بين مدرستي البنين حطين والبنات مرج ابن عامر. وكان من عرفاء الحفل الأخ والصديق أديب الشهابي. برفقة الزملاء الأخوة زياد الخطيب وخالد الشهابي وأمين أبو صلاح. بينما من مدرسة البنات شاركت سعدى خليل وكاتيا عوض. في ذلك الاحتفال أم في غيره من احتفالاتنا بعيد المعلم، لم أعد أذكر، قمنا على سبيل الدعابة بتقديم هدية عبارة عن سشوار للشعر للمدير كايد ميعاري الذي كان أصلعاً.

كتب الأخ محمد الشيخ معلقاً على موضوع الأستاذ كايد ميعاري ابو وائل:
( إضافة لتدريس الرياضيات فكان يدرّس أيضاً العلوم، فيزياء وكيمياء وبيولوجي (علم الأحياء) وكان هذا في مدرسة حطين القديمة مقابل مضافة الأمير أبو علي عند أهالي عرب الغوير. في أحد دروس البيولوجي كان الدرس عن الخميرة وفوائدها وكيف يتخمر العجين وكذلك عن كيفية تصنيع اللبن الرائب، وكان رحمه الله كثيرا ما يلقي الدعابات المسلية والمضحكة أو الاستعانة ببعض مقاطع الأغاني لوصف طالب ما، فكان يقول لأحدهم مثلاً : يا أبو ضحكة جنان( لفريد الأطرش) ويقول لآخر : أبو سمرا السُكَره. عرفته عن قرب أكثر بعد الدراسة وذلك بحكم عملي وكنت أزوره في البيت بعدما انتقل لسكنه الجديد مقابل مدرسة حطين الجديدة بعدما أصبح مديرها.)

أحببت أن أجمع معلومات أكثر عن المدير كايد ميعاري فلأجل ذلك تراسلت مع أبناء عكبرا ومع نجله في عين الحلوة لكن التجاوب لم يكن موجوداً ومن البعض الآخر كان معدوماً. أيضاً كنت نشرت نداء خاص في مجموعة “ذاكرة مخيم عين الحلوة وأهل الصفصاف” أطلب معلومات من الأصدقاء وأبناء المخيم عن الأستاذ كايد، كذلك كان التجاوب متواضعاً والمعلومات شحيحة جداً. باستثناء أن البعض ذكر عن الأستاذ تواضعه وأنه كان يعلم الرياضيات.

في ذلك قال الأخ أحمد طافش: “المرحوم الأستاذ كايد علمني التاريخ والجغرافيا في التكميلي أول وثاني والرياضيات في البريفية… علمنا الوطنية والعروبة.”.

كما أكد على ذلك الأخ أحمد يونس من خلال قوله أن الاستاذ كايد علمه رياضيات في المرحلة التكميلية في مدرسة حطين.

أما أخونا أبو زاهر فكتب: “المربي الفاضل الأستاذ كايد ميعاري من الأساتذة الأفاضل الذين عملوا بجد وصبر وثبات على تاًسيس جيل المستقبل… وكان لهم ما أرادوا”.

فيما علق الاستاذ ابو نزار شناعة على ذلك: (الأستاذ كايد رحمه الله كان صديقاً بعد أن انتقل للسكن و كان جاراً لي و للأستاذ المرحوم محمد اليوسف (أبو حسان) بالقرب من مدرسة حطين الجديدة في بناية الأمين.).

فيما قال الأخ محمد الآغا:
(كلام جميل عن الأستاذ كايد، رحمه الله. ولكن حسب معلوماتي فإن الأستاذ كايد قبل الاجتياح كان يعرف عنه الجد والشدة. علم الرياضيات للمراحل الابتدائية والتكميلية. لم يكن لديه عصا بل كان يستعمل ممحاة اللوح ويضرب بها التلميذ المشاكس والبليد والضعيف في الدراسة. كما كان يستعمل قبضة يده بما نسميه “حنقور” على الرأس…
على أنه مثل غيره من المدرسين الأمناء كان حريصًا على مصلحة الطلاب وحب الخير لهم. هذا وروي عنه وقت الاجتياح 1982 أنه أكثر ما كان يخشاه أن يقوم مقنعاً من التلاميذ القدامى المصنفين “بالتيوس” بالتبليغ عنه انتقامًا للماضي.).

رحم الله المعلم أبو وائل أستاذنا ومديرنا كايد ميعاري فهو صاحب فضل علينا نحن تلاميذه وطلابه .

إعداد نضال حد وموقع الصفصاف

29-12-2021