الأرشيفصهيونيات

الأمم المتحدة واعتبار إجراءات العدو (الإسرائيلي) في القدس باطلة ولاغية

 

         د. غازي حسين

 

تعتبر قضية القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم جوهر قضية فلسطين والصراع العربي ـ الصهيوني كصراع وجود وليس نزاعاً على الحدود.

ويولي العرب والمسلمون تحرير القدس من براثن الاستعمار الاستيطاني اليهودي العنصري والإرهابي أهمية قصوى وبمستوى القداسة الدينية وجزء من العقيدة، لأن القدس مدينة الإسراء والمعراج وأولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وعاصمة الفلسطينيين والعرب والمسلمين.

وذلك لوجود أهم الأماكن الدينية للإسلام والمسيحية فيها، وعدم وجود أي أثر لليهود فيها على الإطلاق، وينطبق على القدس المحتلة ما ينطبق على بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة من حيث عدم جواز (شرعية) اكتساب الأراضي بالغزو العسكري والانسحاب الشامل وحق العودة والتعويض وعدم الاعتراف بالتغيرات الجغرافية والديمقراطية ومصادرة الأراضي الفلسطينية وتهويدها وإقامة الأحياء والمستعمرات اليهودية عليها التي كرّسها الاحتلال بقوة الأمر الواقع الناتج عن الحرب العدوانية.

احتل الجيش (الإسرائيلي) القدس الغربية في أيار 1948، وطرد جميع سكانها العرب، واحتل القدس الشرقية في حرب حزيران العدوانية عام 1967.

وينتهك الاحتلال(الإسرائيلي) في القدس بشطريها المحتلين مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وقدسية الأماكن الدينية للعرب من مسلمين ومسيحيين والمسلمين في جميع أنحاء العالم، وهي المدينة التي أسسها العرب قبل ظهور اليهودية والمسيحية والإسلام. وحررها رجال الصحابة من الغزاة الرومان.

إن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لا يقر ولا يعترف باستخدام القوة والقيام بعدوان عسكري والاستيلاء على الأراضي وعلى القدس عن طريق الغزو العسكري ونزع طابعها العربي وتهويدها بقوة الاحتلال، وكان قرار التقسيم رقم 181 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، قد أكدا على تدويل مدينة القدس.

تحظر المادة 49 من الاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والتي تنطبق على القدس ووقعت عليها (إسرائيل) ترحيل سكان المناطق المحتلة توطين مواطنيها مكانهم وتنص حرفياً:

« لا تجوز لدولة الاحتلال أن ترحِّل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها».

وينظم القانون الدولي واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 صلاحيات سلطات الاحتلال إلى أن يزول الاحتلال وتعود السيادة العربية على القدس وبقية الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة، فالطبيعة المؤقتة للاحتلال تلزم سلطة الاحتلال بعدم القيام بإجراءات تغيِّر المعالم الجغرافية أو الديمغرافية أو الشؤون التعليمية والقضائية والاقتصادية والاجتماعية للإقليم المحتل، وتتناقض كلية مع القيام بضم الإقليم المحتل ونقل السيادة عليه كما فعلت دولة الاحتلال (الإسرائيلي) في شطري القدس فضم (إسرائيل) للقدس إجراء باطل، وما بُني على باطل فهو باطل، كما لا يجوز إطلاقاً تبرير الضم لمزاعم وأطماع دينية توراتية وتلمودية.

أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة في القرارين 2253 و2254 بتاريخ الرابع من تموز 1967 ضم القدس العربية والإجراءات التي نفذتها (إسرائيل) وطالبت بإلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس واعتبرتها باطلة ولاغية.

وينص قرار مجلس الأمن 242 بتاريخ 22/11/1967 على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب والانسحاب (الإسرائيلي) من جميع الأراضي العربية المحتلة، ويشمل القرار مدينة القدس المحتلة.

واتخذ مجلس الأمن القرار 252 بتاريخ 21/5/1968 الذي يعتبر أن جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية وجميع الأعمال التي قامت بها (إسرائيل) بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير الوضع القانوني للقدس هي إجراءات باطلة ولا يمكن أن تغير وضع المدينة المقدسة. ودعا القرار (إسرائيل) «أن تلغي جميع هذه الإجراءات وأن تمتنع فوراً عن القيام بأي عمل آخر من شأنه تغيير وضع القدس» ووافق مجلس الأمن الدولي على القرار 267 بتاريخ 3/7/1969 يؤكد فيه على ما جاء في قراره 252.

واتخذ مجلس الأمن القرار 271 بتاريخ 15/9/1969 على أثر محاولة إحراق المسجد الأقصى المبارك يعبِّر فيه عن الحزن لما لحق المسجد الأقصى والخسارة التي لحقت بالثقافة الإنسانية، ويؤكد على جميع قراراته وقرارات الجمعية العامة السابقة، ويطالب (إسرائيل) بالامتناع عن خرق القرارات السابقة وإبطال جميع الإجراءات التي اتخذتها لتغيير وضع القدس.

ووافق مجلس الأمن على القرار 298 بتاريخ 25/9/1971 بأن القدس يؤكد فيه على أن جميع الأعمال والإجراءات التي اتخذتها (إسرائيل) لتغيير وضع القدس لاغية ولا تستند إلى شرعية قانونية، ويدعو (إسرائيل) إلى إلغائها وعدم اتخاذ خطوات أخرى في القدس المحتلة.

واتخذ مجلس الأمن القرار 446 بتاريخ 22/3/1979 يعتبر فيه أن الاستيطان في الأراضي المحتلة عقبة في وجه السلام.

ويتضمَّن قراره رقم 452 بتاريخ 2/7/1979 الطلب من (إسرائيل) وقف النشاطات الاستيطانية في الأراضي المحتلة بما فيها القدس.

وأعلن مجلس الأمن في القرار 476 بتاريخ 30/6/1980 والقرار 478 بتاريخ 20/8/1980 بطلان الإجراءات والأعمال التي اتخذتها (إسرائيل) لتغيير طابع القدس المحتلة.

واتخذ مجلس الأمن القرار 672 بتاريخ 12/10/1990 على أثر مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل التي وقعت في 8/10/1990 وذهب ضحيتها 65 شهيداً فلسطينياً وهم يصلون صلاة الفجر في المسجد المبارك في منتصف شهر رمضان، وأدان فيه المجزرة (التي ارتكبها الطبيب اليهودي غولدشتاين والقوات “الإسرائيلية”).

وشجبت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 15/12/1994 قيام بعض الدول بنقل بعثاتها الدبلوماسية إلى القدس، وأكدت أن الإجراءات (الإسرائيلية) لتغيير وضع القدس باطلة وغير قانونية.

وعادت الجمعية العامة للأمم المتحدة وأكدت في 4/12/1995 أن كافة الإجراءات التشريعية والإدارية والتصرفات الصادرة عن (إسرائيل) وقوات الاحتلال والمؤدية إلى طمس أو تغيير هوية ونظام المدينة المقدسة، وبصفة خاصة تلك المسماة بالقانون الأساس للقدس وإعلان القدس عاصمة (لإسرائيل) هي إجراءات باطلة خالية من أية قيمة.

وهكذا تعتبر قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة أن جميع التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية والأعمال التي اتخذتها (إسرائيل) في القدس العربية ومن شأنها تغيير طابع المدينة الجغرافي والديمغرافي، لا سيما القانون الأساسي وسياسة التهويد والاستيطان باطلة ولاغية وليس لها أي شرعية على الإطلاق وتتضمن ما يلي:

ـ وجوب الانسحاب من جميع الأراضي العربية التي احتلت عام 1967 بما فيها القدس العربية.

ـ شجب وإدانة الإجراءات التي اتخذتها (إسرائيل) في القدس.

ـ إلغاء كل الإجراءات التي اتخذتها لتغيير الوضع الجغرافي والديمغرافي والقانوني للقدس المحتلة.

ـ تفكيك الأحياء والمستعمرات اليهودية في القدس وحولها.

ـ السماح للنازحين الفلسطينيين الذين نزحوا عام 1967 بالعودة إلى مدينتهم القدس.

وعلى الرغم من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة أعلنت (إسرائيل) رسمياً ضمها لشطري القدس في 30/7/1980 وعاصمتها الموحدة والأبدية بعد أن قامت بعمليات تطهير عرقي وحسمت الوضع الديمغرافي في المدينة العربية المحتلة لصالح اليهود وضد العرب من مسلمين ومسيحيين، ونجحت في استبعاد أي دور للأمم المتحدة، وتستفرد بالقيادة والسلطة الفلسطينية بمساعدة الراعي الأميركي لفرض الأمر الواقع الناتج عن استخدام القوة والموافقة على اتفاقات إذعان جديدة على غرار اتفاق الإذعان في أوسلو.

إن قرارات الأمم المتحدة المستندة إلى الميثاق والعهود والمواثيق الدولية والقانون الدولي تعتبر أن القدس المحتلة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتؤكد عدم شرعية الإجراءات (الإسرائيلية) التي غيرت الوضع الجغرافي والديمغرافي للمدينة العربية وتعتبرها باطلة ولاغية، كما تعتبر تطبيق القوانين (الإسرائيلية) على القدس يمثل انتهاكاً لاتفاقيات جنيف لعام 1949 ومبادئ القانون الدولي.

إن التدابير والإجراءات والتشريعات والأعمال التي اتخذتها (إسرائيل) لتكريس احتلال وتهويد القدس العربية وجعلها عاصمتها الموحدة والأبدية هي إجراءات باطلة ولاغية قانونياً، رفضها وشجبها حتى مجلس الأمن وقرر عدم الاعتراف بها ووجوب إلغائها.

إن حقائق التاريخ والجغرافيا والواقع تثبت أن القدس مدينة عربية منذ تأسيسها ويجب انتزاعها من المحتلين اليهود بالمقاومة وإعادتها إلى السيادة العربية كعاصمة للفلسطينيين والعرب والمسلمين.