الأرشيفوقفة عز

الأستاذ محمد مفلح أو محمد نوفل – أعداد نضال حمد وموقع الصفصاف

كل الزملاء والتلاميذ من أبناء جيلي والأكبر والأصغر مني قليلا وما بعد وما قبل هؤلاء وأولائك، كانوا قد عرفوا استاذنا محمد مفلح أو تعرفوا عليه باسم الاستاذ محمد نوفل. يومها كان معلماً في مدرسة حطين الجديدة. هناك كذلك عرفه طلبة وتلاميذ آخرين. فقد عمل في مدرسة حطين على مدار عشرات السنين إلى أن أصبح مديراً للمدرسة.

أنا وابناء صفي وربما أبناء جيلي كله عرفناه بالإسمين محمد نوفل ومحمد مفلح. فقد كنا نطلق عليه الاسمين، الأول اسمه العائلي والثاني اسمه واسم والده. كلاهما كانا متداولين من قبل الناس في المخيم والتلاميذ في المدرسة.

إن سألني أحدكم ما هي المادة التي كان يعلمنا إياها في المدرسة المتوسطة فلن أجيبه لأنني ببساطة ما عدت أذكرها. فكل ما اذكره في هذه اللحظات أنه كان استاذاً صاحب شخصية قوية فرضها على التلاميذ. كما كان رجلاً جاداً ومعلماً صادقاً، حرص على تعليم تلاميذه كي يكونوا فيما بعد تلاميذ نجباء. أقول له الآن في عليائه أنه حقق ما أراده فكثير من تلاميذه خاصة أبناء صفي وجيلي أصبحوا جامعيين وأكاديميين ومهندسيين وأطباء وكتاب وصحافيين والخ. فيما بعضهم سقطوا شهداء على طريق العودة وتحرير كامل تراب فلسطين من الناقورة حتى أم الرشراش.

إن صح هذا التعبير الذي سأستخدمه الآن كما كنت استخدمه في زمن المدرسة والمخيم، إن صح تعبير “الرفيق الأستاذ” في زمن غابت فيه الروح الرفاقية والحياة التنظيمية الجديّة، والروح الوطنية والقومية، لدى أجيال تم تدميرها نهائياً في داخل وخارج فلسطين… وبالذات في مخيمات لبنان حيث عم اليباب الفكري، الثقافي والوطني في صفوف غالبية الشبيبة من الأجيال الجديدة. رغم تبدل الأحوال بقوة إلا أن الرفيق الأستاذ محمد مفلح بقي منتمياً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. فهو من أوائل شبابها ومنذ ما قبل تأسيسها من خلال عضويته في حركة القوميين العرب الى يوم وفاته. مات الأستاذ والرفيق أبو مفلح على قناعاته.

الاستاذ محمد نوفل من مواليد صفورية في فلسطين سنة 1938. يعني قبل ولادة كيان الاحتلال الصهيوني بعشر سنوات كاملة. بعد النكبة ترك صفورية ولجأ مع عائلته وذويه الى مخيم عين الحلوة في لبنان. هناك كبر وشب ونما وتصلب عوده في الخيام وبيوت الطين. في المخيم الذي أصبح مصنعاً للفدائيين وينبوعاً متدفقاً للثوريين. فأنجب المناضلين والمناضلات والفدائيين والفدائيات. بعد أن انهى المدرسة درس أستاذنا في الجامعة العربية ونال شهادة لسانس في التاريخ والجغرافيا ثم أكمل رسالة  الماجستير في جامعة الاسكندرية بجمهورية مصر العربية في زمن الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، الذي فتح أبواب مصر للطلبة وللمناضلين الفلسطينيين كي يتعلموا وكي يتدربوا من أجل خوض معركة المصير، معركة العودة والتحرير.

الأستاذ محمد نوفل كان عضواً في حركة القوميين العرب منذ بداياتها في لبنان ثم مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منذ تأسست. حيث كان هو وصلاح وصلاح وسليم ابو سالم وابو صالح وأبو طالب الأسدي وأبو فايز شريدي وشقيقه الأستاذ أحمد سعيد شريدي. كذلك أبو أحمد فؤاد والشاعر الأستاذ صلاح حمد والأستاذ محمد أيوب والأستاذ محمد اليوسف والأستاذ فيصل العابد والأستاذ علي جبر وكثيرين آخرين منهم الأموات ومنهم الأحياء.

في غزو لبنان صيف سنة 1982 اعتقل الاستاذ محمد نوفل من قبل الصهاينة هو ورفاق وأساتذة ومعلمين كثيرين. زُج بهم في معتقل أنصار الشهير. خرج الاستاذ محمد مفلح من معتقل أنصار سنة 1984.  هناك صوراً تجمع الأستاذ مفلح مع رفيقه وصديقه الحميم أبي طالب الأسدي رفيقه منذ بدايات النضال في حركة القوميين العرب ومع الرئيس الراحل ياسر عرفات ومع الاستاذ خالد عزام وآخرين. سوف أقوم بنشر الصور المذكورة مع هذه المقالة ان شاء الله.

آخر مرة التقيت بالأستاذ محمد نوفل (أبو خالد) كانت في شهر نيسان – ابريل من سنة 2007 في الجامعة اللبنانية بمدينة صيدا اللبنانية، وتحديدا في ندوة شعرية وقع خلالها الأستاذ الشاعر صلاح حمد ديوانه الشعري (كلمات تبحث عن معنى)، وسط حضور شعبي وطلابي ونخبوي. كان بين الحضور أيضا الأستاذين أحمد سعيد شريدي وخالد العينا (خالد غنوم). يومها التقطنا صورة تذكارية جماعية على المنصة في الجامعة. لازلت احتفظ بها. رحم الله الاستاذ محمد  نوفل الذي فارق الحياة في 18-10-2017 ودفن في مقبرة درب السيم – مخيم عين الحلوة. يوم وفاته نعاه كل من عائلتي نوفل وعقل وأهالي صفورية واتحاد المعلمين الفلسطينيين ومنظمة التحرير الفلسطينية وجبهة الحكيم.

إعداد نضال حمد وموقع الصفصاف

19-12-2021