الأرشيفوقفة عز

الاستعمار البريطاني سابقا أساس المشاكل كلها – نضال حمد

مقالة قديمة لي من سنة 2002  تثبت عدم تبدل وتغير ذيل الكلب بريطانيا  

 

 

أخيرا أقر شاهد من أهل الحكم في بريطانيا عن مدى الظلم وفداحة المشاكل المزمنة التي خلفها الاستعمار البريطاني وراءه.  

ففي حديث لأسبوعية” نيو ستيتمان” اليسارية أعترف وزير الخارجية البريطاني جاك سترو بأن بلاده الاستعمارية كانت السبب في مشاكل الهند وباكستان وكشمير ذات الأغلبية المسلمة، كذلك مشاكل أفغانستان والعراق وفلسطين.

لأن السياسة الاستعمارية التي أتبعت كانت سياسة فرق تسد.

 وقال الوزير “إن الكثير من المشاكل التي ينبغي علينا تسويتها الآن هي من نتائج ماضينا الإمبريالي”. كما أعترف جاك سترو بأن بلاده” ارتكبت أخطاء خطيرة للغاية منها مشكلة كشمير”.

 و هذا الاعتراف صحيح لأن مشكلة كشمير بالذات حيث الأغلبية المسلمة والتي ظلت تابعة للهند ذات الأغلبية الهندوسية، لازالت من المشاكل الكبرى والتي قد تؤدي لاستعمال الطرفين السلاح النووي في حال دارت حرب بينهما على كشمير. ونحن نعني هنا الهند وباكستان. فبأي منطق وعلى أي أساس قامت بريطانيا العظمى سابقا والملحقة بالسياسة الأمريكية حاليا كتابع وخادم ينفذ مآرب أمريكا بلا جدال، بتقسيم الأراضي والبلاد والأوطان بما يناسب قلم الضابط الاستعماري اللعين ومزاجه المتقلب وهدفه المستقبلي السيئ والحقير.

 

وزير الخارجية البريطاني يقول “إنها مسالة سيئة بالنسبة إلينا، ونحن نتحمل نتائجها”.

هذا كلام جميل ومفيد يجعل الشعوب التي تضررت من سياسة الاستعمار البريطاني الماضية وسياسة التبعية البريطانية المعادية حاليا تعيد النظر بنظرتها لبريطانيا. وربما تكفر المملكة عما ارتكبته من أخطاء وخطايا جسيمة وخطيرة تدفع ثمنها الشعوب التي تسببت بريطانيا بفقدانها لاستقلالها وسيادتها.

 

قال الوزير أيضا “ولعبنا في أفغانستان دورا غير مجيد على الإطلاق خلال قرن ونصف قرن من الزمن”.

كذلك لبريطانيا أثر ويد في مشاكل العراق المستعصية، من الحدود حتى الوجود. سابقا وحاليا، فطائراتها الحربية وسفنها البحرية العسكرية لا تزال تمارس القرصنة في شمال العراق وجنوبه وفي بحر العرب والجزيرة العربية.

 أما فيما يخص فلسطين فتعتبر بريطانيا السبب الأول في مأساة الشعب الفلسطيني، وتتحمل المملكة بملكتها وعرشها وحكومات صاحبات العروش كل المسؤولية عن ضياع الوطن الفلسطيني وقيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية، بقوة الحديد والنار والدعم والإسناد البريطاني السياسي واللوجستي والحربي.

حيث كانت بداية مأساة فلسطين بوعد بلفور المشؤوم الذي صدر في الثاني من نوفمبر 1917 وحمل اسم صاحبه غير المغفور له وزير الخارجية البريطاني اللورد بلفور. تحقيقاً للخرافات التي يؤمن بها اليهود والبروتستانت في العالم.

 

في معرض حديثه قال جاك سترو ” إن وعد بلفور والضمانات المتناقضة التي منحت للفلسطينيين سرا في الوقت نفسه الذي أعطيت (للإسرائيليين)، تشكل مرة أخرى حدثا مهما بالنسبة إلينا، لكنه ليس مشرفا كثيرا“.

 

هذا الاعتراف من جانب الوزير يدعونا لدعوة بريطانيا لتحمل مسؤولياتها التاريخية والأخلاقية من أجل العمل الجاد والفعال لإيجاد حل لمأساة شعب فلسطين الذي وصلت به الحال لما هو عليه بفضل تآمر وظلم وسوء تفكير وتقدير حكومة صاحبة الجلالة، التي أعطت وعدها المشؤوم لليهود وبالنتيجة ساعدتهم ومولتهم من أجل احتلال فلسطين و إقامة الوطن القومي اليهودي على أرضنا وفي بيوتنا، التي سلبها الصهاينة، فصارت بفضل جيش صاحبة الجلالة بيوتا للصهاينة.

 ثم جعلوا من أرض فلسطين أرضاً (لإسرائيل) وعصاباتها الدخيلة التي عبثت بكل القيم الإنسانية فكانت فاشية وسادية ومتشبه ومتشربة من النازية في تعاملها مع الفلسطينيين منذ النكبة الكبرى وحتى يومنا هذا.

وبريطانيا العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي لم تمارس أي ضغط على الكيان الصهيوني من أجل تنفيذ قرارات المجلس الأممي مثل 242 و383 و181 و194 وغيرهم من القرارات الملزمة بغض النظر عن رأينا فيها.

 بينما نفس بريطانيا ووزير خارجيتها لا ينامون الليل ويقضون النهار وهم يحثون الدول والحكومات على استخراج القرارات الدولية المعادية للعراق، والتي تتدخل في شؤونه الداخلية والسيادية وتطالب بجعله بلدا بلا سلاح. بينما جيوش صاحبة الجلالة لا تزال تحتل جزر فوكلاند الأرجنتينية وجبل طارق وبعض المستعمرات الأخرى. فيما (إسرائيل) تملك مئات القنابل والصواريخ النووية، بالأضافة للأسلحة الجرثومية والكيماوية والبيولوجية وغيرها. ولا أحد يجرؤ على الكلام… لا سيترو ولا ميترو..

 

يعتبر كلام الوزير سيترو كلاما جميلا لكنه لن يتخطى الجمال لصالح الأفعال ما لم تقم بريطانيا بالتكفير عن ذنوبها والتخفيف من شدة مواقفها المعادية للشعوب العربية والتطلعات الشرعية لتلك الشعوب.

 

باستطاعتنا القول أن الوقت لم يفت ومازال أمام بريطانيا الوقت الكافي لتبديل سياستها وتعديل مواقفها مع ما يتلاءم والمنطق والأخلاق والقيم والاتزان السياسي والديبلوماسي. فسياسة فرق تسد سادت ما فيه الكفاية ولم تعد بالسياسة التي تليق بدولة كبيرة لها دورها وشأنها. على بريطانيا أن تخرج من تحت العباءة الأمريكية وأن تكون أكثر استقلالية وحرية في تحديد مواقفها واتخاذ سياسة تلبي طموحات البريطانيين في لعب دور بريطاني مستقل وحر، لا تبعية فيه لسياسة ومواقف الإدارة الأمريكية.

 

15-11-2002 ( أوسلو

 

ملاحظة

 اثبت الأيام ان بريطانيا مثل ذيل الكلب لا يمكن ان تستقيم، وسوف تبقى كلبا مطيعا لليانكي الأمريكي والصهيوني .. .